جريدة الرؤية العمانية:
2024-11-26@22:50:48 GMT

محاربة الفساد.. واجب وطني

تاريخ النشر: 11th, February 2024 GMT

محاربة الفساد.. واجب وطني

 

عمير بن الماس العشيت **

alashity4849@gmail.com

 

يمثل الفساد عقبة كؤود أمام التنمية الشاملة، فهو يُدمر ويحطم آمال الشعوب، ويُهدر موارد الدول، ويطرد الاستثمارات الأجنبية ويُضعف العدالة، ويزيد الفجوة المعيشية بين الأغنياء والفقراء، ولا تخلو أي دولة في العالم من الفساد، لكن باختلاف درجة انتشارها وبنسب متفاوتة؛ فالدول المتقدمة تقل عندها نسبة الفساد بحكم محاربتها من خلال الأجهزة الحكومية والصحافة والمؤسسات المدنية والأفراد، بينما نجده منتشرًا بشكل واسع في الدول النامية؛ نظرًا لعدم قدرة أجهزة الدول على محاربته؛ لأسباب عدة.

ظهر الفساد في العصور الماضية عندما كانت الشعوب خاضعة لأباطرة وحكام مستبدين تحكموا في ثورات البلاد والعباد وأشاعوا الفساد بين الطبقات المخملية الموالية لهم وبعض الأفراد من عامة الشعوب المتعاونين معهم، فأصبحت الحياة بينهم تنضوي تحت منظومة "القوي يأكل مال الضعيف دون شفقة أو رحمة أو محاسبة بحكم أنهم مسيطرون على كافة السلطات في الدولة"، بيد أن نمطية مثل هذه الحياة مازالت الشعوب تتجرعها في عصرنا الحديث ولكن بأساليب فساد ملتوية ومختفية وبعيدة عن القانون. وفي المقابل نجد أن الشريعة الإسلامية جعلت الفساد من المحرمات والجرائم ويجب محاربته والنهي عنه. والفساد "معاملة لا أخلاقية ترتبط النتيجة بمصلحة لفرد". أما تعريف الفساد في منظمات الشفافية الدولية فهو: "إساءة استخدام السلطة العامة من أجل تحصيل مكاسب شخصية، ومن مظاهر الفساد الرشوة والمحسوبية ونهب المال العام والواسطة والابتزاز والتزوير وغسيل الأموال.. إلخ.

تم تصنيف الفساد الى نوعين؛ مالي وإداري، أما الأول فقد عرّفه المشرعون بأنه تغطية الأموال غير الشرعية بوسائل مالية مشروعة لإبعاد الشبهات المالية الممنوعة. أما الثاني فقد عرَّفه صندوق النقد الدولي بأنه "سوء استخدام السلطة العامة من اجل الحصول على مكسب خاص ويتحقق عندما يقبل الموظف الرشوة".

والفساد ظاهر تنتشر بسرعة كبيرة كانتشار النار في الهشيم، إذا لم تجد من يحاربها، والدول التي ينتشر فيها الفساد تجدها تعاني من إدارة ثرواتها الاقتصادية والتأخر في مجالات التنمية البشرية كالتعليم والصحة والصناعة وفقدان العدالة الاجتماعية، وظهور موجات الكراهية بين الطبقات الغنية والفقيرة، وهجرة الناس من بلدانهم، وتفشي الفقر والشعور بالظلم.. وغيرها.

وتوضح تقارير منظمة الشفافية الدولية أن "غياب قواعد المساءلة والمحاسبة يعتبر من الأسباب الرئيسية في تغلغل الفساد وانتشار الفساد بين أفراد المجتمع مما يخلف آثارا مدمرة ونتائج سلبية لا تطال الجانب الاقتصادي فحسب؛ بل يتعداه إلى أبعد الحدود". والمفسدون لديهم الكثير من الطرق والتحايل والخداع لجلب ضمائر الضحايا لبؤرة الفساد وإضفاء الشرعية على جرائمهم والإفلات من المسؤولية القانونية.

يضم الفساد قائمة واسعة من الأعمال غير الأخلاقية منها إرساء مناقصات مشاريع الدولة على رجال أعمال متنفذين ومعنيين، واستنزاف مبالغ طائلة من ميزانية الدولة من أجل استئجار المباني الخاصة من قبل الحكومة على حساب المال العام، وتوزيع الأراضي السكنية والتجارية والصناعية والزراعية لفئة معينة من المواطنين وتهميش الآخرين، وتأخر تعيين الباحثين عن عمل وتوظيف أبناء الطبقة المخملية غير المؤهلين، وعقد صفقات وعقود بأسعار خيالية في فواتير الشراء، واستغلال مبالغ النثريات المخصصة للاحتفالات وانشطة المؤتمرات والندوات والسفريات والمهمات الخارجية، وجرف وتخطيط مساحات أراضٍ حكومية دون موافق الجهات الرسمية ومن ثم المطالبة بالملكيات الخاصة، وإنشاء مشاريع لا تخدم الصالح العام، وتأخر المشاريع التنموية الى فترات طويلة، وتشبث المسؤولين بمناصبهم فترات طويلة دون ترك فرصة للكوادر المؤهلة، واستخدام المركبات الحكومية في الاعمال الخاصة بعيدا عن الاعمال الرسمية، وغيرها الكثير من مظاهر الفساد.

ولله الحمد أن حكومتنا الرشيدة أولت اهتمامًا كبيرًا بمحاربة الفساد، وقد تجلى ذلك بعد تولي حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- سلطان المساواة والإنسانية، مقاليد الحكم؛ إذ شدد جلالته في خطابه السامي بتاريخ 25 أغسطس 2020 على دعم الإصلاح ومحاربة الفساد وترسيخ وتنفيذ التنمية المستدامة، وترسيخ الرؤية الواضحة  للسلطنة نحو رقابة فاعلة. وانضمت السلطنة إلى اتفاق الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، وكذلك الجوانب المتعلقة بالتعاون الدولي، بهدف القضاء على جميع أنواع الفساد المحرمة، ونتيجة لهذه الجهود فقد صدر المرسوم السلطاني رقم (64/ 2013) بالموافقة على انضمام السلطنة في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، حيث كُلف جهاز الرقابة المالية والإدارية -الذي قام بمجهود كبير خلال السنوات الماضية في استرجاع  الكثير من المال العام لخزينة الدولة- بمهمة هيئة مكافحة الفساد، ومن أراد الإبلاغ عن المفسدين فعليه التواصل بالجهاز، وأقول لكل مواطن: لا تتأخر في أداء واجبك الوطني والشرعي؛ فالحكمة تقول "حاسِبُوا أنفسكم قبل أن تُحاسَبُوا".

   ** كاتب وباحث

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

حكم غيابي بحق (نور زهير وهيثم الجبوري ورائد جوحي) بجريمة سرقة المال العام

آخر تحديث: 25 نونبر 2024 - 5:11 م بغداد/ شبكة أخبار العراق- أصدرت محكمة جنايات الكرخ لمكافحة الفساد، اليوم الإثنين، (25 تشرين الثاني 2024)، حكماً غيابيا بالسجن 10 سنوات بحق (نور زهير) المتهم الأول في قضية سرقة الأمانات الريبية المعروفة اعلاميا بـ”سرقة القرن”.كما أصدرت المحكمة بحسب بيان لاعلام القضاء الأعلى ، “حكماً بالسجن 6 سنوات بحق المتهم (رائد جوحي) وعدد من الموظفين المشتركين بسرقة الأمانات الضريبية”.وأصدرت أيضاً وفقاً للبيان “حكماً بالحبس 3 سنوات بحق عضو مجلس النواب السابق هيثم الجبوري”.ونور زهير المعروف بـ “أبو فاطمة”، وهو صاحب شركتي (القانت والمبدعون)، كان قد اعتقل في مطار بغداد الدولي، في 24 تشرين الثاني/نوفمبر 2022، عند محاولته مغادرة البلاد عبر المطار، لكن القضاء قرر اطلاق سراحه بكفالة مالية “مقابل تعهده بإعادة الأموال التي سرقها من هيئة الضرائب”.وكشف تقرير للجنة النزاهة النيابية العام الماضي أن الأموال التي سرقت من حساب أمانات هيئة الضرائب في مصرف الرافدين، كانت تعود لشركات صينية.التقرير اتهم مكتب مكافحة غسيل الأموال بالتقصير في التعامل مع هذا الملف، وأشار إلى أن موظفاً نقل إلى الهيئة العامة للضراب للتوقيع على صرف الأموال، حيث تبلغ الأموال التي تم سحبها من قبل 5 شركات بين آب 2021 وايلول 2022، من حساب أمانات الهيئة العامة للضرائب في مصرف الرافدين فيما سمي بـ”سرقة القرن” 3.7 تريليون دينار.

مقالات مشابهة

  • كاتبة صحفية: مبادرة «بداية» تستهدف تعزيز الاستثمار في رأس المال البشري
  • الإفتاء: حماية المال والمحافظة عليه أحد مقاصد الشرع الشريف
  • أسبوع أبوظبي المالي ينطلق 9 ديسمبر المقبل
  • النيابة العامة في عدن تحيل ملف قضية فساد مالي إلى المحكمة
  • تبديد المال العام يجر الرئيس السابق لمجلس سيدي يحيى الغرب إلى المحاكمة
  • حكم غيابي بحق (نور زهير وهيثم الجبوري ورائد جوحي) بجريمة سرقة المال العام
  • محافظ أسيوط يتفقد سيارات ومعدات الحملة الميكانيكية لمركز الفتح
  • أبو الغيط : حروب إسرائيل تقلل من فرص الشعوب في التنمية وتحقيق الاستدامة
  • الرئيس السيسي يوجه باستبعاد 716 اسمًا من قوائم الإرهاب.. نواب: خطوة نحو تعزيز الأمن والاستقرار.. وتعزز من مصداقية الدولة في محاربة الإرهاب
  • تأجيل تشغيل مصفى كربلاء إلى العام المقبل جراء الفساد الحكومي