استنشاق رائحة القهوة لا يقل تأثيرا عن شربها
تاريخ النشر: 20th, July 2023 GMT
بالنسبة للغالبية العظمى من سكان الكوكب، تُعد قهوة الصباح هي الشيء الذي يجعل الدماغ يستيقظ والجسم يتحرك، ففي كل يوم يتم استهلاك ملياري كوب قهوة حول العالم، ويحتسي الأميركيون 400 مليون فنجانا منها يوميا، لأنهم يعتبرون شربها "تعبيرا عن الحرية".
حتى سكان المملكة المتحدة الذين عُرفوا دائما بأنهم من عشاق الشاي، "أنفقوا مليار جنيه إسترليني على القهوة العام الماضي، بمتوسط كوبين للفرد يوميا"، وفقا لموقع "روست آند بوست" (Roastandpost).
وهو ما جعل العلماء يعكفون على تحليل تأثير "مكونات القهوة" على الحالة البدنية والمزاجية بمجرد تناولها (دراسات 2015، و2017 كمثال).
ولم يقف الأمر عند هذا الحد، إذ بدأ الحديث عن تأثير "رائحة القهوة" على جيناتنا وجعلها تعمل بشكل جيد، بعد نشر أول بحث في عام 2008، لدراسة "تأثير رائحة القهوة على الدماغ، في الفئران على الأقل".
وفي هذا البحث أشار الباحثون إلى أن "شم القهوة يُحفّز عِدة جينات، للمساعدة في حماية الدماغ من الإجهاد، وتقليل آثار الحرمان من النوم"، ليتضح بعدها أن تلك الحبوب الصغيرة الداكنة قد تمنحنا بعض المكافآت المنعشة، حتى قبل أن نأخذ منها رشفة واحدة.
وترى كريستين كروز كلارك، خبيرة التغيير الإستراتيجي، وسيدة الأعمال الكندية في مجال القهوة، أن "رائحة كوب القهوة الطازج هي أكثر متعة من مذاق المشروب نفسه، وأن الجلوس في المقهى والاستنشاق البطيء يمكن أن يحفز عقلك ومزاجك". بالإضافة إلى أنه "دون حاسة الشم لن يكون مذاق القهوة بالدرجة نفسها من الدقة".
فقد أصبحت رائحة القهوة مُحببة كمذاقها، وانتشرت عبارة "استيقظ واستنشق رائحة القهوة" لتصبح من الأقوال الشائعة، بعد أن استخدمها الأميركيون لأول مرة في أربعينيات القرن الماضي.
وتواتر الدعم البحثي الذي يتحدث عن "قوة رائحة القهوة في توفير الشعور باليقظة"، وأن "استنشاق رائحة القهوة يمكن أن يقدم فوائد مماثلة لفوائد القهوة نفسها، لصالح تعزيز الدماغ، وتحفيز الشعور بجو من الدفء والراحة والجاذبية".
ففي عام 2013 أثبت بحث عن قوة الرائحة، أن "نشاط الدماغ ينتج عن الرائحة أكثر من النظر، حيث سجلت الرائحة نشاطا دماغيا أعلى بشكل ملحوظ، عند المقارنة بين شم رائحة وردة والنظر إليها".
وفي دراسة نُشرت عام 2018، كان لدى الباحثين 100 طالب جامعي يخضعون لاختبار للالتحاق بكلية إدارة الأعمال، تم توزيعهم بالتساوي في غرفتين، إحداهما كانت مليئة برائحة القهوة، وأظهرت النتائج أن الذين كانوا محاطين برائحة القهوة سجلوا درجات "أعلى بكثير" من أولئك الذين لم يكونوا محاطين برائحة القهوة.
واعتبرت مؤلفة الدراسة، الدكتورة أدريانا مادزاروف، أن "قوة رائحة القهوة ساهمت في تحسين الوظائف الإدراكية وبالتالي تحسين الأداء"، موصية المهنيين في مكان العمل والمهندسين المعماريين ومطوري المباني ومديري مساحات البيع بالتجزئة وغيرهم، بالاستفادة من هذا الاكتشاف، "لما له من آثار عملية متعددة مفيدة في مجال الأعمال".
الفرق بين الاستنشاق والتذوقبعد أن أظهرت أبحاث نُشرت عام 2019 أن "نكهة القهوة وحدها قد تجعلنا أكثر انتباها ونشاطا وحيوية لأطول فترة ممكنة في اليوم، كما أن استنشاق عبق حبوب البن المُحمّصة له تأثير مشابه لشرب القهوة، "فهو يعزز اليقظة ويحسن المزاج ويزيد من جودة وسرعة الذاكرة". ولاحظ الباحثون "حدوث فروق كبيرة في مستوى الكورتيزول وضغط الدم وضربات القلب، قبل وبعد الاستنشاق".
تم تفسير ذلك بأن حاسة الشم هي المسؤولة عن حوالي 80% مما نتذوقه، وهي التي تصدر حكمنا النهائي على القهوة، أكثر من الحواس الأخرى.
فقد وجدت دراسة أخرى، أجراها باحثون من جامعتي تورنتو وموناش في أستراليا ونُشرت في العام نفسه، أن "رائحة القهوة تجعل شُربها أكثر تأثيرا نفسيا"، وأشار الدكتور يوجين تشان، المشرف على الدراسة، إلى أن "الناس يشعرون بالصلة بين القهوة والإثارة وشم رائحة القهوة، أو المشي بجوار المقهى المفضل لديهم، أو حتى مشاهدة إعلانات القهوة، ودون تناول أي شكل من أشكال الكافيين".
واتضح أن هناك فارقا مدهشا بين شُرب القهوة واستنشاق عبيرها، يتمثل في غياب "الكافيين" في رائحة القهوة، المكون الرئيسي الذي يسبب الأرق بعد شربها مباشرة.
وذلك وفقا لما توصلت إليه دراسة نُشرت عام 2021، وقدمت لأول مرة دليلا على "التأثير المهدئ لرائحة القهوة على الأشخاص الذين يعانون من التوتر عند زيارة طبيب الأسنان".
رائحة القهوة حسب درجة تحميصهايعتبر الخبراء "رائحة القهوة أكثر جاذبية من مذاقها"، لخصائصها الفريدة التي تجعلنا ننجذب إليها بشدة، "فهي مزيج من النكهات الحلوة والحارة والزهرية والدخانية والتوابل والفاكهة".
وتقول الخبيرة كلارك، التي تملك وتدير أحد أشهر محامص القهوة، "مثلما تتمتع حبوب البن المختلفة بمذاقها الفريد، فإنها تنتج أيضا رائحة مميزة عند تخميرها"، مضيفة أنه عندما يتم تحميص حبوب البن، "تتسبب الحرارة في حدوث تفاعل بين محتواها من الأحماض الأمينية والسكر، وإطلاق الزيوت العطرية والروائح المكونة لمعظم نكهة القهوة، ثم يأتي طحن الحبوب وتخميرها، ليضيف مزيدا من الرائحة".
وتوضح أن "التحميص الخفيف يُعطي رائحة أكثر ثراء، أما المتوسط فينتج رائحة مكرملة أو جوزية أو شبيهة برائحة الشوكولاتة، لكن التحميص الداكن هو الأكثر جرأة، وأحيانا يبدو مُدخنا".
لذا تُعد رائحة القهوة الطازجة التي تنبعث مع نسيم الصباح من أعظم ملذات الحياة التي يمكن أن تجعل النهار أكثر متعة، فهي لا تُنبه وتُنشط فحسب، بل تجلب الابتسامة على وجه أي شخص.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
3 أنواع من التمارين الرياضية تعزز صحة الدماغ
كشفت أبحاث جديدة أن أنواعًا مختلفة من التمارين الرياضية يمكن أن تعزز صحة الدماغ وتقوي الإدراك والذاكرة والوظائف التنفيذية في أي عمر. ووفقًا للخبراء، فإن اليوجا والتاي تشي وألعاب التمارين الرياضية تُحقق أكبر فوائد للدماغ، والتي يمكنك جنيها بممارستها مرتين أو ثلاث مرات أسبوعيًا فقط.
رغم أن ممارسة الرياضة تُعدّ من أفضل الطرق لتقوية الدماغ باستمرار، إلا أنك لستَ بحاجة إلى بذل جهد كبير في كل مرة لجني فوائدها، فقد أظهرت دراسة جديدة نُشرت في المجلة البريطانية للطب الرياضي أن جميع أنواع التمارين، بغض النظر عن شدتها، يمكن أن تُحسّن صحة دماغك بشكل ملحوظ.
وفقًا للخبراء، تُعدّ التمارين الرياضية متوسطة الشدة هي الأفضل لتحقيق نتائج ملموسة في تحسين الذاكرة والوظائف التنفيذية، مثل حل المشكلات والتفكير المنطقي، كما تُفيد التمارين منخفضة الشدة الإدراك العام، وشددت الدراسة على أهمية ممارسة أنشطة محددة، مثل اليوجا والتاي تشي، لما تُحققه من فوائد معرفية بالغة الأهمية.
كيف تعمل التمارين الرياضية على تعزيز وظائف المخ بشكل أفضل ؟
ركزت الدراسة، التي شملت أكثر من 258 ألف مشارك، على أنماط متباينة في مختلف التقارير، حيث وجد الباحثون "أدلة قوية على أن التمارين الرياضية تُحسّن الإدراك العام والذاكرة والوظائف التنفيذية لدى جميع الفئات العمرية"، وفقًا للدكتور بن سينغ، المؤلف الرئيسي للدراسة والباحث في مجال الصحة السكانية والرقمية بجامعة جنوب أستراليا.
وأوضح سينغ أن الأطفال والمراهقين، ومن يعانون من اضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة (ADHD)، كانوا الأكثر استفادة.
ومن بين عوامل التمرين الأخرى التي أثرت على صحة الدماغ ما يلي:
شدة
أظهرت التمارين الرياضية منخفضة إلى متوسطة الشدة نتائج أفضل عندما يتعلق الأمر بصحة الدماغ مقارنة بالتمارين القوية أو عالية الشدة.
وقت التدخل
حتى ممارسة التمارين الرياضية بانتظام لمدة ثلاثة أشهر لها فوائد إيجابية على الإدراك العام.
نوع النشاط
أي نشاط يتطلب حركة بدنية له أكبر الأثر على الإدراك والذاكرة، يمكنك تجربة التمارين التي تُذكّرك بتسلسلات حركات مُنسّقة، مثل اليوجا.
اليوجا
اليوجا ممارسة هندية قديمة تجمع بين الوضعيات والتنفس والتأمل، مما يُحسّن صحة الدماغ بشكل ملحوظ، بما في ذلك تخفيف التوتر، ممارسة وضعيات اليوجا بانتظام تُساعد على تخفيف التوتر والالتهابات، وتدعم وظيفة الحُصين - مركز الذاكرة في الدماغ. كما تُعزز اتخاذ القرارات والتخطيط وتنظيم المشاعر.
وللحصول على فوائد صحة الدماغ، يمكنك البدء بجلسات قصيرة - حوالي 20 إلى 30 دقيقة، مرتين أو ثلاث مرات في الأسبوع.
تاي تشي
تاي تشي فن قتالي صيني تقليدي يجمع بين الحركات البطيئة والتنفس العميق، ويوازن الطاقة داخل الجسم، يُعرف أيضًا باسم التأمل المتحرك، وتساعد تسلسلات تمارينه على تهدئة العقل والجسم والتنفس، مما يعزز الصحة الإدراكية بشكل أكثر فعالية من التمارين الأخرى.
كما أنه يُساعد على تنشيط مناطق الدماغ المسؤولة عن الذاكرة والوظائف الحركية، ولأن التاي تشي يُساعدك على تذكر مجموعة مُحددة من الحركات، فهو يُساعد على تنشيط الذاكرة وخفض مستويات التوتر، يجب عليك مُمارسة التاي تشي ثلاث مرات أسبوعيًا على الأقل لمدة ساعة على الأقل لتحقيق أقصى استفادة.
ألعاب التمرين
ألعاب التمرين هي ألعاب فيديو تجمع بين النشاط البدني ووقت الشاشة لجعل تمرينك أكثر إثارة وتفاعلاً وتحفيزًا للقدرات العقلية، من بين هذه الألعاب الرقص الإيقاعي المتدرج، وألعاب اللياقة البدنية بتقنية الواقع الافتراضي، ورقص الثورات. يعتقد الخبراء أن اتباع الأنماط وحل التحديات أثناء التمرين يساعد على تحسين الانتباه والتنسيق والذاكرة.
ولتحقيق أقصى قدر من الفوائد المعرفية، يجب عليك لعب هذه الألعاب لمدة لا تقل عن 20 إلى 30 دقيقة، ثلاث إلى خمس مرات أسبوعيا.
المصدر: timesnownews.