لجريدة عمان:
2024-12-28@07:21:16 GMT

أحداث غزة.. تعيد فهمي هويدي للكتابة

تاريخ النشر: 11th, February 2024 GMT

بعد غياب طويل عن الكتابة والظهور الإعلامي، استمر سبع سنوات، عاد الكاتب المصري فهمي هويدي إلى الكتابة من جديد، في مقال لموقع «الجزيرة - نت»، تحت عنوان «ما جرى في 7 أكتوبر»، نشره في التاسع والعشرين من يناير الماضي، تناول فيه طوفان الأقصى ومقدماته ومآلاته المتوقعة، ولم يخل المقال من التحليلات التي برع فيها هويدي، اعتمادًا على علاقاته المتعددة التي يستمد منها معلوماته.

يعود آخر مقال كتبه هويدي، إلى الأول من يوليو 2017 في صحيفة «الشروق» المصرية، وقيل حينها إنّ التوقف بسبب حصوله على إجازة صيفية، ويبدو أنّ الإجازة الصيفية امتدت حتى نهاية يناير 2024، وهي إجازة طويلة مملة لكاتب مهموم بالشأنين العربي والإسلامي. وطوال فترة الغياب لم يصدر عن هويدي أيُّ تصريح لوسائل الإعلام، ولم ينشر أيَّ مقال عبرها؛ ممّا أثار تكهنات بوجود ضغوط لمنعه من الكتابة، خاصة بعد أن نشر مقالًا أثار حملة هجوم شرسة ضده نُشر في صحيفة «الشروق» المصرية، بتاريخ 18 يوليو 2015، حيث صرح بعدها هويدي لموقع «هاف بوست»، في أغسطس التالي، أنه «يتلقى رسائل غير مباشرة قد تمثل ضغوطًا أو إشارات إلى شيء ما»، وكشف، آنذاك، عن منعه من السفر «لكن الأمر تمت معالجته من خلال اتصال جرى بين رئيس الوزراء (المصري) ووزير الداخلية، وتم رفع هذا الحظر».

وإذا كانت هناك ضغوطات مورست على الكاتب، وعلى صحيفة «الشروق» لإيقاف نشر مقالاته، إلا أنّ فهمي هويدي يؤمن - حسب تصريحه - «أنّ على الصحفيّ أن يتوقف عن الكتابة، حتى لا يخون قضيته الأساسية، عندما يعجز عن التعبير عن نفسه كمنبر وكضمير للمجتمع»، وهو بذلك يوجِّه رسالة هامة لكلّ الكتّاب والإعلاميين؛ فالكاتب قبل وبعد كلِّ شيء يجب أن يكون صاحب رسالة، وأن يمثّل ضمير المجتمع، ومتى ما عجز عن التعبير عن ضميره وضمير مجتمعه فالأولى له السكوت. وأظن أنّ هذا ما فعله هويدي، الذي دار حوله الجدل بسبب ما اعتبره كثيرون، أنه دائمًا يتجاوز «الخطوط الحمراء» في كتاباته، وبالتأكيد أنا أختلف معهم في هذا الرأي، لأني أؤمن أنّ من يقول الحق هو خير ناصح للوطن والمجتمع، وأنّ الضرر لا يأتي إلا من المطبِّلين، الذين يغيّرون مواقفهم حسب الظروف، وعندما تقرأ مقالاتهم لا تجد لها لونًا ولا رائحة ولا طعمًا؛ إذ هي مقالات تفتقد إلى الروح. ولم ينجح أيُّ مجتمع إلا إذا كانت حرية التعبير فيه مرتفعة، بحيث يُسمع ويُسمح فيه للرأي والرأي الآخر، والخطر غالبًا يأتي من الذي لا يملك رأيًا.

والكاتب فهمي هويدي متخصص في شؤون العالم العربي والإسلامي، ومن أبرز المفكرين المعاصرين، وتخصص في معالجة الشؤون الإسلامية بمشاركته في كثير من ندوات ومؤتمرات الحوار الإسلامي، وقام بزيارات عمل ميدانية إلى مختلف بلدان العالم الإسلامي في آسيا وأفريقيا، وتولى التعريف بها في سلسلة استطلاعات مجلة «العربي» الكويتية، في فترة نهاية السبعينيات، لكنه - رغم كتاباته الإسلامية الكثيرة - يتحفظ على حصره في إطار «الكاتب الإسلامي»، وتساءل في عدد من الحوارات التي أجريت معه عن معنى هذا «الختم» في حقيقته، وهو يعتد بكونه صحفيًّا أولا وأخيرًا، وتأثره في مشواره بالصحفيين الراحلين أحمد بهاء الدين، ومحمد حسنين هيكل.

وإذا كانت أحداث غزة قد أعادت هويدي إلى الكتابة، فإنّ ذلك ليس مستغربًا عليه، فقد كرس خلال الأعوام الأخيرة جزءًا كبيرًا من كتابته حول القضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي، إذ اعتبر أنّ القضية الفلسطينية هي القضية الأساسية للأمة العربية، وأنها تتعرض لمخاطر، منها محاولات تصفيتها، مدافعًا عن ثوابت الأمة، وحق الفلسطينيين في المقاومة، رافضًا سياسة ما أسماه «السلام الاستسلامي والتفريط في الحقوق العربية سواء في فلسطين أو غيرها».

في مقال العودة دعا هويدي إلى قراءة متأنية لخلفيّات وتداعيات الزلزال الذي حدث في غزة صبيحة السابع من أكتوبر الماضي، وبدأ بملاحظة شخصية، خلاصتها أنّ الحدث الجلل استدعاه للكتابة بعد انقطاع تجاوز سبع سنوات «بعدما عانيتُ من شعورٍ بالخجل، لازمني جنبًا إلى جنب مع شعوري بالبهجة والتفاؤل حينًا، والحزن والخزي في أحيان أخرى». وعزا سبب الخجل أنّ انقطاعه عن الكتابة ضمَّه تلقائيًا إلى مربع المتفرجين والصامتين، وهو ما نفر منه طوال ستين عامًا. ويقول إنه لم يجد حلًا للخروج من تلك الحالة إلا بالعودة المؤقتة للكتابة أيًا كان مدى تواضعها؛ اقتناعًا منه بأنّ الجهر بالتضامن والمساندة في هذه اللحظة التاريخية بات فرضَ عين على كلِّ من انتسب إلى حِرفة الكتابة، حتى وإن كان كذلك يومًا ما.

يتناول هويدي في مقاله إنجازات المقاومة الفلسطينية التي أصبحت فوق الإعجاز، بأنه رغم الحصار المُحكم على القطاع منذ ثمانية عشر عامًا، إلا أنّ المقاومة لم تستسلم لذلك الواقع القاسي، وكانت الأنفاق هي أبرز الحلول التي لجأت إليها، حتى يمكن القول إنّ قوات الاحتلال إذا كانت قد تحكمت في كلّ ما فوق الأرض، فإنّ المقاومة أقامت عالمًا آخر لا سلطانَ لإسرائيل عليه تحت الأرض، وأنّ عالم الأنفاق - التي يقدر طولها بحدود 500 كيلومتر - كان ولا يزال المصدر الأساسي للقوة العسكرية التي توفرت للمقاومة، وفيه كلّ مستلزماتها من ورش تصنيع السلاح بمختلف أنواعه، إلى شبكات الاتصال ومراكز التوجيه والسيطرة ومعامل التجارب الفنية والدقيقة. كما أنّ حشدًا غير قليل من خبراء بمختلف التخصصات اكتسبوا خبراتهم من الدراسة والعمل في العديد من دول العالم المتقدم والنامي، خصوصًا أنّ الفلسطينيين أدركوا أنهم يقفون وحدهم تمامًا أمام الاحتلال الصهيوني، وإلى جانب استعانتهم بالخبرات المكتسبة الدقيقة التي مكنتهم من صنع «المُسَيَّرات»، فإنهم استعانوا أيضًا بما توفر لهم من «خردة» في تصنيع السلاح، تولت عدة مخارط تهذيبها وتشكيلها لتتحول إلى أجزاء فعّالة في عملية التصنيع.

يذكر فهمي هويدي أنّ ثمة فرقًا بين كسب معركة وبين الفوز في الحرب. والأول إنجاز يتم أثناء جولات القتال، أما الفوز فهو لا يعلن إلا بعد وقف إطلاق النار وتوقف القتال، «لذلك فإنّ حفاوتنا بما حققته المقاومة في غزة يجب ألا تصرف انتباهنا عن ضرورة الاحتشاد لكسب الحرب ضد إسرائيل يومًا ما، حتى إذا كان بعيدًا. وتلك ليست مسؤولية الفلسطينيين وحدهم، ولكنها مسؤوليتنا جميعًا ليس من باب التضحية والنخوة، ولكن دفاعًا عن أمننا القومي والمصلحة الوطنية لكل قُطر عربي».

ويختم مقاله بعبارة مؤلمة ومؤسفة، ولكنها حقيقة إذ يقول: «من المؤسف أنني لا أكاد أجد أحدًا مشغولًا بالقضية الفلسطينية في الوقت الحالي، وأشهد بأنّ الفلسطينيين سبقونا بتقديم حصتهم فيها، وكتبوا صفحتهم ببسالة رجالهم ودماء شعبهم».

إنّ القضية الفلسطينية هي قضية أمة؛ وهذا يُلزم الكلَّ أن يقوم بدوره كلّ في مجال اختصاصه. وقد تابعنا الكاتب فهمي هويدي طوال سنوات طويلة وهو يصدح بالحق، مناصرًا القضية، ولم يكن ضمن مربع المتفرجين والصامتين، وهو المربع الذي لا يليق بفكره وقلمه وقامته. وإذا كان يقول إنه لم يجد حلًا للخروج من تلك الحالة إلا بالعودة «المؤقتة» للكتابة؛ فإنّ الواجب يحتّم عليه أن يواصل، وأن يجهر بتضامنه ومساندته للقضية التي آمن بها، وعليه أن يقطع إجازته سواء كانت اضطرارية أو جبرية، وألا تكون عودته مؤقتة.

زاهر المحروقي كاتب عماني مهتم بالشأن العربي ومؤلف كتاب «الطريق إلى القدس»

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: القضیة الفلسطینیة

إقرأ أيضاً:

خطى إنزاجي التصاعدية تعيد إنتر ميلان إلى القمة

شبكة انباء العراق ـــ سيف معتز محي ..

خطوة بخطوة يثبت سيموني إنزاجي، المدير الفني لإنتر ميلان، أنه أحد أفضل المدربين في العالم بالسنوات الأخيرة.
ورغم دخوله عالم التدريب في عام 2016 مع لاتسيو، إلا أنه نجح في وضع اسمه بين المدربين الكبار في العالم، بفضل إنجازاته وتأثيره الفني سواء على لاتسيو، ثم على إنتر ميلان.
فاز انزاجي بثلاثة ألقاب مع نسور العاصمة، وتوج بطلا لكأس إيطاليا على حساب أتالانتا، كما فاز بلقبي السوبر الإيطالي وكلاهما على حساب يوفنتوس.

تأثير سريع وبداية قوية

بدأ إنتر عهدا جديدا تحت قيادة إنزاجي، الذي وقع عقدا لمدة عامين، وفي موسمه الأول وبعد أشهر قليلة، قاد الفريق للفوز بلقب السوبر الإيطالي على حساب يوفنتوس، وأنهى الموسم بشكل لافت بعدما فاز بلقب كأس إيطاليا على حساب اليوفي أيضا بنتيجة 4-2.
أظهر الفريق التزاما على جميع المستويات بداية من الحارس مرورا بخط الهجوم، ليصبح الأقوى هجوما بالمسابقة وصاحب ثاني أقوى خط دفاع في الموسم الأول لإنزاجي.

وأنهى إنتر الموسم الأول لسيموني في المركز الثاني خلف البطل (ميلان) بفارق نقطتين فقط، بينما ودع دوري أبطال أوروبا من دور ال16 بخسارة أمام ليفربول، لكن الفريق أظهر روحا استثنائية، فبعد الخسارة بسان سيرو 0-2، ذهب لأنفيلد وأسقط ليفربول 1-0 لكن هذا الفوز لم يكن كافيا للعبور.

خطوات تصاعدية

رأى الجميع أن ما يقدمه إنتر إنزاجي على المستوى المحلي والقاري، والبصمة التي وضعها سيموني في فريقه حتى كون فريقا صلبا دفاعيا بشكل هائل، وقويا هجوميا، بعناصر وتدعيمات لم تكن في مستوى توقعات الجماهير.

ورغم توجه النادي خلال هذه الفترة إلى ضم لاعبين بشكل مجاني لا يكلفوا النادي تكلفة مالية كبيرة، إلا أن إنزاجي لم يتأثر بذلك بل إنه قام بالتكيف مع سياسة النادي.

في بداية عصر إنزاجي، غادر لاعبون بارزون لعبوا دورا كبيرا في 2021، مثل لوكاكو، حكيمي وبوليتانو.
في المقابل، ضم النادي لاعبين مجانيين مثل هاكان، وآخرين بسعر بسيط مثل دومفريس ودارميان ودجيكو وروبن جوسينس.

رغم هذه السياسة، سار الفريق مع إنزاجي بخطى ثابتة نحو القمة، فرغم خسارة الاسكوديتو لصالح نابولي في الموسم الثاني، إلا أن الإنتر حافظ على لقبي (كأس السوبر، وكأس إيطاليا).
بل وتخطى الفريق كل الحدود، ووصل لنهائي دوري أبطال أوروبا لأول مرة منذ 13 عاما، بعد سلسلة من الإقصاءات كان بينها إقصاء الغريم ميلان من نصف النهائي بفوز 3-0 بمجموع المباراتين.
في الموسم الثالث، كسر إنزاجي عقدته وتوج بلقب الدوري الإيطالي لأول مرة في مسيرته التدريبية، فبعد أن عُرف بكونه مدرب كؤوس، أصبح بإمكانه تغيير لقبه ليجمع بينهما.

وجاء هذا الانتصار بعد إسقاط الغريم مجددا في الكالتشيو بفوز 2-1 في 22 أبريل 2024، ليحسم النيراتزوري اللقب أمام أعين غريمه وجماهيره.

موسم منتظر للتاريخ

هذا الموسم يسير إنتر نحو المنافسة على كل شيء، فاكتمل الفريق تماما وأصبح التفاهم أقوى بين اللاعبين، ليصبح النيراتزوري مرشحا لكل البطولات.

في الدوري الإيطالي، يحتل الفريق المركز الثالث 37 نقطة، بفارق 3 نقاط عن المتصدر أتالانتا، لكن بين يديه مباراة مؤجلة أمام فيورنتينا، وكأس إيطاليا، وصل الفريق لربع النهائي لينتظر مواجهة لاتسيو.

ويستعد الفريق للمشاركة بكأس السوبر الإيطالي، ومواجهة أتالانتا في نصف النهائي، ورغم وجود يوفنتوس وميلان بالنصف الثاني، إلا أن إنتر هو المرشح الأوفر حظا بين الرباعي الموجود.
وفي دوري الأبطال، خسر إنتر مباراة واحدة وتعادل في أخرى، بينما فاز في 4 لقاءات، ليحتل المركز السادس برصيد 13 نقطة، ويصبح قوب قوسين أو أدنى من التأهل المباشر لدور الـ 16.

لمسات فنية
أصبحت جماهير إنتر ترى بأعينها اللمسات الفنية التي زرعها إنزاجي في لاعبيه منذ توليه المهمة،ومنها الكرات العرضية التي يمتاز الفريق بتطبيقها،
وينتظر عشاق إنتر موسما قد يكون تاريخي حال سار الفريق على نفس المنوال وبالنهج التصاعدي الذي يظهر عليه في كل مباراة.

user

مقالات مشابهة

  • أحمد فهمي يكتشف حقيقة يسرا الجديدي في "نقطة سودة"
  • نقطة سودة الحلقة 32 .. أحمد فهمي يكتشف حقيقة يسرا الجديدي
  • أحمد فهمي يكتشف حقيقة يسرا الجديدي في نقطة سودة
  • غلق كلي لكوبري تقاطع محور محمد على فهمي لمدة 30 يوما
  • تحويلات مرورية بمحور محمد علي فهمي بالقاهرة
  • فرنسا تعيد قاعدة"فايا" العسكرية في تشاد
  • رسميا.. فرنسا تعيد أول قاعدة عسكرية إلى تشاد
  • أبرز أحداث عام 2024 التي شغلت العالم
  • خطى إنزاجي التصاعدية تعيد إنتر ميلان إلى القمة
  • غدا.. الثقافة تعيد حفل نجوم الأوبرا بالإسكندرية