البوابة نيوز:
2025-02-11@18:33:09 GMT

الماريشال مرتديا ملابسه العسكرية الرسمية..."16"

تاريخ النشر: 11th, February 2024 GMT

توقفت فى المقال السابق عندما ذكر الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل فى كتابه الشيق والممتع "زيارة جديدة للتاريخ" أنه بعد  أن أخبره  "دنيس هاملتون" رئيس تحرير جريدة ال "صنداى تيمس" بأن الأنباء عن عودة الماريشال "مونتجمري" للعلمين قد أشعلت حماسة مفاجئة فى صحف بريطانية  وأمريكية، وأن عدد كبيرا من الصحف- ومنها صحف ألمانية- اشترت مقالات الجريدة، ثم إن عددا آخر منها طلب إرسال مندوبين  ومصورين  لتغطية عودة الماريشال  إلى أرض معركته  التاريخية، ومن هنا كان يجب عرض الأمر مرة أخرى على الرئيس  جمال عبد الناصر.

وحمل الأستاذ "هيكل" أوراقه شاملة خطاب الماريشال "مونتجمري "وخطاب" دنيس هاملتون"  وقال للرئيس: "يظهر أن"مونتجمري" حوّل زيارته لمصر إلى حملة كاملة، فهو قادم ومعه أركان حربه القدامى ومؤخرة طويلة  من الصحفيين والمصورين"

لكن  الرئيس "جمال عبد الناصر" كان متفهما ومجاملا، بل قال للأستاذ "هيكل": "هناك فندق جديد فى العلمين،  وفى شهر مايو  لا يكون مزدحما وأنه يعرف أن الفندق يضم - إلى جانب مبناه الرئيسي-  مجموعة من الفيلات ويمكن تخصيص واحده منها للماريشال وثانية لأركان حربه، وثالثة لرئيس تحرير  ال "صنداي تيمس" وله  أيضا إذا شاء أن ينضم اليهم... ثم إن أي عدد من الصحفيين والمصورين يستطيع الإقامة في غرف الفندق وهي كثيرة...

وقال:

" إن الماريشال "مونتجمري" بشخصيته وتاريخه يستحق التكريم، وإنه  سوف يطلب من القوات المسلحة أن تضع تحت تصرفه عددا من السيارات الصالحة للسير في الصحراء، وطائرة هليكوبتر لكي يستطيع في المدة القصيرة التي سيقضيها في مصر أن يعود إلى ما يريد ان يعود اليه في ساحة العلمين"

علق الاستاذ "هيكل" على مجاملة الرئيس" جمال عبد الناصر" وتفهمه لموقف الماريشال بأن هذا كان أكثر مما يتصور وبعدها بادر سريعا باخطار الماريشال  ورئيس تحرير ال "صنداى تيمس"، بما قررة الرئيس وكانت سعادة الاثنين من غامرة وقدر أنه لم يعد لديه في هذا الأمر غير انتظار موعد وصول الماريشال وكبار أركان حربه ومعه صديقه رئيس التحرير 
لكنه كان مخطئا فيما تصوره...

ففي يوم ٤ أبريل عام ١٩٦٧ تلقى مظروفا من لندن يضم خطابين  أولهما من رئيس تحرير ال "صنداى تيمس "و كان نصه:

صديقي العزيز:

انني ارسل لك مع هذا خطابا من الماريشال "مونتجمري "قد آثرت إرساله كما هو  لتتصرف كما تشاء واذا وجدت انك محرج من عرضه على الرئيس "جمال عبد الناصر" فانت بالطبع أقدر منا  على الحكم  ...

تناول الأستاذ" هيكل" الخطاب الآخر وقد آثار فضوله ففوجئ بما فيه:

-الماريشال "مونتجمري" يرغب كجندى قديم أن ينزل من الطائرة مرتديا ملابسه العسكرية الرسمية وهي ملابس فيلد مارشال في قوات صاحبة الجلالة الملكة... وأنه لا يعرف هل  يمكن قبول ذلك من جانب مصر ام لا  وفي كل الأحوال فان الامر يقتضي موافقة الرئيس "جمال عبد الناصر" فقد لا يرغب فى أن يمشي زي عسكري بريطاني على أرض مصرية في الظروف القائمة...

ليس هذا فقط

بل يتمنى ان يضع علم قيادته على السيارة التي تحمله من القاهرة إلى العلمين وربما لا تريد مصر في هذه الظروف أيضا رؤية علم عسكري بريطاني على سيارة تحمل فيلد مارشال قديم...

وفى الخطاب قال الماريشال إنه يتصور أن الرئيس "جمال عبد الناصر "قد يستشعر -كجندي قديم -مشاعر جندي قديم...

بِإِذْنِ الله  الأسبوع القادم أكمل ما الذى تم   فيما طلبه الفيلد ماريشال "مونتجمري" فى رسالته".

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: محمد حسنين هيكل جمال عبد الناصر جمال عبد الناصر

إقرأ أيضاً:

دور روسيا في إضعاف عبدالناصر وإسقاط الأسد

 

 

علي بن مسعود المعشني

ali95312606@gmail.com

في عام 1966 التقى الزعيم الخالد جمال عبدالناصر في القاهرة، برواد الفلسفة الوجودية في فرنسا والغرب آنذاك، الفيلسوف جان بول سارتر والفيلسوفة سيمون دي بوفوار، بناءً على طلبهما، وكان اللقاء في سياق الزخم الناصري العارم، والذي جعل من مصر محط أنظار العالم بمختلف شرائحه، من مُعجب ومهتم بالتجربة الناصرية وثقافتها التحررية التي بسطت تأثيرها على الوطن العربي وأفريقيا، ومنظومة عدم الانحياز.

وبما أن الزعيم عبدالناصر لم يكن شخصًا عاديًا؛ بل شخصية موسوعية حوت مفاهيم وقيم التحرر وفلسفة الثورات وقيمها، والصراعات الفكرية والطبقية منذ نشوئها، فقد كان هذا اللقاء بمثابة درس مهم وعصف ذهني حاد لسارتر وسيمون، وهو ما اعترفا به بعد عودتهما لبلادهم.

الخلاصة المثمرة من هذا اللقاء العاصف، كانت في توضيح الزعيم لضيفيه أنه لا وجود حقيقي للشيوعية أو اليسار بعمومه في أوروبا، بدليل أن "جي موليه" زعيم الحزب الشيوعي الفرنسي ورئيس الحكومة الفرنسية سمح لبلاده بالمشاركة في العدوان الثلاثي على مصر عام 1956، رغم أن أبسط قناعات اليسار في العالم تتمثل في احترام سيادة الدول وخيارات الشعوب!! وهذا دليل صارخ على أن اليسار والشيوعية في الغرب عبارة عن مُنتج فكري أُعيد إنتاجه ليتناغم مع الرأسمالية الغربية ويخدم مصالحها، أي شيوعية ويسار بنكهة إمبريالية صِرفة. بينما بقيت الشيوعية واليسار الحقيقي سجالًا في خندق الحرب الباردة بين المعسكرين الشرقي والغربي لعقود خلت. ثم عرَّج الزعيم في درسه التاريخي لضيفيه على أهمية التفريق بين الشيوعية كتحزُّب "بغيض" كما وصفها، وبين الماركسية كنظريات علمية يُؤخذ منها ويُرد.

وأوضح الزعيم عبدالناصر أنه لا وجود لمصطلح "الشيوعية الماركسية" أصلًا إلّا في سياق الوجاهة الفكرية المُزيَّفة لدى أغرار اليسار من غير العارفين بالفكرين الشيوعي والماركسي ونشأتهما. (للعلم كان الزعيم جمال عبدالناصر محاربًا شرسًا للفكر الشيوعي، ومن رِفاقه ماركسيين أمثال خالد محيي الدين كدلالة على قناعته بالفرق بين الفكرين). الخلاصة من هذا المثال التاريخي أنه لا وجود ليسار حقيقي في الغرب وأن المنتج الموجود هو يسار إمبريالي بامتياز.

في السابع من يونيو عام 1981، أقدم الكيان الصهيوني على تدمير مفاعل تموز العراقي، والغريب أن عدم تواجد خبير روسي واحد بداخل المفاعل ذلك اليوم بالتحديد!! (يعمل به 1500 خبير روسي). ليلة الخامس من يونيو 1967 طلب السفير السوفييتي بالقاهرة لقاءً عاجلًا مع الزعيم جمال عبدالناصر؛ حيث نقل له تطمين القيادة السوفييتية بأنها لم ترصد أي حراك حربي مريب للعدو الصهيوني، وأن القيادة السوفييتية ستقف إلى جوار مصر في مواجهة أي اعتداء ومن أي طرف كان. وفي صبيحة الخامس من يونيو 1967، قام العدو الصهيوني ورعاته ومموليه بالقضاء على القوة العسكرية المصرية، وبسط يديه على سيناء والجولان والضفة الغربية وقطاع غزة!!

وفي يوم الثامن من ديسمبر 2024 اختفى الرئيس السوري بشار الأسد فجأةً من دمشق، لتُعلن موسكو أنه موجود على أراضيها، بعدما غادر سوريا انطلاقًا من قاعدة حميميم الروسية بسوريا، وهذه عملية اختطاف روسي شبيهة باختطاف الفرنسيين للجنرال ميشيل عون من قلب السفارة الفرنسية ببيروت وترحيله قسرًا إلى باريس.

الدور الروسي تجاه عبدالناصر كان بتوافقٍ دولي وقناعات دولية بضرورة تحجيم تغوُّل عبدالناصر إقليميًا ودوليًا، بعد أن خطف الزعيم كل الأضواء من الحلفاء والخصوم معًا. كما توافق الروس مع قوى دولية ترى ضرورة تحجيم دور بشار الأسد ونظامه إقليميًا لتمرير مصالح قوى إقليمية تعطَّلت بفعل الصمود الأسطوري للدولة السورية في ظل قيادة بشار الأسد، رغم عمق الجراح جراء الإرهاب الدولي والحصار الجائر. يكفي أن أهم دور لسوريا -مؤرق للخصوم- كان دورها كعقدة مواصلات وتنسيق ومقر غرفة عمليات موحدة لكافة عناصر وفصائل محور المقاومة.

سعى الروس إلى ترميم صورتهم مع الزعيم جمال عبدالناصر بعد تمرير المخطط الدولي ونجاحه في تحجيم دور "مصر عبدالناصر" وشغلها بقضايا جديدة نتجت عن حرب يونيو 1967، بتزويده بسلاح جديد يخوض به حرب استنزاف مع العدو، بعد إعادة هيكلة وتشكيل وحدات الجيش المصري. فماذا يُعد الروسي اليوم لجبر ضرر سوريا ومحور المقاومة برمته بعد أن كانت دمشق موطن إشهار روسيا البوتينية للعالم؟!

قبل اللقاء.. السياسة هي فن تحكيم العقل، وفن ضبط النفس؛ لأننا في عالم افتراضي مُزيَّف.

وبالشكر تدوم النِعم.

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • مناورة لخريجي الدورة العسكرية من منتسبي ألوية البدر
  • دور روسيا في إضعاف عبدالناصر وإسقاط الأسد
  • المكتب الاعلامي للنائب فريد هيكل الخازن: لا يصح إلا الصحيح
  • طلب إحاطة بشأن تعثر التحول الرقمي في مصر
  • طلب إحاطة لرئيس الوزراء ووزير الاتصالات بشأن الموقف الحالي من التحول الرقمي
  • «بقى هيكل عظمي».. صور لفلسطيني قبل وبعد الإفراج عنه من سجون إسرائيل: تعذيب لا يوصف
  • بعد العربية والكوردية.. اعتماد اللغة التركمانية بالمخاطبات الرسمية في صلاح الدين
  • في سابقة بتاريخ فرنسا.. ظهور الرئيس الأسبق نيكولا ساركوزي مرتديا سوار مراقبة
  • كتيبة البراء = جرادة في سروال
  • بالأسعار الرسمية .. مواصفات أشهر 5 سيارات SUV في مصر