حكام العرب يترقبون جوائز المشاركة بحصار غزة
تاريخ النشر: 11th, February 2024 GMT
بعد مشاركة مصر بقوات قوامها 35 ألف جندي ضمن التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة لتحرير الكويت، فيما عرف بعملية عاصفة الصحراء عام 1990، كانت الجائزة للنظام المصري حينذاك إعفاء مصر من الديون العسكرية الأمريكية، كما قامت كل من السعودية والكويت بشطب ديونهما المستحقة على مصر والبالغة 6 مليارات دولار، كما قامت الدول الأوروبية بشطب نصف قيمة ديونها لمصر، وإعادة جدولة النصف الآخر على فترات أطول؛ ما زال بعضها مستمرا حتى الآن.
ومن هنا تعوّل الكثير من الأنظمة العربية على الحصول على مكافآت غربية، نظير مشاركتها في مساندة إسرائيل في حربها على غزة، واستعجال الإدارة الإسرائيلية بين الحين والآخر في سرعة القضاء على المقاومة. وحصدت الدول الخليجية البترولية جانبا من المكافأة بالفعل، والمتمثل في استمرار ارتفاع أسعار النفط طوال شهور الحرب، وهي الأسعار التي ظلت تدور حول الثمانين دولارا للبرميل لخام برنت خلال تلك الأشهر، كما توقع صندوق النقد الدولي بلوغ متوسط سعره 79 دولارا للبرميل خلال العام الحالي، وهي الأسعار التي كافحت دول تحالف أوبك بلس للحيلولة دون انخفاضها من خلال خفض كميات الإنتاج.
تعوّل الكثير من الأنظمة العربية على الحصول على مكافآت غربية، نظير مشاركتها في مساندة إسرائيل في حربها على غزة، واستعجال الإدارة الإسرائيلية بين الحين والآخر في سرعة القضاء على المقاومة
الأردن يبدأ حصاد نتيجة موقفه
ومع قيام الأردن بتيسير وصول الشاحنات القادمة من الإمارات والمتجهة إلى ميناء حيفا، وتسهيل إمداد إسرائيل بالخضروات الأردنية بعد تضرر مزارعها نتيجة نقص العمالة، فقد حصلت الأردن بالفعل على منحة أمريكية لدعم الموازنة بقيمة 845 مليون دولار خلال الشهر الماضي، مع توقع بلوغ المساعدات الأمريكية للأردن ما بين عامي 2023 و2029 نحو عشرة مليارات دولار.
أما مصر فقد وعدتها وزيرة الخزانة الأمريكية بالمساندة، وسارعت مديرة صندوق النقد الدولي بإعلان توجه الصندوق لمساعدة كل من مصر والأردن، من خلال زيادة قيمة القرض الذي ستمنحه لمصر، والسعي مع شركاء إقليميين ودوليين لمساعدتها بمبالغ أخرى، من خلال التوجيه الأمريكى لدول خليجية مثل الإمارات والسعودية لتقديم المزيد من القروض، وشراء الأصول المصرية، كما أعلن الاتحاد الأوروبي عن توجهه لمساعدة النظام المصري بشكل أكبر خلال الفترة المقبلة خاصة لمنع الهجرة غير الشرعية إليه.
وتمهد الإدارة المصرية لذلك الاتفاق المرتقب إعلانه مع صندوق النقد والشركاء الإقليميين، من خلال تكرار رئيس هيئة قناة السويس تصريحاته عن تضرر إيرادات قناة السويس نتيجة العمليات العسكرية في باب المندب، بقيمة 376 مليون دولار خلال شهر كانون الثاني/ يناير الماضي، لتبرير وجود القوات الأمريكية والبريطانية وغيرها هناك من ناحية، ولتبرير حصول مصر على المكافأة على مشاركتها في حصار غزة والحد من المساعدات لها، رغم أن الرجل معروف عنه أنه لم يكن يدلي بأية تصريحات عندما تنخفض إيرادات القناة في أي شهر قبل الحرب.
وتسعى السلطة الفلسطينية للحصول على مكأفاة سخية على موقفها المتخاذل تجاه ما يحدث لشعبها من مجازر سواء في غزة أو في الضفة الغربية، ومثل ذلك تترقبه الحكومة اللبنانية، أما باقي الدول العربية فلكل منها مطالبه الخاصة، بداية من تعضيد استمرار نظام الحكم فيها من قبل الدول الغربية إلى الحصول على مساعدات أو اتفاقات عسكرية أو تجارية.
استفادة روسية متعددة من الحرب
حتى روسيا استفادت أكثر من مرة، سواء من خلال انشغال الإدارة الأمريكية والدول الغربية بمساندة إسرائيل عن حربها مع أوكرانيا، أو نفاد بعض أنواع الأسلحة والقذائف في المخازن الغربية بسبب توسع القصف الإسرائيلى اليومي بآلاف الأطنان من المتفجرات مما أثر سلبيا على القدرات العسكرية الأوكرانية، مع بدء تلكؤ الكونجرس الأمريكي وبعض الدول الأوروبية في الاستمرار في تقديم المساعدات المالية السخية لأوكرانيا،لم تكتف الأنظمة العربية بالصمت على استمرار المجازر، التي أسفرت عن تدمير البيوت والمرافق وعشرات الآلاف من الشهداء والمصابين وانتشار الجوع والأمراض، بل إنها تنسق مواقفها مع الدول الغربية لحصار غزة، وتبرهن لإسرائيل وللدول الغربية عمليا على أنها تشارك إسرائيل قلقها من استمرار صمود المقاومة بعد مرور أكثر من أربعة أشهر من الحرب وكذلك بالاستفادة من ارتفاع سعر النفط لتعويضها (روسيا عن نقص صادارتها لدول الاتحاد الأوروبي، حيث يمثل تصدر النفط رافدا أساسيا في صادراتها.
ونفس الاستفادة للصين من الحرب بانشغال الولايات المتحدة بحربي غزة وأوكرانيا عن صراعها التجاري والعسكري معها جزئيا، حتى ولو كان ذلك لبعض الوقت.
وهكذا لم تكتف الأنظمة العربية بالصمت على استمرار المجازر، التي أسفرت عن تدمير البيوت والمرافق وعشرات الآلاف من الشهداء والمصابين وانتشار الجوع والأمراض، بل إنها تنسق مواقفها مع الدول الغربية لحصار غزة، وتبرهن لإسرائيل وللدول الغربية عمليا على أنها تشارك إسرائيل قلقها من استمرار صمود المقاومة بعد مرور أكثر من أربعة أشهر من الحرب.
ومن ناحية أخرى، تقدم لشعوبها ما بين الحين والآخر بعض التصريحات المنددة باستمرار العدوان على غزة، وتيسر لهم من خلال وسائل إعلامها الانغماس في مشاغل أخرى كبطولات كرة القدم الأفريقية والآسيوية والمحلية، والمهرجانات والحفلات الفنية، كما تيسر بعض الدول الخليجية لهم الترفيه محليا، بعد أن كان ذلك يتطلب الذهاب إلى دول أخرى.
تجاهل أوروبي لقرارات محكمة العدل الدولية
ومع تلك المواقف العربية والإسلامية المخزية، استمرت الدول الغربية في دعمها العسكري والمالي والسياسي لإسرائيل، وغير مكترثة بما صدر عن محكمة العدل الدولية من قرارات تطالب إسرائيل بمنع الأساليب المفضية إلى الإبادة الجماعية، لتتيح لها المجال في الاستمرار في القصف الجوي المستمر لمناطق غزة وامتداده إلى رفح والسعي لتهجير سكان رفح.
مع تلك المواقف العربية والإسلامية المخزية، استمرت الدول الغربية في دعمها العسكري والمالي والسياسي لإسرائيل، وغير مكترثة بما صدر عن محكمة العدل الدولية من قرارات تطالب إسرائيل بمنع الأساليب المفضية إلى الإبادة الجماعية، لتتيح لها المجال في الاستمرار في القصف الجوي المستمر لمناطق غزة وامتداده إلى رفح والسعي لتهجير سكان رفح
بل إنها سارعت إلى منع المساعدات عن وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين كما طلبت إسرائيل، لمجرد الشك بمساهمة 12 موظفا في الأونروا في أحداث طوفان الأقصى من بين 13 ألف موظف يعملون فيها، رغم عدم انتهاء التحقيق معهم ورغم قيام الوكالة بفصلهم، وها هي المجر والتشيك تعرقلان توجه الاتحاد الأوروبي لمعاقبة مستوطنين إسرائيليين ارتكبوا أعمال عنف.
كما استمرت الولايات المتحدة وغالبية الدول الغربية في عدم تبنى وقف إطلاق النار، لإتاحة المجال للإدارة الإسرائيلية لتحقيق أي نصر ينقذها من المساءلة عن فشلها في التصدي لطوفان الأقصى، وعدم الاكتراث بقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة لوقف الحرب، أو للمظاهرات التي تشهدها بعض العواصم الأوروبية للمطالبة بوقف الحرب والإبادة الجماعية.
مع تقديم بعض التصريحات الشكلية من قبل الرئيس الأمريكي ووزير خارجيته، من أن الرد الإسرائيلي جاوز الحد وأن الأبرياء يموتون ويتضورون جوعا، في مشهد خادع، حيث يعرف الجميع أنه لولا الدعم الأمريكي لما استطاعت إسرائيل الصمود، لتلك الفترة الطويلة من الحرب والتي لم تألفها في أي حرب أخرى خاضتها مسبقا.
twitter.com/mamdouh_alwaly
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه مصر إسرائيل غزة الإبادة الجماعية مصر إسرائيل غزة العالم العربي الإبادة الجماعية مقالات مقالات مقالات سياسة رياضة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الأنظمة العربیة الدول الغربیة من الحرب من خلال
إقرأ أيضاً:
بعد القمة العربية..التعاون الإسلامي تتبنى الخطة المصرية لإعمار غزة
قال وزيرا خارجية مصر والسودان، اليوم السبت، إنّ منظمة التعاون الإسلامي تبنّت في اجتماع طارئ لوزراء الخارجية في جدّة، الخطة العربية لإعادة إعمار غزة دون تهجير الفلسطينيين، لمواجهة مقترح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وقال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، بعد الاجتماع: "بالتأكيد إنه أمر شديد الإيجابية، أن يتبنّى الاجتماع الوزاري الطارئ لمنظمة التعاون الإسلامي الخطة المصرية، التي أصبحت الآن خطة عربية إسلامية". وأضاف أن "الخطوة المقبلة تتمثّل في أن تكون الخطة خطة دوليّة، من خلال تبنّي الاتحاد الأوروبي والأطراف الدولية مثل اليابان، وروسيا، والصين وغيرها للخطة، هذا ما سنسعى إليه، ونحن لدينا تواصل مع كل الأطراف بما في ذلك الطرف الأمريكي".لمقرر الصادر عن الدورة ال20 الاستثنائية لمجلس وزراء الخارجية لبحث العدوان الإسرائيلي المتواصل على الشعب الفلسطيني والدعوات إلى تهجيره من أرضه بشأن استئناف عضوية الجمهورية العربية السورية في المنظمةhttps://t.co/i7KLU2iuW8 pic.twitter.com/NTWi4opOys
— منظمة التعاون الإسلامي (@oicarabic) March 8, 2025وأكد نظيره السوداني علي يوسف الشريف أن "هناك اتفاقاً تاماً بين كل الدول المشاركة على تبني الخطة العربية".
وأثار ترامب صدمة وغضباً عندما اقترح في الشهر الماضي سيطرة الولايات المتحدة على قطاع غزة، وإعادة بنائه وتحويله إلى "ريفييرا الشرق الأوسط"، بعد ترحيل سكانه وعددهم 2.4 مليون، خاصةً إلى مصر والأردن، دون خطة لإعادتهم.
وتبنّى القادة العرب في قمة طارئة في القاهرة، الثلاثاء الماضي، خطة طرحتها مصر لإعادة إعمار غزة تتضمن عودة السلطة الفلسطينية إلى القطاع. لكنّ وزارة الخارجية الأمريكية قالت أول أمس الخميس، إن الخطة المصرية لغزة "لا تلبّي تطلّعات" ترامب.
القرار الصادر عن الدورة ال20 الاستثنائية لمجلس وزراء خارجية الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي لبحث العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني ومخططات الضم والتهجير من أرضه، مقر الأمانة العامة للمنظمة، جدة، المملكة العربية السعودية، الجمعة، 7 مارس 2025https://t.co/vY7ysOOi88 pic.twitter.com/hEqS5cNYK9
— منظمة التعاون الإسلامي (@oicarabic) March 8, 2025وفي جدة على ساحل البحر الأحمر، أكّد الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي حسين إبراهيم طه، في كلمته الافتتاحية "دعم الخطة العربية".
وأعلن طه "دعم خطة إعادة الإعمار لقطاع غزة التي اعتمدتها القمة العربية، مع التمسك بحق الشعب الفلسطيني بالبقاء في أرضه، لما تشكله من رؤية مشتركة وواقعية تستوجب من الجميع حشد الدعم المالي والسياسي اللازمين لتنفيذها، في إطار مسار سياسي واقتصادي متكامل لتحقيق رؤية حل الدولتين"، بحسب بيان صحافي لمكتبه.
وحذر طه من "خطورة الإجراءات والمحاولات الإسرائيلية المرفوضة لتصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين".
ومن جهته، دعا رئيس وزراء ووزير خارجية فلسطين محمد مصطفى "الأشقاء لتكثيف الجهود لحشد الدعم الدولي والضغط الدبلوماسي والسياسي والقانوني والاقتصادي على دولة الاحتلال". ولم يصدر بيان نهائي عن الاجتماع بعد.
القرار الصادر عن الدورة ال20 الاستثنائية لمجلس وزراء خارجية الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي لبحث العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني ومخططات الضم والتهجير من أرضه، مقر الأمانة العامة للمنظمة، جدة، المملكة العربية السعودية، الجمعة، 7 مارس 2025. للمزيد:… pic.twitter.com/FnyXwUeNIf
— منظمة التعاون الإسلامي (@oicarabic) March 8, 2025 فترة حاسمةوقال محللون إن منظمة التعاون الإسلامي، مستعدة لدعم الخطة العربية على نطاق واسع، بدل اقتراح ترامب القاضي بالسيطرة على غزة.
وقالت دبلوماسية باكستانية في الاجتماع إنّ "الهدف الرئيسي للاجتماع هو تبني الخطة العربية". وتابعت "إنها فترة حاسمة، والعالم الإسلامي في حاجة إلى أن يظهر متّحداً قدر الإمكان لمواجهة الخطة الأمريكية".
ويُتوقّع أن تعطي القمة التي تجمع الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، الـ 57، زخماً للخطة العربية التي "تحتاج مصر إلى دعم واسع النطاق لها"، حسب الخبيرة في مركز "الأهرام" للدراسات السياسية والاستراتيجية في القاهرة، رابحة سيف علام.
وقالت إنّ "القمة تهدف لبناء تحالف موسع يرفض التهجير"، مضيفة أن الدعم الواسع أمر بالغ الأهمية للترويج لمثل هذا الحل أمام "الأمريكيين والمجتمع الدولي". ووَحدت خطة ترامب الدول العربية في شكل نادر، إذ استضافت السعودية أيضاً زعماء عرباً قبل أسبوعين لمناقشة البدائل.
وأشار عمر كريم، الخبير في السياسة الخارجية السعودية في جامعة برمنغهام البريطانية، إلى أنّ اجتماع منظمة التعاون الإسلامي في جدة، سيؤكد الدور السعودي ويعبر بشكل أكبر عن الوحدة داخل العالم الإسلامي. وأضاف "ستكون الدول الإسلامية الأكبر مثل إندونيسيا، وتركيا وإيران حاضرة هناك، وتأييدها سيضيف مزيداً من الزخم إلى الخطة العربية".
وأعلن القادة العرب في القاهرة إنشاء صندوق ائتمان لتمويل إعادة إعمار قطاع غزة المدمر، وحضوا المجتمع الدولي على المشاركة فيه لتسريع العملية.