عقدت مديرية أوقاف الفيوم 56 ندوة علمية تحت عنوان: "المال الحرام..مظاهره، وصوره المعاصرة، وآثاره المدمرة "، اليوم الأحد، بعد صلاة العشاء، وذلك بتكليف من وزير. الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة، وبرعاية كريمة من الدكتور محمود الشيمي مدير مديرية أوقاف الفيوم، وبحضور مديري الإدارات، ونخبة من الأئمة المتميزين.

وخلال هذه الندوات أكد العلماء على أن المال الحرام مدمر لصاحبه في الدنيا والآخرة، وأنه نار تحرق جوف من يأكله، حيث يقول الحق سبحانه وتعالى :" إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا ".

وقد نهى الإسلام عن أكل الحرام بكل صوره وأشكاله نهيًا قاطعًا لا لبس فيه،فقال سبحانه:"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا" وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللّهِ يَسِيرًا “ ،فأكل الحرام قتل للنفس وإهلاك وتدمير لها في الدنيا والآخرة، فهو في الدنيا وبال على صاحبه في صحته، في أولاده، في عرضه، في أمواله ، " وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى " :
وآكل الحرام لا تستجاب له دعوة ، فقد ذكر نبينا (صلى الله عليه وسلم) الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ: يَا رَبِّ يَا رَبِّ وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَكْسَبُهُ حَرَامٌ، وَغُذِّيَ بِالْحَرَامِ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ ".
ومن صور أكل المال الحرام:أكل المال  الناتج عن الغش سواء أكان غشًّا في الكم أم في النوع ، ففي الكم بتطفيف الكيل أو الميزان أو المقياس، أم الاحتكار حيث يقول الحق سبحانه وتعالى :" وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ “ الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُواْ عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ ” وَإِذَا كَالُوهُمْ أَو وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ" أَلا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُم مَّبْعُوثُونَ " لِيَوْمٍ عَظِيمٍ "، أم كان غشًّا في النوع سواء أكان غذاءً أم دواءً أم أدواتٍ أم آلاتٍ إنتاجيةٍ أو خدميةٍ، فمن يبيع طعامًا ضارًّا بالصحة أو لحمًا غير حلال على أنه لحم حلال، أو يبيع شيئًا فاسدًا على أنه صحيح فهو غاشٌّ لنفسه وللمجتمع، والنبي (صلى الله عليه وسلم) يقول : "من غشنا فليس منا" وفي رواية "من غش فليس منا" بحذف المفعول ليشمل كل غش وغشاش، فعلى الإنسان أن يراقب الله (عز وجل) ، وليعلم أنه إن أفلت من عقاب الناس في الدنيا فلن يفلت من عقاب الله (عز وجل) لا في الدنيا ولا في الآخرة .
ومن صور أكل الحرام :أخذ الأجر على عمل لم يقم به الإنسان ولم يفِ بحقه ولم يتقنه ولم يعطه وقته، فبعض الناس قد يظن أن احتياله على الغياب من عمله أو هروبه منه أو عدم الوفاء بحقه أمرًا سهلاً، وهنا نؤكد أن العقد شريعة المتعاقدين، فكما أن صاحب العمل إذا أكل حق العامل فإنه يدخل في دائرة غضب الله (عز وجل)، وسخطه، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم ): " ثلاثةٌ أنا خَصْمُهُمْ يَوْمَ القِيامَةِ: رجُلٌ أعطى بي ثم غدر، ورجلٌ باعَ حُرّاً فأكَلَ ثمَنَهُ، ورجُلٌ استأْجَرَ أجيراً فاستوفى منهُ ولم يُعْطِهِ أجْرَهُ"، ففي المقابل إذا استحل العامل الأجر ولم يؤد العمل كان ممن لا يكلمهم الله لا ينظر الله عز وجل إليهم ولا يزكيهم يوم القيامة، فالحق مقابل الواجب، وإلا لاختل نظام الحياة وانفرط عقدها.

وجاء ذلك في إطار دور وزارة الأوقاف العلمي والدعوي والتثقيفي، وضمن جهودها في نشر الفكر الوسطي المستنير والتصدي للفكر المنحرف. 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: أوقاف الفيوم مساجد الفيوم وزارة الأوقاف المال الحرام فی الدنیا عز وجل

إقرأ أيضاً:

خطيب الجامع الأزهر: تقوى الله أمثل طريق للطمأنينة في الدنيا والآخرة

ألقى خطبة الجمعة اليوم بالجامع الأزهر الدكتور ربيع الغفير، أستاذ اللغويات بجامعة الأزهر،  ودار موضوعها حول "الاستعداد لشهر رمضان"

وقال الدكتور ربيع الغفير، إن تقوى الله أمثل طريق وأقوم سبيل للطمأنينة في الدنيا والسعادة في الأخرة، قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾، لذلك يجب على المسلم الاستعداد لشهر رمضان، وأجلُّ ما يستقبل به هذا الشهر: سلامة الصدور، وطهارة القلوب، وتزكية النفوس، والسيرة لا تطيب إلا بصفاء السريرة ونقاء القلوب، لأنه لا يوجد أجلُّ من استقبال مواسم الطاعات بتوبة صادقة نصوح لله جل وعلا، فيستقبل هذه المواسم، وقد أقلع وتخلَّى عن ذنوبه ومعاصيه التي لطالما قيَّدته، وحرمته من كثير من الطاعات والحسنات ومن أبواب الخيرات.

وأوضح خطيب الجامع، أنه يجب على كل مسلم أن يحرص على ألَّا يدخل عليه رمضان إلا وهو طاهرٌ نقيٌّ، فإن رمضان عطر، ولا يعطر الثوب حتى يغسل، وهذا زمن الغسل، فاغتسلوا من درن الذنوب والخطايا، وتوبوا إلى ربكم قبل حلول المنايا، واتقوا الشرك فإنه الذنب الذي لا يغفره الله لأصحابه، واتقوا الظلم فإنه الديوان الذي وكله الله لعباده، واتقوا الآثام، فمن اتقاها فالمغفرة والرحمة أولى به،  قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ﴾.

وحث خطيب الجامع الأزهر المسلمين على السباق في ميادين الطاعات، ومضمار القربات؛ ليدخل شهر رمضان وقد تهيَّأ العبد تهيئةً إيمانيةً، فيدرك من حلاوة الصيام ولذة القيام ما لا يقدر قدره، فإن قلوب المؤمنين تترقب بلهفةٍ ذاك الشهرَ العظيم، والضيفَ الكريم، الذي يرونه نعمة كبرى، وهبةً عظمى من الرب الكريم، لهذا كان السلفُ -رضي الله عنهم- يجعلون دخول شهر شعبان للاستعداد المبكّر لاستقبال رمضان، حتى لا يدخل عليهم الشهرُ الفضيل إلا وقد روّضوا أنفسَهم على ألوانٍ من الطاعات والقُربات، فشهر شعبان بمثابة الفترة التدريبية التي تسبق دخول مضمار السباق، والبوابةَ الممهِّدة للدخول في السباق الأخروي، فالخيل التي لا تُضمَّر ولا تَتَدرب؛ لا تستطيع مواصلة السباق وقت المنافسة كما ينبغي، بل قد تتفاجأ بتوقّفها أثناء الطريق.

وأضاف أن العاقلُ من عرف شرف زمانه، وقيمة حياته، وعظّم مواسمَ الآخرة، واستعد لهذا الزمن العظيم من الآن، وهيأ قلبَه ليتلقى هبات الله له بقلب سليمٍ، متخفِّف مما ينغّص عليه التلذذ بالطاعات، كأن يجتهد الإنسان في إنهاء ما قد يشغله في رمضان من الآن، وأن يتدرب على بعض أعمال رمضان كصيام ما تيسر من أيام شعبان، وأن يزيد قليلاً على نصيبه المعتاد من صلاة الليل، وأن يزيد قليلاً على وِرده الذي اعتاده من القرآن.

وفي ختام الخطبة أكد الغفير، أهمية التدرب على تلاوة القرآن الكريم في شعبان، كما أن من أعظم ما يعين على تهيئة النفس لرمضان: كثرةُ الدعاء، والإلحاحُ على الله تعالى في أن يبارك له في وقته وعمره، وأن يبارك له في شعبان ورمضان، وأن يجعله في رمضان من أسبق الناس إلى الخير؛ فإن العبد مهما حاول فلا توفيق ولا تسديد إلا بعون الله وتوفيقه، والعبدُ مأمورٌ بفعل الأسباب، واللهُ تعالى كريم، لا يخيّب مَن وقف على بابه، وفعل ما بوسعه من الأسباب.

مقالات مشابهة

  • كلية الحقوق تنظم ندوة علمية حول العدالة الجنائية التفاوضية
  • «المفتي»: يجب على المؤمن جعل عمله في الدنيا وسيلةً لنيل رضا الله «فيديو»
  • خطيب الجامع الأزهر: تقوى الله أقوم سبيل للطمأنينة في الدنيا والسعادة بالآخرة
  • خطيب الجامع الأزهر: تقوى الله أمثل طريق للطمأنينة في الدنيا والآخرة
  • «الوطنية للانتخابات» تعقد ندوة تثقيفية لشباب باب الشعرية
  • نقابة المهندسين تعقد ندوة حول إعادة إعمار غزة بحضور "محلب".. الأحد
  • خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي
  • التعامل مع الحروق ضمن ندوة علمية في مشفى دمشق
  • أوقاف الفيوم تستعد لاستقبال شهر رمضان المبارك بافتتاح 14مسجدًا جديدًا.. غدًا الجمعة
  • جمعية الهندسة الإدارية تعقد ندوة حول «الموقف الحالي والمستقبلي للمحطات النووية في مصر»