الخليج الجديد:
2025-02-23@21:20:24 GMT

حماس في المنعرج المصيري

تاريخ النشر: 12th, February 2024 GMT

حماس في المنعرج المصيري

حماس في المنعرج المصيري

في المحصلة، ثمّة منعرج كبير ومصيري يحدّد مستقبل الحركة.

ما مستقبل حماس داخل غزّة وخارجها، وقد أظهرت مرونة أيديولوجية وسياسية كبيرة في محاولة لفكّ الحصار السياسي؟

ثمّة رهانات لا تزال لدى قيادة الحركة في إعادة ترتيب البيت الداخلي الفلسطيني بصورةٍ تكون هي طرفاً فيه، بما لا يكسر مشروعها النضالي.

انهارت المقاربة الأميركية، التي ورثتها إدارة بايدن عن الإدارة السابقة التي تقوم على مفهوم "السلام الإقليمي"، وتجاهل قضية فلسطين أو تجاوزها وتصفيتها.

ما الصيغة التي يمكن أن تقبلها حماس ضمن المعادلة الفلسطينية كمفتاح لموقف دولي وإقليمي مختلف؟! هل سنكون أمام "حماس جديدة" بمسار سياسي مختلف؟

تريد أطراف فلسطينية تحجيم الحركة، ومحاولات تقارب مع حركة فتح لإنتاج حالة جديدة يمكن تقديمها سياسياً، وكان العاروري منخرطاً فيها مع الرجوب وآخرين في فتح.

* * *

ثمّة مكتسباتٌ سياسيةٌ ورمزيةٌ عديدةٌ تحقّقت مع عملية طوفان الأقصى، وما بعدها من صمود أسطوري لكتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، وفي مقدمتها ردّ الاعتبار لقضية فلسطين عالمياً، وإعادة فكرة "حلّ الدولتين" إلى الطاولة، وانهيار المقاربة الأميركية، التي ورثتها إدارة بايدن عن الإدارة السابقة التي تقوم على مفهوم "السلام الإقليمي"، وتجاهل قضية فلسطين أو تجاوزها وتصفيتها بصورة واقعية عبر عمليات متوازية، سواء عبر تمدّد الاستيطان القاتل، استبدال الحلول الاقتصادية بالسياسية، تصفية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، والتطبيع مع الدول العربية.

في المقابل، الاختلال الكبير في موازين القوى، سواء على صعيد القوة العسكرية التدميرية الإسرائيلية (التي أحدثت كارثة إنسانية هائلة في غزّة) والمواقف الدولية والعربية والإقليمية وشيطنة الحركة دولياً، وما هو أهم من ذلك، محاولة حكومة نتنياهو استثمار الحرب لإيقاع نكبة جديدة وتهجير؛ ذلك كلّه يفرض استحقاقات استراتيجية وسياسية كبيرة على قيادة الحركة، تتجاوز الحسابات التكتيكية العسكرية في الميدان، مع تكريس نمط من "التدخّل المحدود" من حلف الممانعة في مساندة الحركة، بما لا يؤدّي إلى تغيير جوهري في الموازين الاستراتيجية.

تبدو محدّدات الواقع الاستراتيجي أمام الحركة صعبة للغاية، فهي بالرغم من البلاء الشديد في أرض المعركة معنيّة بإيقاف الحرب خطوة استراتيجية أولى، وبإعادة الإعمار واستعادة نبض الحياة في غزّة، ومحاولة لملمة الأوضاع الإنسانية الكارثية في القطاع، وقطع الطريق على حكومة نتنياهو في سيناريو التهجير والاحتلال للقطاع أو جزء منه، وفي الوقت نفسه، محاولة كسب بعض الأطراف الإقليمية والدولية إلى صفّها في المفاوضات والصفقات والضغوط التي تتعرّض لها هي والأطراف التي تدعمها.

إذاً، تناور الحركة سياسياً في مساحاتٍ محدودةٍ جداً، ومن الواضح أنّ هنالك ليس فقط أجندة إسرائيلية، بل دولية وإقليمية، حسمت موضوع عدم استمرار الحركة بحكم قطاع غزّة أولاً، وبإعادة ترسيم المعادلة الفلسطينية، ومحور الخلاف الأميركي - الإسرائيلي اليوم ليس حول بقاء "حكم حماس"، بل من سيحكم غزّة؛ السلطة الفلسطينية (بعد التجديد والإصلاح، بحسب المصطلح الجديد المتداول دولياً وإقليمياً) أم إسرائيل من خلال حكومة محلية تابعة للاحتلال، أم مرحلة انتقالية ووصاية دولية أو إقليمية، إلى حين ترتيب الأوضاع في القطاع، مع التذكير بأنّ إعادة الإعمار، أو السماح بذلك، وكلفته (تصل إلى مليارات الدولارات) مرتبطة بالترتيبات السياسية الجديدة، وكل ما هو مطروح يستبعد "حكم حماس"!

يفضل بنيامين نتنياهو ويمينُه المتطرّف استمرار الحرب لأسباب سياسية داخلية وشخصية وأيديولوجية، ما يعني استمرار معاناة إنسانية تجاوزت الحدود كافّة، عبر عمليات إبادة وقتل وتجويع وحصار وتهجير. أما الحركة، فتحاول إنهاء القتال مع البقاء في الميدان السياسي والحفاظ على قوتها العسكرية في غزّة.

ويرتبط هذا السيناريو بتغير موازين القوى بصورة جوهرية، في أرض المعركة أو في المعادلة الدولية - الإقليمية، وليس مرجّحاً أن يحدُث في ظل الفراغ الاستراتيجي العربي الراهن، وعدم قدرة الإدارة الأميركية على إجبار حكومة نتنياهو على قرار بإنهاء الحرب كلياً، قبل القضاء بصورة كاملة على القدرات العسكرية للحركة، كهدف معلن، والتهجير في غزّة والضفة الغربية كهدف حقيقي، مع لفت الانتباه إلى خطورة الوضع في الضفة بصورة غير مسبوقة.

يضعنا هذا وذاك أمام السؤال الأكبر: ما مستقبل الحركة داخل غزّة وخارجها، وقد أظهرت مرونة أيديولوجية وسياسية كبيرة في محاولة لفكّ الحصار السياسي؟ وربما قادنا هذا إلى السؤال الأكثر دقة: ما الصيغة التي يمكن أن تقبل بها الحركة ضمن المعادلة الفلسطينية وتكون مفتاحاً لإيجاد موقف دولي وإقليمي مختلف؟! هل سنكون أمام "حماس جديدة" تأخذ مساراً سياسياً مختلفاً؟

ثمّة رهانات لا تزال لدى قيادة الحركة في إعادة ترتيب البيت الداخلي الفلسطيني بصورةٍ تكون هي طرفاً فيه، بما لا يكسر مشروعها النضالي. وثمّة في المقابل أطراف فلسطينية تريد تحجيم الحركة، وثمّة محاولات تقارب مع حركة فتح لإنتاج حالة جديدة يمكن تقديمها سياسياً.

وكان الراحل صالح العاروري منخرطاً في هذه المحاولات مع جبريل الرجوب وآخرين في حركة فتح، وهنالك حوار بين الحركة ومحمد دحلان وناصر القدوة الذين يشكلون تحدّياً سياسياً لحكم الرئيس محمود عباس؟ في المحصلة، ثمّة منعرج كبير ومصيري يحدّد مستقبل الحركة.

*د. محمد أبورمان أكاديمي باحث في الفكر الإسلامي والإصلاح السياسي، وزير أردني سابق.

المصدر | العربي الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: حماس فتح غزة فلسطين السلطة الفلسطينية محمود عباس الإبادة الجماعية طوفان الأقصى صمود أسطوري كتائب القسام السلام الإقليمي قضية فلسطين ة الفلسطینیة فی غز ة

إقرأ أيضاً:

عاجل| حماس عن جثة شيري بيباس: نتعجب من الضجة التي يثيرها الاحتلال ونطالبهم بفعل هذا الأمر

أبدت حركة حماس الفلسطينية، تعجبها من «الضجة التي يثيرها الاحتلال الإسرائيلي» في أعقاب ادعائه بأن جثمان المحتجزة الإسرائيلية شيري بيباس لا يتطابق مع فحص الـDNA، مؤكدة رفضها للتهديدات التي أطلقها بنيامين نتنياهو في إطار محاولاته لتجميل صورته أمام المجتمع الإسرائيلي وفي سياق الخلافات الداخلية الإسرائيلية.

حماس: نؤكد ضرورة المضي قدما في تنفيذ استحقاقات الاتفاق

وأضافت حماس في بيان، اليوم: «نؤكد ضرورة المضي قدما في تنفيذ استحقاقات الاتفاق على كل المستويات، ونحن في الحركة نؤكد جديتنا والتزامنا الكامل بجميع التزاماتنا وقد أثبتنا ذلك من خلال سلوكنا خلال الأيام الماضية فلا مصلحة لنا في عدم الالتزام أو الاحتفاظ بأي جثامين لدينا».

حماس: سنقوم بفحص الادعاءات بجدية تامة

وتابعت حماس: «تلقينا من الإخوة الوسطاء ادعاءات ومزاعم الاحتلال، وسنقوم بفحص هذه الادعاءات بجدية تامة وسنعلن النتائج بوضوح، ونُشير إلى احتمال وجود خطأ أو تداخل في الجثامين قد يكون ناتجًا عن استهداف الاحتلال وقصفه للمكان الذي كانت تتواجد فيه العائلة مع فلسطينيين آخرين».

واختتمت حماس البيان: «سنُعلم الإخوة الوسطاء بنتائج الفحص والتحقيق من جانبنا وندعو في الوقت نفسه إلى إعادة الجثمان الذي يدعي الاحتلال أنه يعود لفلسطينية قتلت أثناء القصف الإسرائيلي».

الرئيس الإسرائيلي: عدم إعادة جثمان بيباس يمثل خرقا للاتفاق

من جهته قال الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوج، إن عدم إعادة جثمان المحتجزة شيري بيباس يمثل خرقا لاتفاق وقف إطلاق النار.

وذكرت هيئة البث الإسرائيلية عن مصدر، أنّ عدم إعادة جثمان شيري بيباس لن يمر دون رد ويجب ألا يؤثر على إطلاق سراح المحتجزين الستة الأحياء غدا، مشيرا إلى أنه من المتوقع إطلاق سراح المحتجزين الأحياء الستة السبت وفق المخطط رغم ما يدور بشأن جثمان شيري بيباس.

مقالات مشابهة

  • سيناريوهات أمام الحركة الشعبية لتحرير السودان – الشمال
  • محافظ الفيوم يناقش آليات تنفيذ محاور جديدة بالطرق الرئيسية و الميادين لتيسير الحركة المرورية
  • إنطلاقة جديدة للمؤسسات السياحية.. وتفاؤل بانعكاس الاستقرار السياسي والأمني على القطاع
  • تفاصيل جديدة تكشفها أسرة الضحية الثالثة لسفاح الإسكندرية بعد العثور على سيارته التي كان يمتلكها
  • ما قصة الأسيرة بيباس التي كادت جثتها أن تهوي باتفاق وقف إطلاق النار؟
  • «أفشل 3 على الكوكب».. هشام ماجد يروج لمسلسل «أشغال شقة جدا» بصورة جديدة
  • عاجل| حماس عن جثة شيري بيباس: نتعجب من الضجة التي يثيرها الاحتلال ونطالبهم بفعل هذا الأمر
  • انفجارات تهزّ تل أبيب.. إسرائيل تعلن: إحدى الجثث التي تم تسليمها «مجهولة الهوية» وتتوعد!
  • عاجل. نتنياهو: الجثة التي أُعيدت تعود لامرأة من غزة
  • الجيش الإسرائيلي: إحدى الجثث التي سلمتها حماس لا تعود لأي رهينة