عباس يبحث تشكيل حكومة فلسطينية جديدة مع أمير قطر لعرضها على حماس استعدادا لليوم التالي بعد حرب غزة
تاريخ النشر: 12th, February 2024 GMT
كشفت مصادر مطلعة لقناة "الشرق" السعودية أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس يُعد لتشكيل حكومة جديدة، استعدادا لليوم التالي للحرب على غزة، تكون أولويتها أمن غزة وإعادة إعمارها.
وقالت المصادر إن الحكومة الجديدة ستكون حكومة خبراء (تكنوقراط)، وليس حكومة سياسية، وأن رئيس صندوق الاستثمار الفلسطيني الدكتور محمد مصطفى هو مرشح الرئيس الفلسطيني لرئاستها.
وقالت المصادر إن فريقاً من الخبراء أعد خطة لإعادة إعمار قطاع غزة، بطلب من الرئيس، وأن أبرز ملامح هذه الخطة هو تأسيس هيئة لإعادة الإعمار، تعمل تحت إشراف البنك الدولي، وتخضع لشركة محاسبة دولية.
وقالت المصادر إن الرئيس محمود عباس سيطرح فكرة الحكومة على حركة "حماس"، من خلال أمير قطر الشيخ تيم بن حمد آل ثاني، في اللقاء الذي يجمعه به، الاثنين المقبل، في الدوحة.
إقرأ المزيدوتأتي زيارة الرئيس عباس إلى العاصمة القطرية الدوحة بدعوة من الأمير تميم لبحث فرص انضمام حماس لمنظمة التحرير الفلسطينية والبحث في مد نفوذ السلطة الفلسطينية إلى قطاع غزة بعد انتهاء الحرب، وكذلك إعمار غزة، استناداً لتفاهمات مشتركة فلسطينية – فلسطينية.
وكان وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن اقترح على الرئيس الفلسطيني، في زيارته قبل الأخيرة، الاستعداد لليوم التالي للحرب، وعدم الانتظار إلى أن تنتهي الحرب. واقترح إقامة حكومة أوسع تمثيلاً للشعب الفلسطيني، ووضع خطة للإصلاح وإعادة الإعمار.
وقالت مصادر مطلعة إن الرئيس محمود عباس أطلع بلينكن في زيارته الأخيرة على التحضيرات الجارية لتشكيل الحكومة الجديدة، وخطة إعادة الإعمار، وخطة أخرى لإصلاح النظم الإدارية والقانونية والمالية للسلطة، فيما اشترط الرئيس على واشنطن ضمان إفراج إسرائيل عن أموال فلسطينية تحتجزها تل أبيب، قبل الشروع في تغيير الحكومة.
وقال مسؤولون في حركة "حماس"، لـ"الشرق"، إنهم يرحبون بالتعاون مع السلطة الفلسطينية بشأن إعادة إعمار قطاع غزة، لكن هناك حاجة إلى التفاهم على كل خطوة، بما في ذلك أعضاء الحكومة، وطبيعة الهيئة التي ستشرف على إعادة الإعمار، ونظام عملها ومرجعياتها.
وتطالب حركة "حماس" بتشكيل مرجعية وطنية للحكومة ولهيئة إعادة الإعمار، تشارك فيها مختلف القوى السياسية الفلسطينية وشخصيات وطنية مستقلة.
ورحب مسؤولون في "حماس" بجهود قطر الرامية للوصول إلى تفاهمات فلسطينية-فلسطينية بشأن طبيعة الحكومة، وطبيعة الهيئة المختصة بإعادة الإعمار، وتعهدت "حماس" عدم تعطيل هذه الجهود الهادفة إلى إعادة إعمار قطاع غزة ومساعدة أهالي القطاع على مواجهة آثار الحرب.
المصدر: "الشرق" السعودية
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: أنتوني بلينكن الحرب على غزة الشيخ تميم بن حمد آل ثاني حركة حماس قطاع غزة محمود عباس إعادة الإعمار إعادة إعمار محمود عباس قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
لقاء ترامب- زيلينسكي الناري ومفاهيم جديدة للدبلوماسية.. العالم في اليوم التالي لتنصيب ترامب (4)
كتب ميروسلافا بيتسا ودانييل ويتنبرج، مراسلا شبكة "بي بي سي" البريطانية، تقريرا للشبكة بعنوان "كيف كانت الحال في الغرفة أثناء مباراة الصراخ في المكتب البيضاوي"، وصفا فيه عشر دقائق نارية بين قمة رأس بلدين من المفترض أنهما متحضران. يقول الصحفيان إن اليوم بدأ روتينيا بتصافح الرئيسين واستعراض حرس الشرف، وبعد محادثات ثنائية، دخل الصحفيون إلى المكتب البيضاوي، لنقل الكلمات البروتوكولية التي اعتادها الصحفيون من الرؤساء، وهو ما كان لمدة نصف ساعة، وقدم زيلينسكي لترامب حزام بطولة الملاكم الأوكراني "أوليكساندر أوسيك"، فيما أشاد ترامب بملابس زيلينسكي، ولكن بعد دقائق قليلة، انفجرت الأمور بشكل غير مسبوق، بعد أن تحولت نبرة ترامب إلى عدائية وفوضى، وارتفع صوته ونائبه، بدءا في إلقاء التهم على الضيف الأوكراني، ووبخ ترامب ونائبه الرئيس الأوكراني، متهمين إياه بعدم شكر أمريكا لما قدمته له من دعم في حربه ضد روسيا.
قد تكون نقطة التحول الطوري في اللقاء عندما قال نائب الرئيس الأمريكي لزيلينسكي إن الحرب يجب أن تنتهي بالدبلوماسية، فأجاب الضيف: أي دبلوماسية؟
هنا بدأ الصراخ ومعه الاتهامات تكال في وجه الرئيس الأوكراني الذي اتهم بقتل شعبه وإضاعة أرضه، وضعفه أمام قوة روسيا، واعتراضهما على سؤال زيلينسكي عن ضمانات خطة ترامب لإنهاء الحرب، لكن الرجل يعلم أن الهدف من كل ذلك قبوله باتفاق كان معدا قبل وصوله؛ بموجبه يدفع زيلينسكي تكاليف الحرب وشحنات السلاح التي قدمتها واشنطن له، وهو ما يترجم تصميم ترامب ونائبه على أن رئيس أوكرانيا لم يشكر أمريكا على ما قدمت له؛ ومن ثم عليه أن يدفع ثمن ذلك.
استطاع ترامب وبجدارة أن يحطم كل القواعد الدبلوماسية والبروتوكولات المعمول بها من مئات السنين، والناظر إلى الحوار وما تخلله من لغة جسد وصلت إلى حد دفع ترامب لزيلينسكي في كتفه، يعلم أن حالة من اللا منطقية سادت
ففي مقابل هذا الدعم الأمريكي يجب على زيلينسكي أن يدفع الثمن، ولأن الرجل لا يملك ما يدفعه فعليه أن يتنازل عن نصف المعادن النادرة في بلاده، وهو طلب جريء، إذ إن أوكرانيا تمثل 7 في المئة من احتياطي العالم من التيتانيوم، ولديها خامس أكبر إنتاج لمادة الجاليوم وهو العنصر المستقدم في أشباه الموصلات، ولأن العالم مقدم على التحول إلى صناعة السيارات الكهربائية، والتي تحتاج إلى بطاريات الليثيوم، فإن ترامب يضع عينه على مخزون أوكرانيا من الجرافيت الذي يقدر بــ30 في المئة من احتياطي أوروبا، ومعه 20 في المئة من احتياطي مادة الجرافيت، ولأن أوكرانيا تمتلك رابع أكبر احتياطي من النحاس، فيرى ترامب أن على أمريكا أن تأخذ نصفه..
وهكذا، فإن الرئيس الأمريكي غير مقتنع بحزام الملاكم "أوليكساندر أوسيك"، بل يريد الجزية التي يفرضها على بقعة جغرافية اعتادت تقديم الجزية من مئات السنين، لكن الرئيس المنتخب من شعبه، والذي يعاني الحرب والدمار وانهيار الاقتصاد، رد على راعي البقر الأمريكي بما يليق بكرامة شعبه وبلده. وعلى الرغم من أن الرجل، وبحسب استطلاعات الرأي، تعاني شعبيته في ظل التراجع الميداني، والاقتصادي وطول أمد الحرب، إلا أن المنتخب يستمد قوته من قوة الأصوات التي اختارته، حتى آخر لحظة من ولايته.
استطاع ترامب وبجدارة أن يحطم كل القواعد الدبلوماسية والبروتوكولات المعمول بها من مئات السنين، والناظر إلى الحوار وما تخلله من لغة جسد وصلت إلى حد دفع ترامب لزيلينسكي في كتفه، يعلم أن حالة من اللا منطقية سادت، حتى إن الخارجية الروسية علقت على اللقاء بسخرية قائلة إن احتفاظ ترامب ودي فانس بضبط النفس وعدم ضربهما زيلينسكي "معجزة"، وكأنها شامتة فيما فعل ترامب بعدوها، لكن المنصف يمكن أن يصف تصرفات الرئيس الأمريكي ومعه نائبه والضيف الأوكراني في هذا اللقاء؛ بأن الأخير فقط هو من مارس الدبلوماسية، أما المضيف ونائبه فكانا أبعد ما يكون عن حتى أخلاق المافيات في حانات لاس فيغاس في وقت متأخر من ليلة السبت.
تاريخ العلاقة بين زيلينسكي وترامب لم تكن جيدة من اليوم الأول، إذ يرى الأخير أن زيلينسكي جامل بايدن في اتهامات طالت ابن الرئيس الأمريكي السابق، هانتر، في قضية فساد مرتبطة بشركة بوريسما للطاقة الأوكرانية، والتي كان هانتر عضوا في مجلس إدارتها، فأقال زيلينسكي المدعي العام الأوكراني، الذي ثبت فساده فيما بعد، وقيل في حينها إن بايدن ضغط على زيلينسكي لإقالته، حتى لا تكون القضية معرقلة لمسيرة بايدن في السباق الرئاسي، وهو ما جعل ترامب يحمل الضغينة في قلبه تجاه الرئيس الأوكراني، لا سيما بعد أن فاز بايدن بالرئاسة.
"أحداث المكتب البيضاوي" ستكون علامة فارقة تدرس في معاهد الدبلوماسية في المستقبل كحدث تحولت فيه الدبلوماسية من شكلها التقليدي إلى ما يمكن تسميته بالدبلوماسية الترامبية، وفيها يمكن للرؤساء والدبلوماسيين أن يتشاحنوا أمام وسائل الإعلام، وقد يتقاذفون بالأوراق، وربما بما هو أثقل من أجل فرض وجهة النظر، أو فرض إتاوات كما يفعل ترامب
هذه القصة، وما شهده المكتب البيضاوي، تحمل علامات على ما يحمله ترامب من أفكار تعيد تحديد شكل العالم، وقواعده السياسية وحتى الدبلوماسية، فترامب ومعه نائبه، ولا يمكن استبعاد طاقمه الرئاسي الذي اختاره على عينه، يتخذون من مبدأ القوة الدبلوماسية الغاشمة الملوحة بقوة العقوبات الاقتصادية، وربما رفع الحماية العسكرية، منهجا لفرض الرأي، بل وفرض الواقع، لذا فليس من المستغرب أن ينشر ترامب على صفحته على منصة أكس فيديو لـ"غزة ترامب".
لكن هذه السياسة وهذه الجلسة، ومن قبلها تصريحات وتسريبات، وربما محادثات ترامب مع القادة الأوروبيين، قد ترسم شكل العلاقات الأوروبية- الأمريكية التي بدأت في التوتر منذ بداية ولاية ترامب، والتي دفعت أوروبا لاتخاذ خطوات باتجاه الاعتماد على النفس، وربما تكون تلك الخطوات هي ما جعلت بايدن يقحم أوروبا في حرب أوكرانيا لاستنزافها. ولقد كتبنا في ذلك منذ بداية الحرب سلسلة مقالات بعنوان "أوكرانيا حرب الفرص". فعلى الرغم من الانقسام الأوروبي حول ما حدث في واشنطن مع زيلينسكي، إلا أن الموقف الرسمي للاتحاد الأوروبي كان قاطعا ورافضا، حيث علقت مفوضة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي بأن "العالم الحر يحتاج إلى قائد جديد ونحن الأوروبيين سنواجه هذا التحدي"، ما يعني أن ترامب ونائبه استطاعا بهذه المقابلة أن يدفعا إلى ترسيخ مزيد من الشقاق في العلاقات الأوروبية- الأمريكية.
"أحداث المكتب البيضاوي" ستكون علامة فارقة تدرس في معاهد الدبلوماسية في المستقبل كحدث تحولت فيه الدبلوماسية من شكلها التقليدي إلى ما يمكن تسميته بالدبلوماسية الترامبية، وفيها يمكن للرؤساء والدبلوماسيين أن يتشاحنوا أمام وسائل الإعلام، وقد يتقاذفون بالأوراق، وربما بما هو أثقل من أجل فرض وجهة النظر، أو فرض إتاوات كما يفعل ترامب، لكن ما يهمنا نحن العرب هو سؤال عريض بعرض جغرافيا الوطن العربي: متى ستلد لنا الأرض العربية رئيسا مثل زيلينسكي؟
وحتى لا ترهق نفسك، ونرهق الأرض معنا، فالإجابة: عندما تختار الشعوب من يحكمها..