الفلكي الجوبي يحذر من نجم «الضريب» ويحسم الجدل في اول ايام شعبان
تاريخ النشر: 11th, February 2024 GMT
وقال الجوبي في حسابه بمواقع التواصل الاجتماعي ان الليلة هو اولى ليالي نجم خامس الصواب والمتميز عادة بضريب المحاصيل.
واكد ان اليوم الاحد اول ايام شهر_شعبان ١٤٤٥ معللا ان منظر الهلال الليلة ليس دليلا على حلول اول ايام الشهر يوم الجمعة الماضية.
وقال: منظر الهلال الليلة كبير نفس منظر هلال رجب وحينما رأوا هلاله كبيرا أدخلوا رجب من يوم الجمعة وكان خطأ جسيما لأن يوم الجمعة كان إكمال جمادى الاخيرة
.المصدر: ٢٦ سبتمبر نت
إقرأ أيضاً:
أبوغسان والفرق بين ان تحكم ثلاثة ايام وثلاثين عام (3/3)
بسم الله الرحمن الرحيم
بقلم: رائد مهندس محمد احمد ادريس جبارة
ganaboo@gmail.com
أبوغسان هو العميد ركن عصام الدين ميرغنى طه هو كاتب عسكرى مميز . وقد تواصل معى الاستاذ عزت ميرغنى طه شقيق العيد ركن عصام ووضح التالى : (كلما كتبت صحيحا إلا علاقة اخي عصام الدين بطه الريفي ومدينة القضارف. ) فهو بذلك ينفى المعلومة التى اوردنها فى الحلقة الاولى (أبوغسان هو. وابن اخ الكاتب المعروف محمد طه الريفى . وقد درس هو وشقيقه عصمت جزء من المرحلة الابتدائيه بمدرسة ود السيد الابتدائية بالقضارف حيث كان عمهم مديرا لها.) فهذه المعلومة غير صحيحة والتحية للاخ عزت ميرغى طه وله الشكر على هذا التصحيح … وفى هذه الحلقة نعرض لتنظيم الاسلامين فى الجيش كم صوره العميد ركن عصام فى كتابه الماتع.. وكيف انتهى الامر الى ثورة الانقاذ(انقلاب الاسلاميين )... وكيف اظهره العميد ركن عصام الدين ميرغنى طه فى كتابه (الجيش السودانى والسياسة) من صفحة 219االى 253…والكاتب رغم عداءه الواضح للانقاذ لكنه لا يسرد الا حقائق ويتجنب التهويل والتحقير لذا يصدق قول الحكمة فيه(عدو عاقل خير من صديق جاهل)..
وهنا نعرض لما جاء فى صفحة 224وحتى 236 ( استراتيجية الخرق – ١٩٧٧..الاخوان المايويين...استوعبت جماعة الإخوان المسلمين فشل تجربة المعارضة الخارجية المسلحة للنظام المايوي، وضرورة مصالحة النظام قبل كل الأطراف الأخرى المكونة لـ «الجبهة الوطنية»، فكانوا هم أول من أرسل مذكرة من داخل سجن كوبر في العام ۱۹۷۷، طالبين المصالحة والانخراط في النظام المايوي تحقق لهم ذلك في ٧ يوليو ۱۹۷۷، حينما وقع الصادق المهدي، رئيس «الجبهة الوطنية» المعارضة، اتفاقية «المصالحة الوطنية» في مدينة بورتسودان. بنت حركة الإخوان استراتيجيتها في قبول «المصالحة الوطنية» والانخراط في النظام المايوي بنــــــــاء علي معطيات واقعية تتمثل في أن فترة العمل الخارجي أبعدتهم عن قواعدهم، وأدخلتهم في عداء مع القوات المسلحة ، ولذا وضحت لهم إيجابية المشاركة في السلطة للتغلغل في كل هياكل النظام الحاكم لإضعافه وضربه من الداخل. كانت أولى الخطوات هي دخول الدكتور حسن الترابي في ۱٦ مارس ۱۹۷۸) إلى الاتحاد الاشتراكي» - الحزب الحاكم - كعضو في المكتب السياسي ضمن آخرين من المعارضة الوطنية علي رأسهم الصادق المهدي وأحمد الميرغني.
تركز كل جهد حركة الإخوان المسلمين بعد مصالحة العام ۱۹۷۷ علي العمل التنظيمي وهي البداية الحقيقية للعمل التنظيمي السري الجاد في الحركة الطلابية رصيدهم الوحيد حتـــى ذلك الوقت، وامتد نشاطهم السري إلى كل القطاعات الأخرى، بما فيها القوات المسلحة وأجهزة الأمن. يقول الدكتور حسن الترابي: «أما بعد المصالحة في العام ۱۹۷۷ فقد حدثت نهضة تنظيمية شاملة اعتباراً بتجارب فترة الجهاد و استيعاباً لمحصولها في إمتدادات العمل الاجتماعي والاقتصادي والأمني والخارجي ونحو ذلك، واستمرت هذه النهضة أعواما فأحدثت تحولا»1. ساعد حركة الإخوان علي الانطلاق التنظيمي والانتشار القدرات المالية الكبيرة التي توفرت لهم خلال فترة العمل الخارجي، والاستثمارات التجارية الرابحة التي قامت بها كوادر التنظيم، خاصة في المملكة العربية السعودية ومنطقة الخليج.
وضع الدكتور حسن الترابي استراتيجيته لبناء التنظيم علي أربع ركائز حركية: (2) «الانتشار والاختراق والاحتلال والاستيلاء». وتحركت الحركة في أربعة محاور رئيسية، هــــي المجال الاقتصادي، الحركة الطلابية، الإعلام والنشر، والقوات المسلحة القوات النظامية الأخرى.
المجال الاقتصادي :-
في المجال الاقتصادي، قامت حركة الإخوان المسلمين بتحويل كل استثماراتها واحتياطات في الخارج إلى داخل السودان، وذلك في شكل مشروعات واستثمارات تجارية، وأسهم مالية في النظام المصرفي، وتأسيس بنوك وشركات تأمين إسلامية، ومؤسسات تنموية.. ويقدر أن للإخوان المسلمين حوالي ٥٠٠ شركة من كبيرة وصغيرة في عام ۱۹۸۰، و تصل حجم رؤوس أموالهم لأكثر من ٥٠٠ مليون دولار متداولة ما بين هذه الشركات في الداخل». كان ذلك المعين الاقتصادي الضخم هو عامل النجاح الأول في تحقيق استراتيجية الاختراق، فقد توفي التمويل الكافي للصرف بلا حدود علي كل الأنشطة التنظيمية. )3
الحركة الطلابية :-
استمر التركيز علي الحركة الطلابية، فهي الرصيد الأمثل للمستقبل، وظهرت تلك الحركة تحت اسم «الاتجاه الإسلامي»، فوجدت من أجهزة النظام المايوي الحاكم حرية العمل والحركة لمجابهة الحركة الطلابية اليسارية المعارضة للنظام المايوي، مما أتاح لها قدرة عالية للنمو والانتشار. استمر بناء الحركة الطلابية وفق مفهوم تطويري يهدف لبناء قاعدة متخصصة في كل المجالات، وشهدت تلك الفترة إيفاد العشرات من كوادر التنظيم للدراسة والتخصص في الخارج. أما القاعدة الطلابية الأعم، فقد استمر تنظيمها علي خطوط تنظيمية صارمة في الولاء المطلق للتنظيم والجماعة، وفي الأمن والسرية. كان واضحا الاهتمام الكبير في بناء الكادر الإخواني المصادم الذي سيكون الرصيد الأساسي في خطط الاستيلاء علي السلطة مستقبلا، والحفاظ عليها.
أما عن أسلوب بناء الكادر الطلابي الملتزم، وتجهيزه بالولاء المطلق، وجرعة العنف
القصوى، فقد جاءت الإفادة من داخل التنظيم، ومن عضو حركة الإخوان المسلمين، الكاتب الإسلامي عمار محمد آدم لصحيفة «الأيام» السودانية، وقد نقلته عنها صحيفة «البيان» الإماراتية: «إن الحركة الإسلامية جندته منذ أن كان طالبا في مرحلة الأساس التعليم الابتدائي) وربت فيه روح العنف واستثمرتها لتحقيق أهدافها السياسية بحجة أن فكرة الجهاد تعني ممارسة العنف تجاه الآخرين حتى يصبح الجهاد هدفاً لذاته وأصلاً من الأصول، والحقيقة أن الأصل هو الحق، والجهاد إنما يمارس لمجرد حماية الحق».. وأضاف قائلاً: «فنحن لم نكن نعرف ما هو الحق من خلال رؤية دينية أو فلسفية أو عقائدية للحياة والأشياء، ولكننا كنا نعلم وسائل العنف باعتبارها هي الجهاد ولا أعتقد أن في ذلك شيئا من الحقيقة.(
وذكر عمار: «أن تجربته مع العنف داخل الحركة الإسلامية الصادر منها، والوارد من بعد لا تعبر إلا عن روح استقيتها من بيئتي في شرق السودان وقد فرض علي الاتجاه في طريق العنف من قبل الحركة الإسلامية وضغط مجتمعها والتي تفرض علي العضو اتجاهاً يكتشف فيما بعد أنه لا يعبر عنه، والحركة تنشط بعض الصفات في شخص وتطمس صفات أخري من خلال الضغط الاجتماعي والتعريف التنظيمي».. واستطرد قائلاً: «وعلي مستوي الأحداث السياسية ترتبط الحركة الإسلامية بالعنف من خلال أدبياتها ووثائقها المتمثلة في الكتاب المقروء والأفلام المشاهدة والأناشيد والقصائد. لذلك يمكن اعتبار الحركة الإسلامية معسكراً تحشد فيه روح المصادمة والقتال من غير تحديد الأهداف بدقة).4
وكشف أيضاً عمار : انهم كانوا في عهد الحكومة الحزبية (١٩٨٦-١٩٨٩) يتدربون علي تعبئة القنابل في غرف مظلمة ملحقة بمنازل ينقلون إليها وعيونهم معصوبة، لا يعرفون مكانها حاليا، كما أنهم تلقوا تدريبا علي الأسلحة في منطقة جبلية تقع بين الخرطوم ومدينة شندي (١٦٠ كيلومترا شمال العاصمة.)4
الإعلام والنشر :-
المحور الرابع في استراتيجية الاختراق كان هو الإعلام والنشر وبلا شك أن حركة الإخوان المسلمين في السودان كانت الأسبق في معرفة تأثير الإعلام والنشر على تشكيل الرأي العام وسياسات المستقبل شهدت فترة نهاية السبعينات إرسال العشرات من كوادر التنظيم لأرقى الجامعات العالمية، لدراسة فنون الإعلام والاتصال الجماهيري وتقنية المعلومات، وكانت «جامعة انديانا بالولايات المتحدة الأمريكية هي كعبة الإعلام للإسلاميين. ويمكن أن نلاحظ بوضوح ظهور تلك القدرات الهائلة خلال الفترة الانتقالية التي أعقبت سقوط النظام المايوي، وفي فترة الديمقراطية الثالثة القصيرة ( ١٩٨٦ - ۱۹۸۹ حينما ظهرت قدرات حركة الإخوان المسلمين الهائلة في السيطرة علي الصحافة، وقدرات العمل الإعلامي والتعبوي.. «إصدار عدد كبير من الصحف والمجلات - الراية، ألوان، صوت الجماهير السوداني، سنابل.. إلخ». عقب استيلاء الجبهة القومية الإسلامية علي السلطة في العام ۱۹۸۹ ، ظهرت تلك الكوادر المجهزة، وقامت بعد طرد معظم الإعلاميين من مؤسسات الإعلام القومية بتبؤ مواقعها المحددة سلفاً، لتقود موجة
التبشير بـ «المشروع الحضاري المزعوم».
اهتمت حركة الإخوان المسلمين كثيراً بمجال تقنية المعلومات، ودرب التنظيم العديد من
الكوادر في علوم الحاسبات والبرمجة، مما مكنهم من بناء قاعدة بيانات ضخمة عن التركيبة الاجتماعية والاقتصادية للدولة السودانية. تمت الاستفادة من تلك القاعدة البيانية الضخمة في إحراز مكاسب كبيرة في انتخابات العهد الديمقراطي العام ١٩٨٦ ، وشكلت بعد الانقلاب والاستيلاء على السلطة في ٣٠ يونيو ۱۹۸۹ أساس عمليات الفصل والتشريد، وإحلال كوادر التنظيم في كل الوظائف المفصلية في الوزارات السيادية والخدمية. ويذكر في هذا الجانب، أن كوادر تنظيم الإخوان المسلمين المتخصصة في تقنية المعلومات، ساهمت بصورة مباشرة في وضع الخارطة الانتخابية لـ حزب النهضة الإسلامية الجزائري مما مكنه من الفوز في انتخابات الجزائر في العام ۱۹۹۱.
(2)
البناء العسكري الإسلامي ۱۹۷۷ - ۱۹۸۵
التنظيم السري والجناح العسكري
بدأت حركة الأخوان المسلمين في إعادة بناء التنظيم السري» بعد «المصالحة الوطنيـة مع النظام المايوي في العام ۱۹۷۷ ، بحيث يتبع مباشرة للدكتور حسن الترابي)5، وكان يليه في المسئولية علي عثمان محمد طه، ويضم مجموعة من المستشارين العسكريين والمدنيين في تخصصات مختلفة، تشمل الأمن والمعلومات والعلاقات الخارجية اتسم التنظيم السري منذ إنشائه في منتصف الخمسينات بالانضباط التنظيمي والأمني الصارمين، ويتم اختيار الكوادر المرشحة للتنظيم السري من العضوية الملتزمة، ويكون التعامل بأسماء رمزية وشفرة خاصة، ويؤدي كل فرد يتم اختياره لذلك التنظيم قسم الولاء والبيعة.
تم تنفيذ خطة البناء العسكري لحركة الإخوان المسلمين عبر محورين: المحور الأول، تدريب كوادر التنظيم السري علي العمل القتالي بمختلف أنواعه وفنونه، ويشمل ذلك التدريب علي الأسلحة والمتفجرات والأمن والاستخبارات.. أما المحور الثاني، فقد هدف إلى الاختراق والتسرب بصورة هادئة إلى صفوف القوات المسلحة السودانية.
أ. المحور الأول: التنظيم السري المدني:
كانت النواة الأولى والأساسية التي بدأت بها إعادة البناء هي مجموعات الكوادر التي وجدت فرص التدريب والتأهيل العسكري في معسكرات الجبهة الوطنية في إثيوبيا وليبيا خلال الأعـــــوام ١٩٧٠-١٩٧٦ . مع بداية حقبة الثمانينات، توسعت فرص التدريب نتيجة لحرب المجاهدين في أفغانستان، وانتصار الثورة الإسلامية في إيران بدأت حركة الإخوان المسلمين في إرسال كوادر منتقاة بصورة سرية لتلقي التدريب العسكري في معسكرات تدريب المعارضة الأفغانية في مناطق بيشاور شمالي الباكستان عند الحدود مع أفغانستان وهي التجربة الجهادية التي أفرزت ظاهرة الأفغان العرب» التي أقلقت مضاجع العالم في سنوات التسعينات وما بعدها.
كان «التنظيم الدولي لحركة الإخوان المسلمين» يتولي إجراءات تسفير المتطوعين العرب واستقبالهم في معسكرات التدريب والجهاد في أفغانستان، وتلك فرصة ذهبية لتدريب وتأهيل كوادر التنظيم السري لحركة الإخوان المسلمين السودانية. في مرحلة لاحقة من حقبة الثمانينات، وفرت إيران تدريب نوعي متقدم لتلك الكوادر المنتقاة. ذكر مرة أستاذ سابق في جامعـــة الخرطوم: «إنهم كانوا مجموعة من أساتذة جامعة الخرطوم في زيارة أكاديمية لجامعة طهران حينما اختفي منهم عضو الوفد الدكتور نافع علي نافع وعاد بعدهم إلى الســـودان بفترة».. ويستطرد ذلك الأستاذ الجامعي فيقول: «إنه لم يفهم إلا بعد أن رأي دكتور نافع علي قمة الأجهزة الأمنية بعد انقلاب الجبهة الإسلامية في يونيو ۱۹۸۹».. تأكدت تلك المعلومة أيضاً من د. منصور خالد: «أستاذ جامعي في كلية الزراعة أوهم رؤساءه بأنه ذاهب في إجازة سبتية لتطوير معارفه في الزراعة في طهران وبدلاً عن هذا ذهب يتعلم فيها فنون التعذيب والإرهاب. والنافع اسم من أسماء الله الحسنى، والنفع خير».6 في مرحلة لاحقة، خلال حقبة الثمانينات وبعد تعذر الاستفادة من المعسكرات الأفغانية، تم الاتجاه إلى منطقة سهل البقاع في لبنان لتلف التدريب في معسكرات التنظيمات الإسلامية اللبنانية والفلسطينية.
لم يقتصر تدريب كوادر التنظيم السري علي الخارج فقط، فقد عملت الحركة علي إجراء تدريب داخلي محدود علي استخدام الأسلحة في مناطق خلوية نائية، وأيضا التدريب علي التفجيرات، وتصنيع قنابل المولوتوف، وعمليات الأمن والتجسس، في منازل ومزارع مؤمنـــــة خاصة بالتنظيم في ضواحي العاصمة الخرطوم، وقد سبق تأكيد ذلك من مصدر منهم. منذ منتصف السبعينات، بدأ التنظيم السري المدني لحركة الإخوان المسلمين في تنفيذ مهام تنظيمية سرية، وقد جاء التأكيد من أحد مؤرخي الجماعة: «خلقت حركة شعبان (أغسطس (۱۹۷۳) الإطار الموضوعي لنمو تنظيم إسلامي مؤهل للقيام بأعمال فدائية، تمثلت في حرق مكاتب توتوكورة المراهنات الرياضية وتدمير عدد من الحانات وتوزيع المنشورات في دواوين الحكومة ووسط العسكريين وتشغيل إذاعة سرية ضد النظام، وتأمين سلامة الإخوان القيـــــاديين واختراق أجهزة النظام ورصد تحركاته».7
ب. المحور الثاني: التنظيم العسكري:
بدأ تنفيذ خطة تسرب عناصر تنظيم الإخوان المسلمين إلى داخل القوات المسلحة بعد «المصالحة الوطنية» مع النظام المايوي في العام ۱۹۷۷ صَدَرَ توجيه لكوادر التنظيم المتخرجة من المدارس الثانوية بالتقديم لدخول الكلية الحربية السودانية في هدوء. ومنذ ذلك العام دخلت أعداد ليست بالقليلة إلى الكلية الحربية، وتخرجت في سلك الضباط لتعمل في مختلف الوحدات. يعزز هذا المنحي ويثبته العدد الكبير من الضباط برتبة الرائد والنقيب الذين ظهروا خلال تنفيذ انقلاب ۳۰ يونيو ۱۹۸۹ . وتأكد ذلك بوضوح أكثر حينما تم نقل العديد من الضباط الموالين للجبهة الإسلامية من الأقاليم - بعد نجاح الانقلاب - للعمل في وحدات القوات المسلحة في العاصمة الخرطوم، والمناط بها تأمين الانقلاب، أو «ثورة الإنقاذ» كما أطلقوا عليها.
الجزئية الأخرى التي بدأ التنظيم في تسريبها هم خريجي الجامعات من كوادر التنظيم فــــــي مختلف التخصصات من طب وهندسة وعلوم أخرى تم توجيه تلك الكوادر بالتقدم لسلك الضباط الفنيين في القوات المسلحة، والانخراط في الأسلحة الفنية، كالسلاح الطبي والقوات الجوية والأشغال العسكرية والشئون المالية. بعض أولئك الفنيين الذين شاركوا في انقلاب ٣٠ يونيـــو ۱۹۸۹ كانوا من خريجي الكلية الفنية العسكرية المصرية»، وقد انكشفت تلك الكلية كبؤرة للتنظيمات الإسلامية المتطرفة عند اصطدام «حركة الجهاد المصرية» - مجموعة عبود الزمر مع حكومة الرئيس السادات في حقبة السبعينات. وضح بجلاء فيما بعد نجاح التنظيـــــــم فــــي إشراك أكثر من خمسة عشر ضابطاً من الفنيين في انقلاب ۳۰ يونيو ۱۹۸۹ ، وكان علي رأسهم قيادات تنظيمية عليا، مثل العقيد مهندس عبد الرحيم محمد حسين والمقدم طبيب الطيب إبراهيم محمد خیر «الطيب سيخة»، والرائد طبيب أحمد قاسم. 8
هنالك ملاحظة جديرة بالاهتمام في هذا الجانب، وهي أن الجهة المختصة بقبول واختيـــــــار الضباط الفنيين في القوات المسلحة السودانية هي «شعبة المعاهد و الكليات» التابعة لفرع شئون الضباط في القيادة العامة للقوات المسلحة في الفترة من العام ۱۹۷۹ وحتى العام ۱۹۸۹ ، تبوأ قيادة تلك الشعبة ثلاثة من الضباط الذين عرفوا بانتمائهم للاتجاه الإسلامي. والملاحظة الأكثر وضوحاً، هي أن اثنان منهما ظهرا في مجلس قيادة ثورة الإنقاذ بعد نجاح انقلاب الجبهة الإسلامية وهما العميد عثمان احمد حسن والعميد فيصل علي أبو صالح.
بعد العام ،۱۹۷۷ ، ))أي بعد المصالحة الوطنية»، صدر توجيه من قيادة الحركة بإعادة الاتصال بكل ضابط في القوات المسلحة السودانية سبق له الدخول في حركة الإخوان في مراحل الدراسة السابقة كطلاب، ثم انقطعت صلتهم التنظيمية بنفس القدر من الاهتمام، بدأت حملة الاستقطاب والتجنيد وسط ضباط القوات المسلحة بواسطة الكوادر الملتزمة من أقرباء وأهل الضباط المستهدفين. كان واضحا نجاح تلك الحملة التجنيدية، حيث توسع التنظيم العسكري وظهر فيه ضباط برتب كبيرة حتى رتبة اللواء، لهم انتماء تنظيمي واضح للحركة. في العام ١٩٨٢ كانت هنالك معلومات شحيحة عن وجود تنظيم للضباط الإسلاميين داخل القوات المسلحة. أشارت تلك المعلومات إلى ضلوع العميد مهندس الهادي المأمون المرضي في ذلك النشاط. إن القريبين من العميد الهادي المأمون لا يرون فيه سمة الضابط الإخواني الملتزم، وصفاته العامة والخاصة لا تنم عن ذلك.. وإن أكد لي أحد زملاءه في الدراسة أن الهادي المأمون المرضي قــد تم تجنيده في حركة الإخوان المسلمين عندما كان طالباً في مدرسة وادي سيدنا الثانويـــــة خــلال العام ١٩٥٧. ظلت تدور اتهامات داخل القيادة العامة للقوات المسلحة في بداية الثمانينات ضد العميد الهادي المرضي لعدم تفرغه ، وعمله في شركة مقاولات خاصة به، وإهمال واجبات خدمته في القوات المسلحة.. في تلك الفترة قامت شركة المقاولات التي يملكها العميد المرضي بتنفيذ إنشاء مبنى في منطقة سوبا يحتوي على مخبأ تحت الأرض كان يطلق عليه اسم 1 ، وقد استخدم لوضع أجهزة إذاعة واتصالات دقيقة تابعة للاستخبارات الأمريكية، كانت تقوم ببث إذاعات موجهة ضد الأنظمة الحاكمة في ليبيا ،وإثيوبيا، إضافة للتنصت بعيد المدى علي الدول. أبعد العميد مهندس الهادي المأمون المرضي من القوات المسلحة في العام ١٩٨٨، لأسباب غير معلومة لي. ولكن.. كانت المفاجأة هي في ظهوره بعد يوم واحد من انقلاب الجبهة الإسلامية في ۳۰ يونيو ۱۹۸۹ كشخص له نفوذ كبير في السلطة الجديدة، إذ قام بتفقد دار الضيافة التي كانت تضم المعتقلين من قادة القوات المسلحة، وكنت شاهد عيان لروح الغبطة و التشفي التي ظهرت عليه خلال طوافه غير المبرر علي منطقة عسكرية وهو متقاعد خارج الخدمة. عند صدور قرار تعيين مجلس وزراء الانقلاب، عُيّن اللواء مهندس الهادي المأمون المرضي وزيراً للأشغال العامة، وكان يقول للمقربين منه: «في واقع الأمر.. أنا رئيس نفس هذه الحكومة.. ( I am the de-factco Prime Minister of this government )».
تُجمِعُ كل المصادر علي أن البداية الجادة لبناء تنظيم عسكري فاعل لحركة الإخوان
المسلمين داخل القوات المسلحة كانت بعد العام ۱۹۸۰. وكذا تُجمع المصادر، ويؤكـ الشهود علي أن أول مسئول عسكري للتنظيم العسكري تم تعيينه بعد ذلك التاريخ هو «المقدم طيار مختار محمدين»، الذي قتل وهو برتبة العقيد عندما تحطمت طائرته في سماء مدينة الناصر بأعالي النيل في نهاية العام ۱۹۸۸.. وتُجمع المصادر أيضا أن تجنيد العقيد طيار محمدين قد تم بواسطة راشد عبدالرحيم، وهو أحد كوادر الأخوان المسلمين العاملين في حقل الصحافة، ويمـــت بصلة قرابة مباشرة لمختار محمدين بدأ المقدم مختار محمدين حملة تجنيد سرية في القوات الجوية، وقد ذكر لي العقيد طيار مصطفي الدويحي أنه كان في مهمة رسمية إلى ألمانيا في مطلع الثمانينات وبصحبته مختار محمدين، وقد حاول الأخير جاهداً تجنيده لتنظيم الإسلاميين، لكنــــه رفض محاولته متمسكاً بقومية الانتماء للقوات المسلحة. كان العقيد مهندس جوي عبدالرحيم محمد حسين9، هو الساعد الأيمن لمختار محمدين في التنظيم، وقد تمكنا سوياً من بناء قاعدة جيدة لحركة الإخوان المسلمين داخل القوات الجوية، ويظهر ذلك بوضوح في عدد المشاركين من الضباط الفنيين بالقوات الجوية في انقلاب ۳۰ يونيو ۱۹۸۹.
الرجل الثاني في التنظيم، والذي قام بمجهودات كبيرة في بناء التنظيم العسكري السري وكلف بمهام حيوية قبل الانقلاب، هو العميد كمال علي مختار ، (10) وهو كادر ملتزم في حركة الأخوان المسلمين منذ فترة دراسته في مدرسة دنقلا الثانوية»، لكنه حجب تلك المعلومات بإظهاره للقومية المطلقة للقوات المسلحة، وتطبيق أقصى قدر من السرية والحذر في تحركاته ونشاطه التنظيمي. في نهاية السبعينات أوفد العميد كمال علي مختار إلى منطقة الخليج معاراً للعمل في جيش دولة الإمارات العربية المتحدة. كانت تلك الفترة هي المرحلة الذهبية لعمل تنظيم الإخوان المسلمين في مناطق الخليج العربي والمملكة العربية السعودية، وقد استثمرت بذكاء لتطوير العمل التنظيمي السري، وبناء القدرات الاقتصادية. قام العميد كمال علي مختار في فترة عمله بدولة الإمارات بتجنيد كوادر عديدة للتنظيم، وقد عاونه بصورة مباشرة المقدم عمر حسن البشير، الذي كان أيضا معاراً لجيش دولة الإمارات العربية المتحدة في تلك الفترة.
(3)
نصل الآن إلى قائد انقلاب الجبهة القومية الإسلامية، ورئيس حكومة الإنقاذ الوطنى درس العميد عمر حسن أحمد البشير المدرسة الوسطي في مدرسة شندي الأهلية الوسطي – ١٩٦٠/١٩٥٦»، وانتقل للدراسة في «مدرسة الخرطوم الثانوية الحكومية» في العام ١٩٦٠. طوال فترة الدراسة الوسطي، كان عمر البشير طالباً عادياً، وأظهر ميلاً واضحاً للمشاركة فــــــي هواية لعب كرة القدم. بعد دخول عمر البشير مدرسة الخرطوم الثانوية الحكومية، تم استقطابه لحركة الإخوان المسلمين، ويبدو أن التأثير المباشر عليه كان من خاله وأشقاءه الذين عرف انتمائهم لتنظيم الإخوان المسلمين بصورة ملتزمة في مدرسة الخرطوم الثانوية ربطته علاقة خاصة وصداقة مع الطالب علي عثمان محمد طه، الأحدث منه بدفعتين.. «التحق علي عثمـــــــان محمد طه بمدرسة الخرطوم الثانوية في يوليو ١٩٦٢».. تلك العلاقة الحميمة التي ربطت بينهما، إضافة إلى الحقيقة التي كانت معروفة لكل مراقب للشأن السياسي الطلابي في تلك الفترة، تؤكد الانتماء التنظيمي الملتزم لكليهما. في العام ۱۹٦٥ تمكنت حركة الإخوان المسلمين، ولأول مرة من الفوز في انتخابات اتحاد طلاب مدرسة الخرطوم الثانوية، وكان علي رأس قائمة الإخوان علي عثمان محمد طه، الذي عُيِّن رئيساً للاتحاد.
إن خير تأكيد لأي معلومات عن أي شخص، ما يصدر عنه شخصيا، وتوثقه جهة محايدة.
بعد الخلاف والانقسام الذي نشب داخل أروقة نظام الجبهة الإسلامية في ديسمبر الدكتور حسن الترابي والمجموعة التي يقودها علي عثمان محمد طه، كشف عمر البشير في مؤتمر صحفي عقد بمقر حزب المؤتمر الوطني» - حزب الجبهة الإسلامية الحاكم . ١٤ ديسمبر ۱۹۹۹، عن حقيقة انتمائه الذي ظل ينكره طوال عشر سنوات وهو رئيس لنظام الإنقاذ الإسلامي «يونيو ۸۹ ديسمبر ۱۹۹۹».. «كشف الفريق عمر البشير رئيس الجمهورية السودانية، وبصورة واضحة أنه انخرط في صفوف الحركة الإسلامية منذ أن كان طالباً في السنة الأولى في المرحلة الثانوية. وقال أن الاستيلاء علي السلطة في ٣٠ يونيو ۱۹۸۹ تم بأمر من قيادة الجبهة الإسلامية، وقال: ".. وأقول لهم أنا عضو بالحركة الإسلامية منذ أن كنت طالباً في السنة الأولى في المرحلة الثانوية، ولقد كان والدنا عضواً في الحركة الإسلامية وكان يدين بالولاء للحركة الإسلامية المصرية ولشيخها الراحل حسن البنا». وأضاف: «إنهم كانوا منتظمين في الحركة الإسلامية، وانهم قاموا بأمرها بالاستيلاء علي السلطة».11
كان لدي إدارة الاستخبارات العسكرية في القوات المسلحة السودانية معلومات مؤكدة عن
انتماء عمر حسن أحمد البشير لحركة الإخوان المسلمين، ولكنه وجد حماية من جهات عديدة، وجاءت أكثرها إنقاذاً لمسيرته في الجندية واستمراره في الخدمة من الفريق تاج الدين عبد الله فضل، نائب رئيس المجلس العسكري الانتقالي في العام ١٩٨٤ ، حاول العقيد طيار محمد عثمان حامد كرار تجنيد العقيد آنذاك عمر حسن أحمد البشير، قائد الكتيبة الأولى في سلاح المظلات، الصالح تنظيم تجمع الشعب السوداني»، وبهدف إسقاط النظام المايوي كان دافع العقيد كـــــــرار معرفته الوثيقة به وانتمائهما سويا للدفعة الثامنة عشر في الكلية الحربية السودانية، ونتيجة لعلاقة القرب الجغرافي والمهني التي تربط سلاح المظلات والقوات الجوية. كانت تلك غفلة كبيرة من العقيد كرار، وجاءت النتيجة مدهشة في سرعة هرولة العقيد عمر البشير لمقابلة مدير الاستخبارات العسكرية العميد فارس عبدالله حسني، وإبلاغه بالأمر، وبالأسماء التي عرف بها من العقيد طيار كرار أنها تعمل في التنظيم .. وما كان من القائد المظلي إلا أن نقل ما أسر به البعثيون إليه إلى الأب الروحي للإسلاميين في الجيش اللواء الهادي المأمون الذي نصحـــه بالاتصال بالسلطات لأن التحرك تحرك (شيوعي)، ولهذا نقل البشير (المعلومة) إلى فارس عبد الله حسني في أخريات مارس ١٩٨٥(12). لم تكن ردة الفعل غير المتوقعة من العقيد عمـــــر البشير تجاه زميله ناتجة من التوجه القومي أو الرغبة في إبعاد القوات المسلحة السودانية عـن
السياسة.. بل كان الدافع واضحا.. لقد كانت تلك توجيهات مباشرة من قيادة حركة الإخوان المسلمين، إذ كانوا آنذاك (١٩٨٤) أخلص حلفاء الرئيس جعفر نميري، وقد بايعوه إماما للمسلمين، وطبقوا عبره «قوانين سبتمبر ۱۹۸۳ ، التي تصفها أدبياتهم بـ «قوانين الشـ الإسلامية». أما الأمر الثاني لأهمية الإبلاغ فتأتي من قناعة البشير وتنظيمه بأن مجموعة الضباط الأحرار هي زمرة يساريين، ويجب أن تذهب للجحيم.
الحادثة الثانية التي سلطت الضوء علي انتماء العميد عمر البشير لحركة الإخوان المسلمين جاءت في التاسع من أبريل ۱۹۸۵ عقب الانتفاضة مباشرة، وأثناء تفاوض المجلس العسكري الانتقالي مع «التجمع النقابي» لوضع ترتيبات الحكم في الفترة الانتقالية في مساء ذلك اليوم، قام اللواء إبراهيم يوسف العوض (الجعلي)، عضو المجلس العسكري الانتقالي، قائد سلاح المظلات آنذاك، وبحكم تكليفه في اللجنة السياسية للمجلس، بعقد اجتماع مع المهندس عوض الكريم محمد أحمد سكرتير التجمع النقابي بمقر قيادة سلاح المظلات بالخرطوم لسبب أو لآخر، كان العقيد عمر حسن البشير حاضراً للاجتماع ربما لتدوين الوقائع، أو بحكم أنه قائد وحدة أساسية في سلاح المظلات.. دار جدل بين اللواء الجعلي والمهندس عوض الكريم عن ترتيبات الفترة الانتقالية، وقد شهدت تلك الفترة تجاذباً عنيفاً على السلطات بين المجلس العسكري والتجمع النقابي.. وبدون أي مبرر تدخل العقيد عمر البشير في النقاش، واتهم التجمع النقابي بأنهم مجموعة شيوعيين، وأن الجيش قادر علي أن يقلب» الموقف في ليلة واحدة!! سكت اللواء الجعلي علي مضض عما حدث، وقام بتهدئة الموقف، وقد عرف عن اللواء الجعلي النوايا الطيبة ومحاولة التوفيق دائماً .. لم يسكت المهندس عوض الكريم محمد أحمد عن الأمر، وقام بإبلاغ الحادثة بالتفصيل إلى قيادة التجمع النقابي، وإلى المجلس العسكري الانتقالي عبر رئيس اللجنة السياسية، اللواء عثمان عبد الله، وزير الدفاع خلال الفترة الانتقالية (١٩٨٥-١٩٨٦ ).. وبلا شك فإن المهندس عوض الكريم محمد أحمد قد دفع ثمن فعلته هذه غالياً بعد انقلاب ٣٠ يونيو ۱۹۸۹، حينما اقتيد إلى معتقلات أمن الجبهة الإسلامية - «بيوت الأشباح» - وعُذِّبَ عذاب الهدهد!!
أما الحادثة الثالثة فقد كانت إبلاغه خلال الفترة الانتقالية لمدير الاستخبارات العسكرية عن نشاط سياسي سري يقوم به العقيد محمد أحمد قاسم يهدف من خلاله التخطيط لانقلاب عسكري يطيح بالمجلس العسكري الانتقالي.. قامت لجنة الأمن المكونة من الفريق تاج الدين عبدالله فضلي واللواء فضل الله برمة ناصر واللواء فارس عبدالله حسني بدراسة المعلومات المتيسرة، وتم رفع الأمر إلى المجلس الانتقالي.. كان قرار المجلس الانتقالي قاسياً، وقضى بفصل ثمانية عشر ضابطاً من الخدمة، على رأسهم اللواء عثمان إدريس بلول والعقيد محمد أحمد قاسم، وجميع المفصولين من الضباط الديمقراطيين والقوميين الذين لن يلتقوا مطلقاً مع أفكار الجبهة الإسلامية.. كان ذلك انتصاراً للجبهة الإسلامية، وقد نفذه العقيد آنذاك عمر البشير امتثالاً لتوجيهات التنظيم، و حقق الهدف منه، وأوصله إلى خاتمته المطلوبة الفريق تاج الدين عبد الله فضل، نائب القائد العام آنذاك، ورئيس «منظمة شباب البناء» الإسلامية فيما بعد !!
تضخم الملف الأمني للعميد عمر البشير لدى الاستخبارات العسكرية في العام ١٩٨٦، إذ وصلتها العديد من التقارير عن نشاطه التنظيمي.. كما وصل الأمر إلى حد النشر الصحفي الواضح حين كتبت مجلة الدستور اللندنية: «إن العميد عمر البشير يجهز انقلابا لصالح الجبهة القومية الإسلامية». رغم ذلك، وجد البشير الحماية من جهات في المجلس العسكري الانتقالي، ثم من القائد العام (۱۹۸۷) الفريق تاج الدين عبدالله فضل(13).. وتأكيداً لحمايته وحفظه للمستقبل، تــم نقل العميد عمر البشير إلى اللواء ۱۸ مستقل، وقيادة ذلك اللواء في منطقة المجلد بجنوب محافظة كردفان .
(4)
توسيع دائرة المشاركة الإسلامية
أثمر تحالف حركة الإخوان المسلمين مع النظام المايوي بعد «المصالحة الوطنية» في العلم ۱۹۷۷ عن إعطائهم الغطاء القانوني والحماية الكاملة، وبنفس القدر، كشف لهم ضعف وجودهم التنظيمي في كل هياكل السلطة، خاصة تلك الحاملة للسلاح، ونعني بها القوات المسلحة والأجهزة النظامية الأخرى. جاءت قرارات حركة الإخوان المسلمين بتطوير العمل السري داخل القوات المسلحة في مؤتمر عقدته خلال العام .۱۹۸۲ تقرر في تلك الاجتماعات فتح الاستقطاب والتجنيد السياسي لصالح الحركة الإسلامية دون أي تشدد، وقبول أي أعداد جديدة في التنظيم. صاحب ذلك القرار تطبيق أسلوب جديد لتأمين التنظيم من مخاطر العضوية الجديدة يقضي بوضع أي عضوية جديدة في دوائر تنظيمية بعيدة، وخارج نطاق أي معلومات سرية، وبهدف حفظهم كرصيد للمستقبل. عن التنظيم العسكري السري داخل القوات المسلحة كانت القرارات كما يلي:
8. إعادة بناء التنظيم العسكري بصورة سرية منظمة، ورصد أي إمكانيــــــات ماديــــة
مطلوبة.
ب. يكون الضباط الملتزمين في حركة الإخوان هم قلب التنظيم، الـــــــ على أن تبني حلقات تنظيمية أخرى متباعدة حسب تطور موقف العضوية الجديدة، وأن يحفظ معظمهم كرصيد للمستقبل.
الاستفادة من الروافد التابعة لحركة الإخوان المسلمين خاصة المركز الإسلامي الأفريقي، ومنظمة الدعوة الإسلامية والبنوك الإسلامية التابعة لهم، لأغراض الاستقطاب والتجنيد والدعم المالي لأعضاء التنظيم.
بدء إنشاء خلايا للتوعية والاستقطاب داخل معسكرات القوات المسلحة، والمناطق الشعبية التي يسكن بها أعداداً كبيرة من ضباط الصف والجنود، خاصة في أطراف العاصمة، ويكون العمل في تلك المناطق عبر توفير الخدمات الاجتماعية وفصول التعليم
للحرف المختلفة «التفصيل وحياكة الثياب للنساء شفخانات وعيادات وصيدليات )انتهى سرد العميد ركن ابوغسان والذى يمكن ان نستخلص منه التالى:-
1-دقة وتميز وصبر تنظيم الاسلاميين والسرية العالية .
2-نجاح تنظيم الاسلامين فى اختراق التنظيمات الاخرى ...وضربها فى المهد اذا لزم الامر ...كما حدث مع البعثيين.
3-ابتلاع التنظيمات الاخرى كما حدث مع عبدالرحمن سر الختم وسليمان محمدسليمان .
4-المال الخليجى كان عنصر هام فى نمو التنظيم الاسلامى ...لم تكن جماعة الترابى هى الوحيدة ...فقد كانت هناك جماعات اخرى ..مثل الاتحادى الديمقراطى الذى اغدق عليها المال الخليجى...فالزعيم الميرغنى يملك فيلا فى حى الحزام بالمدينة المنورة وعدد من المقربين يحظون بمناصب رفيعة فى البنوك والشركات الكبرى ...وهناك جماعات الاسلامية اخرى سخرة الدعم فى العمل الخيرى ونشر الوعى وبناء المساجد.
5-يلاحظ من التقرير اعلاه ..ان عمر البشير وعبدالرحيم محمد حسين كان لهم مواقف وادوار فى التنظيم من زمن باكر وفى لحظات صعبة ، تسحق ان تدرس . يمكن مقارنة ذلك بحالة ضباط جمعتهم الظروف من غير ارث نضالى ثم كانوا فى سدة السلطة.
6_ هذا التقرير يغطى مرحلة مهمة فى الصراع على السلطة وتطور الادوار ...لكن التشبث بالسلطة وعملية (الكنكشة ) تحتاج لبحث منفصل ...ويمكن مقارنة حالنا بحالة دول تطور فيها التداول السلمى للسلطة .
7-لم يسلم تنظيم الاسلامين من داء متلازمة طول العهد فى السلطة ..فدار الزمان دورته ...ودار الصراع بين اخوان الامس فراينا محاولات الواء صديق فضل ...والعميد ود ابراهيم للاصلاح عبر القوة لانه لا توجد نظم ومسارات راسخة للشورى والتداول فالرئيس من القصر الى القبر.
رواية الاسلاميين يمكن الرجوع اليه فى كتبهم مثل :-
1-الترابى والانقاذ صراع الهوية والهوي لدكتور عبدالرحيم عمر محي الدين.
2- الإسلاميون … وأزمة الرؤيا والقيادة”عبدالغني أحمد إدريس “
3-حكاية الراوى ...للعقيد ركن محمد الامين خليفة.عضو مجلس ثورة الانقاذ
وغيرها...
المراجع
(1)حیدر ،طه، الاخوان والعسكر ص ٥٠.
(2)حیدر طه، الأخوان و العسكر – ص55
(3) خديجة صفوت الإسلام السياسي ورأس المال الهارب – ص ۷..
(4) صحيفة البيان الإماراتية العدد الصادر يوم الاثنين ١١ سبتمبر2000
(5) حيدر طه الأخوان و العسكر ـ ص ١٩٢.
(6) منصور خالد النخبة السودانية وإدمان الفشل جزء ۲ ص ۲۷۰.
(7) حسن مكي، الحركة الإسلامية في السودان ١٩٦٩ – ١٩٨٥م. ص – ٧٠ .
(8) قتل أمام معسكر سلاح المهندسين بأمدرمان، في الساعة الثانية صباحاً من فجر يوم الجمعة ٣٠ يونيو ۱۹۸۹ خلال تنفيذ انقلاب الجبهة الإسلامية.
(9) جري حفل تأبين للعقيد طيار مختار محمدين في نهاية ۱۹۸۸ وقد القي كلمة القوات الجوية العقيد مهندس عبدالرحيم محمد حسين وكـــان يمكن لأي ضابط استخبارات مبتدئ الخروج بالكثير من تلك الخطبة العصماء..
(10)قتل العميد كمال علي مختار في حادث سقوط طائرة في منطقة بانتيو بجنوب السودان في العام ١٩٩٥.
(11) صحيفة البيان الإماراتية تقرير من مكتب الخرطوم، صادرة بتاريخ ١٦ ديسمبر ۱۹۹۹. أورد مصدر آخر نص الحديث الذي أدلى بـه العميد البشير في هذا الصدد، أنظر: حالة الوطن – التقرير الاستراتيجي السوداني الأول. ص 16.
(12) منصور خالد النخبة السودانية وإدمان الفشل جزء ۲ ص 16.
(13) مجلة الدستور اللندنية العدد رقم ٣٩٦ الصادر يوم الاثنين 7 أكتوبر ١٩٨٥.