الجزيرة:
2024-12-23@23:56:33 GMT

تحديات اقتصادية شائكة تتنظر حكومة باكستان المقبلة

تاريخ النشر: 11th, February 2024 GMT

تحديات اقتصادية شائكة تتنظر حكومة باكستان المقبلة

توجه الناخبون الباكستانيون إلى صناديق الاقتراع الخميس الماضي، وسط أزمة اقتصادية عميقة تعيشها البلاد، من أبرز معالمها معدل تضخم عند نحو 30%، ويعيش ما يقارب 40% من السكان تحت خط الفقر، وارتفعت نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى 72%.

وينتظر من الحكومة القادمة أن تتعامل مع هذه التحديات وتعمل على حلها، بما يشمل تطوير البنية التحتية الحالية المتهالكة في العديد من مناطق البلاد، سواء على مستوى الطرق أو وسائل الاتصال وخدمات الكهرباء والماء وتصريف مياه الصرف الصحي.

ومن التحديات التي تواجهها باكستان توفير الطاقة، والتي تسببت بإضعاف آفاق النمو في البلاد وتقييد الجهود الرامية إلى تنويع قاعدة الصادرات بعيدا عن المنتجات ذات القيمة المضافة المنخفضة، مثل القطن والأرز والتركيز على السلع ذات القيمة الأعلى.

ومن المشاكل الكبيرة التي واجهتها باكستان ما حل بها في أواخر عام 2022، حيث تسببت الفيضانات الموسمية في نزوح نحو 8 ملايين شخص وأدت إلى خسائر بقيمة تربو على 30 مليار دولار، حيث أدى فقدان محاصيل القطن إلى تدمير صناعة النسيج في البلاد، وهي مصدر رئيسي للصادرات، وفي جميع الاحتمالات انخفض معدل النمو ليكون سلبيا في 2023.

وتسجل باكستان -التي تستورد قدرا كبيرا من احتياجاتها من الغذاء والوقود- عجزا تجاريا ضخما على نحو مستمر.

شهباز رانا ركز على أزمة الديون الخارجية لباكستان حيث تربو على 128 مليار دولار (الجزيرة) أزمة خانقة

وإزاء ذلك يقول شهباز رانا المحلل الاقتصادي في صحيفة "إكسبرس تريبيون" ومذيع في "إكسبرس نيوز" إن أهم السلع الغذائية التي تستوردها باكستان زيت الطعام والبقوليات، وإن الفاتورة السنوية للطعام المستورد تتراوح بين 6 و8 مليارات دولار.

وأضاف في حديث للجزيرة نت أن باكستان تواجه أزمة خانقة جراء حجم الديون الخارجية التي تربو على 128 مليار دولار، وتلحقها خدمة الدين التي ترهق الميزانية العامة.

وبسبب تصاعد أسعار السلع الأساسية -والتي يستورد الكثير منها- تضاءلت احتياطيات النقد الأجنبي إلى أقل من شهر واحد من الواردات في مايو/أيار الماضي، مما أدى إلى نقص السلع الحيوية.

وفي يونيو/حزيران الماضي تجنبت إسلام آباد التخلف عن السداد بصعوبة بعد أن حصلت على قرض بقيمة 3 مليارات دولار من صندوق النقد الدولي، ومع ذلك جاءت حزمة الإقراض من الصندوق بشروط صارمة وإصلاحات ستمس أوضاع العامة بشكل مباشر.

وكجزء من الصفقة، وافقت الحكومة على فرض ضرائب جديدة على قطاع الطاقة المتعثر، كما وافقت على خفض دعم المرافق، الأمر الذي أدى إلى ارتفاعات حادة في أسعار الكهرباء والبترول، مما أضر بشدة بالأسر الفقيرة بشكل خاص.

ويرتفع التضخم -الذي وصل إلى نحو 30% في ديسمبر/كانون الأول- منذ بداية العام الماضي بعد أن وافق البنك المركزي الباكستاني على تحرير سعر الصرف للعملة المحلية كجزء من برنامج صندوق النقد القائم.

وبمجرد تحرير سعر الصرف انخفضت قيمة العملة بشكل حاد خلال الشهور الأخيرة لتصل حاليا إلى 279 روبية للدولار الواحد.

وانخفضت الروبية الباكستانية في 2023 بنحو 20% مقابل الدولار، ويتوقع أن تستمر الروبية في الانخفاض قليلا، وهو ما سيؤدي إلى زيادة عجز الحساب الجاري في باكستان، حيث ستصبح السلع القادمة من الخارج أكثر تكلفة، حسبما أفاد رانا.

وفي الأشهر الأخيرة ارتفع معدل البطالة الرسمي إلى مستوى قياسي بلغ 8.5%، مما يعني وقوع ما بين 8 و9 ملايين شخص في براثن الفقر.

عارف كياني أفاد بأنه وأفراد أسرته يواجهون حياة صعبة مع استمرار ارتفاع تكلفة الكهرباء والبنزين (الجزيرة) نبض الشارع

وعن وضعه المعيشي يقول عارف كياني (53 عاما) -وهو محاسب يعمل في القطاع الخاص بإسلام آباد- إنه وأفراد أسرته يواجهون حياة صعبة، خاصة خلال العامين الماضيين مع استمرار ارتفاع تكلفة الكهرباء والبنزين.

ويضيف أنه كان يعتبر من ذوي الدخل الجيد، ولكن مع ارتفاع معدل التضخم صارت أمواله بنصف القيمة الحقيقية وما عاد راتبه يكفيه لمواجهة ظروف الحياة، فكيف سيكون الحال بالنسبة لمن رواتبهم ضعيفة أو لا يجدون عملا يستطيعون من خلاله إطعام أسرهم؟

وقال إنه شارك في الانتخابات الأخيرة على أمل أن تفرز فريقا حكوميا جديدا يكون قادرا على حل الأزمات الاقتصادية التي تواجهها باكستان منذ سنوات.

ولم يكن سائق سيارة الأجرة شاهزاد علي أقل تشاؤما من كياني، فقد أكد للجزيرة نت على أن عمله بات لا يجدي نفعا في ظل الارتفاع الكبير في سعر البنزين، وأن دخله لا يكاد يكفيه وأسرته الصغيرة المكونة منه ومن زوجته و3 أطفال.

وأضاف أنه لم يشارك في الانتخابات الأخيرة، معتبرا أنها بدون جدوى ولن تحل المشاكل التي تواجهها البلاد، معتبرا أن الحكومة القادمة غالبا محددة مسبقا من قبل دوائر صنع القرار وليس لديها برنامج إصلاحي.

راماي يرى أن الاستثمار الأجنبي يتعرض للعرقلة بسبب عدم الاستقرار السياسي إلى جانب البيروقراطية (الجزيرة) قضايا أساسية

عانت باكستان منذ فترة طويلة من قضايا رئيسية كما يقول الخبير الاقتصادي شكيل أحمد راماي، وهو المدير التنفيذي للمعهد الآسيوي لأبحاث الحضارة البيئية والتنمية في إسلام آباد، مشيرا إلى انخفاض واضح في معدل النمو، كما أنها واحدة من أسوأ الدول أداء في تحصيل الضرائب.

وفي حديثه للجزيرة نت أضاف راماي أن الحكومات المتعاقبة لم تصل إلى حد وضع تشريعات ضريبية قوية خوفا من الإضرار بالمصالح التجارية للشركات الكبرى أو التي تتبع للعائلات المسيطرة في البلاد.

وأوضح أن فشل الحكومات المتتالية في تعزيز الإيرادات الضريبية وتحديث الشركات المملوكة للدولة تسببا في زيادة العجز المالي المستمر وديون ضخمة.

ولفت راماي إلى أنه على اعتبار أن الحكومة الجديدة ستمضي في الحصول على قرض آخر من صندوق النقد الدولي فإنها ستواجه صعوبة في السداد ما لم تفرض ضرائب جديدة على الزراعة والعقارات.

وأوضح في حديثه أن الاستثمار الأجنبي يتعرض للعرقلة بسبب المخاوف الأمنية وعدم الاستقرار السياسي إلى جانب البيروقراطية، وهي أمور تنفر المستثمرين الأجانب من ضخ أموالهم في البلاد، مشيرا إلى أن باكستان تحظى بالعديد من الفرص الاستثمارية في مختلف القطاعات لو تحسنت الظروف وصلحت الأنظمة.

الأزمة السياسية

ولفت راماي إلى أن من المعضلات التي تواجه الاقتصاد الباكستاني وتبعده من التعافي أزمة سياسية في ظل تشكيك واسع النطاق في نزاهة الانتخابات التي أجريت في 8 فبراير/شباط الجاري، وأن "استبعادا متعمدا جرى ضد رئيس الوزراء السابق والمعتقل حاليا عمران خان وحزبه حركة إنصاف رغم الشعبية التي يحظيان بها بما يزيد على 65% من أصوات الناخبين".

وفي حال لجأ المتنافسون السياسيون -خاصة حزب الرابطة الإسلامية بزعامة رئيس الوزراء الأسبق نواز شريف وحزب الشعب بزعامة آصف علي زرداري– إلى تشكيل ائتلاف حكومي مع بعض القوى الأخرى الصغيرة فستصبح الإصلاحات الاقتصادية وبرنامج الخصخصة التي طال انتظارها في باكستان أكثر صعوبة، حسب راماي.

وختم بأنه من المتوقع أن تختار الإدارة الجديدة في هذه الحالة الحلول القديمة التي تم اختبارها خلال العقود الثلاثة الماضية، حيث ستعمد إلى رفع أسعار الطاقة بدلا من إجراء إصلاحات صعبة، وبالتالي فإن معدل التضخم سيبقى مرتفعا.

وستعمد أيضا إلى زيادة أسعار الكهرباء والغاز لمعالجة مشكلة الديون بدلا من معالجة تسريبات خطوط الطاقة أو سرقتها، وقد تستمر في فرض الضرائب على الشركات -التي تعاني بالفعل من الرسوم المرتفعة- بدلا من ملاحقة الأغنياء.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: فی البلاد

إقرأ أيضاً:

ما الذي يمكن خسارته من تشكيل حكومة مدنية موازية لحكومة بورتسودان؟

بقلم: إبراهيم سليمان

ما الذي يمكن خسارته من تشكيل حكومة مدنية موازية لحكومة بورتسودان؟
عند الحديث عن خسارة أمرٍ ما، لابد من توضيح الحساب بكافة المعطيات، ورصد الناتج والمحصلة النهائية التي لا تقبل الجدل، ورغم ذلك هنالك تقديرات، يمكن النظر إليها من زوايا مختلفة، ولا يحمد السوق إلا من ربح. وقديما قيل، "الجمرة بتحّرق واطيها" وقيل أيضا "من يده في الماء ليس كمن يده في النار"

يبدو أن حكومة بورتسودان، بقيادة الجنرال البرهان، تشمر، للتعري من ثيابها، وتستعد للخروج عن طورها، من خلال اتخاذها عدة إجراءات تعسفية، تنم عن اليأس وعدم المسؤولية الوطنية، منذ اندلاع الحرب الحالية، قطعت خدمات الاتصالات عن أقاليم غرب السودان، وحرمت مواطنين على الهوية من الأوراق الثبوتية، حظرت عليهم خدمات السجل المدني، وأخيراً عمدت الإتلاف الإجمالي للعملة والوطنية في حوالي أكثر من ثلثي أقاليم البلاد، من خلال تغيرها في مناطق سيطرة الجيش على ضآلتها، حرمان الآخرين منها، وأخراً الإصرار على إجراء امتحانات الشهادة السودانية لحوالي مائتي ألف طالب طالبة، وحرمان حوالي أربعمائة آخرين في بقية أرجاء البلاد!

بهذه الخطوات المتهورة، وغير المسؤولة، لم تترك حكومة بورتسودان، للمستهدفين من أبناء الشعب السوداني، الذين يمثلون الغالبية العظمي، سوى المضي قدماً ودون التردد أو الالتفات إلى الوراء، في المناطق التي تقع خارج سيطرة الجيش، والمحررة من عنف وظلم دولةـــ 56 لتضلع بمهام توفير الخدمات الضرورية لحياتهم اليومية والملحة لأن يعيشوا بكرامة وعدالة. وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية للذين يستحقونها، بدلاً من المتاجرة فيها من قبل تجار الحرب في بورتسودان.

لماذا يدفع أبناء الولايات، التي يستهدفها الطيران الحرب لحكومة بورتسوان، وتحرمها من حقوقها الإنسانية والدستورية، تكاليف بقاء السودان موحداً؟ طالما أن هذه الحكومة غير الشرعية تدفع بعنف وإصرار لتمزيق وحدة البلاد!، وما هي قيمة الوحدة الوطنية، التي تزهق أرواح عشرات الملايين من مكونات بعينها؟ وطالما أن هنالك خمس ولايات فقط، بإدارة مواطنيها أو بغيرها، غير مباليين، بهموم وآهات بقية الإقليم، فلينفصلوا هم إن أرادوا ويتركوا الآخرين وشأنهم.

وليس هناك ما هو أغلى من أرواح الأبرياء، والحفاظ عليها، وحقن دماء أبناء الشعب السوداني مقدم على أي اعتبارات أخرى بما فيها والوحدة الوطنية القسرية. لذا نرى أن تشكيل حكومة مدنية في المناطق المحررة والتي هي الآن خارج سيطرة الجيش، وهي المناطق التي لا تعني شيئا لحكومة بورتسودان الانقلابية، ضرورة حياتية، ويعتبر التقاعس عنه، أو التردد فيه حماقة، وخذلان في حق عشرات الملايين المستهدفين، من قبل الحكومة العنصرية في بورتسودان، وجيشها القاتل.

المنوط بالحكومة المدنية المرتقبة، توفير خدمات التربية والتعليم، وخدمات السجل المدني والأوراق الثبوتية، وفتح معابر تجارية لتصدير المنتجات واسترداد كافة الضروريات المنقذة للحياة، وطباعة عملة وطنية مبرأة للذمة، استباقاً للكارثة الاقتصادية التي تلح في الأفق، ونزع الشرعية من حكومة بورتسودان التي تصر على استمرار الحرب، وترفض كافة النداءات الوطنية الدولية للجلوس للتفاوض بشأن وقف الحرب وإحلال السلام في البلاد، وتقول أنها مسعدة لمواصلة الحرب مائة عام!

وطالما أن هنالك صراع بين قوتين عسكريتين، فليكن هنالك تنازع بين حكوميتين، لتتعادل الكفتتين، وربما يسرع ذلك إيجاد حلول للحكومتين، لكن لا ينبغي أن تتوقف حياة أغلبية الشعب السوداني، من أجل خاطر الحفاظ على وحدة البلاد، التي لم يحرص عليها دعاة الحرب.

ولا نظن أن تشكيل الحكومة المدنية المرتقبة في الخرطوم، ستضر بوحدة البلاد، أكثر حرب كسر العظام الدائرة حالياً، وتأجيج نيران خطاب الكراهية الممنهجة، من دعاة دويلة النهر والبحر، الذين يعادون كافة مكونات البلاد، يرفضون المساواة بين مكوناتها!

ليس هناك ما يمكن خسارته، من تشكيل حكومة موازية مرتقبة بالخرطوم، حتى إن لم يعترف بها أحد، يكفي أن المأمول منها، فك ارتهان مصير غالبة مكونات الشعب السوداني، لمزاج ورعونة حكومة بورتسودان غير المسؤولة. ومما لا شك فيها أن الأوضاع الإنسانية في ليبيا واليمن، وحتى جمهورية أرض الصومال، أفضل ألف مرة منها في معظم أرجاء البلاد. تمزيق وحدة السودان المسؤول عنه حكومة بورتسودان بإجراءاتها التعسفية وقائد الجيش، الذي أعلن على رؤوس الأشهاد، استهداف حواضن قوات الدعم السريع، ويظل يمطرهم بالبراميل المتفجرية بشكل يومي.

وفي الحقيقة، فإن حكومة بورتسودان المعزولة دولياً، قد مزّقت وحدة البلاد فعلياً، بالتصعيد المنتظم من قبلها بشأن اتخاذ إجراءات مست جوهر قومية الدولة السودانية، وأن تشكيل الحكومة المدنية المرتقبة ما هو إلا تحصيل حاصل.
والغريق لا يخشى البلل.
ebraheemsu@gmail.com
//إقلام متّحدة ــ العدد ــ 181//  

مقالات مشابهة

  • رومانيا: الرئيس يوهانيس يرشح رئيس الوزراء لتشكيل حكومة ائتلافية جديدة وسط تحديات سياسية وأزمة ثقة
  • ب 8.8 مليون دولار رئيس اقتصادية قناة السويس يوقع عقد مشروع "دينم ريز"
  • رئيس اقتصادية قناة السويس يوقع عقد مشروع لصناعة الملابس بالقنطرة بـ8.8 مليون دولار
  • ما الذي يمكن خسارته من تشكيل حكومة مدنية موازية لحكومة بورتسودان؟
  • التقدم والاشتراكية يحذر من المخاطر  التي تهدد المرفق العمومي في عهد حكومة أخنوش
  • حذيفة عبد الله: سوف تسقط قريباً الدعاوي “الزائفة” التي تسوق خطاب حكومة المنفى
  • حصاد 2024.. أبرز الخواتم الذكية التي أطلقت في هذا العام
  • عمليات تسريح جماعي للعمال في ألمانيا: الشركات الكبرى تواجه تحديات اقتصادية
  • طالبان باكستان تعلن مسئوليتها عن هجوم دموي على نقطة تفتيش عسكرية شمال غرب البلاد
  • خبير يشرح الصيغة التي ستقلل معدل البطالة في تركيا