بعد ذوبان جليد الخلافات بين البلدين، وفي ظل التعاون الدفاعي التركي- المصري، فإن زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان التاريخية المرتقبة إلى القاهرة، في 14 فبراير/ شباط الجاري، يمكن أن تولد زخما جديدا في المنطقة وتمهد لتشكيل محور إقليمي جديد.

ذلك ما خلص إليه بارين كايا أوغلو، في تحليل بموقع "المونيتور" الأمريكي (Al Monitor) ترجمه "الخليج الجديد"، مشيرا إلى إعلان وزير الخارجية التركي هاكان فيدان مؤخرا أن بلاده ستبيع طائرات بدون طيار لمصر، ومعتبرا أن هذا دليل على تحول 180 درجة في العلاقات بين أنقرة والقاهرة.

كايا أوغلو أضاف أنه "بعد أكثر من عقد من التوترات، منذ الإطاحة بالرئيس المصري الراحل محمد مرسي في عام 2013، بدأ أردوغان ونظيره المصري عبد الفتاح السيسي، زعيم انقلاب عام 2013، في تحسين العلاقات".

ولفت إلى أنه "بعد أن تصافح الزعيمان خلال نهائيات كأس العالم (لكرة القدم) 2022 في قطر، التقيا على هامش قمة مجموعة العشرين في دلهي العام الماضي، واستعادت الدولتان علاقاتهما الدبلوماسية بالكامل في يوليو/ تموز الماضي".

اقرأ أيضاً

قبل زيارة أردوغان.. تركيا توافق على تزويد مصر بطائرات مسيرة

الغاز وغزة

ووفقا لفولكان إيبيك، الأستاذ المشارك في قسم العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة يديتيبي، فإن مبادرات تركيا تجاه مصر تعكس رغبة أنقرة في تحسين مكانتها في مشاريع الغاز بمنطقة شرق البحر المتوسط، حيث تتمتع القاهرة بنفوذ كبير".

وتابع إيبيك في حديث للموقع: كما أن "زيارة أردوغان قد تشجع مصر على رفع صوتها أكثر ضد ما يحدث في غزة، ولهذا السبب، من وجهة نظري، لم يطلب أردوغان وحده هذه الزيارة، بل طلبها السيسي أيضا".

ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، تشن إسرائيل حربا مدمرة على غزة بدعم أمريكي؛ مما خلَّف حتى الأحد أكثر من 28 ألف قتيل و67 ألف جريح، معظمهم أطفال ونساء، بحسب السلطات الفلسطينية.

وقال كايا أوغلو إنه "منذ بدأ التقارب، تحسنت العلاقات بين تركيا ومصر بسرعة. وفي الأشهر الأخيرة، وقَّعت الشركات الخاصة والمملوكة للدولة في البلدين اتفاقيات بشأن الإنتاج الدفاعي المشترك".

وأردف: "وحتى عندما كانت العلاقات التركية- المصرية في أدنى مستوياتها، كانت القاهرة أكبر شريك تجاري لأنقرة. وتضاعفت التجارة الثنائية منذ عام 2020، ويريد الجانبان مضاعفتها مرة أخرى خلال هذا العقد".

اقرأ أيضاً

بلومبرج: أردوغان يزور مصر منتصف فبراير المقبل.. ويناقش هذه القضايا مع السيسي

استفادة متبادلة

وتشترك تركيا ومصر في نقاط عديدة، فكلاهما مثلا يقع عند نقطة التقاء أوروبا وآسيا وأفريقيا، وكلاهما مكتظ بالسكان، كما أنهما سيكسبان الكثير من خلال التوافق بشكل أوثق، كما زاد كايا أوغلو.

وقال إنه "بالنسبة لتركيا، فإن التحالف مع مصر يعني توحيد الجهود مع أكبر دولة عربية من حيث عدد السكان والتي تضم مقر جامعة الدول العربية وتتمتع بمكانة مرموقة داخل الاتحاد الأفريقي. وكما ذكر مسؤولون أتراك مؤخرا، ترغب أنقرة في الاستفادة من علاقاتها مع القاهرة كنقطة انطلاق لتحسين العلاقات مع أفريقيا".

وتابع: "ولعل الأهم من ذلك هو أن تحديد منطقتها الاقتصادية الخالصة مع القاهرة في شرق البحر المتوسط يمكن أن يمنح أنقرة ورقة مساومة رئيسية في نزاعها مع اليونان وقبرص اليونانية، اللتين تريدان أيضا قطعة من فطيرة الهيدروكربون (النفط والغاز الطبيعي)".

أما "بالنسبة لمصر، فتعتبر تركيا مصدرا للاستثمار والسياح والأسلحة وقوة إقليمية زميلة (...) ويمكن أن تكون أنقرة ثقلا موازنا جيدا لخطط القاهرة الجيوسياسية، خاصة وأن تركيا حلت معظم مشاكلها العالقة مع السعودية والإمارات، أقرب شريكين لمصر في العالم العربي"، بحسب كايا أوغلو.

وشدد إيبيك على أنه "مهما كان الأمر، يجب أن تتعاون هاتان الدولتان المستقرتان في الشرق الأوسط الذي يمزقه الصراع".

اقرأ أيضاً

تركيا ومصر تبحثان التطورات في إسرائيل وفلسطين

المصدر | ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: مصر تركيا أردوغان زيارة مصالح

إقرأ أيضاً:

بعد زيارة اليوم.. تعرف على تاريخ العلاقات المصرية الكينية

استقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي، اليوم، نظيره الكيني ويليام روتو في قصر الاتحادية، لبحث سبل تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين، إضافة إلى التنسيق بشأن القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك.

تناولت المباحثات ملفات الأمن والمياه والاستثمار، في إطار الجهود المصرية لتعزيز الشراكة مع دول شرق إفريقيا ودعم الاستقرار والتنمية في القارة.

لذلك نستعرض إليكم جميع التفاصيل حول تاريخ العلاقات المصرية الكينية خلال السنوات الماضية.

العلاقات المصرية الكينية: تاريخ من التعاون والتكامل

لم تكن العلاقات المصرية الكينية وليدة اللحظة، بل تعود جذورها إلى ما قبل استقلال كينيا، حين لعبت مصر دورًا بارزًا في دعم الكفاح الكيني ضد الاستعمار البريطاني.

في عهد الرئيس جمال عبد الناصر، لم تقتصر المساندة المصرية على الجانب السياسي فحسب، بل امتدت إلى الدعم الإعلامي والدبلوماسي، حيث أطلقت القاهرة إذاعة "صوت إفريقيا" باللغة السواحيلية لنقل صوت المقاومة الكينية إلى العالم.

كما قدمت مصر دعمًا معنويًا لحركة الماو ماو التي قادت الكفاح المسلح ضد الاحتلال البريطاني.

مع بزوغ فجر الاستقلال في كينيا عام 1963، كانت مصر من أوائل الدول التي فتحت أبوابها أمام القادة الكينيين الجدد، تأكيدًا لالتزامها بدعم الشعوب الإفريقية في سعيها نحو الحرية والتنمية.

لم يمر سوى عام حتى افتتحت كينيا سفارتها في القاهرة، مما رسّخ العلاقات الدبلوماسية بين البلدين. لم يكن هذا التقارب مجرد بروتوكول رسمي، بل انعكس على التعاون العسكري والتنموي، حيث استضافت مصر مؤتمر القمة الإفريقي الثاني عام 1964، وناقش الرئيس عبد الناصر مع نظيره الكيني جومو كينياتا سبل دعم الجيش الكيني حديث التكوين. 

ومن هذا المنطلق، أرسلت مصر خبراء عسكريين لتدريب القوات الكينية، وأتاحت فرصًا للضباط الكينيين في الأكاديميات العسكرية المصرية، مما أسهم في بناء نواة الجيش الكيني.

في المجال التنموي، لم تتأخر مصر عن تقديم خبراتها، فمع حلول عام 1967، تم إطلاق مشروع "الهيدروميت" بالتعاون بين البلدين، لدراسة الأرصاد الجوية والمائية في منطقة البحيرات الاستوائية، مما وضع الأساس لتعاون طويل الأمد في مجال المياه والموارد الطبيعية.

لم تتوقف العلاقات عند هذه المحطات، بل استمرت في التطور عبر العقود اللاحقة، ففي 1973، عندما اندلعت حرب أكتوبر، أظهرت كينيا تضامنها مع مصر بقطع علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل. وفي 1984، زار الرئيس المصري حسني مبارك كينيا ضمن جولة إفريقية تهدف إلى تعزيز الروابط الاقتصادية والسياسية بين الدول الإفريقية والعربية، مقدمًا رؤية مصر لتعزيز التعاون جنوب-جنوب.

مع دخول مصر في اتفاقية الكوميسا عام 1998، بدأت مرحلة جديدة من العلاقات الاقتصادية، حيث أصبحت كينيا أحد أبرز الشركاء التجاريين لمصر في إفريقيا، مستفيدة من الإعفاءات الجمركية والتسهيلات التجارية التي أتاحتها الاتفاقية.

وفي القرن الحادي والعشرين، ومع تزايد التحديات التي تواجه القارة الإفريقية، لم تتراجع أهمية العلاقة بين مصر وكينيا، بل ازدادت قوة. ففي مايو 2010، زار رئيس الوزراء الكيني رايلا أودينجا القاهرة، مؤكدًا أن كينيا لا يمكن أن تتخذ أي خطوات من شأنها الإضرار بالمصالح المائية المصرية، في إشارة إلى قضية مياه نهر النيل التي تشكل محورًا أساسيًا في العلاقات المصرية الإفريقية. تبع ذلك زيارات متبادلة بين المسؤولين من الجانبين، كان أبرزها زيارة نائب وزير الخارجية الكيني ريتشارد أونيونكا في 2011، لبحث آفاق التعاون المشترك.

بعد عام 2014، دخلت العلاقات المصرية الكينية مرحلة جديدة من التنامي، خاصة في ظل توجه القيادة السياسية المصرية نحو تعزيز الروابط مع دول القارة السمراء. 

كانت زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي لكينيا في 15 يوليو 2023 محطة هامة في هذا المسار، حيث التقى بالرئيس الكيني ويليام روتو، وتم بحث سبل تعزيز التعاون في مجالات التجارة، والاستثمار، والتنمية المستدامة. 

ولم تقتصر المحادثات على الجانب الاقتصادي، بل شملت أيضًا التعاون في القضايا الإقليمية، حيث تلعب الدولتان دورًا محوريًا في تحقيق الاستقرار في شرق إفريقيا.

وفي أغسطس 2023، تلقى السيسي اتصالًا هاتفيًا من نظيره الكيني، تم خلاله الاتفاق على تكثيف التنسيق في القضايا الإفريقية، خاصة في الملفات المتعلقة بالأمن المائي، وهو ما يعكس الوعي المشترك بين البلدين بأهمية حماية الموارد الطبيعية وتحقيق التنمية المستدامة.

حجم التبادل التجاري

كشف الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، عن تراجع قيمة التبادل التجاري بين مصر وكينيا خلال عام 2024 لتصل إلى 567 مليون دولار، مقارنةً بـ 638 مليون دولار في عام 2023.

إن العلاقات المصرية الكينية لم تكن مجرد اتفاقيات دبلوماسية، بل هي شراكة استراتيجية قائمة على التاريخ والمصالح المشتركة، من دعم كفاح كينيا من أجل الاستقلال، إلى تعزيز التعاون الاقتصادي والسياسي في العصر الحديث. واليوم، تمثل كينيا أحد أهم الشركاء لمصر في إفريقيا، حيث يجمع بين البلدين طموح مشترك لتحقيق التنمية، والاستقرار، والتكامل داخل القارة السمراء.

مقالات مشابهة

  • زيارة أمير قطر لعُمان.. تعزيز التعاون الثنائي وتأكيد على الأمن الإقليمي
  • الرئيس التركي يستقبل وفدا من حركة "حماس"
  • أردوغان يستقبل وفدًا من حركة حماس في أنقرة
  • بعد زيارة اليوم.. تعرف على تاريخ العلاقات المصرية الكينية
  • أردوغان يستقبل وفدا قياديا من حركة حماس في أنقرة
  • السيسي: زيارة الرئيس الكيني لمصر تعكس عمق العلاقات التاريخية بين البلدين
  • الرئيس السيسي: زيارة رئيس كينيا تعكس عمق العلاقات بين البلدين
  • هل سيتمكن أردوغان من بناء علاقة صداقة مع ترامب في ولايته الثانية؟
  • هل سيتمكن أردوغان من بناء علاقة صداقة مع ترامب بولايته الثانية؟
  • تركيا.. اعتقال سيدة وجهت شتائم للرئيس