المصري يكسب

لا صوت يعلو فوق صوت الاقتصاد وغلاء الأسعار وجنون الذهب ونقص الدولار.. وبينما نعاني من نقصٍ حاد في رصيد العملات الأجنبية، لا يستقيم أن ننفق تلك الحصيلة النادرة التي تناقصت كثيرًا (بفعل عوامل سياسية واقتصادية) فيما لا يستحق. من هنا نثمِّن هذا القرار (الذي تأخر كثيرًا) لاتحاد الكرة المصري بالاستعانة بمدرب وطني لقيادة منتخب مصر في المرحلة القادمة، ليس فقط بسبب فشل المدرب الأجنبي السابق الذي كان يتقاضى مئات الآلاف من الدولارات دون تحقيق أي إنجاز يُذكر، ولكن أيضًا لأننا لسنا في رفاهية من أمرنا اليوم لندفع رواتب للاعبين ومدربين بالعملة الصعبة.

في مصر الآن لن يكون منطقيًّا بأي حال من الأحوال أن يتقاضى أحدهم راتبه الشهري بالدولار، فنحن نحتاج لتلك الدولارات فيما هو أهم وأنفع للناس، ولا مجال لأن يحصل مدرب أو خبير أو استشاري في أي مكان اليوم على راتبه بعملة غير العملة المحلية في ظل ندرة العملات الأجنبية. ومن هنا يصبح الاعتماد على المصري أفضل كثيرًا الآن خاصة ونحن من أكثر الدول التي تصدِّر العقول والكفاءات للخارج في مختلف المجالات، فلماذا لا نستفيد بخبرات أبناء مصر بدلًا من (عُقدة الخواجة) التي لازمتنا طويلًا؟!! لا يعنيني اسم مدرب أو لاعب، ففي النهاية يحكمنا فقه الأولويات الذي لابد وأن يكون حاضرًا في كل أمور حياتنا القادمة. هناك ما هو أهم وأكثر احتياجًا اليوم لكل دولار داخل مصر، فلدينا سلع ومستلزمات إنتاج لا بديل حاليًّا عن استيرادها، وعلينا التزامات لابد من الوفاء بها بالعملة الأجنبية. لن يستقيم اليوم أن نرى مثل هذا العبث وتلك الأرقام والرواتب الخرافية التي نسمع عنها في مجالات عديدة كالرياضة والفن وغيرها. إذا كنا نريد الخروج من الأزمة الحالية ليس لدينا بديل عن التقشف الكامل وترشيد الإنفاق الحكومي والمؤسسي بل وحتى على مستوى الأفراد.لا مجال للإسراف وتبديد مواردنا النقدية خاصة من رصيد العملات الأجنبية على ما لا يستحق. ليوضع كل جنيه وكل دولار في موضعه الأمثل حتى نمرَّ من تلك الأزمة ويصبح لدينا رفاهية التنوع، أما الآن فلا صوت يعلو فوق صوت إنقاذ الاقتصاد المصري ورفع العبء والمعاناة عن كاهل المواطن الكادح الذي يطير عقله شططًا حين يسمع عن تلك الرواتب الخيالية التي يتقاضاها أمثال هؤلاء المدربين دون أي إضافة أو ضرورة. المزيد من ترشيد الإنفاق سوف يؤدي إلى نتائج أفضل في ظل ظروف اقتصادية وسياسية داخلية وخارجية لا يعلم سوى الله إلى متى ستستمر وكيف ستنتهي.. حفظ الله بلادنا الطيبة من غدر الزمان وتقلبات الأيام. حفظ الله الوطن وأهله.

المصدر: الأسبوع