هدم المنازل وتهجير السكان.. جريمة إبادة جماعية متعمدة لمحو الدولة الفلسطينية
تاريخ النشر: 11th, February 2024 GMT
◄ تواصل إسرائيل التوسع في هدم منازل الفلسطينيين لبناء المستوطنات
◄ غزة شاهدة على أكبر جريمة هدم منازل في تاريخ الصراع مع إسرائيل
◄ منظمات حقوقية تطالب بتوفير الحماية الدولية للفلسطينيين ومنع تهجيرهم
◄ إسرائيل تمعن في العقاب الجماعي للقضاء على حق الفلسطينيين في مقاومة الاحتلال
◄ تشريد العائلات لإنهاء ارتباطهم بالأرض الفلسطينية
الرؤية- سارة العبرية
يتعمد الاحتلال الإسرائيلي القضاء على الفلسطينيين والاستيلاء على أرضهم وممتلكاتهم، وهو نهج تقوم به قوات الاحتلال للسيطرة على كامل الأراضي الفلسطينية عبر تهجير الفلسطينيين من مدنهم وهدم منازلهم وبناء مستوطنات إسرائيلية، وهو ما يعد بمثابة جريمة إبادة جماعية تستهدف محو كامل الدولة الفلسطينية.
ولقد كشفت الحرب الإسرائيلية الحالية على قطاع غزة هذا النهج الإجرامي، وشاهد الجميع قيام جنود الاحتلال بتدمير آلاف المنازل بعد الانسحاب من التجمعات السكنية، متعمدين القضاء على أهل غزة ومساكنها ومعالمها، إذ إنه في الوقت الحالي باتت كامل الأراضي الفلسطينية محتلة ماعدا رفح التي يهدد الاحتلال الإسرائيلي باقتحامها.
ويمكن فهم أسباب قيام جيش الاحتلال بهدم وتفجير بيوت الفلسطينيين من خلال سياق واسع يشمل عوامل سياسية واقتصادية واجتماعية، إذ تبرر إسرائيل هذا الجرم بأنه لأسباب أمنية مدعية أن بعض المنازل تستخدمها المقاومة لتخزين الأسلحة.
إلا أن السبب الأبرز للقيام بهذه الجريمة هو توسيع رقعة الاستيطان، حيث تشجع إسرائيل على بناء المستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ويستخدم تدمير المنازل كأداة لترحيل الفلسطينيين وتهجيرهم لصالح المستوطنين الإسرائيليين، كما أنها تقوم بذلك أيضا كعقوبة جماعية ضد عائلات ترى إسرائيل أنها تدعم بعض من أفراد المقاومة أو على صلة بهم.
وفي غزة، تتعمد القوات المتوغلة في بعض المناطق السكنية تفخيخ المنازل وتفجيرها دفعة واحدة، وجريف الشوارع واتباع سياسة الأرض المحروقة بقصف التجمعات السكنية بالطائرات، في خطوة تؤكد أن إسرائيل هدفها الأساسي هو القضاء على فرص قيام الدولة الفلسطينية المستقلة.
وبحسب الإحصائيات المتعلقة بالضفة الغربية والأراضي المحتلة، فإنه منذ بداية عام 2023، قام جيش الاحتلال الإسرائيلي بتدمير 161 منزلاً فلسطينياً بحجة البناء في المناطق المصنفة، أو بحجة تعزيز الأمن ومطاردة أفراد المقاومة.
وتنظر جهات حقوقية فلسطينية إلى هذه السياسة الإجرامية باعتبارها عقابا جماعيا يتعارض مع القوانين الدولية والمواثيق الإنسانية، وتطالب هذه الجهات بتوفير الحماية الدولية للفلسطينيين في ظل هذه الممارسات القمعية.
وقالت الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني "حشد" إن هذا السلوك ينطوي على إمعان في ممارسة سياسة العقاب الجماعي الممنهجة بحق الفلسطينيين، في محاولة مستمرة، لاستهداف حق الفلسطيني في مقاومة الاحتلال ومواجهته.
وطالبت الهيئة الدولية "حشد" المجتمع الدولي بكسر حالة الصمت إزاء جرائم الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني، والانتقال من ردود الفعل الخجولة إلى قرارات وإجراءات تلزم الاحتلال الإسرائيلي بوقف جرائمه التي يرتكبها بحق الفلسطينيين، لا سيما سياسة هدم المنازل.
وفي الأراضي المحتلة ووفقًا لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا"، فقد تم هدم 171 منشأة فلسطينية بواسطة إسرائيل، من بينها منازل سكنية كانت تضم 244 فلسطينيًا منذ بداية عام 2023، وبحسب مركز معلومات فلسطين "معطى"، فإن عدد المنازل التي هدمها الاحتلال منذ بداية العام بلغ 51 منزلًا، منها 11 في محافظة أريحا ومثلها في الخليل، و15 في القدس المحتلة، و3 في بيت لحم، و3 في جنين، و7 في نابلس، ومنزل واحد في سلفيت، وتضاف هذه الأرقام إلى 353 مبنى سكنيًا تم هدمها خلال عام 2022، مما أدى إلى تشريد العائلات التي كانت تسكنها.
ومن الأمثلة على ذلك ما حدث في قرية فروش شرق مدينة نابلس في شمال الضفة الغربية، حيث تعرّض الفلسطيني غسان أبو جيش لتدمير منزله وتحويله إلى ركام على يد السلطات الإسرائيلية.
ورغم عمليات هدم كثيرة طالت مباني ومنشآت عديدة في قرية فروش بيت دجن قرب مدينة نابلس شمال الضفة الغربية، إلا أن الهدم الأخير قبل أيام من الشهر الجاري وُصف بأنه الأعنف والأكثر خطرا، كونه استهدف منازل مبنية قبل احتلال إسرائيل للضفة الغربية عام 1967، والتي تعد أوتاد الفلسطينيين التي تربطهم بأرضهم وممتلكاتهم، وبهدمها انتقلت إسرائيل من التهجير القسري للسكان إلى مرحلة التطهير الكامل للقرية الواقعة في الأغوار الوسطى.
وتحوي القرية الآن حوالي 35 منزلا، طال الهدم الأخير 7 منها، إضافة لمنازل طينية قديمة اندثرت بفعل عوامل الطبيعة ولا يسمح الاحتلال بإعادة بنائها، ويحرم الاحتلال السكان من مياه قريتهم ويجفف الينابيع ويسرق المياه الجوفية، ويضع يده على الأرض؛ حيث تقلصت المساحات الزراعية المخصصة للرعي، وتراجعت الثروة الحيوانية أكثر من 80%، حسب الأهالي.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
تقرير: إسرائيل تتوسع في إبادة المدن كأداة لتنفيذ الإبادة الجماعية في غزة
قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إن تدمير جيش الاحتلال الإسرائيلي لمدن وأحياء فلسطينية بأكملها في قطاع غزة يعد تجسيدًا واضحًا لجريمة الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة منذ 14 شهرًا، وأداة رئيسة لتنفيذها.
وأضاف الأورومتوسطي، في بيان له اليوم أرسل نسخة منه لـ "عربي21": "إن هذه الجريمة لم تقتصر على قتل عشرات الآلاف من الفلسطينيين وتدمير حياة مليوني شخص بشكل تدريجي عبر القضاء على مقومات نجاتهم الأساسية فحسب، بل امتدت لتشمل إبادة المدن الفلسطينية بالكامل بنسيجها المعماري والحضاري، وما يتبع ذلك من تدمير للهوية الوطنية والثقافية للفلسطينيين، واستئصال وجودهم من أراضيهم، وفرض التهجير القسري الدائم عليهم، ومنع عودتهم، وتفكيك مجتمعاتهم، وطمس ذاكرتهم الجمعيّة، في محاولة منهجية للقضاء على وجودهم المادي والإنساني وتدمير ماضيهم وحاضرهم ومستقبلهم".
وأوضح المرصد الأورومتوسطي أن المعلومات التي وثقها فريقه الميداني، إلى جانب البيانات التي حصل عليها من عائلات هجرت قسرًا من شمال قطاع غزة، تظهر أن جيش الاحتلال الإسرائيلي ينتهج بشكل واسع منذ هجومه البري الثالث في المنطقة منذ 5 أكتوبر/تشرين أول الماضي، عمليات محو شامل وتدمير كامل للمنازل والأحياء السكنية والبنى التحتية، مستخدمًا في ذلك أربع وسائل، تشمل: النسف من خلال روبوتات وبراميل مفخخة، والقصف الجوي بالقنابل والصواريخ المدمرة، وزارعة المتفجرات والنسف عن بعد، والتجريف بالجرافات العسكرية والمدنية الإسرائيلية.
وأبرز الأورومتوسطي أنه تابع مجموعة من مقاطع الفيديو والصور التي نشرها جنود إسرائيليون ومنصات إعلامية إسرائيلية وأخضعها للتدقيق، وتحقق فعلًا من حجم الدمار الهائل الذي ألحقه جيش الاحتلال الإسرائيلي بشمال قطاع غزة، إذ أظهرت مقاطع تصوير جوية ممتدة مخيم جباليا مدمرًا بالكامل، حيث بات كل ما فيه عبارة عن أكوام من الركام وشوارع مدمرة بالكامل.
وذكر أن بلوكات 4 و5 و2، 3 ومناطق العلمي، والهوجا، والفالوجا والتوام وأطراف الصفطاوي الشمالية مسحت بالكامل، وذات الأمر ينطبق على باقي الأحياء في بيت لاهيا وبيت حانون.
وشدد على أن نمط التدمير الشامل الذي استهدف البلدات والأحياء الفلسطينية، بما يشمل عمرانها ومنازلها ومنشآتها المدنية والاقتصادية وبناها التحتية، واستمراره بشكل منهجي طوال 73 يومًا (منذ مساء يوم 5 أكتوبر/تشرين أول 2024)، يدل بشكل قاطع على أن هذا التدمير لم يكن له أي ضرورة عسكرية، بل جاء بهدف التدمير والمحو الكامل للأثر الفلسطيني المادي والحضاري، وذلك في انتهاك خطير لقواعد القانون الدولي.
وأكد الأورومتوسطي أن هذا السلوك يمثل جزءًا من سياسة إبادة المدن (الإبادة الحضارية) التي تنفذها إسرائيل، والتي تستهدف ليس فقط السكان الفلسطينيين وممتلكاتهم كأفراد، بل أيضًا محو وجودهم الثقافي والحضاري، وإزالة أي أثر مادي أو تاريخي يدل على ارتباطهم بأرضهم، وبالتالي إضعاف قدرتهم على البقاء على قيد الحياة في مناطقهم، وصولًا إلى القضاء على وجودهم الفعلي والمجتمعي فيها، مقابل تسهيل إقامة مشاريع استيطانية غير قانونية في شمال غزة.
يُشار إلى أن هذه المشاريع يُروّج لها علنًا وزراء ومسؤولون في الحكومة الإسرائيلية وأعضاء في الكنيست ومنظمات استيطانية، في إطار محاولات فرض واقع ديموغرافي وجغرافي جديد، يُستبدل فيه السكان الفلسطينيون الأصليون بمستوطنين إسرائيليين، ما يعد انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي وجرائم تستوجب الوقف الفوري والمساءلة والمحاسبة وإنصاف الضحايا.
وأشار الأورومتوسطي إلى أن منهجية التدمير الشامل لأحياء وبلدات كاملة لم تقتصر على شمال قطاع غزة، بل طالت أغلب مناطق قطاع غزة، مبينًا أن المعطيات الأولية التي أمكن الحصول عليها من رفح جنوبي القطاع من خلال إفادات من سكان في المنطقة وصور للأقمار الصناعية ومقاطع فيديو نشرها جنود إسرائيليون تظهر أن المحافظة تم محوها بصورة شبه تامة.
كما أشار إلى أن العديد من أحياء خان يونس جنوبي القطاع مسحت بالكامل، وكذلك العديد من المربعات السكنية في حيي الشجاعية والزيتون جنوب غزة وشرقها، وكذلك المنطقة الواقعة على امتداد محور نتساريم من الجنوب والشمال.
وأكد أن هذا التدمير الإسرائيلي للأحياء السكنية شمل المنازل والشوارع والبنى التحتية والمنشآت التعليمية والشرطية والخدماتية والاقتصادية، بما يجعل من شبه المستحيل عودة الفلسطينيين للعيش في تلك المناطق.
وترتبط إبادة المدن التي ترتكبها إسرائيل للبلدات والأحياء السكنية كذلك بجريمة الإبادة الثقافية المستمرة منذ 7 أكتوبر/تشرين أول 2023، حيث تستهدف بشكل متعمد المعالم الأثرية والحضارية الفلسطينية، في مسعى واضح للقضاء على التراث الحضاري الإنساني الفلسطيني.
وأشار إلى أنه وثق استهداف الجيش الإسرائيلي عشرات المعالم الأثرية والحضرية، مثل المساجد والكنائس والمواقع والمباني الأثرية والتاريخية في مدينة غزة، والمتاحف العامة والخاصة، والمراكز الثقافية والجامعات التي تشكل جزءًا أساسيًا من هوية غزة الحضارية وترتبط ارتباطًا وثيقًا بوطن الفلسطينيين.
وشدد على أن العمليات العسكرية المتعاقبة للجيش الإسرائيلي على غزة على مر السنين دمرت العديد من الأجزاء المهمة من تراثها المعماري الغني، إلا أن ما يجرى منذ بدء الهوم العسكري الحالي يمثل محوًا شاملًا لتاريخ وتراث المدينة.
وأكد المرصد الأورومتوسطي أن المواقع التراثية والتاريخية في غزة هي في الواقع ملك للإنسانية ولكل من يهتم بتاريخ الإنسانية، وليست مقتصرة فقط على البلد الذي توجد فيه تلك المعالم. حيث إن هذه المواقع تحمل قيمة ثقافية وتاريخية تتجاوز الحدود الوطنية، إذ تمثل ذاكرة جماعية للبشرية جمعاء. ولذلك، يجب أن يكون المجتمع الدولي في مقدمة من يتحمل المسؤولية في الدفاع عن هذه المواقع وحمايتها من التدمير المنهجي، ما يستدعى إطلاق تحقيق دولي محايد في انتهاكات إسرائيل والضغط الفعلي عليها لوقف جرائمها في قطاع غزة ومحاسبتها وتقديم العدالة للضحايا.
وجدد الأورومتوسطي مطالبته لجميع الدول بتحمل مسؤولياتها الدولية بوقف جريمة الإبادة الجماعية وكافة الجرائم الخطيرة التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة، وحماية المدنيين هناك، وضمان امتثال إسرائيل لقواعد القانون الدولي وقرارات محكمة العدل الدولية، وفرض العقوبات الفعالة عليها، ووقف كافة أشكال الدعم والتعاون السياسي والمالي والعسكري المقدمة إليها، بما يشمل التوقف الفوري عن عمليات بيع وتصدير ونقل الأسلحة إليها، وشرائها منها، بما في ذلك تراخيص التصدير والمساعدات العسكرية، وضمان مساءلتها ومحاسبتها على جرائمها ضد الفلسطينيين. ودعا أيضًا إلى تنفيذ أوامر القبض التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي ووزير الدفاع في أول فرصة وتسليمهم إلى العدالة الدولية.
ودعا المرصد الأورومتوسطي إلى مساءلة ومحاسبة الدول المتواطئة والشريكة مع إسرائيل في ارتكاب الجرائم، وأهمها الولايات المتحدة الأمريكية، وغيرها من الدول التي تزود إسرائيل بأي من أشكال الدعم أو المساعدة المتصلة بارتكاب هذه الجرائم، بما في ذلك تقديم العون والانخراط في العلاقات التعاقدية في المجالات العسكرية والاستخباراتية والسياسية والقانونية والمالية والإعلامية، وغيرها من المجالات التي تساهم في استمرار هذه الجرائم.
إقرأ أيضا: شهداء وجرحى في قصف استهدف منازل المدنيين في مدينة غزة (شاهد)
وفجر اليوم الثلاثاء تقدمت آليات عسكرية إسرائيلية، بشكل مفاجئ ومحدود شمال غرب مدينة رفح جنوب قطاع غزة، وسط غطاء ناري كثيف.
ويواجه الفلسطينيون والنازحون بالمنطقة صعوبة شديدة في التحرك أو النزوح مجددا بسبب خطورة الأوضاع الأمنية جراء إطلاق النار المتواصل.
ومن وقت لآخر، تتقدم آليات الجيش الإسرائيلي إلى منطقة شمال غرب رفح، المعروفة باسم "المواصي"، حيث تنفذ عمليات عسكرية تستمر لساعات قبل أن تتراجع وتُعيد تموضعها في المدينة.
ويتواجد في المواصي آلاف النازحين الذين يقيمون في خيام مصنوعة من القماش والنايلون، والتي لا تحميهم من الرصاص الإسرائيلي العشوائي.
وبدعم أمريكي ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر 2023 إبادة جماعية بغزة، خلفت نحو 152 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.
إقرأ أيضا: الاحتلال يزرع روبوتات متفجرة في محيط مشفى كمال عدوان.. ويقصف عدة مناطق في القطاع (شاهد)