المسألة العرقية في الانتخابات الأمريكية
تاريخ النشر: 12th, February 2024 GMT
المسألة العرقية في الانتخابات الأمريكية
كما كانت المسألة العرقية حاسمة في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي في نيوهامبشير، كانت الحاضر الغائب في انتخابات الجمهوريين فيها.
بعد تساقط عدد كبير من المرشحين الجمهوريين، وانسحبوا من السباق قبل أن تجري نيوهامبشير انتخاباتها، صار السباق يدور أساساً بين دونالد ترامب ونيكي هيلي.
ترامب الذي لم يغفر لنيكي هيلي الترشح ضده، استخدم المسألة العرقية ضدها، فاتهمها باتخاذ موقف مهادن إزاء قضية الهجرة التي تنطوي على بعد عرقي واضح!
الناخبون الديمقراطيون الذين عاقبهم بايدن وحزبه أداروا حملة ضخمة لكتابة اسم بايدن في أوراق الاقتراع، فكانت النتيجة أن فاز فوزاً كاسحاً على منافسيه في نيوهامبشير.
يمثل البيض 92% من سكان نيوهامبشير لذا كانت المسألة العرقية وراء قرار الحزب الديمقراطي تأخير انتخاباتها التمهيدية هذا العام بعد ولايات أكثر تمثيلاً لإجمالي الناخبين.
* * *
المسألة العرقية كانت المسكوت عنه في انتخابات ولاية نيوهامبشير التمهيدية، ومرشحة للعب دور أهم في الانتخابات الرئاسية عموماً.
فرغم ما حمله السباق بالولاية من أحداث فريدة، سلط الإعلام الأمريكي أضواءه المكثفة عليها، لم تتطرق التغطية للمسألة العرقية، التي كانت حاسمة في تشكيل تلك الأحداث.
فأهالي ولاية نيوهامبشير، الذين اعتادوا كل أربعة أعوام على تسابق المرشحين المحموم على كسب ودهم، وجدوا أنفسهم هذا العام إزاء واقع مغاير.
فنيوهامبشير ولاية صغيرة، ولكنها ظلت دوماً تحظى باهتمام بالغ في الانتخابات الرئاسية. والسبب في ذلك، أن العادة جرت منذ السبعينيات على أن تعقد الولاية انتخاباتها التمهيدية في أول السباق، وبعد ولاية أيوا، الصغيرة هي الأخرى.
وتلك هي المزية الكبرى التي حظيت بها الولاية. فالمرشحون كانوا يركزون كل اهتمامهم على الفوز فيها، والتعهد بما يرضى ناخبيها، لأنهم يعرفون جيداً أن مثل ذلك الفوز معناه الانطلاق بقوة الدفع، وسط تغطية إعلامية مجانية، نحو الفوز في ولايات تالية.
وذلك كله، رغم أن الولاية لا تمثل بأي حال مؤشراً يدل على توجهات الناخبين الأمريكيين ولا مزاجهم العام. فمثلها مثل ولاية أيوا، لا تشكل نيوهامبشير عينة تمثل مجمل الناخبين في أمريكا.
فرغم أن البيض لا يمثلون اليوم سوى 59 % من عموم الأمريكيين، إلا أنهم يمثلون 92 % من سكان الولاية. ومن هنا، كانت المسألة العرقية هي العامل الحاسم وراء القرار الذي اتخذه الحزب الديمقراطي هذا العام.
فقد قرر الحزب حرمان الولاية من تلك المزية الكبرى، وتأخير انتخاباتها التمهيدية، لتأتي بعد ولايات أخرى، أكثر تمثيلاً لإجمالي الناخبين.
فتصدرت السباق ولاية كارولينا الجنوبية، التي يمثل السود فيها حوالى 27 % من السكان. لكن لأن تحديد الموعد هو قرار مشترك بين الولاية والحزب، فقد رفضت ولاية نيوهامبشير قرار الديمقراطيين، وأصرت على إجراء انتخاباتها لكلا الحزبين في موعدها المعتاد، في شهر يناير.
وقد احتدم الصراع بين الطرفين، فعاقب الحزب الديمقراطي الولاية، عبر اتخاذ قرار بتجاهل حساب مندوبيها في مؤتمره العام.
وعدم احتساب المندوبين عند عد الأصوات التي فاز بها كل مرشح، معناه واقعياً عقاب ناخبي نيوهامبشير، لا قيادات الولاية. ذلك لأنه يحرمهم من المشاركة في اختيار مرشح الحزب الذي سيخوض السباق ضد مرشح الحزب الآخر في الخريف.
أكثر من ذلك، قرر بايدن حذف اسمه من قوائم المرشحين بالولاية أصلاً، غير أن المفارقة كانت أن الناخبين الديمقراطيين الذين عاقبهم بايدن وحزبه، أداروا حملة ضخمة لكتابة اسم بايدن في أوراق الاقتراع، فكانت النتيجة أن فاز فوزاً كاسحاً على منافسيه في الولاية.
ومثلما كانت المسألة العرقية حاسمة في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي بالولاية، كانت هي أيضاً الحاضر الغائب في انتخابات الجمهوريين فيها، فبعد أن تساقط عدد كبير من المرشحين الجمهوريين، وانسحبوا من السباق قبل أن تجري الولاية انتخاباتها، صار السباق يدور أساساً بين دونالد ترامب ونيكي هيلي.
والأخيرة عملت مع ترامب حين كان رئيساً، حيث اختارها لمنصب ممثلة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة. والحقيقة أن المسافة بين ترامب وهيلي بشأن القضايا الرئيسة ليست واسعة، ثم إن نيكي هيلي حين عملت مع ترامب، لم تتوقف يوماً عن الثناء عليه. ومن هنا، راحت نيكي هيلي تزايد على ترامب بخصوص المسألة العرقية تحديداً.
فكانت المفارقة أن المرشحة، ذات الأصول الهندية والتي كتبت في مذكراتها صراحة عن العنصرية التي تعرضت لها أسرتها حين هاجرت لأمريكا في الستينيات، أهالت التراب على ما كتبته بنفسها، وراحت تصر على أن أمريكا «لم تكن أبداً بلداً عنصرياً».
وترامب الذي لم يغفر لها الترشح ضده، استخدم المسألة العرقية ضدها، فاتهمها باتخاذ موقف مهادن إزاء قضية الهجرة، التي تنطوي على بعد عرقي واضح، بل وذهب إلى الزعم بأن هيلي لم تولد بالولايات المتحدة، وبالتالي، لا يحق لها دستورياً الترشح للرئاسة.
كما سخر من اسمها الهندي، الذي توقفت عن استخدامه منذ كانت شابة. وكانت نتيجة انتخابات نيوهامبشير، أن تقدم ترامب بفارق هائل على منافسته. فليس سهلاً، على الإطلاق، في تقديري، المزايدة على ترامب بخصوص المسألة العرقية.
*د. منار الشوربجي أستاذ العلوم السياسية، باحثة في الشأن الأمريكي
المصدر | البيانالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: أمريكا نيوهامبشير ترامب نيكي هيلي الانتخابات الأمريكية الانتخابات الرئاسية الحزب الديمقراطي الحزب الجمهوري فی الانتخابات
إقرأ أيضاً:
6 تواريخ مهمة قبل تسلّم دونالد ترامب السلطة
واشنطن- تشهد الولايات المتحدة فترة حرجة تمتد 11 أسبوعا تبدأ فور انتهاء الانتخابات الرئاسية، وتنتهي بتسلم الرئيس الجديد منصبه. وتهدف هذه الفترة إلى ضمان انتقال سلس وسلمي للسلطة من إدارة إلى أخرى.
ومن المقرر أن يكون يوم التنصيب في 20 من يناير/كانون الثاني 2025، غير أن هناك خطوات يتعين القيام بها قبل أن يؤدي الرئيس المنتخب دونالد ترامب اليمين الدستورية.
ورغم أن النتائج المعلنة في ليلة الانتخابات تسمح عادة بتحديد الفائز، فإنها ليست نتائج رسمية. ووفقا للجنة الفدرالية الانتخابية في الولايات المتحدة، لا يزال يتعين فحص هذه النتائج والتصديق عليها حتى تكون نهائية. "مسؤولو الانتخابات فقط هم الذين يقدمون نتائج الانتخابات الرسمية"، كما تقول اللجنة.
وفيما يأتي تواريخ الخطوات الرئيسية القادمة وصولا إلى يوم تنصيب الرئيس الجديد:
View this post on InstagramA post shared by الجزيرة (@aljazeera)
أولا- توثيق نتائج الانتخابات في كل ولاية
يتم نشر النتائج غير الرسمية بعد إغلاق صناديق الاقتراع ليلة الانتخابات، ويستمر إصدارها حتى يتم فرز جميع بطاقات الاقتراع، وتبقى النتائج غير رسمية حتى يتم اعتمادها.
وخلال عمليات الاقتراع، يقوم مسؤولو الانتخابات بالتوفيق بين عدد بطاقات الاقتراع بالبريد والاقتراع المبكر واقتراع يوم الانتخابات مع عدد الناخبين. والغرض من ذلك هو التأكد من احتساب كل صوت صحيح في النتائج النهائية.
عمليات تدقيق ما بعد الانتخابات مطلوبة في معظم الولايات للتحقق من أن المعدات المستخدمة تحسب الأصوات بشكل صحيح، ويختلف توقيت وطريقة عمليات التدقيق هذه بين الولايات.
وأخيرا، يصدر مسؤولو الانتخابات بيانا مكتوبا يشهد على أن النتائج صحيحة ودقيقة.
ثانيا- 11 ديسمبر/كانون الأول: اليوم الأخير للولايات لحل النزاعات القانونية بشأن الانتخاباتيجب على الولايات أن تصدّق على نتائج الانتخابات قبل 6 أيام على الأقل من اجتماع الهيئة الانتخابية، وهذا يعني أن أي طعن في المحكمة بنتائج انتخابات الولايات يجب تسويته بحلول 11 ديسمبر/كانون الأول 2024.
وإذا شهدت الولايات على نتائج الانتخابات بحلول هذا الموعد النهائي، فيجب على الكونغرس قبول النتائج باعتبارها صحيحة.
ثالثا- 17 ديسمبر/كانون الأول: إدلاء أعضاء المجمع الانتخابي "الهيئة الانتخابية" بأصواتهم
يجتمع أعضاء المجمع الانتخابي في ولاياتهم للإدلاء بأصواتهم لانتخاب الرئيس ونائب الرئيس في يوم (الاثنين الثاني) بعد يوم (الأربعاء الثاني) من ديسمبر/كانون الأول 2024.
وفي كل ولاية -باستثناء ولايتي نبراسكا ومين- يصوّت الناخبون على أساس أن "الفائز يأخذ كل الأصوات"، وهذا يعني أن أي مرشح يفوز في السباق الرئاسي للولاية يتلقى جميع الأصوات الانتخابية للولاية.
ويرسل الناخبون شهادات تصويتهم إلى مختلف المسؤولين، بمن فيهم كامالا هاريس نائبة الرئيس، التي تشغل منصب رئيس مجلس الشيوخ.
رابعا- 25 ديسمبر/كانون الأول: رئيس مجلس الشيوخ يتلقى نتائج شهادات موثقة بنتائج الانتخاباتيجب تسلم الأصوات الانتخابية من قبل أمين المحفوظات، كولين جيه شوغان ورئيس مجلس الشيوخ الذي تشغله حاليا كامالا هاريس، بحلول 25 ديسمبر/كانون الأول 2024، وفقا للأرشيف الوطني.
خامسا- السادس من يناير/كانون الثاني: الكونغرس يعدّ الأصوات الانتخابيةفي الثالث من يناير/كانون الثاني 2025، سيؤدي أعضاء الكونغرس المنتخبون حديثا اليمين الدستورية. ثم تأتي الخطوة الأخيرة من الانتخابات، حيث يجتمع أعضاء الكونغرس لفرز الأصوات الانتخابية.
وبعد الجهود المبذولة لإلغاء انتخابات 2020، أدخل قانون إصلاح العد الانتخابي أيضا سلسلة من الإصلاحات على هذه الجلسة المشتركة، مثل توضيح دور نائب الرئيس (رئيس مجلس الشيوخ) في الإشراف على هذا العد، ورفع عتبة الاعتراضات على القوائم الانتخابية للولاية إلى 5 من كل مجلس.
ويعقد مجلسا النواب والشيوخ جلسة مشتركة يوم السادس من يناير/كانون الثاني 2025 لفرز أصوات المجمع الانتخابي، وتترأس كامالا هاريس العملية كونها رئيسة مجلس الشيوخ وتُعلن النتائج.
ويصبح المرشح الذي يحصل على ما لا يقل عن 270 صوتا من أصل 538 صوتا انتخابيا هو الرئيس المقبل، ثم تعلن عن الأشخاص الذين تم انتخابهم رئيسا ونائبا لرئيس الولايات المتحدة.
سادسا- 20 يناير/كانون الثاني: يوم تنصيب الرئيس الجديديؤدي دونالد ترامب الرئيس المنتخب وجي دي فانس نائب الرئيس المنتخب اليمين الدستورية، ليصبحا رسميا رئيس ونائب رئيس الولايات المتحدة في 20 يناير/كانون الثاني 2025، في تمام الساعة 12:00 ظهرا بتوقيت شرق الولايات المتحدة (17:00 بتوقيت غرينتش).