"راشد الغنوشي" وثروات التمويل الأجنبي
تاريخ النشر: 11th, February 2024 GMT
في السادس عشر من يوليو 2021، أعلنت حركة النهضة الإخوانية التونسية أن رئيسها راشد الغنوشي تبرع بمبلغ 80 ألف دينار (30 ألف دولار أمريكي) من "ماله الخاص"، لشراء "آلات أوكسجين وكمامات ومواد مُعقّمة، كما أعلنت الحركة أن أبناءها بالخارج تبرعوا بــ" 150 ألف آلة أوكسجين تم توزيعها على المستشفيات لدعم جهود الدولة في توفير المستلزمات الطبية" في ظل تفشي فيروس "كورونا"، وكان الحديث عن "تبرعات الغنوشي من ماله الخاص" بداية لبلاغات رسمية تطالب بالبحث والتحري عن مصادر ثرواته، لأن تابعيه كانوا يزعمون أنه "يعيش حياة متواضعة"، وليس له أي نشاط مهني أو اقتصادي في تونس!!
بعد ساعات من الإعلان عن "تبرع الغنوشي من ماله الخاص" أعلن النائب التونسي ياسين العياري أن حزبه "أمل وعمل" راسل رسميًا وكتابيًا هيئة مكافحة الفساد للقيام بالتقصي والتحقيق، كما راسل فرقة مكافحة التهرب الضريبي في وزارة المالية، وقال إن "تبرع الغنوشي بهذا المبلغ لا يتناسب مع ما أعلنه عن ذمته المالية وممتلكاته"، وانضم عدد من النواب التونسيين إلى الدعاوى التي تطالب بالكشف عن مصادر أموال الغنوشي وهوية الجهات المانحة.
وجاءت البلاغات البرلمانية التي تطالب بالتحري عن مصادر أموال الغنوشي بعد نحو 14 شهرًا من عريضة شعبية طالبت بالتحقيق في مصادر ثروة القيادي الإخواني التونسي، وتجاوز عدد الموقعين على العريضة نحو 5 آلاف توقيع بعد 24 ساعة من إعلانها، وجاء في نص العريضة: "عاد راشد الغنوشي إلى تونس في 2011، ولم يُعرف له نشاط قبل هذا التاريخ أو بعده إلا في المجال السياسي، ورغم عدم ممارسته لأي عمل اقتصادي أو تجاري، فإنه قد أصبح في ظرف 9 سنوات من أثرى أثرياء تونس، وقد قدرت مصادر إعلامية ثروته بمليار دولار في حين تتحدث مصادر إعلامية أخرى عن مبلغ يساوي 8 أضعاف هذا الرقم، أي ما يعادل خُمس ميزانية الدولة التونسية، فكيف له بهذه الثروة؟"، وأضافت العريضة: "وباعتبار أن السيد راشد الغنوشي هو زعيم واحد من أكبر الأحزاب تمثيليةً في البرلمان، وباعتبار أنه رئيس مجلس النواب، وباعتبار تفشي الفساد في الدولة والمجتمع، وكثرة التمويلات الأجنبية المشبوهة التي تفد على البلاد التونسية بعنوان العمل الخيري والجمعياتي، وتقاطع هذه التمويلات غالبًا مع التنظيمات الإرهابية والأجندات السياسية المشبوهة، فإنه قد بات من الضروري أن يتم التحقيق بكل جدية وشفافية في ثروة السيد راشد الغنوشي وفي مصادرها".
وفي الثاني عشر من مارس 2022، أعلن القضاء التونسي إحالة حركة النهضة، في شخص ممثلها القانوني رئيس الحركة راشد الغنوشي إلى المحاكمة، بعد ثبوت ضلوعها في الحصول على تمويل أجنبي لحملاتها الانتخابية، وقال مكتب الاتصال بالمحكمة الابتدائية بتونس في بيان إعلامي: إنه إثر اكتمال البحث في قضية "جماعات الضغط"، تقرر إحالة حزب حركة النهضة، في شخص ممثله القانوني رئيس الحركة، وكذلك إحالة رفيق عبد السلام، أحد قيادات الحركة الذي ثبت ضلوعه في إبرام أحد العقود وهو صهر الغنوشي، إلى المحاكمة أمام الدائرة الجنائية المختصة بقضايا الفساد المالي، وأوضح البيان أنّه تم توجيه تهمة "الحصول على تمويل أجنبي لحملة انتخابية وقبول تمويل مباشر مجهول المصدر للأول، بمشاركة الثاني له في ذلك".
وكشف التقرير الختامي لدائرة المحاسبات التونسية حول نتائج مراقبة تمويل الانتخابات الرئاسية والانتخابات التشريعية لسنة 2019 أن حركة النهضة الإخوانية أبرمت عقودًا مع شركات أجنبية، وحصلت على تمويل من جهات مجهولة لتحسين صورتها والتلاعب بالرأي العام.
وفي الأول من فبراير 2024، أصدرت الدائرة الجنائية المختصة في قضايا الفساد المالي بالمحكمة الابتدائية في تونس، حكمًا بسجن زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي ثلاث سنوات مع النفاذ العاجل بتهمة تلقي تمويل أجنبي، كما أصدرت المحكمة حكمًا مماثلا بحق صهره رفيق عبد السلام، إضافة إلى تغريم الحركة الإخوانية مبلغ مليون دولار.
وكان الغنوشي يقضي عقوبة السجن لمدة عام واحد، تنفيذًا للحكم الصادر في أبريل 2023 بعد إدانته بتهمة التحريض ضد الشرطة التونسية، وما زالت الاتهامات تلاحق الرمز الإخواني الكبير، ولا يزال البحث جاريًا في ملف ثرواته المُتضخمة ومصادرها المجهولة.. والحبل على الجرار.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: راشد الغنوشی حرکة النهضة
إقرأ أيضاً:
كراج النهضة و ضحكات هند رستم وبياض بانو الكان
نوفمبر 6, 2024آخر تحديث: نوفمبر 6, 2024
عبدالكريم ابراهيم
اشراقة صباح ثمانينيات القرن الماضي تحاول ان يسرق بعض لحظات العشق من عيون الجنود العائدين والذاهبين الى مكان ما، وقد يكون آخر شيء تراهُ اعينهم. فهم لا يعرفون متى يعودون إلى ذويهم وأحبتهم محمولين على نعوش الموت. رغم قساوة تلك الايام الخوالي يحاول بعض الجنود أن يوهموا أنفسهم ببعض سويعات النسيان، وأنهم امتلكوا كنوز الدنيا وامتطوا بساط الريح من خلال استراحة قصيرة عند دور السنيما البغدادية حيث افلام هند رستم وهي تطلق دوي ضحكاتها لتسكر الشفاه رضابة وشهوة. وقد يشد هذه المشاعر المتعطشة بياض جسم بانو الكان لثلج القلوب حتى الثمالة.
يعمد بعض الجنود الملتحقين إلى الموت المجاني في أن يقضوا بعض النهارات النسيان مع النساء العالم الافتراضي بعيداً عن دوي المدافع وازيز الرصاص وسماجة رئيس عرفاء الوحدة، والموت الذي تربص مع كل طلقة أو شظية لا تجد سوى رأس احدهم كي تعانقه؛ عندها يشعر براحة الموت تسري في اوصاله لغمض عينه ،وقد كان يأمل ان ترى أمه عرسه قبل أن يأخذ الله امانته.
في حين ان بعض الجنود وجدوا في بعض بائعات الشاي عمّا يعوضهم عناء الذهاب إلى باب الشرقي ، وقضاء ساعات مع فتانات السينما. ربما قصير الوقت حال دون هذه الرغبة، فعوضت بنساء لا يقلن غناجةً عن نجمات السينما، فقد كان الجنود يجلسون على علب دهن الراعي لساعات طويلة وهم يتأملون تلك الوجوه الحسان ،وقد تبرجن بما يجذب الرجال الذين لا يعرفون غير احتساء الشاي، والنظر الى وجوه لا تعرف غير الابتسامة التي يعتقد بعضهم انه خُص بها دون زملائه الاخرين. أحياناً يحفظ بعض الجنود اسماء حسناوات كراج النهضة لدرجة انهم يوصي بعضهم الاخر في شرب الشاي عند تلك الجميلة دون غيرها لأنه خيل له أنها غمرت له، ووقعت في غرامه ، بل ان بعضهم اخذت به الاحلام الى اكبر مما يتصور فبني عليها آمال لا تسعها ارض ولا سماء . أحياناً تأخذ بعضهم الغيرة حين يخبره زميله ان بائعة الشاي الحسناء فعلت نفس الشيء معه. يبدو أن هؤلاء الحالمين بجزر النساء كهند رستم وبانو الكان لم يكونوا سوى محطة في كراج النهضة وعالم غاب عنه الاحساس بلذة الحياة .