أشاد الدكتور سلامة داود، رئيس جامعة الأزهر، بجهود الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف؛ في العناية والاهتمام بالتراث المعرفي لمخطوطات الأزهر الشريف، جاء ذلك خلال كلمته في افتتاح المؤتمر الدولي الحادي عشر الذي ينظمه الأزهر الشريف بالتعاون مع جامعة عين شمس تحت عنوان: (علوم الآثار والفلك في الحضارات الإنسانية).

أمين البحوث الإسلامية: الأزهر اهتم بعلوم الفلك والآثار إيمانًا منه بأهميتها وكيل الأزهر: علم الفلك ليس أوهاما تستغل بها النفوس القلقة أو الحائرة

وقال رئيس الجامعة: إن أهم ما يميز جامعة الأزهر هو وجود قسم خاص للفلك الشرعي في كلية العلوم بنين جامعة الأزهر بالقاهرة، مشيرًا إلى أن الحديث عن علم الفلك يطول كأنه لا آخر له، وهو علم برع فيه العرب؛ لذا كانوا أعرف الناس بالنجوم ومنازل القمر، وقد كان العرب يسيرون في فلوات تبيد فيها البيد ويضل فيها، وقد ذكر القرآن الكريم ذلك في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى؛ فقال جل وعلا: ﴿وعلامات وبالنجم هم يهتدون﴾ كما أقسم سبحانه بمواقع النجوم فقال جل وعلا : ﴿فلا أقسم بمواقع النجوم وإنه لقسم لو تعلمون عظيم إنه لقرآن
كريم﴾.

وبيَّن رئيس جامعة الأزهر أنه إذا كانت الدقائق المتاحة لي في هذه الكلمة قليلة جدًّا فكيف تحيط أو تصف علمًا كبيرًا جدًّا في تراثنا والعلم لا يقال فيه: يكفي من القلادة ما أحاط بالعنق، وإنما العلم يحب الزيادة ويحب النهم، ألم يقل الله -جل وعلا- لخير خلقه -صلى الله عليه وسلم: ﴿وقل رب زدني علمًا﴾وقيل أيضًا: منهومان لا يشبعان: طالب علم، وطالب مال؛ ولذا أرى أنه لا يكفي من القلادة ما أحاط بالعنق.

كما أوضح رئيس الجامعة أنه قام بمراجعة فهرس مخطوطات مكتبة الأزهر الشريف الذي طبع في تسعة وعشرين مجلدًا من القطع الكبير بتقديم نفيس لفضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف حفظه الله تعالى، فتفقدت مجلداته لأقف على المجلد التاسع عَشَر، ومن بين العلوم التي سرد مخطوطاتها في هذا المجلد كان موضوع: "الفلك والميقات" ويحتوي فهرس هذا العلم على خمسة وعشرين وخمسمائة مخطوط في علم الفلك والميقات، لافتًا إلى أنها تضمنت  الثراء المعرفي المذهل لمخطوطات لم ير أكثرها النور بعد، وهي تنادي وتستغيث بمن يخرجها للحياة من رقدتها، ويبعثها للناس ليفيدوا منها؛ وأرى أن هذا دَيْنٌ في أعناق الباحثين والدارسين في هذه المجالات.

وطوف رئيس الجامعة بين أسماء هذه المخطوطات؛ وعد منها: الأسرار الخفية في معرفة الشهور الرومية، وإغاثة الملهوف في الكسوف والخسوف، واقترانات الكواكب لأبي معشر الفلكي وهو جعفرُ بنُ محمدِ بنِ عمرَ الْبَلْخِيَ، وهو أقدم مخطوطات الفلك التي قرأتها في هذا الفهرس؛ لأن مؤلفه توفي عام اثنين وسبعين بعد المئتين من الهجرة، والبارع في أحكام النجوم للشيباني المتوفى عام اثنين وثلاثين بعد المئة الرابعة من الهجرة.

وبين رئيس جامعة الأزهر أن هذين المخطوطين دليلان على أن التأليف في هذا العلم بدأ مبكرًا وأن عناية علمائنا به نشأت مع عنايتهم بالتأليف في التفسير والفقه وغيرهما من العلوم، ومنها: تبصرة المبتدي وتذكرة المنتهي للمكَّري وهو من علماء الأدب صاحب كتاب: نفح الطيب في غصن الأندلس الرطيب، ومخطوط تجاريب العرب،
وتحفة المختصرات في معرفة القبلة وأحكام الصلوات للسبط المارديني، وترحيل الشمس من منزل إلى منزل، وتقويم الكواكب السيارة للإمام الخطابي المحدث صاحب: معالم السنن في شرح صحيح البخاري، وتوضيح الأدلة في مسالة الأهلة، وجداول تحويل البروج الاثني عشر، وجدول مجموعة المريخ، وحسن الدلالة في معرفة الوقت والقبلة بغير آلة للديروطي، والدر اليتيم في تسهيل صناعة التقويم، ورسالة الفصول، ورسالة في استخراج حركات الكواكب، ورسالة في مواقع الساعات، ورسالة في أسماء الكواكب، ورسالة أسماء منازل القمر، ورسالة في الشّعرى اليمانية ﴿وأنه هو رب الشعرى﴾في رسالة في تقويم عُطارد، ورسالة في معرفة نزول السيل، وظهور الثريا.

التراث القيم كله غيض من فيض

وأوضح رئيس الجامعة أن هذا التراث القيم كله غيض من فيض، وقُلٌّ من كُثر، وهو يدعو إلى إحياء هذا العلم، ويدعو إلى مزيد من  العناية به؛ لأنه من علوم الإسلام المهمة التي تتعلق بها شعائر المسلمين؛ حيث قال الله جل وعلا: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ للنَّاسِ وَالْحَجِّ﴾ [البقرة ۱۸۹﴾، ويُشْعِرُ كلامُ كثير من المفسرين بأن المراد بالناس المسلمون فقط، وصرح الطبري بأنه للناس عامة، وأرى أن العموم أولى؛ لأن الأهلة للناس كافة لا للمسلمين وحدهم، وزيادة القمر ونقصانه وتغير منازله من سنن الله -تعالى- في نظام الكون، وهذا عام؛ فكونه مواقيت للناس ينبغي أن يكون عاما للناس قاطبة لعموم انتفاعهم به في ضبط أوقات تجارتهم وزراعتهم وكثير من معاملاتهم، وذِكْرُ الحج بعده
دال على أن منافعه للمسلمين أكثر في ضبط أمور عبادتهم كالصوم والفطر والزكوات وعِدد النساء وأيام حيضهن ونحو ذلك، فلهم في الأهلة مآرب أخرى، وذلك من فضل الله -تعالى- على هذه الأمة؛ وفيه إشارة إلى مزيد انضباط هذه الأمة وتنظيمها للوقت وحفاظها عليه؛ إذ الوقت هو العمر، وبين رئيس الجامعة ان الإمام الشاطبي استدل بالآية على أن كل مسألة لا يَنْبَنِي عليها عَمَلٌ فالخَوْضُ فيها خَوْضٌ فيما لم يدل على استحسانه دليل شرعي، ووجه الاستدلال أن الجواب في الآية وقع بما يتعلق به العمل؛ إعراضًا عما قصده السائل من السؤال عن زيادة القمر ونقصانه، لافتًا إلى أن  العلامة الشيخ عبد الله دراز في هامش تحقيقه للكتاب علق بأن السؤال عن زيادة القمر
ونقصانه وإن كان لا يَنْبَنِي عليها عَمَلٌ إلا أنه من باب النظر في مصنوعات الله المؤدّي إلى قوة الإيمان وزيادة البصيرة بكمالات الخالق جل شأنه؛ امتثالًا للآيات الطالبة من المكلفين النظر في السماوات والأرض وما فيها ،كما بين أن المولى -عز وجل- قال: ﴿قُل هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ﴾ دلالة على ضرورة أن تلتزم هذه الأمة في توقيت أعمالها بالأهلة؛ قال تعالى: ﴿هُوَ الذي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاء وَالْقَمَرَ ثوراً وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ﴾[يونس: ٥]، فالشَّهر يُعْرَفُ بالهلال ويُشْهَر، والسنة اثنا عشر شهرًا؛ لقوله تعالى: ﴿إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا﴾ [التوبة ٣٦]، واليوم ليل ونهار محددان في قوله تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةً اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ
وَالْحِسَابَ﴾ [الإسراء ۱۲].

وأوضح رئيس الجامعة أنه من دقة البيان القرآني أنه لم يزجر السائل؛ بل ترك سؤاله في حكم المسكوت عنه، منصرِفًا إلى بيان الحكمة النافعة للسائل ولغيره من الأهلة، مشيرًا إلى أنه سكت عما وراء ذلك من أسرار الكون؛ ليبقى القرآن الكريم مفتوحًا  للأجيال، ويكون البحث عن أسرار زيادة القمر ونقصانه وتغير أحواله في منازله أمرًا مباحًا لم تنه عنه الآية، بل حث عليه القرآن الكريم في مواضع
أخرى ؛ لأنه سيكون نافعًا في هداية أجيال لا تَهْتَدِي إلا بما تتوصل إليه بجهدها وكَذِها من الأسرار والعجائب التي لا تتناهي في خلق الكون.

وفي ختام كلمته دعا رئيس الجامعة للمؤتمر بالتوفيق والنجاح، وأن يخرج بتوصيات مفيدة يستفيد منها الجميع.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: جامعة الأزهر رئيس جامعة الأزهر سلامة داود شيخ الأزهر مخطوطات الأزهر علوم الآثار والفلك رئیس جامعة الأزهر الأزهر الشریف رئیس الجامعة ورسالة فی علم الفلک فی معرفة ا إلى أن

إقرأ أيضاً:

نائب رئيس جامعة الأزهر يشيد بجهود المعسكر الشتوي للنانوتكنولوجي

قام الدكتور محمد فكري خضر، نائب رئيس الجامعة لفرع البنات، بافتتاح المعسكر الشتوي للنانوتكنولوجي بالحاضنة التكنولوجية بالجامعة وهو معسكر تدريبي تطبيقي مكثف لتطبيق تقنية النانو للطلاب مدته ستة أيام بواقع ٣٦ ساعة تدريبية.

السبت.. بدء الفصل الدراسي الثاني بكليات جامعة الأزهر بالقاهرة والأقاليم جامعة الأزهر تعلن انطلاق الفصل الدراسي الثاني.. استعدادات مكثفة لاستقبال الطلاب

جاء ذلك بحضور الدكتورة سامية الحسيني أبو فرحة، عميدة كلية العلوم بنات القاهرة، والدكتورة فاطمة طاهر، مؤسس ومدير حاضنة النانوتكنولوجي بالجامعة، وأستاذ الكيمياء الفيزيائية التطبيقية بكلية العلوم بنات، إضافة إلى لفيف من أعضاء هيئة التدريس بكلية العلوم بنات القاهرة.

وأشاد الدكتور محمد فكري بالجهود المبذولة خلال المعسكر الشتوي للنانوتكنولوجي التي تسهم في دعم أهداف التنمية المستدامة وتحقيق رؤية مصر 2030م.

وأثنى نائب رئيس جامعة الأزهر لفرع البنات على تنوع الطلاب المشاركين بالمعسكر من جامعات الأزهر والقاهرة وعين شمس والنيل والجلالة والزقازيق وجامعة بدر بالقاهرة بكليات العلوم والزراعة والبيوتكنولوجي والنانوتكنولوجي والفنون الجميلة.

وأكد نائب رئيس الجامعة لفرع البنات على أهمية علم النانو وتطبيقاته في جميع المجالات العلمية وثمن مجهود الطلاب؛ لحرصهم على استغلال الإجازة الدراسية في هذا المعسكر التطبيقي مما يطور من مهارات الطلاب العملية ويشجعهم على التفكير الريادي والابتكاري وهو ما يحقق أهداف حاضنة النانوتكنولوجي؛ تحقيقًا لرؤية جامعة الأزهر المستقبلية الداعمة لجهود الدولة.

وأضافت الدكتورة فاطمة طاهر أن التدريب في المعسكر الشتوي يقوم به نخبة من الأساتذة المتخصصين في مجال النانوتكنولوجي بجامعة الأزهر وجامعة القاهرة والجامعة البريطانية بمصر والمركز القومي للبحوث ومعهد بحوث البترول، وأوضحت أن هذا التنوع يعكس التعاون بين الجامعات والمراكز البحثية في المجالات الأكاديمية والبحثية ويوفر فرصًا للتواصل بين الطلاب والخبراء في مجال النانوتكنولوجي.

وأشارت إلى أن التدريب العملي يتضمن تحضير الحفازات لإنتاج الوقود الحيوي بطرق مختلفة، وتحضير الموائع النانوية الهجينة، وعزل الحمض النووي من التربة والنباتات المختلفة، وتحضير الفضة والسليكا النانوية المسامية بطرق مختلفة لتقاوم الميكروبات، وتحضير الأكاسيد النانوية بطرق مستدامة.

جدير بالذكر أن جامعة الأزهر بها أربع حاضنات: حاضنة رواق قنا والقاهرة وأسيوط وحاضنة النانوتكنولوجي بفرع البنات.

نائب رئيس جامعة الأزهر يشيد بجهود المعسكر الشتوي للنانوتكنولوجينائب رئيس جامعة الأزهر يشيد بجهود المعسكر الشتوي للنانوتكنولوجينائب رئيس جامعة الأزهر يشيد بجهود المعسكر الشتوي للنانوتكنولوجينائب رئيس جامعة الأزهر يشيد بجهود المعسكر الشتوي للنانوتكنولوجينائب رئيس جامعة الأزهر يشيد بجهود المعسكر الشتوي للنانوتكنولوجي

مقالات مشابهة

  • طلاب جامعة الأزهر يشاركون في احتفالية القوات الجوية تحت عنوان «معًا نحمي الوطن»
  • نائب رئيس جامعة الأزهر يشيد بجهود المعسكر الشتوي للنانوتكنولوجي
  • رئيس جامعة الأزهر يشارك في افتتاح مجالس تقريب التراث بكلية اللغة العربية بالقاهرة
  • تدريب طلاب الجامعة البريطانية بمركز دلالات الأورام
  • السبت.. بدء الفصل الدراسي الثاني بكليات جامعة الأزهر بالقاهرة والأقاليم
  • جامعة الأزهر تعلن انطلاق الفصل الدراسي الثاني.. استعدادات مكثفة لاستقبال الطلاب
  • موعد بدء الفصل الدراسي الثاني بجامعة الأزهر
  • جامعة الأزهر تعلن موعد بدء الفصل الدراسي الثاني بجميع فروعها
  • طلاب جامعة الأزهر يعبرون عن سعادتهم بزيارة معرض القاهرة الدولي للكتاب
  • رئيس الوزراء يتفقد جامعة مصر للمعلوماتية