بعد إقالة الجنرال.. كيف سيؤثر تعيين السفاح على حرب أوكرانيا؟
تاريخ النشر: 11th, February 2024 GMT
كييف- بعد طول خلاف وجدل، قُضي الأمر في أوكرانيا وأقال الرئيس فولوديمير زيلينسكي، رئيس هيئة الأركان، الجنرال فاليري زالوجني، معينا العقيد أوليكساندر سيرسكي، قائد القوات البرية، بدلا منه.
وأمام سيرسكي الآن وقت قليل لبناء قيادة عسكرية جديدة مع اقتراب الذكرى السنوية للحرب في 24 فبراير/شباط الجاري، ولكن كيف انعكست هذه التغييرات على الشارع الأوكراني؟ وكيف ستؤثر على جبهات القتال مع روسيا؟
على عكس ما توقعه كثيرون، لم تنعكس الإقالة ثورةً في الشارع أو حتى غضبا، بل مرت كمجرد خبر مهم، واقتصرت ردود الفعل على تعليقات تأييد وامتعاض في مواقع التواصل الاجتماعي فقط.
بحسب المحلل السياسي، فولوديمير فيسينكو، فإن "شكل الإقالة ساهم في تهدئة الوضع، لأنها تمت بسلاسة، وبدا فيها زالوجني راضيا وتقبلها طواعية وتصرف بمسؤولية تستحق التقدير، قبل أن يكرمه زيلينسكي بوسام رفيع.
وفي النهاية، بحسب فيسينكو "الجيش ليس زالوجني وزالوجني ليس الجيش، حتى وإن ربطت شريحة واسعة من الأوكرانيين بين الاثنين، معتقدة أن نجاحات الجيش مرهونة بوجود زالوجني في المنصب".
أما على المستوى العسكري، فالجدل اشتعل بين الخبراء العسكريين حول الإقالة والتعيين، بين مؤيدين قلة لسيرسكي في منصبه الجديد، وآخرين يعتبرون أن إقالة زالوجني "خطأ في غير وقته".
ويرى الخبير العسكري والعقيد في قوات الاحتياط أوليغ جدانوف، أن "تعيين سيرسكي كان آخر احتمال متوقع، لأنه لا يقارن بزالوجني، ويحتاج سنوات لكسب خبرة كبيرة دفعت حتى بريطانيا لتكريمه (زالوجني) كما لم تفعل مع أحد قبله"، على حد قوله.
ويعتبر جدانوف أن إقالة زالوجني "خطأ عسكري في غير وقته" أيضا، سينعكس سلبا على جبهات القتال بحدوث انقسام محتمل، لا سيما في ظل أزمة تعبئة ونقص ذخيرة تعاني منها القوات الأوكرانية.
"سفاح" بأساليب قاسيةبرز اسم سيرسكي مع الأسابيع الأولى للحرب الروسية على أوكرانيا، ونُسب إليه فضل تحرير مقاطعات كييف وتشيرنيهيف وسومي شمالا، ثم خاركيف شرقا، وميكولايف وجزء من خيرسون في الجنوب؛ قبل أن يكرم بوسام "بطل أوكرانيا".
ومع ذلك، فإن منصب سيرسكي الجديد الحساس يدفع بعض الأوكرانيين اليوم للحديث عن أصوله التي لا يتم تجاهلها في المجتمع كالسابق، ولم تعد موضع ترحيب في أوكرانيا منذ بداية الحرب، لا سيما أنه ولد في قرية قريبة من موسكو عام 1965، ودرس في الأخيرة قبل أن يخدم بصفته ضابطا في الجيش الأحمر السوفياتي، ثم ينتقل بنهاية الثمانينيات للعيش والخدمة في أوكرانيا.
لكن آخرين ينظرون إلى الأمر من زاوية مغايرة تماما، تعتبر الخوض في الأصل "هراء"، وترى أن الخبرة التي اكتسبها سيرسكي في الماضي السوفياتي تؤهله بجدارة للمهمة، وتعينه عليها.
ويقول إيفان ستوباك، الخبير العسكري في "المعهد الأوكراني للمستقبل"، والمستشار السابق لشؤون الأمن العسكري في البرلمان الأوكراني: "كأوكرانيين نفضّل اليوم المدارس العسكرية الأطلسية الغربية. ولكن الأمر واقع ولا نستطيع تغييره".
وتابع متحدثا للجزيرة نت "مدرسة سيرسكي العسكرية السوفياتية تعينه على فهم العقلية الروسية في الحروب والقتال، وهذا ما لمسناه في شهور الحرب الأولى فعلا".
وفي سياق غير بعيد، يصف بعض الجنود ووسائل الإعلام سيرسكي بـ"الجزار أو السفاح"، على عادة وصف بعض قادة الجيش في روسيا، وهذا الوصف مستخدم لدى الأوكرانيين والروس معا.
ويقول ستوباك "تعليقات الجنود الأوكرانيين على تعيين سيرسكي تعكس تباينا في الآراء والتوقعات بينهم، فمن عمل معه يعتبره سفاحا، والمعروف عن سيرسكي أنه شديد الطبع فعلا، يميل إلى أسلوب القسوة في القيادة".
لكن ستوباك أشار إلى أن "آخرين رأوا أن الفريق الذي بدأ سيرسكي بتكوينه؛ يتكوّن من عسكريين معروفين يتمتعون بالخبرة؛ وهو ما ساهم بتخفيف حدة القلق، وخلق توازنا في الآراء".
جندي أوكراني مع قاذفة صواريخ مضادة للدبابات بأحد خطوط المواجهة في منطقة دونيتسك (رويترز) شهر لاتخاذ خطواتينتظر الشارع في أوكرانيا الخطوات الأولى التي سيتخذها سيرسكي لتحريك المياه الراكدة منذ أكثر من سنة على جبهات القتال، وإحراز تقدم جديد لصالح بلاده.
ويقول الخبير ستوباك: "علينا أن ننتظر اكتمال فريق سيرسكي، وأولى الخطوات الملموسة التي سيتخذها لإحداث تغيير ما. أعتقد أن أمامه شهر لهذا الغرض، وإلا فإن موجة الانتقاد ستزداد ارتفاعا"، على حد قوله.
لكن خبراء آخرين لا يتوقعون الكثير من سيرسكي في أولى أيامه، ويربطون ذلك بالواقع والقضايا الصعبة الذي يواجهها الجيش الأوكراني.
ويقول المحلل العسكري، دينيس بوبوفيتش، إن "سيرسكي أسير قضايا تضغط على أوكرانيا وجيشها، أبرزها التعبئة التي تثير جدلا في مجتمع البلاد، وقلة الذخائر اللازمة بسبب تراجع إمدادات الغرب وخاصة من الولايات المتحدة، لا سيما بعد تعثر العمليات المضادة في العام الماضي".
ويعتبر بوبوفيتش أن من أبرز المهام التي تقع على عاتق سيرسكي هي التفكير "بإجراءات، تعين أوكرانيا على القتال حتى وإن تراجع أو توقف الدعم الغربي".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: فی أوکرانیا
إقرأ أيضاً:
الأمين العام للأمم المتحدة يبدي الغضب لمقتل 3 من موظفي برنامج الأغذية العالمي في السودان ويقول: عام 2024 هو العام الأكثر دموية على الإطلاق بالنسبة لعمال الإغاثة في السودان
أعرب الأمين العام للأمم المتحدة عن غضبه الشديد إزاء مقتل ثلاثة من موظفي برنامج الأغذية العالمي في السودان أمس الخميس، عندما تعرض المكتب الميداني للبرنامج في يابوس بولاية النيل الأزرق لقصف جوي.
وفي بيان صحفي منسوب للمتحدث باسمه، قدم الأمين العام أنطونيو غوتيريش خالص تعازيه لأسر الضحايا وزملائهم في برنامج الأغذية العالمي. وأدان جميع الهجمات على موظفي ومرافق الأمم المتحدة والمساعدات الإنسانية ودعا إلى إجراء تحقيق شامل.
وقال البيان الصحفي إن حادثة الأمس تؤكد على الآثار المدمرة التي يخلفها الصراع الوحشي في السودان على ملايين الأشخاص المحتاجين والعاملين في المجال الإنساني الذين يحاولون الوصول إليهم بالمساعدات المنقذة للحياة.
وأضاف البيان الأممي أن عام 2024 هو العام الأكثر دموية على الإطلاق بالنسبة لعمال الإغاثة في السودان، ومع ذلك، وعلى الرغم من التهديدات الكبيرة لسلامتهم الشخصية، فإنهم يواصلون بذل كل ما في وسعهم لتقديم الدعم الحيوي أينما كان ذلك ضروريا.
ودعا الأمين العام الأطراف إلى الامتثال لالتزاماتها بحماية المدنيين، بما في ذلك العامون في مجال الإغاثة، والمباني والإمدادات الإنسانية. وشدد على ضرورة عدم توجيه الهجمات ضدهم، واتخاذ كافة الاحتياطات الممكنة لتجنب إلحاق الأذى بهم.
وبعد أكثر من عشرين شهرا من الصراع في السودان، شدد الأمين العام مرة أخرى على ضرورة وقف إطلاق النار الفوري وأكد أن الأمم المتحدة ستواصل دعم جهود الوساطة الدولية والعمل مع جميع أصحاب المصلحة المعنيين للمساعدة في إنهاء الحرب.
حصار الفاشر
قال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك إن الحصار الحالي على الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، والقتال المتواصل "يزهق الأرواح على نطاق واسع" ولا يمكن أن يستمر، داعيا قوات الدعم السريع لإنهاء "هذا الحصار المروع".
وفي بيان صدر اليوم الجمعة حث السيد تورك جميع أطراف النزاع على وقف الهجمات على المدنيين والأعيان المدنية والامتثال لواجباتها والتزاماتها بموجب القانون الدولي.
جاء ذلك فيما أفاد تقرير صادر عن مكتبه بأن الحصار القائم والأعمال العدائية المستمرة في الفاشر أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 782 مدنيا وإصابة أكثر من 1143 آخرين. وقالت المفوضية إن الحصار، الذي بدأ قبل سبعة أشهر، حوّل المدينة إلى ساحة معركة بين قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية والقوات المتحالفة معها.
استنادا إلى مقابلات أجريت مع 52 شخصا تمكنوا من الفرار من الفاشر، أفاد التقرير بوقوع قصف منتظم ومكثف لمناطق سكنية مكتظة بالسكان من قبل قوات الدعم السريع، وغارات جوية متكررة وقصف مدفعي من قبل القوات المسلحة السودانية وحلفائها. وحذر من أن الهجمات على المدنيين والأعيان المدنية "قد ترقى إلى جرائم حرب".
ويوثق تقرير المفوضية السامية لحقوق الإنسان التصعيد الكبير الذي جرى في حزيران/يونيو الذي أسفر عن مقتل عشرات المدنيين "داخل منازلهم، وفي الأسواق والشوارع، وفي محيط المستشفيات". وأشار التقرير الى حي الثورة جنوب الذي لم يتمكن السكان فيه "من جمع جثث أولئك الذين ماتوا في الشوارع لعدة أيام، بسبب القصف المستمر وتبادل إطلاق النار الكثيف".
وقال التقرير إن مستشفى الولادة السعودي - وهو المستشفى العام الوحيد المتبقي حاليا في الفاشر القادر على تقديم العمليات الجراحية وخدمات الصحة الجنسية والإنجابية - قد تعرض لقصف متكرر من قبل قوات الدعم السريع، في الوقت الذي وثق التقرير ارتفاع حالات العنف الجنسي منذ بدء الحصار.
كارثة تلوح في الأفق
وقالت المفوضية إن مخيم زمزم للنازحين المتاخم للمدينة – والذي يؤوي مئات آلاف النازحين- يشهد تواجدا متزايدا للقوات المشتركة المتحالفة مع القوات المسلحة السودانية، وقد تعرض للقصف ست مرات من قبل قوات الدعم السريع، مما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 15 نازحا. وحذرت من أن ذلك - وبالتوازي تعبئة المقاتلين على أسس قبلية من قبل أطراف الصراع في أنحاء دارفور - يدل على أن الاستعدادات قد تكون جارية للمزيد من الأعمال القتالية.
وفي هذا السياق قال المفوض السامي: "إن أي هجوم واسع النطاق على مخيم زمزم ومدينة الفاشر من شأنه زيادة معاناة المدنيين إلى مستويات كارثية، وتعميق الوضع الإنساني المتردي أصلا، بما في ذلك ظروف المجاعة. يجب بذل كل الجهود، بما في ذلك من قبل المجتمع الدولي، لمنع مثل هذا الهجوم وانهاء الحصار".
كما دعا السيد تورك جميع أطراف النزاع إلى تبني جهود الوساطة بحسن نية، بهدف وقف الأعمال العدائية على الفور.