الجزيرة:
2025-03-31@19:59:17 GMT

مؤرخ فرنسي: كيف ضاعت فلسطين ولماذا لم تنتصر إسرائيل؟

تاريخ النشر: 12th, February 2024 GMT

مؤرخ فرنسي: كيف ضاعت فلسطين ولماذا لم تنتصر إسرائيل؟

في وقت يبدو فيه أن صراع العنف المرعب يقوض كل أمل في السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، يحلل المؤرخ جان بيير فيليو، المتخصص بالشرق الأوسط، في كتابه الأخير "كيف ضاعت فلسطين؟ ولماذا لم تنتصر إسرائيل؟" حدود النجاح العسكري والسياسي الإسرائيلي وأسباب الفشل الحالي للقضية الفلسطينية، مؤكدا أن لعبة القوى العربية المضطربة، ورفض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للحل السياسي، قد خلف مأزقا لا يمكن حله إلا بالإرادة الدولية.

ويحاول فيليو -في مقابلة مع مجلة لوبس جمعتها سارة دانيال- تفسير الحروب الداخلية الفلسطينية، والهشاشة التي يعاني منها المنتصر الظاهري إسرائيل؟ ويتعمق في السرديات والمواجهات المختلفة بين العدوين، ويرى أنها مهمة لاستئناف عملية السلام.

وفي بداية المقابلة، عاد المؤرخ إلى تأكيد وجود كيان فلسطيني على الأرض قبل إنشاء السلطة الفلسطينية عام 1994 بموجب اتفاقيات أوسلو، موضحا أن الصهاينة حددوا فلسطين بوضوح هدفا لهم أواخر القرن 19، وكان وعد بلفور عام 1917 نصرا تاريخيا لهم لأن الحكومة البريطانية قدمت بموجبه دعمها "لتأسيس وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين".

وبذلك أصبحت بريطانيا تعترف فقط بالحقوق القومية لليهود الذين يمثلون 10% من سكان فلسطين في ذلك الوقت، مما أدى إلى تحويل العرب الذين يمثلون 90% إلى "مجتمعات غير يهودية" بدون حقوق قومية، وهذا الإنكار لتطلعات السكان العرب الأصليين أدى بدوره، عام 1919، إلى انعقاد المؤتمر التأسيسي للقومية الفلسطينية، لكن بريطانيا قمعت القومية الفلسطينية بقسوة متزايدة، حتى سحق الثورة العربية الكبرى، وقتلت واحدا من كل مئتي فلسطيني.

القصة المأساوية للأرض الموعودة

ثم جاءت النكبة عام 1948، واضطر أكثر من نصف الفلسطينيين إلى مغادرة منازلهم، لتفرض إسرائيل سيطرتها على 77% من فلسطين الانتدابية والضفة الغربية والقدس الشرقية، وتدير مصر 1% من أرض فلسطين في "قطاع غزة" الذي سيصبح قريبا مركزا لإحياء القومية الفلسطينية، ومن هنا جاء الاحتلال الإسرائيلي الأول عام 1956، وتلاه الاحتلال الثاني بين 1967 و2005.

وتوضح الخرائط العديدة في كتاب فيليو -الذي صدر يوم الجمعة الماضي- عملية السلب المستمرة على مدار أكثر من قرن من الزمان، لملكية السكان الفلسطينيين الذين "فقدوا" أرضهم، خاصة أن ما تسمى بشكل غير دقيق "السلطة" الفلسطينية، لا سيادة لها على الجزء الصغير من الضفة الغربية، إلا بقدر ما تفوضها إسرائيل، كما أن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) الآن لا تحكم إلا أرضا من الخراب في غزة.

وتطرق المؤرخ الفرنسي إلى العلاقة الوطيدة بين الإنجيليين الأنجلوسكسونيين والصهيونية اليهودية، موضحا أن الحركة الإنجيلية ربطت خلاصها الفردي والجماعي بعودة الشعب اليهودي إلى أرضه، وأقامت تحالفا تاريخيا مع اليمين الإسرائيلي.

ثم تحول اللوبي المؤيد لإسرائيل في الولايات المتحدة إلى لوبي مؤيد لليكود، ومعارض بشدة لعملية السلام، حتى إن رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحق رابين تحدث، قبل وقت قصير من اغتياله، عن الجماعات "التي تمارس الضغط في الكونغرس الأميركي ضد الحكومة الإسرائيلية المنتخبة ديمقراطيا".

وقد عزز نتنياهو هذا التحالف بين اليمين المتشدد في إسرائيل والصهاينة المسيحيين، وهو التحالف الذي بلغ ذروته في عهد رئاسة دونالد ترامب مع نقل سفارة الولايات المتحدة إلى القدس، ولكن هؤلاء الصهاينة المسيحيين مقتنعون بأن ثلثي اليهود ستتم إبادتهم خلال "المحن" نهاية الزمان، وبالتالي من الصعب وصف هؤلاء المؤيدين المخلصين لاستعمار الأراضي الفلسطينية بأنهم محبون لليهود.

وكما أشرت -يقول فيليو- فإن الطبيعة الديمقراطية العميقة لنظام التصويت، في إسرائيل، تفضل المزايدة على الجماعات المتطرفة، إلا أن الانتخابات المقبلة ستكون حاسمة، وقد تمثل إعادة هيكلة عميقة للمشهد الإسرائيلي، وسيكون السلام الدائم أو الصراع الذي لا نهاية له في قلب التصويت للمرة الأولى منذ انتخاب رابين عام 1992، ذلك الانتخاب الذي سمح بالاعتراف المتبادل بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية.

وهذا الاعتراف المتبادل وحده القادر على إيجاد اتفاق سلام نهائي بين الشعبين، وسيتعين على الائتلاف الإسرائيلي المستقبلي، إذا أراد أن يسلك هذا الطريق، أن يأخذ في الاعتبار الأحزاب العربية التي تمثل 20% من السكان، وهي أقلية أظهرت ارتباطها بإسرائيل في المحنة الحالية.

تعريب القضية الفلسطينية نقمة

وعند سؤاله عن قوله في الكتاب إن تعريب القضية الفلسطينية كان إحدى نقمها، قال المؤرخ إن الأردن كان أول من حاول محو فلسطين حرفيا بضمه الضفة الغربية عام 1949 حسب الكاتب، مما أدى إلى المواجهة التي بلغت ذروتها عام 1970 في مذبحة "أيلول الأسود" قبل تخلي ملك الأردن الراحل حسين بن طلال ثم ابنه الملك الحالي عبد الله الثاني عن كل مطالباته بالضفة، ودعمهما للتطلعات الفلسطينية إلى إقامة دولة مستقلة.

غير أن نظام الرئيس الراحل حافظ الأسد في سوريا لم يتخل عن سيطرته على القضية الفلسطينية، من خلال دعم دمشق الحالي لحماس والفصائل "المنشقة" المعارضة لمنظمة التحرير الفلسطينية، في حين كان دعم الأنظمة العربية الأخرى خطابيا في مواجهة الغزو الإسرائيلي للبنان عام 1982، وخلال الانتفاضتين، فضلا عنه خلال الحروب السابقة على غزة.

العنف الحالي هو الذي يمنح حل الدولتين ضرورة وجودية، إذ لم يعد من الممكن ترك الشعبين وجها لوجه، وإلا فإنهما سينجران إلى دوامة مدمرة تكون فيها كل مواجهة أكثر رعبا من سابقتها

وقد حافظ الشعب الفلسطيني على بنية المجتمع التقليدي كعشيرة أو عائلة ممتدة، كآلية بقاء جماعية للاجئين الفلسطينيين الذين فقدوا كل شيء باستثناء تضامن القربى هذا. ولكن الفصائل الفلسطينية أدت بها قيود الكفاح المسلح والسرية إلى الطائفية، على خلفية الحروب بالوكالة بين مختلف الأنظمة العربية التي رعتها.

ولكن يجب ألا ننسى أن إسرائيل -يقول المؤلف- هي التي شجعت بوعي شديد، منذ عام 1973، الإسلام السياسي الفلسطيني كثقل موازن لقومية منظمة التحرير الفلسطينية، واستمرت في ذلك حتى بعد تحول الفرع الفلسطيني من جماعة الإخوان المسلمين إلى حماس عام 1987، على حد زعم الكاتب.

وخلص المؤرخ إلى أن العنف الحالي هو الذي يمنح حل الدولتين ضرورة وجودية، إذ لم يعد من الممكن ترك الشعبين وجها لوجه، وإلا فإنهما سينجران إلى دوامة مدمرة تكون فيها كل مواجهة أكثر رعبا من سابقتها، خاصة أن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني ليس لعبة محصلتها صفر، بحيث تترجم خسائر أحدهما تلقائيا إلى مكاسب للآخر، بل إن إسرائيل شهدت أسوأ اختبار بتاريخها في اللحظة التي كان فيها ميزان القوى لصالحها طاغيا.

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

فلسطين: إسرائيل تواصل استخدام أسلحة فتاكة ومتفجرة في غزة

غزة – أكدت فلسطين، امس الجمعة، إن إسرائيل تواصل استخدام أسلحة فتاكة ومتفجرة في قطاع غزة، فيما وسعت هجماتها على بقية الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية.

جاء ذلك في 3 رسائل متطابقة بعث بها المندوب الدائم لدولة فلسطين لدى الأمم المتحدة رياض منصور، إلى كل من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، ورئيس مجلس الأمن لشهر مارس/آذار الجاري سفيرة الدنمارك كريستينا ماركوس لاسين، ورئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة فيليمون يانغ.

الرسائل المتطابقة كانت بشأن “استمرار إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، في حرب الإبادة الجماعية على الشعب الفلسطيني”، وفق وكالة الأنباء الرسمية “وفا”.

وأضاف منصور أن إسرائيل تواصل “استخدام جميع أشكال الأسلحة الفتاكة والمتفجرة في أنحاء القطاع المكتظ بالسكان، دون أي اعتبار لحياة المدنيين”.

ومنذ استئنافها الإبادة الجماعية بغزة في 18 مارس الجاري، قتلت إسرائيل 896 فلسطينيا وأصابت 1984 آخرين، معظمهم أطفال ونساء، وفق بيان صادر عن وزارة الصحة بالقطاع صباح الجمعة.

ولفت منصور إلى استمرار إسرائيل في منع دخول جميع المساعدات الإنسانية إلى غزة لثلاثة أسابيع متتالية، “والتي تشكل أطول فترة انقطاع للمساعدات الإنسانية منذ بدء الحصار”.

وعبر منصور عن القلق من قرار الأمم المتحدة تقليص وجودها في غزة “في ظل الكارثة الإنسانية غير المسبوقة وتزايد الاحتياجات الأساسية”.

وشدد على “ضرورة قيام المجتمع الدولي باتخاذ الإجراءات اللازمة لإلزام إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، على رفع حصارها، ووقف عقابها الجماعي، ومحاولاتها لتجويع شعبنا وتدميره وتهجيره القسري من أرضه”.

وفي رسائله، سلط منصور الضوء على الخسائر الفادحة التي يتكبدها العاملون في المجال الإنساني والصحفيون.

وأكد “استشهاد 8 عاملين في المجال الإنساني، بمن فيهم موظف الأمم المتحدة خلال الغارة الإسرائيلية على مقر الأمم المتحدة في 19 من الشهر الجاري”.

كما أشار إلى “استشهاد 399 عاملا في المجال الإنساني في غزة، بمن فيهم 289 موظفا من الأمم المتحدة، معظمهم من موظفي الأونروا، منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2023”.

وتطرق إلى “استهداف قوات الاحتلال الإسرائيلي، في 24 مارس الجاري، واغتيال الصحفيين الفلسطينيين حسام شبات ومحمد منصور، إلى جانب استشهاد ما يقرب من 200 صحفي فلسطيني، من بينهم 27 صحفية، على يد إسرائيل خلال الأشهر السبعة عشر الماضية”.

وبشأن مواصلة الهجمات الإسرائيلية على بقية الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، قال منصور إنها “أسفرت عن استشهاد 99 فلسطينيا، من بينهم أطفال، منذ بداية العام (2025)”.

بالإضافة إلى استيلاء إسرائيل على الممتلكات، وهدم المنازل، وتهجير عشرات الآلاف من المدنيين بشكل قسري والاعتداء على الأماكن المقدسة والمصلين في شهر رمضان المبارك، واستمرار قوات الاحتلال في الاعتقالات اليومية، ما يزيد من أعداد المدنيين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، بمن فيهم الأطفال المحتجزون دون تهمة، حسب البيان نفسه.

وشدد على أن “المجتمع الدولي، ولا سيما مجلس الأمن، ملزم قانونا بوقف هجوم إسرائيل وحماية شعبنا، الأمر الذي يتطلب استعادة وقف إطلاق النار ووصول المساعدات الإنسانية بشكل فوري وغير المشروط ودون عوائق”.

وحث “جميع الدول والمنظمات المعنية، بما فيها جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي والاتحاد الأوروبي، على بذل كافة الجهود الممكنة لاستعادة وقف إطلاق النار، وضمان تنفيذ جميع مراحله، وفقا للقرار 2735، وتوسيع نطاقه ليشمل الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، بهدف ضمان وقف دائم لإطلاق النار، وفتح الطريق أمام تحقيق سلام عادل قائم على حل الدولتين”.

من جهتها، أدانت وزارة الخارجية المغتربين الفلسطينية “الاعتداءات شبه اليومية لعناصر المستعمرين (المستوطنين) المسلحة على أبناء شعبنا في مَسافِر يطا (جنوبي الضفة) بحماية وإشراف جيش الاحتلال الإسرائيلي”.

وأضافت أن هذه الاعتداءات “تهدف إلى تهجير وإفراغ المسافر برمتها من الفلسطينيين، في أبشع أشكال جريمة التطهير العرقي ضد الوجود الفلسطيني في عموم المناطق المسماة “ج” التي تشكّل غالبية مساحة الضفة، على طريق ضمها كمخزون إستراتيجي لتوسع الاستيطان الاستعماري، وضرب فرصة تجسيد الدولة الفلسطينية على الأرض”.

وطالبت مجلس الأمن الدولي “بتحمل مسؤولياته القانونية والأخلاقية واتخاذ ما يلزم من إجراءات لإجبار الحكومة الإسرائيلية على وقف عدوانها فوراً وتنفيذ قرارات الأمم المتحدة، بما فيها الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية”.

وفي وقت سابق الجمعة، هاجم مستوطنون قرية جنبا جنوب مدينة الخليل واعتدوا بالضرب على فلسطينيين ما أدى لإصابة عدد منهم بجروح ورضوض، وفق شهود عيان.

 

الأناضول

مقالات مشابهة

  • قطع الطريق على إسرائيل..الرئاسة الفلسطينية: على حماس إنهاء المواطنين في غزة
  • نائب أردوغان يشن هجوماً لاذعاً على إسرائيل.. ما الذي يحدث؟
  • من أوكرانيا إلى فلسطين.. العدالة التي تغيب تحت عباءة السياسة العربية
  • مساجد مصر تتزين بعلم فلسطين.. عيد الفطر يشهد تلاحما مع القضية الفلسطينية
  • إعلام عبري يكشف تفاصيل المقترح البديل الذي قدمته إسرائيل لمفاوضات التهدئة بغزة .. 10 أسرى مقابل التهدئة في العيد
  • ماذا يتضمّن "المقترح البديل" الذي أرسلته إسرائيل للوسطاء؟
  • أكاديمية السينما تعتذر بعد إغفال اسم المخرج الذي اعتدت عليه إسرائيل
  • فلسطين: إسرائيل تواصل استخدام أسلحة فتاكة ومتفجرة في غزة
  • تعرف على القنابل الخمسة التي تستخدمها إسرائيل في إبادة غزة
  • ليلة القدر التي ضاعت مني