جريدة الرؤية العمانية:
2024-07-02@09:22:32 GMT

تقلُّب الآراء

تاريخ النشر: 11th, February 2024 GMT

تقلُّب الآراء

 

 

ماجد المرهون

majidomarmajid@outlook.com

 

 

يُقال في المثل الدارج: "كل شيء إذا قلبته قلَّ، إلّا الكلام إن قلبته زاد"، ونجد دومًا مصداق ذلك في تقليب الكلام بتقلب آراء وأفكار وخطط الأساسيين من كبار القادة والساسة الغربيين والثانويين من الآسيويين وبحسب أهمية الموقف، وقد لاحظناه مؤخرًا بشكلٍ ملفت للنظر بدايةً بالرئيس الأمريكي والرحالة وزير خارجية حكومته ومع رئيس الوزراء البريطاني المثير للجدل والمستشار الألماني وإن تأخر ظهوره على مسرح الأحداث بعكس الفرنسي الذي ظهر لامعًا في البداية وبدأ بالخفوت التدريجي إلى درجة الأفول بينما لعب الياباني والهندي دور ضيف الحلقات، ليبدأ الإيطالي بالظهور بعد صمتٍ طويل يليه الأرجنتيني وربما يوجد المزيد من لاعبي الأدوار مختبئين وراء الكواليس وينتظرون دورهم في ترتيب السيناريو.

المستقرئ لمثل هذه الآراء في احتدامها وتنافسها في التصعيد والتكثيف، لن يجد غضاضة في تمييز الكاذب منها والصادق ولا صعوبة في استخلاص الحقيقة، وليس بالضرورة أن يكون ذي حنكةٍ وخبرةٍ سياسية  حتى يلاحظ تضاربها. ولكن قد يسأل لماذا تتقلب هذه الآراء وتزداد حدتها عندما تحرك أمريكا بركة الماء الراكد في تصريحات رئيسها ليتبعه البقية وعندما يسكت أسبوعًا يسكتون حتى تصفو عكارة الماء ثم تُعاد الكرة من جديد، وهل كل رؤساء هذه الدول تحركهم قوة خفية تجبرهم على تغيير آرائهم والتي غالبًا ما تتسق مع مد وجزر الرأي الأمريكي؟ يبدو ذلك كذلك بعد أن باعوا مبادئهم الأخلاقية منذ زمن بعيد.

بات واضحًا الآن أن الصهيونية هي القوة الخفية التي تحكم الولايات المتحدة الأمريكية وتتحكم بتوزيع حصص المال والأعمال وتعد بالسُلطة والنفوذ والمشاريع، وطبعًا لا أتحدث عن المشاريع الوطنية؛ فهي أمر لا بُد منه ضمن "نداء الواجب" وتُمليه الشروط الوظيفية، ولكن أتحدث عن المشاريع الشخصية للرؤوس الكبيرة من حملة ألوية القيادة بعد انتهاء فترة خدمتهم الرسمية أو عند التقاعد، مثل مشاريع شركات النفط وشركات صناعة الأدوية وأسهم شركات المال والاتصالات وصناعة التقنيات والمختبرات البيولوجية وغيرها، وليس ديك تشيني ودونالد رامسفيلد عن ذلك ببعيد، وجورج بوش الأب والابن، وتوني بلير، وهنتر ابن جو بايدن، وغيرهم الكثير والكثير من الأمثلة ولن ننتهي اليوم إن تحدثنا عنها.

لنلج الآن إلى صلب المراحل الثلاثة التي تقلب فيها الكلام وتدحرجت بينها الآراء للدول الغربية الداعمة للنازية الجديدة في الدولة الصهيونية وهي: "البداية المتوسطة والخدّاعة"؛ حيث بدأوا كلهم بالتنديد نتيجة الصفعة المفاجئة التي تلقوها يوم 7 أكتوبر على مشاريعهم، ثم التهديد بالانتقام من المقاومة باعتبارها "الإرهاب" الذي يُقوِّض خططهم ويتعارض مع مصالحهم الشخصية قبل الوطنية، ويضر بمنافعهم التي وُعِدوا بها في المستقبل الزاهر القريب، وتتخذ قنوات أخبارهم العريقة أهبة الاستعداد لبدء بث أكاذيبهم عاجلًا لتبرير تحريك البوارج والطائرات والمعدات والقوات والأسلحة والأموال للقضاء على غزة المحاصرة بالتعاون مع الجيش الصهيوني الخبير في قتل الأطفال والمدنيين الأبرياء والعزل الساعين لكسب قوتهم والحيوانات وكل دابة بها روح، وتجريف المدن والشوارع والأشجار والمزارع وسرقة الممتلكات من البيوت كما سرق بنو إسرائيل ذهب المصريين قبل هروبهم من فرعون وجنوده، ويبدو أن العِرق دسّاس.

توجهت الحرب الإعلامية السريعة مع الجزء الثاني من مرحلة البداية إلى تقييد المحتويات ومحاربة الحقائق على مواقع التواصل الإجتماعي بإيعاز من الصهيونية الحاكمة، ثم مواجهة حملة التعاطف مع فلسطين بكل الأساليب، بيد أنها لم تُجد نفعًا حسب المتوقع؛ إذ كانت الموجة الشعبية أكثر وأكبر من مجابهتها والتصدي لها، وحققت عشوائيتها انتصارًا ساحقًا في الجولة الأولى ضد منهجية القنوات الكاذبة، وبناءً عليه فلا بُد من الانتقال إلى المرحلة المتوسطة، والتي تعمد إلى استخدام الوسطية وغالبًا ما تكون أكثر ميلًا للعب على الوتر العاطفي، وقد لمسنا تبيان ذلك في تعاطفهم الشديد وحزنهم العميق على عدة قتلى من الجانب الصهيوني، يُقابله تعاطف ضعيف وحزن سطحي على عشرات الآلاف من الشهداء الفلسطينيين، ولا مناص من إظهار الوسطية الإعلامية مع الجزء الثاني من المرحلة المتوسطة بعد أن بدت أكاذيبهم للأولين والآخرين في الأسبوع الأول لطوفان الأقصى، وجعل إعلامهم أكثر واقعية ونزاهة لإنقاذ شيء من خبزه المحروق واستعادة ماء وجهه المهروق بعد ما عرَّت مواقع التواصل مطابخهم الإخبارية وجعلت منهم أضحوكة للعالمين.

ومع جدليات المرحلتين السابقتين، دخل نفس القادة من الذين غضبوا وكذبوا ثم نددوا وهددوا في طور الإنسانية بغتةً دون مقدمات أو تمهيد بالحديث عن المساعدات الواجب إيصالها مع أنهم لم يحركوا ساكنًا في هذا الشأن سوى الكلام عن القتلى الذي تجاوز أخلاقيات السكوت عنه مع إحجام الكيان الصهيوني عن الإشارة إلى هذا الملف، حتى فضحهم محاميو جنوب أفريقيا من حيث لا يحتسبون، لنصل في التقليبات أخيرًا إلى المرحلة الثالثة وهي الخدعة، حين طرأ موضوع الإعتراف بفلسطين كنوع من الوعود التي يعلم الجميع أنها كاذبة، كما اعتدنا، وبالطبع لن تترد أمريكا في استخدام النقض لألف سنة أو ما بقي الكيان الصهيوني المحتل مُتماسكًا.

لقد لاحظنا بسهولة ويسر وبكل جلاءٍ وصفاء الأخلاق الغربية المُتكيِّفة مع تقلُّب المصالح المُغلَّفة بالوطنية في هذه المرحلة الحاسمة من عمر القضية الفلسطينية، وتأكد لكل شعوب العالم أن تفادي إيقاع الأذى بالآخرين هو آخر ما يفكر به قادتهم وساستهم، وعندما يتركز مفهوم الأخلاق في عدم إيذاء الآخر نجد أن الشغل الشاغل لإسرائيل هو إيذاء الآخرين بكل الطرق والسبل، وهو ما يفسر لنا الحضيض الأخلاقي الذي وصلت له الصهيونية وقادتها وجيوشها.

وهنا يطرأ سؤالان بقوة؛ هما: لماذا كل سكان وجنود الكيان المحتل وقادتهم منغمسون في عشق إيذاء غيرهم؟ وهل يتمتعون بسلام داخلي حقيقي وتصالح ذاتي مع أنفسهم بعد حجم الجرائم التي اقترفوها؟ والجواب هو أن الحقد والكره وإيذاء الآخرين قد بلغ فيهم مبلغ التوارث الجيني ولن يتغير مع هذا الجيل {وإنك إن تَذرهُم يُضلوا عِبادك ولا يلِدوا إلا فاجِرًا كَفارا} (نوح: 27).

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

الحاج حسن: العدو الصهيوني أدرك أن أي حماقة قد يرتكبها ضد لبنان سترتد عليه سلبًا

رأى رئيس "تكتل بعلبك الهرمل" النائب الدكتور حسين الحاج حسن أن "العدو الصهيوني أدرك من خلال عمليات وأسلحة وتكتيكات وصمود وإصرار المقاومة، أن اي حماقة قد يرتكبها ضد لبنان سترتد عليه سلبا، ولن يعود يستطيع الخروج من المستنقع الذي كان يفكر ان يوقع نفسه فيه، لذلك العدو ورعاته يضغطون عليه حتى لا يخطئ. وإذا فكر العدو بأي حماقة فإن لدى المقاومة من العتاد والسلاح والإمكانات والعزيمة والإصرار والعديد والمقاتلين ومن القرار، ما يجعل العدو يندم اذا اقدم على أي حماقة".   جاء ذلك خلال مراسم تشييع "فقيد الجهاد والمقاومة" الشيخ يوسف الحاج حسن في ساحة حسينية بلدة حوش النبي، بمشاركة الوزير السابق الدكتور فايز شكر، رؤساء بلديات واتحادات بلدية وفاعليات دينية وسياسية واجتماعية.   استهل النائب الحاج حسن كلمته بالحديث عن مزايا ومناقبية الفقيد، وقال: "الشيخ يوسف من الذين لم يبدل تبديلا في خط المقاومة والجهاد والتضحية والعطاء الذي خطه لنا الإمام الخميني المقدس، فكان من العاملين والمجاهدين في هذا الخط منذ سنوات طويلة، الى جانب إخوانه في المقاومة، وفي كل حركات المقاومة: أمل والحزب القومي وحزب البعث والجماعة الإسلامية وكل أحزاب المقاومة، وكل الذين سلكوا هذا الدرب، فكان الإنتصار على العدو الصهيوني في 25 أيار 2000 وفي 14 آب 2006، والإنتصار على العدو والمشروع التكفيري في المنطقة، وعلى الولايات المتحدة الامريكية وكل من شاركها في هذا المشروع، في 25 آب 2017 . ونحن نسير باتجاه النصر القادم إن شاء الله في غزة ولبنان واليمن والعراق وسوريا وإيران وكل محور المقاومة، وكل داعمي محور المقاومة، وكل المتعاطفين مع غزة بالكلمة والموقف والتظاهرة والإعتصام وعلى وسائل التواصل". وتابع: "أيها المقاومون ويا أنصار واحباء المقاومة، مع فقيدنا الشيخ يوسف ومع شهدائنا ومع كل فقيد جهاد ومقاومة، سنجدد العهد ونقول إننا ماضون في صناعة انتصارات قادمة في خط المقاومة ومحور المقاومة بإذن الله سبحانه وتعالى".  وأضاف: "نقول لبعض الذين يشككون، يكفيكم تصريحات قادة العدو وتحليلات إعلامه وسياسييه وعسكرييه وأمنييه، وآخرها لبنيامين نتنياهو الذي كان يتحدث عن النصر المطلق في غزة، وعن القضاء على حماس وعلى المقاومة، أعلن أن هدفه هو منع حماس من إعادة تشكيل قوتها. بالمقابل يقول ضابط من الجيش الإسرائيلي لقد استطاعت حماس ان تعيد تشكيل قوتها، تعليقا على المعارك الطاحنة في الشجاعية. أعلن العدو الصهيوني أنه طهر حي الشجاعية ووسط وشرق غزة 3 مرات، ورغم ذلك نرى المعارك الطاحنة في غزة، ويستخدم العدو الطيران والمدفعية والدبابات والصواريخ وكل أنواع الأسلحة، وفي كل يوم يقول العدو حدث صعب في الشجاعية، هذا معناه ان المقاومة في غزة استطاعت أن تصمد وأن تمنع العدو من تحقيق أهدافه وان تحبط عمله، والآن يتحدثون عن انتهاء العمليات في رفح من دون دخول مدينه رفح، بعدما كان يقول نتنياهو النصر المطلق هو بالدخول إلى رفح". ورأى أن"صمود المقاومين في غزة وصمود أهل غزة صنع أسطورة، ليس فقط على المستوى المعنوي والإعلامي والنفسي والعبادي والايماني، بل على مستوى إلحاق الهزيمة بهذا العدو النازي المجرم القاتل والجبان، الذي لم يحقق طوال 9 شهور في غزة إلا قتل المدنيين، وهو يتحضر لإعلان هزيمته، والمقاومة تتحضر لإعلان النصر إن شاء الله في غزة". وأردف: "اما في لبنان فأخوتك يا شيخ يوسف في قيادة وكوادر ومجاهدي المقاومة سطروا طوال الأشهر التسعة الماضية ملاحم أسطورية جعلت العدو ينزل عن السلم، في الوقت الذي كان يطلق التهديدات والتهويل هو ورعاته وأسياده طوال الأشهر الماضية ويتوعد، الان نتنياهو وغانيتس يفضلان الحل الدبلوماسي والسياسي. لماذا هل صحا ضميرهم وأخلاقهم؟ هم بلا أخلاق وبلا ضمير وبلا إنسانية، إن الذي حصل هو أن العدو الصهيوني أدرك من خلال عمليات وأسلحة وتكتيكات وصمود وإصرار المقاومة، أن اي حماقة قد يرتكبها ضد لبنان سترتد عليه سلبا، ولن يعود يستطيع الخروج من المستنقع الذي كان يفكر ان يوقع نفسه فيه، لذلك العدو ورعاته يضغطون عليه حتى لا يخطئ. وإذا فكر العدو باي حماقه فان لدى المقاومة من العتاد والسلاح والإمكانات والعزيمة والإصرار والعديد والمقاتلين ومن القرار، ما يجعل العدو يندم اذا اقدم على أي حماقة". وختم الحاج حسن: "المقاومة تقول للعدو: في الماضي لم تنفع تهديداتك، ولا تهديدات رعاتك ولا الوسطاء في ثني المقاومة وأهل وبيئة المقاومة التي تشيع الشهداء بالآلاف في قرى الحافة على حدود فلسطين، تحت الطيران والتهديد والقصف. بيئة المقاومة والمقاومة مصممون، عازمون على الاستمرار في إسناد غزة وشعب ومقاومة غزة، ويقولون للعدو إن فكرت بأي حماقة فإن لدى المقاومة من العتاد والسلاح والإمكانات والعزيمة والإصرار والعديد والمقاتلين، ومن القرار ما يجعلك تندم. لا يخيفنا إرهابك ولا عدوانك ولا تهديدك ولا عويلك ولا صراخك، وأنت أيها العدو تتراجع، ويتراجع قادتك، وإعلامك مملوء بالتحاليل والأخبار عن القلق والإرباك، وعن جيشك المنهك؛ 900 رائد ونقيب طلبوا التسريح من الجيش الاسرائيلي، وآلاف الجنود يعلنون ممانعتهم الاستدعاء للإحتياط. ولأننا لا نأمن مكر العدو، ردعنا قائم، وجهوزيتنا وقوتنا واستعداداتنا قائمة".



واستعرض مسؤول قطاع الجبل في "حزب الله" بلال داغر العلاقة مع الفقيد، مشيراً إلى أن "رحلتنا العملية مع الشيخ يوسف بدأت في التسعينيات في بلدة الشويفات، عند بدء تشكيل العمل الإسلامي المقاوم، ومنذ ذلك اليوم كان الخلوق والمعطاء والعامل بصمت وثبات، والمواكب والمعطاء والمتألق والمربي والمسؤول في مجال الاستقطاب والهداية، والمجاهد في تشكيلات المقاومة".


وألقى علي أحمد الحاج حسن كلمة العائلة، فقال: "عاش الشيخ يوسف مجاهدا في سبيل الحفاظ على معاني الإيمان والتقوى والخير والعمل الصالح، كما حمل قلما وفكرا في سبيل العزة والكرامة. وإن ما تسطره المقاومة الاسلامية في لبنان إسناداً لغزة وفلسطين على طريق القدس، هو تجسيد لواقعة كربلاء التي أعطت الروح الجهادية لكل أحرار العالم، التي استمد منها الإمام السيد موسى الصدر شعار كونوا مؤمنين حسينيين، وها هي المقاومة بإيمان يقيني ووعي سياسي، وبقياده حكيمة للسيد حسن نصر الله والرئيس نبيه بري، تؤكد للعالم بأن ما يقدم من دماء وتضحيات هو في سبيل كل الوطن، وفي سبيل عزته وكرامته ومجده".

وبعد تأدية المراسم والصلاة على الجثمان، ووري في الثرى بمدافن البلدة.

مقالات مشابهة

  • الحاج حسن: العدو الصهيوني أدرك أن أي حماقة قد يرتكبها ضد لبنان سترتد عليه سلبًا
  • حاطم.. والأعظم قادم
  • المرحلة الرابعة من التصعيد .. تطوّر في القدرات وتفوّق في الأهداف
  • المرحلة الرابعة من التصعيد.. تطوّر في القدرات وتفوّق في الأهداف
  • مقرر مساعد بـ«الحوار الوطني»: اعتماد الحكومة المرتقبة على توصيات المرحلة الأولى له مردود إيجابي
  • تعدد مسارات المرحلة الرابعة من التصعيد
  • ألمانيا تدين مصادقة حكومة العدو الصهيوني على شرعنة بؤر استعمارية
  • استطلاع رأي: ثلثا الصهاينة يؤيدون اعتزال نتنياهو للسياسة
  • حلو الكلام.. ننظر إلى ما حولنا بفروسية الخاسر
  • خيارات اليمين المتطرف عند سقوط نتنياهو