ماذا وراء اضطراب الدينار الليبي أمام العملات الأجنبية؟
تاريخ النشر: 11th, February 2024 GMT
منذ أسابيع والدينار الليبي يشهد حالة عدم استقرار تتجه إلى تراجع كبير في قيمته أمام الدولار الأمريكي والعملات الرئيسية، فبعد أن ثبت سعر صرف الدينار في السوق الموازي عند نحو 5 دينار للدولار خلال العامين الماضيين، دخل الدينار في دوامة واضطراب، ارتفاعا وانخفاضا في معدل يتراوح بين 6 و 6.6 دينار للدولار.
البداية كانت بزيادة مفاجئة تجاوزت الـ 50 قرشا عقب قرار المصرف المركزي إيقاف النشاط التجاري لعدد من الشركات التي تقوم بفتح اعتمادات لتوريد بضائع، أغلب القائمة ضمت شركات تعمل على خط الامارات، وذلك في الربع الأخير من العام المنصرم، لأن المركزي قام بقفل منظومة الاعتمادات، كانت النتئجة هي ارتفاع سعر صرف العملات الأجنبية في السوق السوداء إلى مستوى لم تشهده منذ العام 2017م.
إعلان المصرف المركزي مؤخرا عن فتح منظومة الاعتمادات وعن اتجاهه لبيع العملات الصعبة للافراد أدى إلى ارتفاع قيمة الدينار وتراجع العملات الأجنبية بشكل عام والدولار بشكل خاص من نحو 6.5 دينار للدولار إلى أقل من 6 دينار للدولار.
إلا أن هذا الانخفاض لم يدم إلا بضعة أيام ليعود الدولار إلى الارتفاع بشكل سريع ويتخطى مستوى 6.6 دينار للدولار يوم الخميس الماضي، مع استمرار حالة التأرجح وعدم الثبات.
عودة العملات الأجنبية للارتفاع بعد منشور المصرف المركزي بخصوص الاعتمادات وبيع العملات للأفراد العاديين ترجع إلى القيود التي وضعها المركزي والإجراءات المتعلقة بكيفية الحصول على النقد الأجنبي، أيضا يبدو أن تقييم سياسات المركزي بخصوص إدارة النقد الأجنبي من قبل مراقبين وأهل الاختصاص عززت من الشعور بعدم الثقة في القرارات الجديدة، ولا نقلل من أثر التأخير في تنفيذ قرارات المصرف المركزي بالخصوص، فقد كان من المقرر الشروع في بيع العملات الأجنبية الأحد الماضي، ومر أسبوع ولم يحدث شي.
الحالة الليبية تواجه ظروفا بل اختلالات تجعل من عملية إدارة الإيرادات بالعملة الأجنبية صعبة، وتتجلى أبرز الاختلالات في زيادة العجز في الموازنة بالدولار، فبحسب بيانات المصرف المركزي فإن النفقات فاقت الإيرادات بنحو 10 مليار دولار خلال العام 2023م، والوضع مرشح للاستمرار بل وزيادة العجز.غير أن وضع الدنيار الليبي وسعر صرفه أمام العملات الأجنبية قد لا يرتهن فقط إلى سياسات المصرف المركزي وقراراته المتعلقة بكيفية إدارة النقد الأجنبي، مع التأكيد على أن الظروف المعقدة تقتضي حذر شديد ودقة في التعامل مع هذا الملف الشائك، لكن ينبغي الربط بين الاضطراب الذي يشهده الدينار الليبي والارتفاع الملحوظ في قيمة العملات الأجنبية وبين الوضع السياسي والامني والاقتصادي العام في البلاد.
تلجأ المصارف المركزية إلى الإجراءات المتشددة في إدارة النقد الأجنبي عندما يختل التوازن في ميزان المدفوعات وتقع ضغوط كبيرة على المتوفر من الدولار والعملات الرئيسية الأخرى، وتنجح المصارف في التحكم في الوضع إذا تبنت سياسات وإجراءات حكيمة مع مساندة الأوضاع الاقتصادية والسياسية والأمنية.
الحالة الليبية تواجه ظروفا بل اختلالات تجعل من عملية إدارة الإيرادات بالعملة الأجنبية صعبة، وتتجلى أبرز الاختلالات في زيادة العجز في الموازنة بالدولار، فبحسب بيانات المصرف المركزي فإن النفقات فاقت الإيرادات بنحو 10 مليار دولار خلال العام 2023م، والوضع مرشح للاستمرار بل وزيادة العجز.
ولأن البلاد تعتمد على النفط بشكل رئيسي في تغطية النفقات العامة وذلك منذ منتصف الستيتنات من القرن الماضي، ولأن فاتورة الإنفاق الحكومي ارتفعت بشكل كبير منذ تبني التوجهات الاشتراكية آواخر السبعينيات، فقد صار منحى الإنفاق في ارتفاع في مقابل إيرادات غير مستقرة ومتراجعة خاصة منذ العام 2014م، بالتالي فإنه من المحتمل جدا استمرار الخلل في ميزان المدفوعات وسيصبح المحافظة على سعر صرف موحد للدينار أمام الدولار صعبا، وعندما تكون الهوة بين أسعار العملات الأجنبية في المصارف وفي السوداء كبيرة يكون ذلك مدعاة لمزيد من التأزيم.
وإذا أضفت إلى ذلك تفشي الفساد الذي يرتبط بفروق سعر الدولار في المصارف وفي السوق الموازي، وارتباك سياسات وقرارات المركزي والحكومة بالخصوص، فإن جسر الهوة بين السعرين قد لا تكون مهمة سهلة أو ممكنة، فقد تتراجع أسعار العملات الأجنبية أمام الدينار حال الشروع في بيعها كما قرر المصرف المركزي، لكن هذا التراجع لن يكون كبيرا وربما لن يدوم.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه تراجع الاقتصادية ليبيا اقتصاد عملة تراجع رأي مقالات مقالات مقالات سياسة رياضة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة العملات الأجنبیة المصرف المرکزی دینار للدولار النقد الأجنبی
إقرأ أيضاً:
“المصرف المركزي” وسلطة النقد في هونغ كونغ يبحثان التعاون
عقد مصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي وسلطة النقد في هونغ كونغ الاجتماع الثاني، اليوم، برئاسة معالي خالد محمد بالعمى محافظ مصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي ، وإيدي يو، الرئيس التنفيذي لسلطة النقد في هونغ كونغ، بهدف تعزيز الروابط والعلاقات الثنائية، وترسيخ التعاون في المجالات ذات الاهتمام الإستراتيجي.
حضر الاجتماع، سعادة سيف حميد الظاهري، مساعد المحافظ للعمليات المصرفية والخدمات المساندة، وستانلي تشين، رئيس وحدة أسواق المال المركزية، وعدد من المسؤولين في الجانبين.
تركز الاجتماع، الذي يأتي استكمالاً للمباحثات المشتركة التي جرت في أبوظبي عام 2023، على مناقشة العديد من المجالات الثنائية الرئيسية، بما فيها الربط المشترك بين أسواق أدوات الدين عبر الحدود، ومبادرات تطوير البنية التحتية المالية، والتطلعات المستقبلية وفرص الاستثمار في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا و”سوق البر” الرئيسي الصيني.
وعلى هامش الاجتماع، وقّع معالي خالد محمد بالعمى، وإيدي يو، مذكرة تفاهم تهدف إلى توطيد التعاون المشترك في مجال الخدمات المالية، مثل تأسيس آلية ربط أسواق أدوات الدين في البلدين والبنى التحتية للأسواق المالية ذات الصلة بغية تسهيل إصدار أدوات الدين عبر الحدود وأنشطة الاستثمار في السوقين.
وأشار معالي خالد محمد بالعمى، إلى التقدم المحرز في اجتماع اليوم مع سلطة النقد في هونغ كونغ، والجهود المبذولة لتعزيز علاقات التعاون والشراكة، مؤكداً على المضي قدماً في مجال تطوير أسواق أدوات الدين في دولة الإمارات وهونغ كونغ من خلال تسهيل إصدار سندات دين عبر الحدود بطريقة فعّالة من حيث التكلفة، إضافة إلى التداول، والاستثمار، والتسوية، وإدارة الضمانات.
وأوضح أن هذه المبادرة تسهم في تمكّين دولة الإمارات من أن تصبح بوابة للمصدرين والمستثمرين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للوصول إلى أسواق الدين الصينية والآسيوية، فيما تتيح أيضاً للمصدرين والمستثمرين الصينيين والآسيويين بالوصول المباشر إلى أسواق الدين في المنطقة عبر الدولة.
من جانبه قال السيد إيدي يو، إن مناقشات الاجتماع الثاني تعزز مستوى التعاون المشترك في العديد من المجالات المالية المهمة، فيما تُسهم مذكرة التفاهم الثنائية الموقعة في تعميق نطاق التعاون الثنائي وتبادل الخبرات في أسواق أدوات الدين، وتقوية الدور الإستراتيجي لهونغ كونغ كبوابة لسوقي الدين الصينية والدولية.
وأشار إلى وجود إمكانات كبيرة للقطاعات المالية لدى الجانبين لاستكشاف فرص عمل جديدة، مؤكداً التطلع إلى استمرار الشراكة مع مصرف الإمارات المركزي لتوسيع مجالات الاستثمار والربط بين الأسواق المالية في منطقتي الشرق الأوسط وآسيا.وام