أثير- مكتب أثير في تونس
قراءة: محمد الهادي الجزيري

أديبتنا اليوم من ليبيا الشقيقة ..، تكتب الشعر والقصة ..وهي عنصر فاعل في الوسط الأدبي ..، ونعتزّ بقراءة وتقديم مجموعة نصوص قصصية ” لأثير ” تحفيزا لها لمزيد البذل والعطاء في مجال الورقة والقلم ..، عنوان المجموعة ” غرفة رجل مبعثرة ” لصديقتنا المبدعة غزالة الحريزي …، كما أننّا نساهم في التعريف بين المشرق والمغرب بأدبائنا الذين كرّسوا حيواتهم للأدب والإبداع .

.
” الفجر والمدينة ” قصّة قصيرة تبيّن مدى تعلّق الساردة بتقاليدها وعاداتها ..وحرصها على استمرار مناسك المجتمع فيها، ففي هذا المتن السردي حديث عن الماء ووجوده أوّلا وغيابه ثانيا، ففي هذه المعادلة الصعبة يكمن جوهر القصة، فالكاتبة تبدأ سردها بتوقيت صلاة العشاء ..وتتبع الخطى المتسارعة نحو الأبواب المغلقة، وتعبر الليل بسكونه ..ولحظة تذكر الماء ..أو السيل الطافح بكلّ خير ..، يرد إذن اسم النهر ..ومن هنا يبتدئ القصّ ..، فالماء هو أساس كلّ شيء ..تتوقف على انعدامه أو وجوده حياة الناس ..وأهمّ أركان هذه الحياة أداء الفرائض الدينية ..ومن ضمنها الصلاة ..، خلاصة القول قصة فيها من السلاسة والفطنة ..والإشارة إلى أهميّة الماء وغيره في حياتنا الاجتماعية ..:
” شيخ الجامع وحده من اتجه إلى مجرى النهر عازمًا على الوضوء، تسمَّر واقفًا تنهشه الحيرة وتصدمه دون مهل الدهشة في ما رأى، فقط شيءٌ من الطين يركن في مجرى النهر..!! “

في ” فوضى السهر ” تكشف لنا الساردة سرّ تعلّقها وهيامها بالليل ، وتحدّث القارئ عن خوف أمّها من سقوطها المدوّي في عشق هذا الكائن الغريب ، هذا الذي يحجب عن الكاتبة سحنات ..لا تحبّها فهي لا تشبهها ..، كائن لا يتركها إلا إذا لاحت بوادر النهار، فيرحل عنها ..بعد أن يترك حجرتها مملوءة بفناجين القهوة وبالأوراق المخطّطة ..بعد أن يستمع لهتافها لسيدها القمر ..، نعرف الآن أنّ كاتبتنا مهووسة بعشق الليل والسهر والقمر
” غيَّرتُ كلَّ عاداتي، حتى عاداتُ النَّومِ تغيَّرت، فقلبت لأجله رتابة اليوم، صيَّرت الليل هذا الكائن الذي يضمُّني بحنوٍّ ويخفي عَنِّي وجوه الآخرين بكل ألوانها وتفاصيلها إلى نهارٍ مغايرٍ، بلا شمس وبنوافذ نصف مفتوحةٍ تعزف الريح خلفها لحنها لقمر توشَّح بالغيوم ..”
غزالة الحريزي قاصة جادّة ..، تكتب سيرتها وسير الذين حولها ومعها في الحياة ..بل حتّى من ماتوا ..فانظر إلى قصة ” سيرة طفولة ” وغيرها ..، كيف انطلقت من حديث إلى الطفولة والصغر وحماقاته ..، ثمّ بيّنت علاقة الأطفال بالمقبرة الرهيبة ..، فلم تكن تلك العلاقة مع الراحلين جيّدة أو سيئة ..بل كانت حيادية ..، إذ يكفي وصفها للقبور القديمة المهملة والأغصان النابتة من حولها ..، لنعرف أنّ الكاتبة اختارت الحياد ..، وانحازت إلى طفولتها وشقاوة الأطفال ..فمثلا وقع التركيز على أقاربها حين يزورونها في الأعياد والمناسبات الكبرى …:
” نقبِّل الأغصان، وكأننا ندين لأصحابها بالولاء، نقضي القيلولة كلها في نزهة بين المقابر، الحديقة التي نقدِّمها لأبناء عمي كلما زارونا في الأعياد والمأتم أيضًا؛ فهي كل ما نملك في قريتنا البائسة.
أجمل ما نختم به هذه الجولة السريعة لهذه المجموعة ..مقطع من المقدّمة التي قام بها وتصدّى لها الشاعر الأديب المعروف في ليبيا وفي أقطار عربية أخرى ، ألا هو جمعة الفاخري …حيث يقول :
” (غرفةُ رجلٍ مبعثرةٍ) هِيَ المجموعَةُ القَصَصِيَّةُ البِكْرُ للقاصَّةِ/الشَّاعرَةِ غزالةَ الحريزي، ضَامَّةً اثنتينِ وعشرينَ قصَّةً قَصيرَةً، جَاعِلَةً لها عنوانًا فَرْعِيًّا (نصوصٌ قصصيَّةٌ)، لم تشأْ أن تُسَمِّيَها قِصَصًا، لعلَّها كانت تهابُ التسميَّةَ الصَّريحَةَ لنُصُوصِها الإبداعيَّةِ تلكَ خَوفًا من أَلَّا تكونَ قصصيا فأرَادَتْهَا مَحْضَ نُصَوصٍ تَتَقاطعُ مَعَ القَصِ، تَتَشَاطَأَ معَ السَّردِ، تَتَوَاطَأُ مَعَ الحكيِ العَفْوِيِّ، لكنَّها خَانَتْ فَلَانَتْ فَكَانَتْ قِصَصًا نَاضِجَةً طَازَجَةً لا شِيَّةَ فيها.”

المصدر: صحيفة أثير

كلمات دلالية: مكتب تونس

إقرأ أيضاً:

” الإمارات للدراجات” يتصدر التصنيف العام بعد المرحلة الثانية من طواف فرنسا

حصل تادي بوجاتشار من فريق الإمارات للدراجات الهوائية على القميص الأصفر، بعد تصدره التصنيف العام في نهاية المرحلة الثانية من طواف فرنسا، الممتدة لمسافة 199.2 كم من تشيسيناتيكو إلى بولونيا.
وشهدت تلك المرحلة منذ الكيلومترات الأولى تقدماً ملحوظاً لعدد من الدراجين عن المجموعة الرئيسية، ثم تزايد الفارق تدريجياً ليصل إلى 9 دقائق بين المتقدمين والمجموعة الرئيسي، وكانت النقطة الحاسمة من سباق الأمس على مسار سان لوكا بمتوسط انحدار يصل إلى 10.6 في المائة؜ والذي تجاوزه الدراجون مرتين.
وفي الصعود الثاني، على بعد 12.6 كم من خط النهاية، حقق كيفين فاكولين “ فريق اريكا- بي & بي هوتيلز” الفوز بانطلاقه عن المجموعة المتقدمة وتجاوز الجميع.. وبعد فترة وجيزة، قام بوجاتشار بهجوم مضاد، مخترقا المجموعة الرئيسية.
واجمالا أنهى الدراج السلوفيني تادي بوجاتشار من فريق الإمارات المرحلة الثانية بالمركز الأول في التصنيف العام بفضل حصوله على المركز الرابع في المرحلة الأولى.وام


مقالات مشابهة

  • تعاون بين “غرفة أبوظبي” و”أبوظبي للصادرات” لدعم المستثمرين وزيادة الصادرات الوطنية
  • “غرفة المدينة المنورة” تنظم لقاء “أساسيات DevOps نحو عملية تطوير مستدامة”
  • ” الإمارات للدراجات” يتصدر التصنيف العام بعد المرحلة الثانية من طواف فرنسا
  • فيديو اعترافات.. جرائم قتل واغتصاب في درعا بأوامر من ضابط سوري
  • “إس كيه” الكورية تخصص 58 مليار دولار لاستثمارات الذكاء الاصطناعي والرقائق
  • مكملات الكركم.. فوائد صحية “مشكوك فيها” ومخاطر كبيرة على الكبد
  • مدينة سويدية تعرض قطع أرض للبيع بثمن “فنجان قهوة”
  • سويسرا تُطيح بإيطاليا خارج “يورو 2024”
  • “حداء الإبل”.. لغة للتواصل بين الإبل وأهلها ضمن التراث الثقافي غير المادي السعودي
  • معالي عبدالسلام المرشدي يكتب عبر “أثير”: كان سيدًا بأخلاقه قبل نسبه