لجريدة عمان:
2024-10-02@06:21:55 GMT

لماذا يخاف الرئيس بايدن من إيران؟

تاريخ النشر: 11th, February 2024 GMT

ترجمة: أحمد شافعي -

غالبا ما تبدو إدارة بايدن خائفة من إيران أكثر مما تبدو إيران خائفة من إدارة بايدن. وهذه ديناميكية شديدة الخطورة على الولايات المتحدة. فهي تقوض الردع الأمريكي، الذي لا يعتمد فقط على القدرة الكبيرة التي تحظى بها المؤسسة العسكرية الأمريكية، بل وأيضا على إرادة استعمالها في الدفاع عن مصالح الولايات المتحدة.

وفي حين أن العمل العسكري الذي أمر به الرئيس جو بايدن هذا الأسبوع لمواجهة الحرس الثوري الإسلامي ومحور المقاومة التابع له يؤدي إلى إضعاف قدرة إيران، فإنه لا يردع إرادتها. يبدو الرئيس بايدن غالبا غير مرتاح إلى الحديث عن إيران. وعلى مدار رئاسته لم يدل بتصريحات جوهرية رسمية ترسم ملامح سياسته تجاهها. وهذا غير معتاد بالنسبة لنظام يمثل تهديدا كبيرا لمصالح وقيم أمريكية. في الثلاثين من يناير، حينما سئل الرئيس عن رده على قيام محور المقاومة الإيراني بقتل ثلاثة جنود أمريكيين في هجوم بطائرة مسيرة في الأردن، جاءت إجاباته قصيرة بينما كانت الطائرة الرئاسية تنتظره صاخبة في الخلفية لكي يغادر البيت الأبيض. وقد اعتمد على أقوال قصيرة ومكتوبة في كل ما يمت لإيران بصلة ومن ذلك الإعلان عن وفاة الجنود الأمريكيين في الثامن والعشرين من يناير وموعد رد الولايات المتحدة.

ويقال إن الرئيس تردد حتى في الإدلاء بخطاب إلى الأمة في هذا الأمر، وهو ما كان يفعله أسلافه عند أمرهم بعمل عسكري. وهو يشعر أن حديثا كبيرا «قد يفضي إلى تصعيد للتوترات مع إيران وإطلاق شرارة صراع إقليمي أكبر» بحسب مجلة بوليتيكو. وفي الأيام الأخيرة، سربت إدارته تقديرات استخباراتية صوّرت إيران بأنها غير محكمة السيطرة على وكلائها. وبدا أن هذا التسريب ذو طبيعة سياسية ويرمي إلى تبرير الاكتفاء باستهداف أذرع الأخطبوط ـ أي وكلاء إيران ـ بدلا من الرأس في طهران.

بل لقد مضى مسؤول رفيع المستوى إلى حد استبعاد علني لقيام الولايات المتحدة بضرب إيران، وهو أمر كان على مستشار الأمن الوطني أن يتراجع عنه في حوار تليفزيوني لما تسبب فيه من أضرار. وحينما ردت أمريكا أخيرا على هجمة الأردن، بضربات صاروخية استهدفت وكلاء لإيران في العراق وسوريا الأسبوع الماضي، اقتضى الاحتشاد لذلك أياما. وبالإضافة إلى الشفافية غير المعهودة بشأن توقيت الرد العسكري ودرجته، أتاح هذا للقادة في إيران أن يهربوا من العراق وسوريا إلى إيران طلبا للأمن.

وبعد القيام برحلة قصيرة إلى العراق ـ تم الترويج لها ترويجا لا يخلو من دلالة ـ قبل ضربات الثاني من فبراير العسكرية الأمريكية، سارع قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني إسماعيل قاآني بالرجوع إلى إيران، بادي الثقة في أنه لن يكون هدفا لأمريكا وأن بوسعه أن يأمن القيام بزيارة سريعة. وتم إخفاء قاآني بأمان في طهران مع نائبه محمد رضا فلاحزاده مع بدء الضربات الأمريكية الدقيقة.

إن حقيقة عزوف أمريكا الواضح عن خوض صراع مع إيران قد نمَّت عن ضعف. فصناع القرار الإيرانيون واعون بهذا تماما. وفي حال ظهور الرئيس خائفا من إلقاء كلمة، فإن هذا يشكك في خشية المرشد الأعلى في طهران تهديدا عسكريا حقيقيا لبرنامجه النووي.

وبرغم هذا الاسترضاء الأمريكي، لم ترد الجمهورية الإسلامية بالمثل. فقد استشعرت خوف الرئيس، وصور الإعلام الإيراني بايدن باعتباره داميا مليئا بالكدمات في الصفحات الأولى لجرائد من قبيل (همشهري) التي أطلقت عليه لقب «جراب التدريب على اللكم في المنطقة».

وفي ردها على هجمة الطائرة المسيرة الإيرانية على البرج 22 في الأردن مما أسفر عن مصرع ثلاثة جنود أمريكيين، ركزت إدارة بايدن ردها على: «مراكز القيادة والسيطرة ومباني المقرات ومراكز المخابرات ومرافق تخزين الصواريخ والقذائف والطائرات المسيرة ومرافق سلسلة توريد الذخيرة اللوجستية». وفي حين أن عدد الأهداف التي ضربتها الولايات المتحدة ربما يكون قد زاد مقارنة بالردود السابقة، إلا أن النوعية ظلت على حالها. وينصب التركيز على البنية الإقليمية لفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني ووكلائه. وتحاول الولايات المتحدة أيضا تجنب سقوط قتلى إيرانيين في هجماتها. وهذا يعد لعبا وفق القواعد الإيرانية. فإيران أكثر من سعيدة بالقتال حتى آخر عراقي.

وحتى في اليمن، ركزت إدارة بايدن حصريا على أهداف تابعة للحوثيين وتجنبت أهداف الحرس الثوري الإيراني مثل سفينة التجسس بهشد، التي توفر معلومات استخباراتية للحوثيين تمكن المسلحين من استهداف الشحن الدولي. ومن المحتمل أيضا أن يكون الرئيس قد أذن بعمليات سيبرانية، لكن لم يتم الإعلان عن تفاصيلها.

ولا يشير تاريخ ردود الجمهورية الإسلامية على الهجمات الأمريكية والإسرائيلية على أهداف إيرانية إلى أن الرئيس بايدن يجب أن يظهر هذا النوع من ضبط النفس. ففي عام 1988، عندما أطلقت الولايات المتحدة عملية «فرس النبي»، التي أغرقت نصف البحرية الإيرانية، تراجعت الاستفزازات البحرية الإيرانية وأسهمت الواقعة في إنهاء الحرب الإيرانية العراقية. وعندما أدى انفجار غامض في عام 2011 في بيدجانه إلى مقتل سبعة عشر فردا من القوات المسلحة الإيرانية، منهم والد برنامج الصواريخ التابع للحرس الثوري الإيراني، حسن طهراني مقدم، ظهرت العديد من التقارير الصحفية التي تشير إلى أن إسرائيل كانت وراء الواقعة. فلم يفض ذلك إلى حرب. وبعد أن قتلت إسرائيل في عام 2022 ضابطا في فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، هو حسن صياد خدايي، القائد الكبير في الوحدة «الإرهابية» السرية 840 خارج الحدود الإقليمية في قلب طهران، لم تندلع الحرب أيضا. فيجب أن تتعلم الولايات المتحدة من هذه التجارب الإسرائيلية.

وحتى بعد أن قتلت الولايات المتحدة قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني علنا في العراق عام 2020، فإن ذلك لم يتسبب في الحرب. ردت إيران بهجوم صاروخي كبير على قاعدة عين الأسد الجوية فلم تسفر عن مقتل أي أمريكي. لكن علي شمخاني، أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني آنذاك، قال في وقت لاحق إن إيران أنذرت العراق مسبقا، فأبلغ العراق، وفقا لبعض الروايات، واشنطن (برغم تأكيد بعض المسؤولين الأمريكيين بعد ذلك أن إيران كانت لديها النية الأكيدة لقتل أمريكيين في المقابل وكانت المعلومات الاستخبارية الجيدة هي التي أنقذت الأرواح).

منذ عام 1979، نجحت إيران في ردع الولايات المتحدة عن شن ضربات عسكرية على أراضيها برغم أربعة عقود من عدوانها على الولايات المتحدة، ومن ذلك مؤامرات اغتيال نظمها الحرس الثوري الإيراني ووزارة المخابرات الإيرانية على الأراضي الأمريكية. لكن الولايات المتحدة ترددت، وردعت نفسها بنفسها، وأبدت درجة غير مبررة من الاحترام لإيران. والطريقة الوحيدة لتغيير التصورات الإيرانية عن افتقار الولايات المتحدة إلى العزيمة تتلخص في إحداث صدمة للجمهورية الإسلامية وإخراجها من حالة الرضا عن النفس من خلال توجيه ضربات مباشرة إلى أهداف استراتيجية ذات قيمة بالنسبة للمرشد الأعلى.

جيسون م. برودسكي مدير السياسات في منظمة (متحدون ضد إيران النووية) (UANI)، وباحث غير مقيم في برنامج إيران التابع لمعهد الشرق الأوسط.

عن موقع سبكتيتور

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: القدس التابع للحرس الثوری الإیرانی الولایات المتحدة إدارة بایدن

إقرأ أيضاً:

"أكسيوس": إسرائيل تطلب من الولايات المتحدة ردع إيران بعد اغتيال زعيم حزب الله

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أورد موقع "أكسيوس" الأمريكي أن إسرائيل طلبت من الولايات المتحدة، اتخاذ خطوات لردع إيران عن مهاجمة إسرائيل؛ ردا على الغارة الجوية الإسرائيلية في بيروت التي أدت إلى مقتل زعيم "حزب الله" حسن نصر الله وجنرال إيراني كبير.


جاء الطلب الإسرائيلي للحصول على الدعم الأمريكي بعد أن تغير موقف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تجاه الدفع الأمريكي لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله وشن الهجوم الضخم دون التشاور المسبق حتى مع حث الولايات المتحدة على خفض التصعيد.
ونقل موقع "أكسيوس" عن أحد المسئولين الأمريكيين القول - عن اغتيال نصر الله - "من المحبط أن يفعل الإسرائيليون هذا دون استشارتنا ثم يطلبون منا أن ننظف عندما يتعلق الأمر بردع إيران".
وأشار المسؤولون الأمريكيون - بحسب الموقع - إلى أن إدارة الرئيس جو بايدن تدعم قتل نصر الله، لكنها محبطة بسبب الافتقار إلى التشاور والشفافية من الجانب الإسرائيلي.
وأضافوا أن الأولوية القصوى لإدارة بايدن الآن هي تجنب غزو بري إسرائيلي في لبنان، فضلا عن منع التدخل الإيراني المباشر في القتال والتوصل إلى حل دبلوماسي؛ يسمح للمدنيين على جانبي الحدود الإسرائيلية اللبنانية بالعودة إلى ديارهم.

مقالات مشابهة

  • المرشح لمنصب نائب الرئيس الأمريكي: إيران استخدمت «أموال بايدن» لضرب حلفائنا
  • الخارجية الأمريكية: الولايات المتحدة ستنسق الرد على الهجمات الصاروخية الإيرانية مع إسرائيل
  • الولايات المتحدة تعترض عددا من الصواريخ الإيرانية الموجهة لإسرائيل
  • “إن بي سي”: الولايات المتحدة عاجزة والبيت الأبيض محبط ونتنياهو يحدد “أجندة” الشرق الأوسط وليس بايدن
  • بايدن يخلط بين الغارات الإسرائيلية في اليمن وإضراب عمال الموانئ في الولايات المتحدة
  • "إن بي سي": الولايات المتحدة عاجزة ونتنياهو يحدد "أجندة" الشرق الأوسط وليس بايدن
  • إسرائيل تطلب من الولايات المتحدة منع إيران من الرد على اغتيال حسن نصر الله
  • إيران: اغتيال نائب قائد الحرس الثوري الإيراني في لبنان لن يمر دون رد
  • "أكسيوس": إسرائيل تطلب من الولايات المتحدة ردع إيران بعد اغتيال زعيم حزب الله
  • الخارجية الإيرانية: الولايات المتحدة شريكة في اغتيال نصر الله