بث الثقة فى الاقتصاد.. واجب وطنى!
تاريخ النشر: 11th, February 2024 GMT
تتعرض مصر لأزمة اقتصادية عنيفة، ربما لم تشهدها على مدار تاريخها وهذه حقيقة واضحة وضوح الشمس ولا تقبل التجميل ودخلت البلاد فى نفق هذه الأزمة بسبب عوامل متعددة غير خافية على أحد، ونكرر ذكر هذه العوامل على مسامع خفافيش الظلام الذين يسعون ويتمنون سقوط مصر درة بلدان الأرض لعلهم يفقهون، فبعد خروج مصر من ثورتين عاتيتين كُتبلهافيهما السلامة، اندلعت جائحة كورونا وتوابعها معبدايات عام٢٠١٩، واستمرت لأكثر من 3 سنوات عانتفيهااقتصادات بلدان كبرىوتكبدت خسائر طائلة، ولميكدالعالم يستفيق منهذهالجائحة العنيفة، حتىاندلعت الحرب الروسية الأوكرانية ولا تزال الحرب مستمرة إلى الآن مع الإشارة إلى أن إنتاج البلدين من المحاصيل الزراعية يشكل ثلث إنتاج العالم، وتسببت الحرب فى ارتفاع أسعار المواد الغذائية والمنتجات الحيوانية خاصة الدواجن، حيث تنتج أوكرانيا كميات ضخمة جداً، تستورد دول الخليج منها وحدها ما لا يقل عن ٤٥٪، كما ارتفعت أسعار الشحن والمحروقات ومنتجات الصلب بنسب تتراوح بين 200 و300٪، وفوجئ العالم بأسره وهو يشاهد الحرب الروسية الأوكرانية باندلاع أحداث غزة القاسية والمرعبة والتى أحدثت دوياً هائلاً فى كل أنحاء العالم، ثم تندلع أحداث واضطرابات أخرى وإن كانت أقل عنفاً وسخونة من سوابقها وهى الأحداث الساخنة فى منطقة البحر الأحمر، والتى أثرت بالسلب على قطاع الخدمات واللوجستيات فى المقام الأول، ولمن يقرأون التاريخ جيداً عليهم أن يتذكروا أن إنجلترا العظمى التى كانت أغنى وأهم دول العالم، سقطت بنوكها عام ١٧٧٢، وعجز الأثرياء والمزارعون عن تسديد ديونهم للبنوك وكل هذا كان بسبب مستثمر ثرى يدعى ∩ألكسندر فوردايس∪، وكان يهوى المغامرات فى المراهنات والمضاربات، وحدث أن راهن على استمرار ارتفاع أسهم إحدى الشركات الكبرى، وعندما فشلت مراهناته عجز عن سداد قرض قيمته ربع مليون جنيه استرلينى، وفور انتشار الخبر بدأت سلسلة من البنوك تتعثر لعدم وفاء المستثمر والمزارعين بالتزاماتهم الائتمانة ووقتها انهارت 8 بنوك لندنية ونحو 20 بنكاً بأنحاء أوروبا، وتكررت نفس هذه الكارثة الاقتصادية على مدار التاريخ سواء بالولايات المتحدة الأمريكية أو أوروبا، أو حتى على مستوى البلدان الآسيوية.
نقول ذلك لنؤكد أن تعرض الاقتصاد المصرى لأزمة ليس عجيبة من عجائب الزمن، ومن الوارد جداً أن تتسبب عوامل جيوسياسية جديدة فى إلحاق الخسائر أو حتى إسقاط وإفشال أغنى دول العالم.. مطلوب بث روح الثقة فى الاقتصاد الوطنى وقطاعنا المصرفى، بمختلف مسمياته وتكويناته.. مطلوب بث روح الثقة فى كل المسئولين عن إدارة شئون الوطن، وكذا المسئولين عن وضع وتنفيذ السياسات المالية والنقدية.. مطلوب أن نشجعهم ونساعدهم على إصلاح مواطن الخلل والداء، وعلى خبراء التحليل الاقتصادى الذين يطلون علينا عبر الفضائيات الكف عن تقديم صورة سوداوية عن مشاكلنا الاقتصادية، ففى طيبة القديم عانت مصر من الجوع سبع سنوات عجاف، ثم بعث الله لمصر الخير الوفير..
جملة القول.. بث روح الثقة فى الاقتصاد.. واجب وطنى!
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: واجب وطنى مصر لأزمة اقتصادية
إقرأ أيضاً:
متى تلامس النكبة «العربية» ضمير الإنسانية؟!
لم تكن الحرب التي تشنها دولة الاحتلال الإسرائيلية بدعم غربي على قطاع غزة منذ أكتوبر 2023 حربا عادية، ومتى كانت الحروب حدثا عاديا رغم تحولها إلى الأصل في حياة البشر ولحظات السلام والسلم هي الاستثناء، لكن استثنائية هذه الحرب تنطلق من موقف المجتمع الدولي منها، من حجم وحشيتها، ومن موقفهم جميعا من «الإبادة الجماعية» التي أخذت بعدا دلاليا عاديا لم يعد «مخيفا» أو يستدعي ثورة إنسانية لكرامة الإنسان وما وصل له من مستوى من التحضر والتمدن.
وإذا كان بابا الفاتيكان فرنسيس قد رأى في مقتل سبعة أخوة في غارة إسرائيلية قسوة مست قلبه عندما قال «أمس، تعرّض أطفال للقصف. هذه قسوة وليست حرباً. أريد أن أقول هذا لأنّه يمس قلبي». وفي الحقيقة فإن الحرب -أي حرب- أكثر فظاعة من أي مستوى من مستويات القسوة؛ لأن دلالتها مهما كانت لا تستطيع توصيف نقل حقيقة ما يحدث في غزة، فما بالك إذا كانت الحرب حرب إبادة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، وما بالك إذا كانت هذه الحرب صهيونية/ إيديولوجية ضد مدنيين عُزّل وأطفال لا حول لهم ولا قوة.. رغم ذلك فإن «المجتمع الدولي» لم تمس كل هذه الفظائع قلبه ولم يشعر أن فيها «قسوة».. وهنا تكمن المشكلة، وهذه المشكلة ليست في الحرب نفسها ولا في جرائم الصهيونية فيها ولكن في موقف العالم منها، أو بشكل أكثر دقة وأكثر تحديدا في إنسانية العالم التي لم تُخدش، أو حتى تشعر أنها قد تُخدش رغم أكثر من 45 ألف «قتيل»، ونقول «قتيل» على أمل أن تصل دلالة الكلمة إلى الضمير العالمي وتفهم إذا كان ثمة حاجز دلالية أيديولوجي أمام فهم أو الشعور بدلالة كلمة «شهيد». ورغم أن العدد الحقيقي «للقتلى» أكبر من هذا بكثير نظرا لوجود عشرات الآلاف من المفقودين من بداية الحرب وهم قطعا تحت الأنقاض فإن هذه العدد من «القتلى» كاف حتى يستيقظ ضمير العالم ويشعر بحجم «القسوة» ويقف بشكل حازم أمام مجازر الصهيونية في قطاع غزة وفي عموم فلسطين وفي لبنان وسوريا واليمن.. ولا نتصور أن الصدمة الكافية لصحوة الضمير الإنساني تحتاج إلى أن يتجاوز عدد القتلى حاجز المليون.. وإن كان الأمر كذلك فمن يستطيع الجزم أن أكثر من مليوني فلسطيني في قطاع غزة هم أحياء بالمعنى المفهوم للحياة في الوقت الحالي! كيف يكون حيا بالمعنى المجرد للكلمة في سياق اللحظة الحالية من لا يجد قطرة ماء ليشرب بالمعنى الحرفي للكلمة، ومن لا يأمن على حياته وحياة أطفاله لدقيقة واحدة، ومن يشعر أن العالم بكل تراكماته الإنسانية قد خذله ولا ينظر له باعتباره إنسانا له كرامة وحقوق!
المشكلة الكبرى الآن تتجاوز «إبادة» الإنسان، رغم جوهريته وقدسيته في كل الشرائع، ولكنها لم تمعنا النظر فيها تتجاوز ذلك بكثير.. ما يحدث في المنطقة يتجاوز القدرة على استيعابه؛ فالعرب مأخوذون، على الأرجح، بتطورات اللحظة وتحولاتها وإلا فإن الجانب الآخر المتمثل في دولة الاحتلال وفي عموم الغرب وفي دول عالمية أخرى شديد الوضوح.. إن الصهيونية تعيد رسم خارطة المنطقة «الشرق الأوسط الجديد» وتعيد احتلالها والسيطرة عليها بشكل مروع، ما يجعل المنطقة تودع عام 2024 بألم يفوق ألم «نكسة» 1967 لو كانوا يعلمون. وعندما يتلاشى هذا الدخان الكثيف فوق المنطقة، ربما حينها، نستطيع استيعاب حجم ما خسرنا، ولن تستطيع حينها دلالة كلمة «نكسة» أو حتى «نكبة» توضيح ما حدث، دع عنك أنها تستطيع ربطنا بالأمل في عبور قادم يعيد ما فقدنا.. أو يقنع العالم أن ما يحدث في غزة لا يخلو من «قسوة» تمس قلب الإنسانية.