كيف يمكن التغلب على الاستقطاب الأمريكي ؟
تاريخ النشر: 11th, February 2024 GMT
الآن أكثر من أي وقت مضى، أصبح الأمريكيون غير راضين عن حزبيهم السياسيين الرئيسيين، الديمقراطي والجمهوري. في استطلاع للرأي أجرته مؤسسة جالوب مؤخرا، قال 63% من المستجيبين ــ وهي أعلى نسبة على الإطلاق ــ إن «هناك حاجة إلى حزب ثالث كبير».
مع ذلك، في ظل هذا الاستقطاب الشديد بين الناخبين، يعمل النظام الانتخابي التقليدي في أمريكا الذي يقوم على مبدأ «فوز المرشح الأكثر أصواتا» (يدلي كل ناخب بصوته لمرشح واحد، والمرشح الحاصل على أكبر عدد من الأصوات يفوز) على منع مرشح أي حزب ثالث من تشكيل أي تحد حقيقي، حتى لو كان بوسعه رأب الصدوع الإيديولوجية.
في القسم من الاقتراع الذي يضعه في مواجهة فانس (أ مقابل ب)، كان بورتمان ليفوز في الأرجح (لنقل بنسبة 54% إلى 46%)، وذلك بسبب الدعم المشترك من جانب الجمهوريين من غير أنصار ترامب، والمستقلين، والديمقراطيين. وفي مواجهة رايان، كان ليتمتع بكل المزايا التي يحظى بها أي عضو في مجلس الشيوخ يتمتع بشعبية كبيرة في ولاية محافظة (فيفوز على سبيل المثال بنسبة 60% إلى 40%). من المفترض أن فانس كان ليهزم رايان بنحو 57% إلى 43%، كما فعل في الانتخابات الفعلية؛ لكن بورتمان وحده كان ليهزم كلا الخصمين؛ لأنه كان المرشح الذي فضلته أغلبية الناخبين على كل من البديلين.
تسلط هذه النتيجة الضوء على عدم كفاية نظام التصويت السائد، حيث لم يتمكن بورتمان حتى من اجتياز انتخابات الحزب الجمهوري التمهيدية التي هيمن عليها ترامب. لكنه يكشف أيضًا عن أوجه القصور التي تعيب نظام المركزين الأول والثاني في كاليفورنيا، حيث كانت حالة الاستقطاب لتضمن في الأرجح تقدم فانس ورايان فقط إلى ما بعد الانتخابات التمهيدية. بطبيعة الحال، كنا نفترض أن أحد المرشحين (بورتمان، في مثال أوهايو) سوف يخرج فائزا بالأغلبية في كل من المقارنتين الثنائيتين، لأن العمل النظري والتجريبي يشير إلى أن هذه هي النتيجة الأكثر ترجيحًا إلى حد كبير. لكن من المتصور ألّا يكون لمثل هذا المرشح وجود. لنفترض، ضد كل الاحتمالات، أن رايان فاز على بورتمان بفارق أقل، 51% مقابل 49% على سبيل المثال. في هذه الحالة سنشهد تعادلًا ثلاثيًا، حيث يهزم كل مرشح أحد منافسيه، ولكن لا أحد يهزم كلا المنافسين. هنا سنحتاج إلى قاعدة كسر التعادل لتحديد الفائز. يتمثل أحد الخيارات الجذابة في انتخاب المرشح الذي يخسر بأصغر هامش. بهذا يذهب النصر إلى بورتمان الذي يخسر بفارق 2٪ فقط أمام رايان.
سوف يتساءل كثيرون من المدافعين عن إصلاح التصويت لماذا لا تستخدم الانتخابات العامة التصويت على أساس الاختيار التراتبي فحسب (كما تفعل ولايتا ماين وألاسكا بالفعل في انتخابات الكونجرس). في نظام التصويت على أساس الاختيار التراتبي، يرتب الناخبون جميع المرشحين في بطاقة الاقتراع من الأكثر إلى الأقل تفضيلا. وإذا صنفت الأغلبية مرشحا واحدا في المرتبة الأولى، فإن هذا المرشح يفوز. وإذا لم يحدث ذلك، فإن المرشح الذي حصل على المرتبة الأولى أقل عدد من المرات يسقط غالبا، وتتكرر العملية حتى يحصل أحد المرشحين على الأغلبية. هذا النهج له مميزاته (ونحن من أنصاره). لكنه غير قادر على رأب الصدع الذي أحدثه الاستقطاب. في انتخابات عامة حيث يشارك فانس وبورتمان وريان، نتوقع أن تتسبب النزعة الحزبية القوية في منح فانس ورايان نسبا في المركز الأول أعلى من نسبة بورتمان. وفقا لبروتوكول الاختيار التراتبي، سيسقط بورتمان أولا، على الرغم من فوزه على كل من الاثنين الآخرين في المواجهات المباشرة. لقد أصبح الاستقطاب الحزبي يشكل التهديد الأعظم للاستقرار السياسي في الولايات المتحدة (وفي بلدان أخرى). وتنشأ حالة من اليأس المتنامي بشأن قدرة أمريكا على حكم ذاتها. لكن المرثيات الانهزامية لا تساعد. نحن في احتياج إلى إصلاحات مؤسسية خلاّقة وعملية قادرة على حل المشكلة، ويمكن تنفيذها من خلال استفتاءات الاقتراع (التي تستخدمها كثير من الولايات، مثل أوهايو، لتجاوز جمود المجالس التشريعية). الواقع أن نظام الثلاثة الأوائل يُـعَـد إجراء مباشرا قادرا على استمالة الإدراك السليم لدى أغلب الناخبين. وسوف يميل إلى تفضيل المعتدلين ليس لأنهم معتدلين، بل لأنهم يملكون القدر الأعظم من الدعم الشامل. هكذا يصبح بوسعنا التصدي للاستقطاب، وإحياء الوسط السياسي، واستعادة الأمل في الديمقراطية الأميركية.
إدوارد بي. فولي، أستاذ زائر للقانون في جامعة أريزونا، وأستاذ القانون الدستوري ومدير برنامج قانون الانتخابات في جامعة ولاية أوهايو.
إيريك س. ماسكين حائز على جائزة نوبل في الاقتصاد، وأستاذ جامعي في جامعة هارفارد.
خدمة بروجيكت سنديكيت
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الانتخابات العامة فی کالیفورنیا فی انتخابات المرشح الذی حزب ثالث
إقرأ أيضاً:
الكتائب: لا إصلاح انتخابيًا من دون مساواة المغتربين بسائر الناخبين
عقد المكتب السياسي الكتائبي اجتماعه الدوري برئاسة رئيس الحزب النائب سامي الجميّل، وناقش التطورات ومواضيع سيادية وما يتعلق بتعديل قانون الاغتراب لناحية اقتراع المغتربين وأصدر البيان التالي:
1- يجدد المكتب السياسي تأكيده أن مسألة حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية، دون سواها، تشكل أولوية وطنية لا تحتمل التأجيل أو المناورة، باعتبارها مدخلًا إلزاميًا لتثبيت السيادة وإرساء الاستقرار. ويرى أن المواقف التي أطلقها الأمين العام لحزب الله، والتي حملت تهويلًا واستفزازًا مرفوضًا لإرادة اللبنانيين والدولة، تضعه في مواجهة مباشرة مع الشرعية اللبنانية التي عبّر عنها رئيس الجمهورية في خطاب القسم، والحكومة في بيانها الوزاري، والسلطات الدستورية التي التزمت تنفيذ القرارات الدولية وفي مقدّمها القرار 1701 ووقف إطلاق النار فلا بديل من الالتزام بالقانون من دون لف او دوران ولعب على الكلام.
ويشدّد المكتب السياسي على أن أي محاولة لإعادة عقارب الساعة إلى الوراء لن تمر ويطالب الحكومة ورئيسها بموقف حازم وردّ واضح على هذا التحدي، ويجدّد دعوته إلى وضع آلية رسمية صادرة عن مجلس الوزراء لحل ملف السلاح ضمن مهلة واضحة وسريعة، تحصّن لبنان من خطر أي انفجار جديد وتوفّر على اللبنانيين مزيدًا من الأكلاف. كما يصر على وجوب عقد جلسة نيابية بحضور الحكومة لمناقشة هذا الملف السيادي، لأن تغييب السلطة التشريعية عن نقاش مصيري كهذا يُعدّ تقويضًا للدستور وتفريطًا بدور المؤسسات.
2- في ما يتعلّق برفض رئيس مجلس النواب إدراج بند إلغاء المقاعد الستة للمغتربين على جدول أعمال الجلسة التشريعية، يذكّر المكتب السياسي بأنّ الإشكالية الأساسية لا تكمن فقط في توقيت هذا الرفض، بل في مسار متراكم من التنكّر للحقّ الدستوري للمغتربين في التمثيل الكامل. فمنذ إقرار القانون الحالي، عبّرت كتلة الكتائب عن رفضها له بسبب ما تضمّنه من تمييز وتفريغ لحقّ اللبنانيين غير المقيمين في اختيار ممثليهم، وطرحت منذ ثماني سنوات أي العام 2018 اقتراح قانون واضح لإلغاء المقاعد الستة، بهدف تأمين حقّهم بالاقتراع للنواب الـ 128 أسوة بجميع اللبنانيين، وهو اقتراح لم يُدرج حتى اليوم على جدول أعمال أي جلسة عامة.
ويرى الحزب أنّ الإصرار على إبقاء هذا البند خارج النقاش، يُهدّد بتعطيل الانتخابات للمغتربين، ويعيد إنتاج منطق الحرمان الذي عانى منه اللبنانيون المنتشرون، القدامى منهم والحديثون، والذين سبق أن عاقبتهم منظومة الفساد بسلب مدّخراتهم وثقتهم بوطنهم، وتعود اليوم لتعاقبهم سياسيًا بتقليص تأثيرهم في إعادة تأهيل لبنان واستعادته ويؤكّد المكتب السياسي أنّه مستمر في نضاله لتعديل القانون بما يضمن المساواة التمثيلية.
3- يستغرب حزب الكتائب اللبنانية القرار الصادر عن وزارة البيئة والقاضي بزيادة ارتفاع مطمر النفايات في الجديدة مترين ونصف المتر، بما يتعارض مع المعايير البيئية والصحية.
وإذ يذكّر الحزب بأنه كان الطرف الوحيد الذي واجه قرار إقامة هذا المكب منذ اللحظة الأولى، وذهب حدّ الاستقالة من الحكومة اعتراضًا عليه، يؤكّد أن الاستمرار في المعالجات الظرفية لأزمة النفايات لابد ان يتوقف.
من هنا، يشدّد المكتب السياسي على ضرورة وضع خطط وطنية مستدامة لحلّ هذه الأزمة، ويدعو إلى طرح الملف بشكل جدي ونهائي على طاولة مجلس الوزراء، واعتماد رؤية بيئية متكاملة توقف الهدر وتراعي التوازن بين الصحة العامة والمصلحة العامة، بما يؤدّي إلى إقفال هذا الملف العالق منذ سنوات بشكل مسؤول ودائم. مواضيع ذات صلة متعاقدو التعليم يعتصمون: لا مساواة في الحقوق ولا تعديل يرعانا Lebanon 24 متعاقدو التعليم يعتصمون: لا مساواة في الحقوق ولا تعديل يرعانا