جريدة الرؤية العمانية:
2025-01-30@05:55:53 GMT

الحياة قصيرة.. فعشها بسلام

تاريخ النشر: 11th, February 2024 GMT

الحياة قصيرة.. فعشها بسلام

 

حمد الحضرمي **

 

حياة الإنسان على هذه الدنيا قصيرة، فمهما امتلك من الصحة والمال والسلطة والنفوذ والقوة، فإنه لن يصبح خالدًا فيها، وهو راحل عنها لا محالة، والمطلوب منا جميعًا أن نعد العدة للسفر، وأن يكون لدينا الرصيد الكافي من الأعمال الصالحة حتى نلاقي ربنا وهو عنا راضٍ، وعلى الإنسان أن يتذكر دائمًا بأن الدنيا دار ممر لا مقر، ودار العمل والامتحان والفتنة، فلا ينشعل بجمعها ولا ينغمس في شهواتها وملذاتها، فيتشتت قلبه ويغفل عن الاستعداد للرحيل منها.

وقد جاء في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم نام على حصير وقد ترك الحصير أثر في جنبه، فقال له الصحابة: " لو اتخذنا لك وطاء، فقال: ما لي وما للدنيا ؟ ما أنا في الدنيا إلا كراكب استظل تحت شجرة ثم راح وتركها "، وكان ابن عمر يقول: "إذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وإذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وخذ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتك".

والحياة مليئة بالمشاق والمتاعب والآلام والأحزان، وعلينا الصبر والتفاؤل حتى نصل إلى المبتغى بدخول الجنة، وعلينا التمسك بالإسلام والإيمان والإحسان، ولالعبادات ورضا الله ثم رضا الوالدين، والحرص على القيم الأخلاقية والصفات الحميدة، والتعامل بالمحبة والإحسان مع الأهل والجيران والأصدقاء، والتواصل مع الأحباب وتحسس همومهم ومشاكلهم، ومشاطرتهم الأفراح والأحزان، ورسم الإبتسامة على وجوه من نستطيع من المحرومين؛ لأننا عن هذه الدنيا راحلون، وستبقى لنا السمعة الطيبة والأخلاق العالية، والأعمال الخيرية والتطوعية والوفاء والعطاء والتسامح مع الآخرين، ومساعدة الفقراء والأيتام والأرامل والمساكين.

إن الإنسان أحيانًا يتجاوز حدوده، وينسى وضعه وضعفه، ويتمرد على أوامر خالقه، فيرى نفسه قد استغنى بالمال والأولاد والسلطة والنفوذ، فيتعالى على أسرته وإخوته وأولاده وأهل منطقته وزملائه في العمل، وهذا الغرور والتكبر والوهم هو الضربة القاضية التي تقضي على الإنسان في الدنيا والآخرة، فالدنيا عرض زائل ، وما يزرع فيها يحصد في الدار الآخرة، ويجب على كل إنسان منا أن يزرع ما ينفعه، ويسعى لطاعة الله ونيل رضاه.

وإذا أردت أن تشرق حياتك بالسعادة والنجاح، فعليك ببر والديك والإحسان إليهما، لأن حقوقهما من أعظم الحقوق بعد حق الله وحق رسوله، وربط الله شكرهما بشكره تعالى "أن اشكر لي ولوالديك إلى المصير" (لقمان: 14) وفي المقابل يشكل العقوق وقطع الرحم أسس البلاء ورأس كل شر، فالعاق محروم من البركة والتوفيق في الدنيا، فعلى الأبناء بر والديهما والدعاء لهما والعمل على رضاهما، حتى تشرق حياتهم بالخير، ويبارك الله لهم في الرزق والصحة والأولاد. واعلموا بأن الدنيا رحلتها قصيرة فلا تظلموا الناس، لأن الظلم عاقبته وخيمة في الدنيا والآخرة، ودعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب، والله يرفعها فوق الغمام.

ابتعدوا عن الغضب لأن نتائجه بشعة وعواقبه وخيمة، وقد دمرت أسر، وتهدمت بيوت، وقطعت به أرحام، وأشعلت به فتن وأريقت بسببه الدماء، وتجنبوا القلق الذي يأكل الإنسان من الداخل، ويشل قدرته على الحركة والتفكير والتفاعل مع متطلبات الحياة، وابتعدوا عن العصبية وعن الحسد والاحقاد والكراهية والبغضاء، حتى تعيشوا بقلوب سليمة مشرقة، واجعلوا قلوبكم معلق بالله، وفي حبه ورضاه، وخوفه ورجاءه، فاحفظوا الله يحفظكم، واحفظوا الله في أوامره وقموا بها كما أمركم، واحفظوا الله في نواهيه فانتهوا عنها كما نهاكم، اللهم يا لطيف الطف بنا، وقدر لنا من ألطافك الرحيمة ما تقوي به نفوسنا، وتهدي به قلوبنا، وتجعل حياتنا في سعادة وسرور في الدنيا والآخرة.

وعلينا جميعًا تجنب الصراعات الشخصية، وترك الخلافات العائلية، والبعد عن الصدامات المهنية في بيئة العمل، والتغافل عن النقاشات والاختلافات في الرؤى أو القيم أو المبادئ أو الاهتمامات، فلكل واحد منا وجهة نظر وثقافة تختلف عن الآخر، فعلينا احترام وتقدير وجهة نظر الآخرين، والتعاون معهم والتناغم وتحسين وسائل التواصل الفعال فيما بيننا؛ فالسعادة الحقيقية هي أن تعيش بسلام مع الجميع، وفي محبة وود ووئام، وصدر سليم وقلب رحيم، وسكينة وطمأنينة وسمو في الروح والإيمان بالله والإخلاص في الأقوال والأعمال، حتى نكون في الآخرة في جنات النعيم.

** محامٍ ومستشار قانوني

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

فوائد بقاء الإنسان متوضئًا طوال الوقت

 قالت دار الإفتاء المصرية إن بقاء الإنسان متوضئًا طوال وقته له فضائل وفوائد كثيرة، منها أنه يجنبه شر الشيطان؛ قال رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ الْغَضَبَ مِنَ الشَّيْطَانِ، وَإِنَّ الشَّيْطَانَ خُلِقَ مِنَ النَّارِ، وَإِنَّمَا تُطْفَأُ النَّارُ بِالْمَاءِ، فَإِذَا غَضِبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَتَوَضَّأْ» رواه الإمام أحمد وأبو داود.

فوائد الوضوء للمسلم

وجاء في "حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح شرح نور الإيضاح" (ص: 85، ط. دار الكتب العلمية) مبينًا الأحوال التي يتوضأ لها:  [قوله: "ولغضب"؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «إن الغضب من الشيطان وإن الشيطان خلق من النار وإنما تطفأ النار بالماء فإذا غضب أحدكم فليتوضأ» رواه الإمام أحمد وأبو داود في "الأدب"، أي: ولو كان متوضئًا، فإنْ اشتدّ الغضب ندب له الغسل. قاله في "مواهب القدير"] اهـ.

وأورد الإمام البجيرمي أن المراد بالوضوء المسنون عند الغضب: هو الوضوء التام كوضوء الصلاة ولو كان على وضوء؛ فقال في "تحفة الحبيب على شرح الخطيب" (1/ 179، ط. دار الفكر): [قال الراغب: والغضب ثوران دم القلب عند إرادة الانتقام، وسببه: هجوم ما تكره النفس ممّن هو دونها أو مثلها. قوله: (والمراد بالوضوء) أي: في جميع هذه المواضع. قوله: (لا اللغوي) الذي هو مجرد غسل اليدين] اهـ.

كما أن بقاء المسلم متوضئًا يزيد عمره ويحبب فيه الملائكة؛ فقد روى الطبراني في "المعجم الأوسط" و"المعجم الصغير" أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لسيدنا أنس رضي الله عنه: «يَا بُنَيَّ، أَسْبِغِ الْوُضُوءَ يَزِدْ فِي عُمُرِكَ، وَيُحِبُّكَ حَافِظَاكَ».

وأكدت الإفتاء أن بقاء المسلم متوضئًا يذهب عنه الآثام؛ ففي الحديث الذي رواه الإمام أحمد في "مسنده" أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِذَا تَوَضَّأَ الْمُسْلِمُ ذَهَبَ الإِثْمُ مِنْ سَمْعِهِ وَبَصَرِهِ وَيَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ».

وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ خَرَجَتْ خَطَايَاهُ مِنْ جَسَدِهِ حَتَّى تَخْرُجَ مِنْ تَحْتِ أَظْفَارِهِ» رواه مسلم.

وأضافت أنَّ بقاء المسلم متوضئًا سبب من أسباب قبول الدعاء؛ فقد روى الإمام أحمد في "مسنده" أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَا مِنْ رَجُلٍ يَبِيتُ عَلَى طُهْرٍ ثُمَّ يَتَعَارُّ مِنَ اللَّيْلِ فَيَذْكُرُ وَيَسْأَلُ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ خَيْرًا مِنْ خَيْرِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ إِلَّا آتَاهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ إِيَّاهُ».

وروى الشيخان عن الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم قَالَ: «إِذَا أَخَذْتَ مَضْجَعَكَ فَتَوَضَّأْ وُضُوءَكَ لِلصَّلَاةِ ثُمَّ اضْطَجِعْ عَلَى شِقِّكَ الأَيْمَنِ ثُمَّ قُلِ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْلَمْتُ وَجْهِي إِلَيْكَ وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ رَغْبَةً وَرَهْبَةً إِلَيْكَ لَا مَلْجَأَ وَلَا مَنْجَا مِنْكَ إِلَّا إِلَيْكَ، آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ. وَاجْعَلْهُنَّ مِنْ آخِرِ كَلَامِكَ، فَإِنْ مُتَّ مِنْ لَيْلَتِكَ مُتَّ وَأَنْتَ عَلَى الْفِطْرَةِ». قَالَ: فَرَدَّدْتُهُنَّ لأَسْتَذْكِرَهُنَّ، فَقُلْتُ: آمَنْتُ بِرَسُولِكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ. قَالَ: «قُلْ آمَنْتُ بِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ»؛ جاء في "شرح الزرقاني على مختصر خليل" (1/ 117، ط. دار الكتب العلمية): [وبالاستحباب جزم ابن جزي في "قوانينه"، وكتعليم العلم وتعلمه وقراءة حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ورد السلام والدعاء؛ لأن الفعل الذي قصد إليه يصحّ مع بقاء الحدث فلم يتضمن قصده رفع الحدث. اللخمي، والأصل فيه لرد السلام ما قاله أبو الجهم: من أنه عليه الصلاة والسلام أقبل من نحو بئر جمل فلقيه رجل فسلم عليه فلم يرده عليه حتى أقبل على الجدار فمسح بوجهه ويديه ثم رد عليه. أخرجه البخاري ومسلم، والأصل فيه للدعاء أن أبا موسى الأشعري رضي الله عنه سأل النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يدعو لعمه أبي عامر رضي الله عنه فدعا بماء فتوضأ ثم رفع يديه ودعا إليه] اهـ.

وقالت الإفتاء إن الوضوء يجعل المحافظين عليه والمكثرين منه أولى بشفاعة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ويكون علامةً يميزنا بها النبي صلى الله عليه وآله وسلم يوم القيامة؛ كما روى ابن مسعود رضي الله عنه حيث قال: قِيلَ يَا رَسُولَ اللهِ، كَيْفَ تَعْرِفُ مَنْ لَمْ تَرَ مِنْ أُمَّتِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ قَالَ: «هُمْ غُرٌّ مُحَجَّلُونَ بُلْقٌ مِنْ آثَارِ الْوُضُوءِ» رواه ابن ماجه وأحمد.

ومن فوائد الإكثار من الوضوء استغفار الملائكة والدعاء للمتوضئ حتى وهو نائم؛ ففي الحديث: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ بَاتَ طَاهِرًا بَاتَ فِي شِعَارِهِ مَلَكٌ فَلَمْ يَسْتَيْقِظْ إِلَّا قَالَ الْمَلَكُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِعَبْدِكَ فُلَانٍ، فَإِنَّهُ بَاتَ طَاهِرًا» رواه ابن حبان في "صحيحه"، والبيهقي في "شعب الإيمان".

وتابعت الإفتاء قائلة: إن بقاء المسلم متوضئًا يجعله مستعدًّا للقاء الله إذا فاجأه الموت ويمكن أن يحصل على مرتبة الشهادة؛ فقد روى الطبراني في "المعجم الأوسط" و"الصغير": أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لأنس رضي الله عنه: «يَا بُنَيَّ، إِنِ اسْتَطَعْتَ أَلَّا تَبِيتَ إِلَّا عَلَى وَضُوءٍ فَافْعَلْ، فَإِنَّهُ مَنْ أَتَاهُ الْمَوْتُ وَهُوَ عَلَى وَضُوءٍ؛ أُعْطِيَ الشَّهَادَةَ».

مقالات مشابهة

  • كارولين عزمي تتألق بدور الفتاة الشعبية في فهد البطل.. والجمهور: «هتولع الدنيا»
  • فوائد بقاء الإنسان متوضئًا طوال الوقت
  • مقدمة كتاب “كتابات وقصص قصيرة” للروائية ليلى أبو العلا
  • هبوط اضطرارى لإحدى شركات البالون لتغيير مفاجئ فى اتجاة الرياح أثناء الطيران
  • بيان عاجل من وزارة الطيران عن انحراف بالون طائر بمنطقة جبلية في الأقصر
  • تتناول عين الجمل صباحًا؟.. إليك ما سيحدث لجسمك بعد فترة قصيرة
  • الهلال يعلن إنهاء عقد نيمار بعد تجربة قصيرة
  • الدنيا ملهاش أمان.. تامر أمين يعلق على رحيل علي معلول عن الأهلي (فيديو)
  • من القرآن إلى الحياة.. كيف نحيي قيم التسامح؟
  • قصة قصيرة: في ذكرى الثورة المصرية “٢٥ يناير” المجهضة بالكيزان والعسكر لكم أحكي