ميشيل عفلق.. من أبرز مؤسسي ومنظري حزب البعث العربي الاشتراكي
تاريخ النشر: 20th, July 2023 GMT
ميشيل عفلق، مفكر وأديب وسياسي قومي سوري، ولد في دمشق عام 1910، كان أحد مؤسسي حزب البعث العربي الاشتراكي، ومن أبرز منظريه، جمع مفاهيم القومية والوحدة والحرية والاشتراكية في بوتقة فكرية واحدة، وقدمها عبر العديد من المصنفات، وظلت كتاباته لأكثر من عقدين من الزمن تمثل النص العقائدي المركزي لهذا الحزب.
شغل منصب أمين عام حزب البعث في سوريا ثم العراق، وتولى وزارة المعارف عام 1949، وساهم وحزبه في اتحاد سوريا ومصر عام 1958، وقد تعرض مرارا للسجن والملاحقة مما اضطره لمغادرة سوريا، واللجوء إلى دول أخرى، وتوفي عام 1989 في باريس، ودفن في بغداد.
ولد ميشيل يوسف عفلق يوم 10 ديسمبر/كانون الأول 1910 في حي الميدان بدمشق، ونشأ في عائلة متوسطة من الطائفة المسيحية الأرثوذكسية، وتعود أصول والده إلى راشيا الوادي في لبنان، أما والدته سمية زيدان فهي من مدينة حمص.
وكان مثقفا واسع الاطلاع، قد قرأ كثيرا في الأدب العربي والتاريخ والفلسفة، وقرأ روايات جرجي زيدان في التاريخ الإسلامي، وشمل اطلاعه التراثي على ديوان اللزوميات لأبي العلاء المعري وديوان أبي الطيب المتنبي، وتأثر بأدب المهجر وكتابات إسماعيل مظهر وشبلي الشميل، وكان لذلك كله أثر في صياغة عقله وفكره.
تزوج من الطبيبة أمل بشّور، وأنجبا 4 أبناء: بنت وأسماها رزان وثلاثة ذكور هم إياد ونزار وزياد.
الاشتراكية الماركسيةوقد تلقّى تعليمه بالمدارس الفرنسية في سوريا أثناء الانتداب الفرنسي، ونال شهادة الدراسة الثانوية من مدرسة "التجهيز".
وقد تفوق في دراسته، فأوفدته الحكومة إلى جامعة السوربون في باريس عام 1929، حيث نال شهادة البكالوريوس في التاريخ مع مرتبة الشرف عام 1933.
وتأثر بالحضارة الغربية، وخلال سنوات دراسته الجامعية اعتنق الفكر الاشتراكي الماركسي، وكان يدعو لتحرير العرب من القوى التقليدية الأرستقراطية ومن الهيمنة الأوروبية.
التوجه الفكريكان عفلق فيلسوفا ومفكرا وأديبا، وكانت له رؤى فكرية تنظم عمله السياسي، وقد حاول التوفيق بين القومية العربية والاشتراكية والعلمانية والإسلام.
وبدأ فكره بالتشكل في باريس، حيث اطلع على أعمال كتّاب وفلاسفة أمثال فريدريك نيتشه وكارل ماركس وفيودور دوستويفسكي وليو تولوستوي وهنري برغسون وأناتول فرانس وأندريه جيد.
واتسم فكره بنزعة "إنسانية مثالية" أقرب إلى الصوفية، وتأثر بالفكر الاشتراكي، وكان يرى أن الاشتراكية حل لكل المشكلات العربية.
وكان من رواد الفكر القومي المعاصر ومن أبرز منظريه، وكان فكره قوميا وحدويا، يميل إلى الاندماج والاتحاد، على وجه ليس معتادا في تاريخ الحركة الحزبية العربية.
كما تحدث بإيجابية على الدوام عن رسالة الإسلام بوصفها من "مكونات القومية في الأمة العربية" فهو ينظر إلى الإسلام من منظور قومي، إذ أن الإسلام عنده مرتبط بالعروبة ارتباط الروح بالجسد، ويرى في تجربة الإسلام وحياة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم "استعدادا دائما للنهضة العربية، وأن الحركة القومية يمكن أن تستلهم تلك التجربة الإنسانية الفذة".
وكان يعلن رفضه للإلحاد تحت ستار العلمانية، ولكن رغم ذلك سمح للحزب الشيوعي بالعمل والنشاط عقب انقلاب عام 1963 في سوريا، وحظر الأحزاب والجماعات ذات المرجعية الإسلامية.
وكان شديد الحرص على حرية الرأي والتعبير، ومن أكثر المنظرين للحرية بوصفها منهج حياة ينبغي ترسيخها في الواقع السياسي والاجتماعي، وإن ظهرت كثير من تجليات التناقض بين فكره وسلوكه فيما يتعلق بالحرية والديمقراطية.
وجمع مفاهيم القومية والوحدة والحرية والاشتراكية في بوتقة فكرية واحدة، وقدمها بلغة بلاغية مميّزة، وأسلوب خاص ومنهج فكري له طابعه الشخصي ومنحاه الذاتي.
كما أنه قرَن الفكر بالممارسة السياسية، وأعطى الفكر القومي العربي مضمونا اجتماعيا معبّرا عنه "بتلازم القومية والاشتراكية" وتفاعلهما، والنزوع الروحي الإنساني والمنحى الرومانسي التصوّفي.
عفلق في شبابه (الفرنسية) التجربة العملية والمهنيةبلْور عفلق أفكاره الحزبية في فرنسا، وبدأ نشاطه السياسي هناك، حيث كان يدعو الشباب العرب المشارقة والمغاربة إلى الوحدة والقومية العربية، وقد وجدت هذه الدعوة استجابة لدى بعض الشباب العرب وبخاصة أصدقاءه، ومنهم صلاح الدين البيطار الذي كان يَدرس الفيزياء آنذاك، فتعاهدا على العمل معا.
وبعد عودة عفلق والبيطار من باريس عام 1933 عملا بالتدريس في ثانوية "التجهيز الأولى" أكبر مدارس دمشق وأهمها حينها، وأخذا يبثان أفكارهما بين الزملاء والشباب والطلاب، كما نشطا في محاربة الانتداب الفرنسي.
وقام عفلق مع كامل عياد وصلاح الدين المحايري بتأسيس مجلة "الطليعة" التقدمية، التي ضمت شيوعيين ويساريين، وكانت البذرة الأولى لتأسيس الحزب الشيوعي السوري اللبناني، ووجد فرصته بالكتابة في مجلتها "الدهور" وكانت التوجهات الأدبية واضحة لديه إذ نشر عددا من القصص القصيرة والمقالات والقصائد، وكان يطمح أن تكون على مستوى عال من الإبداع والحداثة، إذ حاول نشر أفكاره من خلال الأدب.
وقد نشر في أحد أعدادها الأولى قصيدة، ضمّنها أسئلته الفلسفية التي كان يجاهد للوصول إلى أجوبة لها.
وكتب عفلق في جريدة "الأيام" التي كان يغلب عليها الطابع الشيوعي أيضا مقالات وقصصا قصيرة مثل "الرجل الجديد" و"الصفعة" و"رأس سعيد أفندي".
وبالفعل أخذت هذه أفكاره تستقطب حولها عددا من الشباب من طلبة المدارس والجامعات وفئة المثقفين.
الانخراط في السياسةعام 1938 تعرّف عفلق إلى المفكر السوري زكي الأرسوزي الذي يعد الأب الروحي لحزب البعث وعقيدته وأحد قادة "عصبة العمل القومي" ومفكريها، ويتحلق حوله مجموعة من الطلاب والمثقفين، ممن صاروا من المؤسسين الأوائل لحركة البعث العربي.
وانخرط مع صلاح الدين البيطار في أوساط المثقفين القوميين، وبادرا في فبراير/شباط 1941 إلى تأسيس "حركة الإحياء العربي".
وهنا هجر عفلق الأدب، ودخل معْمعة السياسة المباشرة، بما تنطوي عليه من مساومات وتسويات لم يروّض نفسه عليها، وقد تعرّض لاختبارات صعبة أجهد نفسه لمواجهتها، لكنه انهار عند اعتقاله إثر انقلاب حسني الزعيم نهاية الأربعينيات، وكتب من السجن رسالة تذلّل وخضوع، أعلن فيها ندمه على موقفه من الانقلاب.
وقد ترشح عفلق للانتخابات التشريعية عام 1943 في سبيل نشر أفكار الحركة وبرنامجها، وكان البرنامج الانتخابي الذي تقدم به أول محاولة لتحديد معالم الرؤية الأيديولوجية والسياسية التي تمخضت عن حزب البعث العربي الاشتراكي.
وعام 1942 قدّم وصديقه البيطار استقالتهما من التعليم، واتجها نحو تشكيل "حركة البعث العربي" التي حملت لواء الدعوة القومية والوحدة العربية، وافتتحا أول مكتب للحزب بدمشق عام 1945، ولم يكن عدد أعضائه يومذاك يتجاوز 400، ثم جرى تنظيم الحزب عسكريا، وعام 1946 أصدرا جريدة "البعث" اليومية، وتولّى عفلق رئاسة تحريرها.
وتأسس الحزب رسميا تحت اسم "حزب البعث العربي" يوم 7 أبريل/نيسان 1947 وافُتتح المؤتمر التأسيسي الأول، وفيه أُقر دستور الحزب ونظامه الداخلي، وضمّ الحزب الجديد عددا من المدرسين والمفكرين والكتاب، وشغل عفلق منصب عميد الحزب.
وقد تعرض للسجن والملاحقة مرات عدة أواخر الأربعينيات وأوائل الخمسينيات، في عهد الرئيس جميل مردم بيك وحسني الزعيم.
وبعد سقوط الزعيم وإعدامه في 14 أغسطس/آب 1949، شُكلت حكومة وحدة وطنية برئاسة هاشم الأتاسي، ضمّت جميع الأحزاب، سُمّي فيها عفلق وزيرا للمعارف، وكانت هذه المرة الأولى والأخيرة التي يتولّى فيها منصبا حكوميا، ومكث في منصبه حتى 14 ديسمبر/كانون الأول 1949.
تمثال عفلق في بغداد الذي هدمته قوات الغزو الأميركي عام 2003 (قصور عراقية-فيسبوك) تأسيس حزب البعث العربي الاشتراكيفي عهد الرئيس السوري أديب الشيشكلي عام 1952، فرّ عفلق إلى لبنان هربا من الاضطهاد السياسي، ولكن السلطات اللبنانية خرقت مبدأ حرية اللجوء السياسي بسبب ضغوط سورية رسمية، وأخرجت عفلق من لبنان إلى روما، حيث تابع من العاصمة الإيطالية نشاطاته واتصالاته إلى حين سقوط الحكومة.
وفي المنفى اندمج "حزب البعث" و"الحزب العربي الاشتراكي" الذي كان يقوده أكرم الحوراني عام 1952 في حزب واحد أسمياه "حزب البعث العربي الاشتراكي" وأصبح عفلق رئيسا له عام 1954، ثم أصبح الحزب بعد ذلك يقوم بأدوار فاعلة في الحكومات التي تعاقبت والانقلابات في سوريا.
وقد أسهم عفلق وحزبه في اتحاد سوريا ومصر عام 1958، وتولى جمال عبد الناصر زعامة القومية العربية وسحب البساط من تحت البعث، وكان قد طلب منهم حل أنفسهم كشرط لقبول الوحدة، مما أدى إلى انشقاقات وتصفيات بين الناصريين والبعثيين من جانب وبين البعثيين أنفسهم من جانب آخر.
وخلال الفترة بين عام 1963 و1966، حكم عفلق سوريا بشكل غير مباشر عن طريق البيطار الذي أصبح رئيسا للحكومة، والفريق أمين الحافظ حليفهما الذي بات رئيسا للدولة، وفي عهدهم صدرت قرارات عزل مدني بحق معظم السياسيين القدامى، وألغيت تراخيص 47 مطبوعة: ما بين مجلّة أسبوعية وصحيفة يومية، باستثناء جريدة البعث.
كما صدر قرار بحلّ كل الأحزاب السياسية، باستثناء "البعث" الذي أصبح حزبا حاكما للدولة، دون أن يُذكر ذلك في الدستور المؤقت، وصدرت قرارات تأميم بحق أكثر من 200 مؤسسة اقتصادية من مصارف ومصانع وشركات خاصة.
وعام 1966 حصل انقلاب بقيادة اللواء صلاح جديد، وأُجبر عفلق بقوة السلاح على الاستقالة من منصبه زعيما للبعث، وأصبح مضطرا للهروب إلى بيروت.
وقد تعرّض عفلق للاضطهاد، واضطر للتخفي والانتقال إلى دول عدة، خوفا من التصفية الجسدية، وتنقّل بين منازل كثيرة، خصوصا في لبنان، من الحمرا إلى الأشرفية إلى شملان، واضطر في أحيان كثيرة إلى عدم كشف هويته الحقيقية.
وعام 1968 قصد بغداد، ثم غادرها إلى بيروت عام 1970، وعند اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية عاد إلى بغداد مرة أخرى.
ورغم تعارض أفكار حزب البعث العراقي مع تعاليم عفلق، فإن الرئيس العراقي السابق صدام حسين قلده منصبا شرفيا في حزب البعث العراقي، ولكن البعث العراقي تعامل مع اعتراضات عفلق الحزبية بالتجاهل المتعمّد.
وقَبِل عفلق بموقع الأمين العام لحزب البعث العراقي من دون صلاحيات حتى وفاته، وكان من ممجدي صدّام رغم ما فعله بقادة بعثيين على خلفية مؤامرة مزعومة، وقد رسم عفلق بذلك نهايته قائدا لحزب سياسي فاعل، إلا أنه بقي في نظر العديد مفكرا رومانسيا حالما.
المسؤوليات والمناصبتولى عفلق العديد من المسؤوليات والمناصب، أهمها:
أستاذ للتاريخ في وزارة المعارف السورية منذ عام 1933 إلى 1942. أمين عام حزب البعث العربي الاشتراكي في سوريا بين الفترة 7 أبريل/نيسان 1947 و23 فبراير/شباط 1966. وزير المعارف الفترة بين 14 أغسطس/آب 1949 إلى 14 ديسمبر/كانون الأول من السنة نفسها. أمين عام حزب البعث العراقي منذ عام 1968 وحتى وفاته. المؤلفاتعُرف عفلق بأنه فيلسوف حزب البعث، وقد بدأ الكتابة عام 1935، وصنّف العديد من المؤلفات إلى حين وفاته، وظلت كتاباته لأكثر من عقدين من الزمن تمثل النص العقائدي المركزي لحزب البعث، ومن أشهر مصنفاته:
كتاب "في السياسة العربية" الذي نشر عام 1948. كتاب "معركة المصير الواحد" نُشر في بيروت عام 1958. كتاب "في سبيل البعث" وهو عبارة عن 5 أجزاء، جُمعت فيها جميع مقالاته، ونُشر في بيروت عام 1959. كتاب "نقطة البداية" نُشر في بيروت عام 1971. كتاب " البعث والوحدة" نُشر في بيروت عام 1972. كتاب "البعث والاشتراكية" نُشر في بيروت عام 1973. كتاب" الشعب العربي في معركة التحرير" نُشر عام 1975. كتاب "الديمقراطية والوحدة عنوان المرحلة الجديدة" وكان آخر كتبه، ونُشر عام 1989. في مارس/آذار 2004 أحبط الأردن محاولة تهريب شاهد قبر ميشيل عفلق إلى الأردن (الفرنسية) الوفاةتدهورت حالة عفلق الصحية يوم 10 يونيو/حزيران 1989، مما استدعى نقله إلى باريس، وخضع لعملية جراحية بالقلب، ولكنه لم يستطع مغادرة المستشفى، حيث توفي يوم 23 يونيو/حزيران 1989، عن عمر ناهز 79 عاما، ثم نُقل جثمانه إلى بغداد.
وقد أقامت الحكومة العراقية تأبينا مهيبا لمماته ودفنته في بغداد في قبر مزخرف تحت قبة زرقاء بالحديقة الغربية لمقر القيادة القومية لحزب البعث، وأمر الرئيس الراحل صدام بتشييد تمثال لعفلق بصفته "الأب المؤسس" للبعث، وأعلن أن عفلق اعتنق الإسلام قبل وفاته واتخذ اسم أحمد، ولكن هذا الادعاء بقي محاطا بالشكوك.
وفي أكتوبر/تشرين الأول 2003 قامت قوات الغزو الأميركي للعراق بتدمير قبر وتمثال عفلق، إثر قرار مجلس الحكم الانتقالي باجتثاث البعث، وفي مارس/آذار 2004 أحبط الأردن محاولة تهريب شاهد القبر الخاص به إلى الأردن.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: فی سوریا
إقرأ أيضاً:
الشعر العربي بين الشفاهية والرقمية في زمن التحولات
شهد الأدب العربي رحلة طويلة من النشأة الشفاهية إلى الفضاء الرقمي، متأثرًا بتحولات اجتماعية وثقافية وتقنية كبرى، وتلك الرحلة لم تكن مجرد انتقال شكلي بين وسائط النشر أو أساليب التلقي، بل عكست تطورات جوهرية في بنية النصوص وطبيعتها التفاعلية مع القارئ، فالشعر العربي الذي بدأ كأداة للتعبير عن القيم الاجتماعية والروحية عبر الطقوس الجماعية، تطور ليصبح وثيقة حية تعكس تفاعل الإنسان مع بيئته، ومع ظهور التناص كعنصر إبداعي، باتت النصوص الحديثة محاور للنصوص القديمة، ما جعلها نسيجا غنيا بالمعاني والدلالات.
ولم يتوقف تطور الأدب العربي عند حدود التقليد، بل تجاوز ذلك إلى إيجاد أبعاد رمزية ومعنوية جديدة كما يظهر في الشعر الموريتاني المعاصر، ومع دخول العصر الرقمي، فتحت القصيدة العربية آفاقًا غير مسبوقة للإبداع من خلال الوسائط التفاعلية والرقمية حتى أتيح للنصوص التحرر من قيود الشكل التقليدي، وإيجاد فضاءات تفاعلية جعلت القارئ شريكا في إنتاج النص وتأويله.
في هذه المساحة، نسلّط الضوء على هذه التحولات الكبرى في الأدب العربي من خلال آراء نخبة من الباحثين والنقاد فالتقينا بهم في مهرجان الشارقة للشعر العربي في ندوة فكرية حملت عنوان «الشعر العربي من الثبات إلى التحول»، لبحث كيف أثرت التغيرات التاريخية والثقافية على بنية النصوص وأساليب التلقي، وكيف أصبحت العتبات، التناص، الرمزية، والرقمنة أدوات تعبيرية وإبداعية تفتح للأدب العربي آفاقا جديدة.
بداية يشير الناقد والشاعر المصري الدكتور محمد أبو الشوارب رئيس قسم اللغة العربية بكلية التربية جامعة الإسكندرية إلى أن غياب النصوص الأولى للشعر العربي يمثل فجوة تاريخية حاول الباحثون سدها بتصورات افتراضية، وأن هذه التصورات انقسمت إلى اتجاهين: الأول ركّز على طبيعة الشعر وظروف نشأته، والثاني سعى لتحديد الزمن الذي ظهرت فيه نصوصه الأولى ومعالم أعلامها الأوائل، كما أن غياب الوثائق التاريخية الدقيقة دفع الباحثين للمقارنة مع تجارب الشعوب البدائية، مما أظهر تأثير الطقوس الدينية في تشكيل الشعر العربي الأول.
ويؤكد الدكتور «أبو شوارب» أن الطقوس الجماعية لعبت دورًا رئيسًا في التعبير عن مواقف الإنسان تجاه الطبيعة والحياة، مما يفسّر جانبًا من تطور الشعر العربي، وأن هذه الطقوس كانت وسيلة لتوحيد الجماعة والتعبير عن القيم المشتركة، وهو ما أضفى للشعر بُعدًا روحيًا وفنيًا، كما أن بعض الباحثين ربطوا بين أصول الشعر العربي والطقوس الدينية القديمة، حيث كان الشعر أداة لإنشاد الصلوات والاحتفاء بالمقدسات، مما منح الشعر مكانة تتجاوز كونه مجرد وسيلة للتعبير الفني.
ويشير أبو شوّارِب إلى أن القوالب الفنية للشعر تطورت تدريجيًا، حيث بدأ بالسجع وانتقل إلى الرجز، عكس تطورًا طبيعيًا من أشكال تعبيرية بسيطة إلى قصائد مركبة، وأن هذا السجع كان أكثر من توافق صوتي، بل كان التزامًا موسيقيًا يعكس انسجامًا بين الحروف والحركات، ما أكسب النصوص الشعرية الأولى طابعًا خاصًا، قبل تطور الأوزان الشعرية الذي عكس قدرة العرب على الابتكار الفني واستجابة النصوص لتغيرات المجتمع وظروفه.
ويضيف الدكتور: إن العلماء العرب القدماء بذلوا جهودًا كبيرة لتوثيق أصول الشعر العربي، وأن الجاحظ قدّم تصورًا دقيقًا حول نشأة الشعر الأول، مشيرًا إلى أن الشعر بدأ كشعر مقاطع، وهو شكل انتقالي سبق القصيدة الكاملة، وقد استشهد الجاحظ بنماذج شعرية مبكرة لشعراء مثل نهشل الفقعسي وسعد بن زيد مناة، ويرى أن هذه النصوص تمثل علامات على تطور الشعر العربي، حيث بلغت القصيدة الطويلة نسبيًا ذروتها في القرن الخامس الميلادي، كما أن النصوص الشعرية التي وصلت إلينا تحمل طابعًا يعكس البساطة والصدق، حيث كانت تعبيرًا مباشرًا عن القيم الاجتماعية والروحية للعرب قبل الإسلام.
ويشير أبو شوارب إلى أن العلماء العرب واجهوا تحديات كبيرة في توثيق أصول الشعر، حيث كانت الروايات تتداخل أحيانًا مع المبالغات القبلية، وأن هذه الجهود، رغم الصعوبات، ساهمت في تقديم صورة أوضح لتطور الشعر العربي عبر العصور، وأن النصوص التي شملت أخبار أربعين شاعرًا و942 بيتًا شعريًا تُظهر غنى مصادر الأدب العربي وتنوع أغراضه، ودراسة هذه النصوص تُبرز أهمية ضبط الافتراضات العلمية لفهم بدايات الشعر العربي، فالشعر كان أكثر من مجرد إبداع فني، حيث مثّل وثيقة حية تعكس القيم السائدة وتفاعل الإنسان مع بيئته، كما أن النقد العربي القديم كان واعيًا بدور الشعر في توثيق القيم ونقلها عبر الأجيال.
ويختم الدكتور محمد أبو شوارب حديثه بالقول إن الشعر العربي الأول كان انعكاسًا للبيئة الاجتماعية والروحية التي أنتجته، مما يجعله أحد أهم مصادر فهم التطور الثقافي والاجتماعي للعرب قبل الإسلام، كما أن الجهود العلمية لتوثيق أصوله تُعد محاولة لفهم صورة قريبة وممكنة من بداياته.
التناص والتفاعل
ويرى الباحث والشاعر والناقد الأردني الدكتور سلطان الزغلول أن التناص الشعري يمثل التفاعل بين النصوص الأدبية القديمة والحديثة، مؤكدًا أن العلاقة الجدلية بين الذاكرة والإبداع هي ما يمنح النصوص الحديثة عمقها وأصالتها، وأنَّ التناص يعتمد على ذاكرة ثقافية حيّة، تستلهم النصوص القديمة لتعيد إنتاجها في سياقات جديدة، وهو ما يعكس الترابط بين الماضي والحاضر في العملية الإبداعية.
ويشير «الزغلول» إلى أن النصوص الأدبية تستمر كذاكرة ثقافية نابضة، تعيد التراث الثقافي إلى الحياة بأساليب مختلفة، وأن النصوص القديمة تؤثر بوضوح على النصوص الحديثة، وأن النصوص الأدبية لا تنفصل عن سياقاتها الثقافية والتاريخية، بل تشكّل نسيجًا معقدًا من العلاقات التي تربط بين الماضي والحاضر.
ويرى أن رولان بارت وصف التناص بشكل دقيق عندما قال: إن الكتابة الأدبية هي «تسوية بين حرية وذكرى»، حيث يتم استدعاء النصوص القديمة لتشكيل دلالات جديدة تُعبّر عن اللحظة الراهنة.
ومن أمثلة التناص الشعري الحديث، يشير الزغلول إلى تجربة محمود سامي البارودي، الذي أعاد إحياء الروح الشعرية القديمة في قصائده، ويوضح الزغلول كيف جسّد البارودي في نصوصه الحربية تفاعلًا بين تجربته الواقعية وما اختزنته ذاكرته من الشعر العربي القديم، مما جعل نصوصه مثالًا حيويًا على التناص الشعري.
ويختم الدكتور «الزغلول» بقوله إن التناص الشعري ليس مجرد إعادة إنتاج للنصوص القديمة، بل هو عملية ديناميكية تجمع بين الهدم والبناء، ويؤكد أن استدعاء النصوص القديمة هو أداة لإعادة تشكيلها وفق رؤى جديدة تعكس عمق التجربة الإنسانية، هذه العملية تجعل من التناص محورًا لفهم تطور الإبداع الأدبي عبر الأزمنة، حيث تتفاعل النصوص لتولد نصوصًا تحمل روحًا جديدة وعمقًا فكريًا مميزًا.
الرمز بوابة الخلود
وحول النص الموريتاني يقول الباحث الموريتاني الدكتور ولد متالي لمرابط أستاذ الأدب والنقد ومنسق قسم اللغة العربية وآدابها، بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة نواكشوط، وأستاذ النقد الادبي وأمين مجلس قسم اللغة العربية بجامعة حائل بالمملكة العربية السعودية: إن الرمز يمثل أحد العناصر الجوهرية في بناء القصيدة الموريتانية المعاصرة، حيث يعكس تحولًا دلاليًا يسعى الشعراء من خلاله إلى صياغة عالم شعري غني بالإيحاءات والمعاني المتعددة، كما أنه يوفر للشعراء أدوات فنية تتيح لهم تجاوز المباشرة، مما يجعل النصوص الشعرية أكثر تعقيدًا وعمقًا، كما أن الرمز في الشعر العربي الحديث يُعد بوابة نحو الخلود، حيث تختزن اللغة طاقة رمزية تتحول مع الزمن لتتأقلم مع وعي الشاعر وجمهوره، ويستشهد بتجارب مثل استخدام أدونيس لشخصية «مهيار الدمشقي» وأمل دنقل لشخصية «زرقاء اليمامة»، موضحًا أن هذه الشخصيات تُعاد صياغتها بروح العصر لتتحرك بحرية داخل النصوص الشعرية.
ويؤكد أن القصيدة الموريتانية، منذ صعود المد الشعري الحداثي في ثمانينيات القرن العشرين، وظّفت الرموز بشكل واسع، ويستشهد بتجربة محمد ولد عبدي، الذي وظّف شخصية «ابن زريق البغدادي» لتجسيد الغربة والمنفى في قصيدته مناخات، ويرى أن الشعراء الموريتانيين فهموا الرمز كأداة تعبيرية تُعمّق النصوص فكريًا وتمنحها أبعادًا رمزية تضيف إلى تجربتهم حداثة خاصة.
ويضيف الدكتور "ولد متالي": إن اللغة في القصيدة الموريتانية شهدت تحولات كبيرة تُعرف بـ«تثوير اللغة»، ويشير إلى ثلاث تقنيات رئيسة تمثل أبرز سمات الشعر الحديث هي «الانزياح» حيث تتجاوز اللغة حدودها التقليدية وتكتسب إحالات إيحائية جديدة، و«الغموض» الذي يظهر في بناء النصوص بطريقة غير مألوفة ومعجم دلالي جديد، و«المفارقة» وهي الجمع بين التناقض والتكامل في بناء النصوص، مما يمنحها خصوصية جمالية فريدة، كما أن الصحراء تُعد رمزًا محوريًا في الشعر الموريتاني، حيث تعكس الذات والوطن والتاريخ بوصفها كيانات مفعمة بالتحولات، كما أن الموت يظهر في الشعر الموريتاني كموضوع فلسفي وجودي، يتشابك مع دلالات مثل الرحيل والمنفى، مما يبرز قلقًا فكريًا عميقًا لدى الشعراء، ويشير إلى أن توظيف الرمز المحلي أصبح جزءًا من هوية الشعر الموريتاني الحديث، حيث عمل شعراء مثل محمد ولد عبدي ومباركة بنت البراء على استحضار رموز من التراث والثقافة المحلية، مشيرًا إلى أن هذا الاتجاه ساهم في تجذير النصوص الشعرية في الواقع الاجتماعي والثقافي، مما منحها طابعًا فريدًا.
ويختم الدكتور ولد متالي لمرابط بالقول إن الرمز في الشعر الموريتاني يمثل ثورة فنية ودلالية، حيث تنوعت طرائق بنائه بين الاستخدام العابر والهيمنة المركزية.
ويرى أن الرمز ليس مجرد تقنية أدبية، بل هو أداة للتجريب والابتكار، مما يجعل القصيدة الموريتانية مساحة غنية بالتفاعل بين التراث والحداثة، ويعكس تطور الشعر العربي الحديث بوصفه تجربة رمزية شاملة.
العتبة بوابة النص
في حين يقول الباحث والشاعر السعودي الدكتور عبدالله الخضير: إن العتبات النصية تُعد بوابات عبور نحو فهم أعمق للنصوص، وليست مجرد إضافات سطحية، بل هي عناصر استراتيجية تخاطب القارئ وتُنشئ علاقة تفاعلية بين النص والمتلقي، ويستشهد برؤية الناقد جيرار جينيت، الذي يرى أن العتبات تشمل كل العناصر المحيطة بالنص، مثل العناوين، الإهداءات، والمقدمات، مما يجعلها مكونات لا غنى عنها لفهم النص وتأويله، كما أن مفهوم العتبات لم يكن غائبًا عن النقد العربي القديم، وإن ظهر بشكل ضمني، مثلما يظهر في اهتمام النقاد بالافتتاحيات والخواتيم.
ويشير إلى أن ابن رشيق، في كتابه العمدة، ركز على أهمية حسن افتتاح النصوص وخواتيمها، فيما أكد الحاتمي على ضرورة الترابط بين العتبات وبنية القصيدة، معتبرًا أن كل عنصر فيها جزء لا يتجزأ من الكيان الكلي للنص.
ويؤكد الدكتور أن القصائد العربية القديمة غالبًا ما عُرفت بمطالعها أو قوافيها، مثل «قفا نبكِ» لامرئ القيس و«بانت سعاد» لكعب بن زهير، ما يعكس دور العناوين في تحديد هوية النصوص.
وفي مجال النثر، يشير إلى ما عرفه النقد العربي القديم بـ«الرؤوس الثمانية»، التي تضمنت عناصر مثل الغرض والعنوان والمنفعة، والتي تهدف إلى تهيئة القارئ لفهم النص وتقديره.
ويرى «الخضير» أن العتبات النصية شهدت تطورًا ملحوظًا مع ظهور المناهج النقدية الحديثة، حيث تحولت إلى جزء أساسي من الدراسات النصية، ولم تعد مجرد عناصر محيطة بالنص، ويؤكد أن العتبات أصبحت أدوات توجه القارئ وتساعد في بناء الدلالات، ما يتيح قراءة النصوص بشكل أكثر شمولية، ويبرز تفاعل النصوص المركزية مع محيطها النصي.
ويشير الدكتور إلى أن آراء النقاد حول أهمية العتبات تختلف، إذ يرى فريق أنها عنصر أساسي يُثري النص ويوجه القارئ نحو قراءة محددة، بينما يعتبرها فريق آخر ترفًا فكريًا يمكن الاستغناء عنه، أما الفريق المعتدل، فيرى أن العتبات مهمة ولكن ضمن حدود، محذرًا من أن زيادتها قد تشتت القارئ بدلًا من أن تسهم في توجيهه.
ويضيف الخضير: إن العتبات أصبحت أداة تأويلية رئيسة في النقد الحديث، حيث تساهم في الكشف عن طبقات النصوص وتحولاتها الدلالية، ويستشهد برؤية جوليا كريستيفا، التي وصفت النصوص بأنها «تشكيلة فسيفسائية»، تنتقل الدلالات فيها من نظام إلى آخر، مما يعكس عمق دور العتبات في بناء النصوص، كما أن العتبات النصية في الأدب العربي الحديث تجاوزت التقليد، لتصبح جزءًا جوهريًا من النصوص الحديثة، ويرى أن الشعراء والكتاب يستخدمون العتبات اليوم كأدوات للتفاعل مع القارئ ولإضفاء أبعاد دلالية جديدة على النصوص.
ويختم الدكتور عبدالله الخضير بقوله إن العتبات ليست مجرد مداخل للنصوص، بل هي أدوات تفاعلية تُبرز قيمتها في توجيه القارئ وبناء العلاقة بين النص ومتلقيه، ويؤكد أن العتبات تمثل انتقالًا من التقليد إلى التجديد، مما يجعلها جزءًا لا غنى عنه في الدراسات النقدية التقليدية والمعاصرة.
تحولات الوسائط
من جانبها تقول الباحثة المصرية الدكتورة إيمان عصام خلف أستاذ مشارك بكلية دار العلوم جامعة المنيا، ورئيس قسم اللغة العربية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة الأفروآسيوية حول القصيدة وتحولات وسائط النشر والتلقي: إن القصيدة العربية شهدت رحلة تحول طويلة من الشفاهية إلى الرقمنة، متأثرة بتحولات تكنولوجية واجتماعية وثقافية، وترى أن هذه التحولات لم تقتصر على شكل القصيدة فحسب، بل طالت أيضًا أساليب التلقي والتفاعل مع النصوص، مما جعل القارئ شريكًا في إنتاج النصوص وفهمها بطرق جديدة، كما أن الشعر العربي بدأ كنص شفهي، حيث اعتمد العرب على الرواة في نقل القصائد وحفظها، وأن هذا النمط كان يرتكز على تقاليد إيقاعية صارمة في الوزن والقافية، ما ساعد في سهولة الحفظ والتداول، ومع تطور الكتابة، انتقل الشعر إلى مرحلة التدوين الورقي، مما أتاح له الاستمرارية عبر الأجيال، وأسهم في ظهور أشكال جديدة مثل الموشحات الأندلسية والشعر الغنائي.
وتشير الباحثة إلى أن الطباعة، مع ظهورها على يد جوتنبرج، مثّلت تحولًا كبيرًا نقل النصوص الأدبية من الشفاهية إلى الكتابة الورقية بشكل واسع، لكنها تؤكد أن الثورة الرقمية كانت التحول الأكثر جذرية، ومع ظهور الوسائط الإلكترونية، ظهرت أشكال جديدة من الشعر، مثل القصيدة الرقمية والتفاعلية والبصرية، التي مزجت النص المكتوب بعناصر بصرية وصوتية، مما أضاف أبعادًا جديدة للتجربة الشعرية.
وترى أن القصيدة الرقمية فتحت أفقًا جديدًا للإبداع الشعري، حيث ظهرت أنواع مثل «القصيدة التفاعلية»، و«القصيدة الوسائطية»، و«القصيدة السمعية والبصرية» وتؤكد أن هذه الوسائط الجديدة لم تكتفِ بتغيير بنية القصيدة، بل أحدثت تحولًا جذريًا في أساليب التلقي، وأصبحت العلاقة بين الشاعر والقارئ أكثر تفاعلية، حيث أتاح الفضاء الرقمي للقارئ فرصة المشاركة اللحظية في النصوص، سواء من خلال التعليقات أو إعادة التأويل، كما أن الرقمنة وسّعت جمهور القصيدة ليشمل ثقافات متنوعة، مما جعل النص الشعري يتجاوز حدوده التقليدية ويصل إلى جمهور عالمي، وتشير إلى أن العلاقة بين الشاعر والقارئ أصبحت ديناميكية، حيث لم يعد القارئ متلقيًا سلبيًا، بل شريكًا في صياغة المعنى وإثراء النصوص الشعرية.
وتقول الباحثة: إن مستقبل القصيدة العربية في العصر الرقمي يبدو واعدًا، حيث وفّرت التكنولوجيا الحديثة للقصيدة تحررًا من قيود الشكل التقليدي، مما أتاح ظهور أنماط مبتكرة مثل القصائد الوسائطية والرقمية التفاعلية، وترى أن هذه التحولات لا تعيد فقط تشكيل النصوص، بل تعزز دور الشعر كوسيلة للتواصل مع جمهور عالمي.
وتختم الدكتورة إيمان عصام خلف بقولها إن رحلة القصيدة العربية من الشفاهية إلى الرقمية تعكس قدرتها على التكيف مع التحولات التاريخية والتكنولوجية، وترى أن الفضاء الرقمي لم يضف فقط أبعادًا جديدة للتفاعل بين الشاعر والقارئ، بل مهّد الطريق لإبداعات شعرية غير مسبوقة، مما يجعل القصيدة العربية شاهدًا حيًا على تطور الأدب الإنساني عبر الزمن والوسائط.