مع بلوغ الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة يومها الـثامن والعشرين بعد المئة، وتخطي حصيلة الشهداء الفلسطينيين حاجز الـ28 ألف شهيد، وكانت أعداد الضحايا من المصابين في صفوف المدنيين قد اقتربت من الـ 68 ألف مصاب غالبيتهم من النساء والأطفال.

ورغم هذه الأوضاع الإنسانية الخطيرة تأبى القوة القائمة بالاحتلال أن تتخلى عن استمرار عملياتها العسكرية التي تتنتهج فيها سياسة الأرض المحروقة، وكأنها عازمة على القضاء على كافة مظاهر الحياة في قطاع غزة المكلوم من البشر والحجر والشجر.

وأمام تخاذل المجتمع الدولي وسط هذه الغطرسة الصهيونية، تدرس الحكومة اليمينية المتطرفة بقيادة «بنيامين نتنياهو» خطة تقوم فيها بإجلاء سكان رفح الفلسطينية إلى ناحية الشمال، وذلك قبل القيام بعملية عسكرية إسرائيلية جديدة محتملة على مدينة رفح، بحسب مصادر صحفية إسرائيلية، فيما تواردت أنباء عن أن مثل هذا الهجوم لن يكون قبل شهر مارس المقبل.

في الوقت نفسه حذرت مصر إسرائيل من الإقدام على هذه الخطوة ووجهت للأخيرة رسائل قوية مفادها، أن هذا الإجراء من شأنه أن يعرض اتفاق السلام بين الجانين للخطر، والسبب في ذلك هو قيام إسرائيل بالضغط على النازحين الفلسطينين الذين تقدر أعدادهم بمئات الآلاف من قطاع غزة للتوجه نحو الشمال ومن ثم العبور إلى سيناء، وهذا ما لا يقبله الجانب المصري لاعتبارات الأمن القومي.

مستقبل السلام بين مصر وإسرائيل

وكانت مصر من جهتها أوضحت لإسرائيل أنها تعارض وبشدة خطة إسرائيل لتوسيع القتال في رفح، فيما قدرت خسائر جيش الاحتلال الإسرائيلي بنحو يزيد عن نصف مليار دولار أمريكي، وبما يقارب الـ270 مليون دولار يوميًا من جراء المواجهات الدامية بينها وبين فصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، وذلك وفق تقديرات مراقبين.

ودفهت هذه الفاتورة الاقتصادية الثقيلة الناجمة عن الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، «البنك المركزى الإسرائيلي» للبحث عن حلول لإنقاذ البلاد من الغرق في مشكلات اقتصادية وخيمة، التي من شأنها جعل اقتصاد إسرائيل على وشك الإنهيار، حيث باع البنك المركزي ماقيمته 8.2 مليار دولار من النقد الأجنبي فى أكتوبرالماضي، الأمر الذي أدى إلى تراجع الاحتياطي إلى 191.235 مليار دولار، فيما تعد هذه المرة الأولى على الإطلاق التي يلجأ فيها البنك المركزي الإسرائيلي لبيع النقد الأجنبي.

خسائر إقتصادية فادحة

وتعد هذه الفاتورة الاقتصادية الباهظة الناتجة عن حرب الإبادة الجماعية التي تقوم بها إسرائيل ضد مواطني قطاع غزة جعلت وكالة موديز للتصنيف الإئتماني إلى تخفيض تصنيف إسرائيل الائتماني، ما جعل وزير المالية الإسرائيلي "بتسلئيل سموتريتش" يوجه انتقادات الى قرار "موديز"قائلًا: إن هذا القرار المرتبط بحرب غزة لم يستند إلى منطق اقتصادي سليم.

وواصل وزير المالية الإسرائيلي انتقاده للقرارواصفًا إياه بـ«المتشائم» قائلا، إن الاقتصاد الإسرائيلي قوي بكل المقاييس ونحن قادرون على مواصلة تحمل المجهود الحربي كاملًا سواء على الجبهة الخارجية أو الداخلية حتى تحقيق النصر.

تداعيات قرار "موديز"

وكانت وكالة «موديز» الأميركية أعلنت يوم الجمعة الماضي عن تخفيضها التصنيف الائتماني لإسرائيل بدرجة واحدة، من A1 إلى A2، بسبب تأثير الحرب التي تشنها على قطاع غز عقب انطلاق عملية "طوفان الأقصى" التي بدأتها حركة حماس في السابع من أكتوبر المنصرم.

ومن جانبها أعلنت «موديز» في بيان لها إن قرارها جاء بعد تقييمها الذي كشف عن أن النزاع العسكري القائم مع حماس وتداعياته وعواقبه الأوسع نطاقًا يزيد بشكل ملموس من المخاطر السياسية لإسرائيل، كما وأن تداعياته تضعف من قدرات مؤسساتها التنفيذية والتشريعية والمالية في المستقبل القريب، كما خفضت الوكالة توقعاتها لديون إسرائيل إلى “سلبية” بسبب خطر التصعيد مع حزب الله اللبناني على طول حدودها الشمالية.

فيما قلل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو من أهمية قرار وكالة موديزللتصنيف الإئتماني الذي أقر بتخفيض التصنيف الإئتماني لإسرائيل، مشيرًا إلى أن الاقتصاد الإسرائيلي قوي، مشيرا إلى أن خفض التصنيف ليس مرتبطًا بالاقتصاد، بل يرجع بالكامل إلى حقيقة أنهم في حرب، كما توقع أن التصنيف سوف يرتفع مرة أخرى في اللحظة التي ننتصر فيها في الحرب، قائلا «سوف ننتصر في الحرب».

وفيما أرفقت «موديز» تصنيفها المخفض للإئتمان الإسرائيلي بنظرة مستقبلية سلبية، ما يشير إلى توقعاتها بمزيد من الإنخفاضات على المدى القريب، مشيرة أن خطر حصول تصعيد يشمل حزب الله في شمال إسرائيل لا يزال قائما، وهو ما يُحتمل أن يكون له تأثير سلبي أكثر بكثير على الاقتصاد.

جدير بالذكر أن هذه هي المرة الأولى التي تشهد فيها إسرائيل تخفيضًا في تصنيفها على المدى الطويل، وفقا لإحدى تقارير وكالة «بلومبرج».

نظرات سلبية لاقتصاد إسرائيل

ومن جهتها خفضت وكالة «ستاندرد آند بورز» للتصنيفات الائتمانية التوقعات الائتمانية لإسرائيل من مستقرة إلى سلبية بسبب المخاطر المتنامية في الحرب الدائرة بين إسرائيل وحماس.

ووضعت وكالة «فيتش» التي تعد أحد وكالات التصنيف الثلاث الكبرى في الولايات المتحدة إسرائيل تحت المراقبة السلبية بسبب المخاطر الناجمة عن حبها في "قطاع غزة"، حيث وضعت تصنيف إسرائيل الائتماني تحت المراقبة في 19 أكتوبرالماضي، وذلك بعد مرور 12 يومًا على انطلاق عملية طوفان الأقصى واندلاع عمليات إسرائيل العسكرية مع حركة "حماس".

فيما أوضحت الوكالة في بيانها: أنه في حين أن القتال في غزّة قد ينخفض في حدّته أو يتوقف، فإنه لا يوجد حاليا أي اتفاق على وضع حد للأعمال العدائية بطريقة دائمة أو اتفاق على خطة طويلة الأجل من شأنها استعادة أمن إسرائيل بالكامل وتعزيزه في نهاية المطاف.

كما كشفت «فيتش» عن ضعف البيئة الأمنية في إسرائيل، ما تسبب في فرار عدد كبير من المستوطنين الإسرائيليين إلى الخارج، وهو ما يترتب عليه مخاطر اجتماعيّة كبرى، إضافة إلى ضعف المؤسسات التنفيذية والتشريعية. موضحة أن الصراع الدائر حاليًا له تأثيرات وتداعيات مالية جسيمة على اقتصاد إسرائيل.

وتأتي هذه النظرة السلبية للاقتصاد الإسرائيلي في ظل تكلفة الحرب مع فصائل المقاومة الفلسطينية ما لا يقل عن مليار شيكل يوميًا.

اقرأ أيضاًتحليل بالجارديان: إسرائيل تنتهك قرارات محكمة العدل الدولية بشأن الحرب في غزة

إندونيسيا ترفض بشدة معارضة نتنياهو لإقامة دولة فلسطينية عقب انتهاء الحرب في غزة

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: قطاع غزة بنيامين نتنياهو عملية طوفان الأقصى حصيلة شهداء غزة خسائر إسرائيل خسائر الحرب الاسرائيلية اتفاقية السلام مع إسرائيل آخر تطورات العدوان الإسرائيلي محور فلادلفيا الإبادة الجماعية في غزة الوضع في رفح قطاع غزة

إقرأ أيضاً:

إصلاح النظام المصرفي السوداني: التحديات والفرص بعد الحرب

بقلم: عمر سيد احمد
مارس 2025

O.Sidahmed09@gmail.com

المقدمة

يُعتبر النظام المصرفي ركيزة أساسية لأي اقتصاد، حيث يسهم في تحفيز النمو، تنظيم العمليات المالية، وتوفير التمويل اللازم للأفراد والشركات.
في السودان، شهد القطاع المصرفي تطورات كبيرة منذ نشأته، متأثرًا بعوامل متعددة، أبرزها التغيرات السياسية، التقلبات الاقتصادية، والإصلاحات الهيكلية.

وخلال العامين الماضيين، تعرض القطاع المصرفي لأزمات حادة بسبب الحرب التي اندلعت في أبريل 2023، مما أدى إلى تدمير البنية التحتية للمؤسسات المالية، وتوقف عدد كبير من الفروع عن العمل. كما تراجع الشمول المالي، وفقد العملاء ثقتهم في المصارف، ما أدى إلى انهيار جزئي في العمليات المصرفية.

يستعرض هذا التقرير تطور النظام المصرفي السوداني، هيكليته الحالية، مدى التزامه بالمعايير الدولية، تأثير الحرب عليه، وأهم الأولويات لإصلاحه بعد الأزمة، بما في ذلك ضرورة التحول الرقمي، الالتزام بالحوكمة، ومكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.

نشأة وتطور النظام المصرفي السوداني:
بدأ النظام المصرفي في السودان في أوائل القرن العشرين مع دخول البنوك الأجنبية، حيث أُنشئ فرع للبنك الأهلي المصري عام 1903، تلاه بنك باركليز عام 1913، بالإضافة إلى فروع لبنوك أخرى مثل بنك مصر والبنك الإثيوبي والكريديت ليونيه.

في عام 1959، تأسس بنك السودان المركزي ليكون الجهة المنظمة للقطاع المصرفي، والمسؤول عن إصدار العملة وإدارة الاحتياطي النقدي. بعد الاستقلال، شهد القطاع تطورات كبيرة، حيث تم تأميم بعض البنوك الأجنبية، وإنشاء مصارف حكومية وخاصة لدعم الاقتصاد الوطني.
في عام 1978، تم تأسيس بنك فيصل الإسلامي، مما أدخل النظام المصرفي الإسلامي إلى السودان. وفي عام 1983، بدأت الحكومة تطبيق أسلمة المصارف، ومع حلول 1990، أصبح النظام المصرفي السوداني إسلاميًا بالكامل، مما أدى إلى تحول المعاملات البنكية إلى صيغ التمويل الإسلامية مثل المرابحة والمضاربة، وغيرها بديلا لصيغ الاستدانة التمويل المرنة والمعروفة عالميا مثل السحب علي المكشوف والقروض بكل اشكالها وقد فرض تطبيق النظام الإسلامي تحديات في التعامل مع الأسواق المالية العالمية وتسبب مع أسباب اخري في ضعف النظام المصرفي الهش وعزلة من التعامل مع النظام المصرفي العالمي .
هيكلة وملكية المصارف في السودان حتى عام 2023، كان يوجد في السودان 39 بنكًا، تتوزع على النحو التالي:
- 15 بنكًا حكوميًا أو بشراكات حكومية.
- 24 بنكًا خاصًا تجاريًا بعضها فروع لبنوك إقليمية خارجية .

تخضع المصارف السودانية لإشراف بنك السودان المركزي، الذي يمنح الترخيص ويحدد السياسات النقدية ويصدر التوجيهات للبنوك التجارية ويراقب البنوك الي جانب دوره كمقرض اخيرر.
إلا أن عدم استقلالية البنك المركزي يجعله عرضة للتدخلات السياسية، مما يحد من فاعليته في الرقابة المالية، ويؤدي إلى ضعف الشفافية وغياب السياسات المستقرة التي تعزز ثقة المتعاملين مع البنوك والمستثمرين.
عدم التزام البنوك السودانية بمقررات لجنة بازل :تواجه المصارف السودانية صعوبات في الامتثال لمقررات لجنة بازل الخاصة بكفاية رأس المال، والتي تتطلب أن تحتفظ البنوك بنسبة 8%-12% من رأس المال مقارنة بالأصول الخطرة.

أبرز التحديات التي تمنع الالتزام بهذه المعايير:
1. انخفاض قيمة العملة الوطنية، مما أدى إلى تآكل رؤوس أموال البنوك.
2. أثر الحرب على القطاع المصرفي، حيث تعرضت البنوك لخسائر كبيرة وفقدت نسبة كبيرة من أصولها.
3. ضعف دور بنك السودان المركزي بسبب التدخلات السياسية، مما أضعف الرقابة المصرفية وتسبب في عدم استقرار السياسات النقدية.
دور الاقتصاد الموازي في ضعف النظام المصرفي السوداني
يُعد الاقتصاد الموازي من أكبر التحديات التي تواجه النظام المصرفي السوداني، حيث يسيطر على جزء كبير من النشاط الاقتصادي يقدر ب85 % من الاقتصاد الكلي مما يؤدي إلى ضعف دور المصارف في التمويل، وانخفاض نسبة الأموال المتداولة داخل النظام المصرفي الرسمي.
إن الحد من سيطرة الاقتصاد الموازي على النشاط المالي في السودان يمثل خطوة ضرورية لاستعادة دور النظام المصرفي، وزيادة فاعلية السياسات النقدية، وضمان استقرار الاقتصاد الوطني.
تشير التقديرات إلى أن 95% من الكتلة النقدية في السودان توجد خارج النظام المصرفي، مما يعني أن المصارف لا تتحكم إلا في 5% فقط من النقد المتداول. ويعود ذلك إلى عدة أسباب، أبرزها:
1. هيمنة الاقتصاد غير الرسمي:في ظل نظام الإنقاذ والعزلة المصرفية والاقتصادية التي ظل يعاني منها السودان بسبب المقاطعة الاقتصادية الأمريكية تمدد الاقتصاد الموازي الذي تتحكم فيه أجهزة الدولة النظامية وغيرها من الطبقة الطفيلية للحزب الحاكم واعتماد شريحة واسعة من السودانيين على الأنشطة غير المنظمة، مما يقلل من اعتمادهم على المصارف في التعاملات المالية وعجز وزارة المالية والدولة عن أداء دورها في وضع الجزء الأكبر من الاقتصاد تحت ولايتها كما ينبغي .
2. مشكلة الديون المتعثرة بسبب الحرب :
أدت الحرب إلى ارتفاع نسبة الديون المتعثرة في المصارف السودانية إلى مستويات غير مسبوقة، حيث تشير التقديرات إلى أن %50 من القروض والتمويلات المصرفية أصبحت غير مستردة بسبب تعطل الأنشطة الاقتصادية وتدمير العديد من المنشآت التجارية والصناعية. و يجب على الدولة التدخل لتخفيف هذه الأزمة عبر تبني حلول مماثلة لما قامت به دول أخرى في أوقات الأزمات، مثل:-

1. منحالبنوك المتضررة قروضًا مدعومة من الحكومة لمساعدتها على استعادة سيولتها.
2. إنشاء صندوق لإعادة هيكلة الديون المتعثرة، بحيث يتم جدولة السداد لفترات أطول بفوائد/ بعوائد مخفضة
3. تقديم ضمانات حكومية للبنوك لمساعدتها في استعادة ثقة المستثمرين والعملا
4. تحفيز الشركات المتضررة على إعادة جدولة قروضها عبر تقديم إعفاءات ضريبية أو دعم مالي لتخفيف الأعباء
5. تبني حلول شاملة لإعادة بناء القطاع الخاص المتضرر، مما سيسهم في استعادة قدرة الشركات على الوفاء بالتزاماتها المصرفية.
3 .ضعف التعامل والثقة مع القطاع المصرفي نتيجة الأزمات الاقتصادية والسياسية ، يلجأ المواطنون إلى الاحتفاظ بالنقد خارج البنوك لتجنب مخاطر التقلبات الاقتصادية.
4. تأثير العقوبات الاقتصادية السابقة: أدت العقوبات المالية إلى عزلة القطاع المصرفي، مما دفع الأفراد والشركات إلى التعامل بالنقد المباشر أو عبر شبكات مالية غير رسمية وتحول الجزء الأعظم من التجارة الخارجية ليدار من مدن الخليج وأسواق تجارة العملة الرائجة وقد تم تقنين هذه الممارسات بسماح ضوابط البنك المركزي بالاستيراد بدون تحويل عمله والممارسات الفاسدة في عمليات الصادرات السودانية في ظل اقتصاد الريع وتصدير وتهريب السلع والمنتجات والمحاصيل النقدية السودانية خاما بلا أي قيمة مضافة بالتصنيع والتي لا تعود عائداتها الي داخل السودان .
5 . غياب الحوافز للإيداع المصرفي: لا توفر البنوك حوافز كافية للمواطنين لإيداع أموالهم، بسبب ارتفاع تكاليف الخدمات المصرفية وضعف العائد على الودائع وعدم منح اية عوايد علي ارصدة الحسابات الجارية وفق النظام المصرفي الإسلامي مما ضاعف في ضعف الشمول المالي حيث يعد السودان من أضعفها .

6.انعكاسات ضعف الشمول المالي على الاقتصاد
- انخفاض قدرة المصارف على تقديم التموي: بسبب قلة الأموال المودعة، تعجز المصارف عن تمويل المشروعات الإنتاجية.
- زيادة معدلات التضخم*: يؤدي تداول النقد خارج النظام المصرفي إلى ضعف قدرة البنك المركزي على التحكم في المعروض النقدي، مما يزيد التضخم.
- ضعف دور السياسة النقدية*: مع تحكم الاقتصاد الموازي في الجزء الأكبر من النقد، يصبح تأثير قرارات البنك المركزي محدودًا.
- صعوبة تنفيذ الإصلاحات المال: أي محاولات لتطبيق سياسات نقدية تواجه عقبات كبيرة بسبب سيطرة الاقتصاد الموازي على الكتلة النقدية.
أولويات إصلاح القطاع المصرفي بعد الحرب
1.التحول الرقمي في الخدمات المصرفية
- تطوير الخدمات المصرفية عبر الهاتف المحمول لتعويض تراجع الفروع المصرفية.
- تعزيز أنظمة الدفع الإلكتروني لتسهيل التحويلات وتقليل مخاطر التعامل النقدي.
- تحديث الأنظمة المصرفية الرقمية لمواكبة التطورات العالمية وتعزيز كفاءة العمليات المالية.
2. الالتزام بالحوكمة ومكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب لإعادة اندماج الجهاز المصرفي في المنظومة المصرفية الدولية .
- فرض لوائح صارمة للحوكمة والشفافية للحد من التدخلات السياسية في قرارات المصارف.
- تطبيق إجراءات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب بما يتماشى مع المعايير الدولية.
- تعزيز الرقابة المصرفية لضمان الامتثال للقوانين الدولية واستعادة ثقة المستثمرين.

3. تعزيز الشمول المالي
- إطلاق برامج لزيادة الوعي المالي وتشجيع المواطنين على فتح حسابات مصرفية.
- خفض تكاليف الخدمات المصرفية لجذب الفئات غير المشمولة مصرفيًا.
- توسيع الخدمات المالية الرقمية للوصول إلى المناطق الريفية والنائية بالتوسع بالخدمات والتطبيقات المصرفية الرقمية في التحويلات
الحلول المطلوبة
1. تحفيز المواطنين على التعامل مع البنوك عبر تقديم مزايا مثل تخفيض الرسوم المصرفية، وزيادة العوائد على الودائع.
2. توسيع نطاق الشمول المالي عبر الخدمات المصرفية الرقمية، وتسهيل إجراءات فتح الحسابات البنكية، خاصة في المناطق الريفية.
3. محاربة الأنشطة غير المشروع التي تعتمد على التعامل النقدي خارج النظام المصرفي، مثل تجارة السوق السوداء والتهريب.
4. إعادة هيكلة السياسات النقدية لضبط الكتلة النقدية، وإجبار الشركات الكبرى على التعامل عبر المصارف بدلًا من النقد المباشر.
5. تطوير آليات الدفع الإلكتروني ليكون بديلًا أكثر أمانًا وفعالية من التعاملات النقدية التقليدية.
6. إعادة العمل بالنظام المصرفي التقليدي بالسماح للبنوك بتطبيق نظام النافذتين وتغيير القوانين التي تمنع من إعادة تطبيق سعر الفائدة كأحد الأدوات الاقتصادية المهمة في التحكم في السيولة للتحكم في التضخم .

4. إعادة هيكلة القطاع المصرفي
- إصلاح بنك السودان المركزي لضمان استقلاليته وتعزيز دوره الرقابي.
-إصلاح الجهاز المصرفي برفع رؤوس أموال المصارف خلال فترة لا تتجاوز ثلاثة أعوام بما يحقق الالتزام بتطبيق المعايير الدولية للحد الادني لكفاءة راس المال ( مقررات لجنة بازل )
- إعادة رسملة البنوك المتضررة وجذب استثمارات لدعم استقرارها المالي.
- دمج وإصلاح البنوك الضعيفة لإنشاء مؤسسات مالية أكثر قوة وكفاءة.
الخاتمة
يواجه القطاع المصرفي السوداني تحديات غير مسبوقة بسبب الحرب، ضعف البنية التحتية المالية، وانخفاض كفاية رأس المال.
لكن مع الإصلاحات الصحيحة، يمكن إعادة بناء قطاع مصرفي أكثر استدامة وكفاءة.

**التوصيات الأساسية:**
1. تسريع التحول الرقمي لتوسيع نطاق الخدمات المصرفية وإدخال أنظمة التحويلات المالية الرقمية مثل M-Pesa و Wave والاستفادة من النسبة العالية لمستخدمي الموبيلات ( يقدر ب74 % من السكان )
2. تعزيز الشفافية والحوكمة لضمان بيئة مصرفية مستقرة.
3. إصلاح السياسات النقدية لتعزيز استقرار العملة المحلية وزيادة ثقة المستثمرين.
4. تقديم حوافز لجذب الاستثمارات الأجنبية وتطوير الشراكات مع المؤسسات المالية العالمية.
5. إعادة هيكلة بنك السودان المركزي ليعمل كمؤسسة مستقلة ذات سياسات نقدية فعالة.

إن تنفيذ هذه الإصلاحات سيمكن السودان من إعادة بناء وإصلاح نظام مصرفي حديث قادر على دعم الاقتصاد الوطني، وتعزيز الثقة المحلية والدولية في القطاع المالي.

المراجع:
• البنك الدولي (2023). تقرير التنمية المالية في السودان.
• الهيئة العامة للإحصاء (2022). البيانات الاقتصادية والمصرفية.
• تقرير البنك المركزي السوداني حول أداء القطاع المصرفي (2023).
• دراسات حول الشمول المالي والاقتصاد الموازي في السودان - المراكز البحثية المحلية والدولية.
• Sudantransparency.org: آثار الحرب على النظام المصرفي السوداني.
• Mohsin Mergni Blogspot: تاريخ النظام المصرفي في السودان.
• Addustour.com: تطورات النظام المصرفي السوداني وتعاظم البنوك الإسلامية

   

مقالات مشابهة

  • رئيس وزراء فلسطين يؤكد استمرار الاتصالات الدولية لوقف العدوان الإسرائيلي
  • “موديز” تؤكد تصنيف المغرب عند Ba1 مع نظرة مستقرة وتوقعات بنمو اقتصادي مستدام
  • إصلاح النظام المصرفي السوداني: التحديات والفرص بعد الحرب
  • «إس آند بي» ترفع التصنيف الائتماني لـ«أبوظبي التجاري» إلى A+
  • بنك أبوظبي التجاري يرتقي إلى A+ في التصنيف الائتماني العالمي
  • برلماني: تجدد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة يشعل الحرب في المنطقة
  • مع استئناف الحرب.. إسرائيل تنشئ مديرية خاصة لتهجير الفلسطينيين من غزة
  • 30 سيارة إسعاف تتعرض للقصف الإسرائيلي في غزة منذ بدء الحرب
  • إسرائيل مستعدة للتفاوض مع حماس قبل شن أي غزو واسع على غزة
  • إعلام عبري: نتنياهو يقودنا للهاوية.. وكاتب: النار التي تشعلها إسرائيل ستعود لتحرقها