ماذا سيسأل بيل غيتس شخص عاد من عام 2100؟
تاريخ النشر: 11th, February 2024 GMT
كشف الملياردير المؤسس لشركة مايكروسوفت، بيل غيتس، عن أكثر ما يقلقه حول مستقبل العالم، خلال حلقته الأخيرة من برنامجه الإذاعي"Unconfuse Me". وقال غيتس، إن "سؤاله الأول لشخص عاد من عام 2100، لن يكون عن عائلته، أو سعر سهم مايكروسوفت".
وبدلاً من ذلك، سيسأل: هل يزدهر البشر؟ وقال غيتس، "في النهاية، يتم قياس كل ذلك من خلال رفاهية الإنسان".
وفي الحلقة، أجرى "غيتس" مقابلة مع عالمة البيانات بجامعة أكسفورد هانا ريتشي، التي يقدم كتابها "ليست نهاية العالم" نظرة متفائلة حول كيف يمكن للعالم أن يفوز في معركته ضد تغير المناخ.
وسأل غيتس ريتشي عن "أهم الأسئلة" التي ستطرحها على مسافر عبر الزمن من المستقبل.
إجابتها: ما هي النسبة المئوية لسكان العالم الذين يمكنهم العيش بما يصل إلى 20 دولاراً في اليوم في عام 2100؟ وقالت ريتشي إن الإجابة ستكشف الكثير عن معدلات الفقر في المستقبل، وعما إذا "حققنا تقدما في مجالات الصحة والزراعة والفقر".
وفي الوقت الحالي، يتعين على أكثر من 9% من سكان العالم - أي أكثر من 700 مليون شخص - أن يعيشوا على أقل من 2.15 دولار في اليوم، وهو مستوى يشير إلى الفقر المدقع، وفقا للبنك الدولي. وقالت ريتشي إنه إذا كان جزء كبير من الناس يعيشون على ما يقرب من 20 دولاراً يومياً بحلول عام 2100، وخاصة في البلدان ذات الدخل المنخفض، فإن ذلك "سيكون إنجازاً رائعاً"، وعلامة على أن البشرية قد أحرزت تقدماً على الأرجح في التخفيف من تغير المناخ.
وأوضحت ريتشي: "افتراضي هو أن تغير المناخ لم يكن له آثار مدمرة للغاية، حيث دمرت الزراعة وكانت النتائج الصحية سيئة للغاية، وغرق الناس في الفقر".
في البداية، قال غيتس إنه يفضل الاستفسار عن إنتاج الطاقة والذكاء الاصطناعي. "كيف تولد الطاقة؟ هل هو اندماج أم انشطار أم شيء غير متوقع؟”. "ثم افهم كيف كان الذكاء الاصطناعي يساعدهم على الاجتماع معاً... أو كيف تعاملوا مع هذا التحدي."
الاندماج والانشطار نوعان من الطاقة النووية. وقد وصف غيتس كلاهما بأنهما مصدران واعدان للطاقة النظيفة – حيث شارك في تأسيس شركة TerraPower الناشئة للطاقة النووية في عام 2006 – والتي يمكن أن تساعد في مكافحة تغير المناخ.
كما عارض غيتس العديد من سيناريوهات يوم القيامة حول تقدم الذكاء الاصطناعي، قائلاً إن التكنولوجيا يمكن أن تساعد العالم في نهاية المطاف على حل التحديات العالمية في مجالات مثل الصحة والتعليم. ولا يزال يعمل كمستشار لشركة مايكروسوفت، التي استثمرت مليارات الدولارات في شركة OpenAI الناشئة لأبحاث الذكاء الاصطناعي، بعد ترك مجلس إدارتها في عام 2020.
ولكن بعد التفكير، وعلى الرغم من اهتماماته الشخصية بالطاقة والذكاء الاصطناعي، غير غيتس رأيه وجعل إجابته أكثر توافقاً مع سؤال ريتشي. وقال إن أفضل تحقيق هو الذي يكشف عن الرفاهية العامة للبشر في جميع أنحاء العالم.
قال غيتس: "أنت على حق". "بطاقة التقرير ليست التكتيكات. إنها نوعية الحياة."
المصدر: السومرية العراقية
كلمات دلالية: تغیر المناخ عام 2100
إقرأ أيضاً:
بالذكاء الاصطناعي ماذا لو عاد خالد بن الوليد أو نيوتن؟
مؤيد الزعبي
بما أن كل شيء في مخيلتنا وارد حدوثه في عالم الذكاء الاصطناعي، فلك أن تتخيل عزيزي القارئ كيف ستكون حياتنا لو أعاد الذكاء الاصطناعي إحياء الأموات، أشخاصًا أعزاء علينا، وقد تناولت جزءًا من هذا الطرح في مقال سابق، لكن ما أنوي أن أحدثك به اليوم هو عن كيف ستتم هذه العملية، وكيف سنتعامل معها، وماذا لو أعاد الذكاء الاصطناعي إحياء أموات من العباقرة والفلاسفة أو القادة والرموز الوطنية والدينية والاجتماعية والتاريخية؟ كيف سنجد هذه النسخ الإلكترونية؟ وهل سنكسبهم تقديسًا أو تفضيلًا من نوع ما لمجرد أنهم نسخ لأموات كان لهم تأثيرهم في تاريخنا الإنساني؟
في الحقيقة نحن أمام معضلة كبرى؛ فهناك كثيرون ممن يُقدسون شخصيات تاريخية رغم أنَّها ماتت منذ مئات السنين وما وصلهم عنها فقط أفكار، فكيف لو وجدوهم اليوم أمامهم بواسطة تقنية أو تقنيات متداخلة؟ في هذا الطرح سوف أتناول معك هذا الجانب ونناقشه من عدة زوايا.
يُوجد في تاريخنا الإنساني أشخاص كثر تركوا بصماتهم على المجتمعات والشعوب والدول وحتى الأديان والثقافات. فمنهم أبطال قادوا شعوبهم للقمة، ومنهم مقاتلون شجعان كان النصر حليفهم، ومنهم رموز وطنية لها أثرها الواضح في نفوس شعوبهم وأوطانهم، فماذا لو أعدنا إحياءهم بواسطة الذكاء الاصطناعي وصنعنا منهم "أفاتار"، أو تطورت تقنيات التصنيع الروبوتي لصناعة أشكالهم وأصواتهم، وبواسطة برمجيات مُعينة يتم محاكاة عقولهم، وشاهدناهم أحياء يتجولون فيما بيننا؟
في الحقيقة قد تبدو القصة بعيدة، إلا أنها أقرب مما نتخيل؛ فها نحن نعيد إحياء الموتى بواسطة فيديوهات وصور من إنتاج الذكاء الاصطناعي، ولم يبقَ إلا أن نجسدهم بإحدى وسائل التقنية، سواء "هولوجرام" مثلاً أو روبوت مصنوع على شكلهم، ولكن ما هو أصعب ليس تجسيدهم إنما كيف سنتعامل نحن الأحياء معهم.
ماذا لو عاد خالد بن الوليد؟ سأضرب لك مثالًا عزيزي القارئ من تاريخنا العربي والإسلامي: ماذا لو قلت لك إنه تم إعادة إحياء شخصية فذة من قادتنا المُسلمين مثل خالد بن الوليد أو صلاح الدين الأيوبي؟ ولا أقصد هنا إعادة إحيائهم شكلًا فقط بل فكرًا أيضًا، فقائد فذ مثل خالد بن الوليد، بأفكاره العسكرية المُغايرة، لو كان بالإمكان محاكاة طريقة تفكيره لإنتاج أفكار عسكرية جديدة، سنكون أمام تجربة فريدة تستحق أن نخوضها ونكتشف عمق هذه الشخصية وغيرها من الشخصيات، وحديثي هنا مجرد مثال يمكن إسقاطه على عباقرة في العلوم والفيزياء وحتى فنانين من رسامين ونحاتين وموسيقيين.
صحيح أننا قمنا ببعض من ذلك، حيث أكمل الذكاء الاصطناعي المقطوعة العاشرة لبيتهوفن، إلا أن انتشار هذا النوع من التجسيد سيأخذ في التوسع يومًا بعد يوم، وقد نرى رموزًا وطنية وتاريخية لها اعتبارات خاصة.
في حقيقة الأمر، هناك الكثير من السيناريوهات القادمة، ولا أستبعد أن تقوم جهات معينة بإعادة استكمال سير ومسيرة الكثير من شخصياتها الأيقونية بهدف استثارة تعاطف أتباعها أو التأثير في اتجاهات مُعينة من مناحي الحياة.
ولا أستبعد أن نعيد إحياء عقول وأنماط تفكير علماء لم يستكملوا أفكارهم وأبحاثهم، وبات اليوم من الممكن محاكاة هذه الأنماط وإعادة إحيائها بشكل أو بآخر، وإسقاط أنماط تفكيرهم على مشكلات تواجهنا اليوم، أو اكتشاف نظريات جديدة كأن يستكمل نيوتن قانونه الرابع أو الخامس أو حتى العاشر.
سيناريوهات كثيرة قادمة ومخاوفنا مشروعة، وربما نجد في مثل هذه الممارسات نظرة إيجابية نوعًا ما؛ فمن المهم أن نستفيد من أنماط تفكير العباقرة والمبدعين، ولكن ماذا عن دلالة مثل هذا العمل على الأخلاقيات والقيم الإنسانية؟ وكيف سنجد في هؤلاء المستنسخين أو العائدين من الموت "فكريًا" دورًا خاصة إذا تجرأ البشر على إعادة إحياء رموز دينية ذات وزن تاريخي مقدس؟ فهل سنجد في هؤلاء النسخ صفة مقدسة؟ وهل سيأتي اليوم الذي يتناسى فيه البشر أنهم هم من صنعهم ويبدؤون في اتباعهم وتمكينهم حتى تعلو سلطتهم ويعلو معها تقديسنا لهم؟
هنا تكمن الخطورة الكبرى: أن نعيد إحياء أموات بواسطة تقنية نحن صنعناها، ثم ننسى التقنية ونتعامل مع هذه الكيانات كما لو كانت فعلًا أحياء، وبما أن الذكاء الاصطناعي قد يصبح ذكيًا لدرجة الوعي، فسيجد له مخرجًا ليواصل تطوير نفسه وبسط نفوذه، أو قد يكون خلف كل هذا أشخاص يديرون المشهد لخدمة مصالحهم.
ربما يبدو هذا الطرح بعيدًا في حدوده، إلا أنه قريب من واقعيته - على الأقل بالنسبة لي، فنحن يومًا بعد يوم نعيد دون أن نشعر أحياء كانوا أمواتًا، وصحيح أن تجاربنا ما زالت اليوم مقتصرة على نجوم الفن والغناء والرسامين، إلا أن فضولنا البشري سيقودنا يومًا ما لإعادة إحياء رموز تاريخنا، كلٌّ حسب جرأته وقدرته على المحاكاة، ومع تطور التقنيات، سيُفتح الباب أمام تجارب كثيرة قد تغير حياتنا للأبد، ونكون "نحن البشر" كمن صنع تمثالًا ثم اعتقد أنَّه يتحرك، فآمن بقدراته الخارقة وبدأ يقدسه، ولهذا أجد من الضروري أن نحسن التصرف مع مثل هذه المحاولات حتى لا نقع ضحية فضولنا، وفي النهاية "فهل سنبقى نحن البشر سادة التقنية، أم سنصبح أسرى لها ذات يوم؟" وفي هذا سوف أتناقش معك في مقالي القادم.
رابط مختصر