معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية على المحك
تاريخ النشر: 11th, February 2024 GMT
حكومة الحرب الإسرائيلية تتجه سريعا نحو قمة الجنون عبر الاستعداد لقصف واجتياح مدينة رفح التي تحتضن نحو مليون ونصف المليون فلسطيني حاليا، وهناك عنصران ضاغطان بشدة على تلك الحكومة ورئيسها نتنياهو نحو هذا الجنون، أولهما مفاوضات الهدنة الجارية حاليا وأحدث جولاتها في القاهرة، وثانيهما قرب انتهاء المهلة التي حددتها محكمة العدل الدولية لها لتقديم تقرير عن مدى التزامها بالإجراءات التي طلبتها المحكمة لحماية المدنيين الفلسطينيين وتجنب الإبادة الإنسانية، والسماح بدخول مواد الإغاثة.
تريد حكومة الحرب الإسرائيلية تحقيق صورة نصر على الأرض أو انتقام واسع يشفي غليلها قبل إعلان الهدنة التي قد تتطور تحت الضغط إلى وقف دائم للعدوان؛ لم تحقق تلك الحكومة حتى الآن أهدافها المعلنة، وهي تدمير قدرات حماس العسكرية، وحرمانها من أي دور سياسي مستقبلي في قطاع غزة، وتحرير الأسرى الإسرائيليين.
عنصر الوقت حتى الآن ليس في صالحها، فلقد راهنت عليه لينتهي مخزون حماس التسليحي، وكتائبها العسكرية، لكن حماس ومعها فصائل المقاومة الأخرى لا تزال ترشق العمق الإسرائيلي بالصواريخ، ولا تزال تخوض مواجهات مباشرة مع قوات الاحتلال في شمال غزة ووسطها وجنوبها، بل إن الحياة تعود تدريجيا في شمال القطاع الذي ادعى جيش الاحتلال السيطرة التامة عليه
وعنصر الوقت حتى الآن ليس في صالحها، فلقد راهنت عليه لينتهي مخزون حماس التسليحي، وكتائبها العسكرية، لكن حماس ومعها فصائل المقاومة الأخرى لا تزال ترشق العمق الإسرائيلي بالصواريخ، ولا تزال تخوض مواجهات مباشرة مع قوات الاحتلال في شمال غزة ووسطها وجنوبها، بل إن الحياة تعود تدريجيا في شمال القطاع الذي ادعى جيش الاحتلال السيطرة التامة عليه، وكان من مظاهر تلك العودة ظهور قوات شرطة فلسطينية تابعة لحماس، وتأدية صلاة الجمعة الماضية في مخيم جباليا وغيره.
الجنون الإسرائيلي سينفجر هذه المرة في رفح المكتظة بأهلها وبالنازحين إليها، وقد أمر نتنياهو الجيش بالتحضير لإخلاء المدينة من المدنيين، وبدء عملية عسكرية للقضاء على كتائب القسام التي يزعم تركزها الآن في تلك المنطقة، ورغم أنه لم يحدد موعدا لهذه العملية إلا أن التقديرات تشير إلى أنها ستكون خلال أيام قليلة.
تستهدف العملية العسكرية المرتقبة إيقاع خسائر مروعة، غير مسبوقة، تجبر الفلسطينيين على الهرب إلى سيناء، وهي الخطة التي رسمها نتنياهو وحكومته منذ بداية العدوان رغم معارضة الفلسطينيين والمصريين لها.. سيناريو واحد ظهر بصيغ مختلفة خلال الأيام الماضية لتنفيذ خطة التهجير؛ من خلال توجيه ضربات مكثفة توقع عددا ضخما من الشهداء (نظرا لحجم الاكتظاظ الكبير فإن من المتوقع أن صاروخا أو قذيفة واحدة يمكن أن توقع في المرة الواحدة عددا من الضحايا يساوي ما وقع منذ بداية العدوان)، ثم توجيه ضربات للجدار الحدودي لفتح ثغرات تمكن الفلسطينيين من الهرب إلى مصر التي لن تستطيع في هذه الحالة ردهم إلى الجحيم.
البعض يرى أن تلويح جيش الاحتلال بهذه العملية الجديدة مجرد تهديد لدفع حماس لتقديم تنازلات في جولة المفاوضات الجديدة؛ بعد أن قدمت خلال الأسبوع الماضي ردها على مقترحات اتفاق باريس، وكان ردها قويا لم يتنازل عما أعلنته منذ البداية، وهو ضرورة أن تنتهي أي هدنة مؤقتة بوقف دائم للعدوان، وانسحاب قوات الاحتلال من القطاع، والسماح للمهجرين بالعودة إلى مناطقهم، بينما تريد حكومة الكيان الخروج المشكلة الآن لدى مصر أنها ستجد نفسها مضطرة إلى الدخول في مواجهة عسكرية حتمية مع الكيان في حال إصراره على تنفيذ خطته، وحال التحرك عسكريا في محور فيلادلفيا، الذي أعلنته مصر خطا أحمرمن جولة المفاوضات بما يمكنها اعتباره انتصارا بإطلاق سراح أسراها، وهو أحد الأهداف المعلنة لها، وستضيف إليه مزاعمها بقتل النسبة الأكبر من عناصر كتائب القسام، وتحطيم الأنفاق.. إلخ، لترسم في النهاية صورة نصر زائف أمام جمهورها، وهو ما تحرمها منه المقاومة حتى الآن.
المشكلة الآن لدى مصر أنها ستجد نفسها مضطرة إلى الدخول في مواجهة عسكرية حتمية مع الكيان في حال إصراره على تنفيذ خطته، وحال التحرك عسكريا في محور فيلادلفيا، الذي أعلنته مصر خطا أحمر. ونقلت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية أن مصر هددت بتعليق اتفاق السلام مع الكيان في حال اجتياح قواته لمدينة رفح والتسبب في هجرة الفلسطينيين إلى أراضيها، كما أنها عززت حضورها العسكري في منطقة الحدود بنحو 40 دبابة وناقلة جند، وأجهزة رؤية ليلية.
الحرب ليست الخيار الأمثل لنظام السيسي الذي يدرك فضل الكيان الصهيوني عليه شخصيا، والذي يدرك أيضا ضعف جبهته الداخلية نتيجة سياساته القمعية لجميع التيارات الوطنية، ولكن أنباء صحفية أشارت إلى حدوث تباين في الرأي داخل المجلس الأعلى للقوات المسلحة، بين من يرون معالجة الهياج الإسرائيلي عبر العمل السياسي ومن يرون ضرورة المواجهة العسكرية عند اللزوم. ومن الواضح أن تلويح مصر بورقة اتفاقية السلام هو الموقف الأكثر جدية حتى الآن من مصر تجاه الاستفزازات الإسرائيلية المتكررة، وقد سبق أن اخترقت قوات الاحتلال الحدود المصرية من قبل أكثر من مرة واشتبكت مع عناصر عسكرية مصرية.
اتفاقية السلام إذن على المحك لأول مرة منذ توقيعها في آذار/ مارس 1979، ورغم الانتقادات الكبيرة لهذه الاتفاقية من القوى الوطنية المصرية منذ توقيعها، ورغم أن مصر الرسمية حافظت على احترامها لتلك المعاهدة، إلا أن الكيان الصهيوني اخترق تلك الاتفاقية مرات عديدة من قبل، وتساهلت مصر مع تلك الاختراقات حتى تتجنب المواجهة العسكرية.
إعلان مصر أن ممر فيلادلفيا خط أحمر وإن جاء متأخرا زمانا ومكانا (كان ينبغي أن يكون الخط الأحمر هو خان يونس منذ بداية العدوان)، إلا أنه أصبح يمثل التزاما عسكريا في رقبة النظام أمام المصريين الذين أغضبتهم الانتهاكات الإسرائيلية السابقة للحدود المصرية منذ بدء العدوان على قطاع غزة،
تنص الاتفاقية في مادتها الثالثة على ضرورة احترام كل من الطرفين لسيادة الطرف الآخر وسلامة أراضيه، واستقلاله السياسي، والامتناع عن التهديد باستخدام القوة أو استخدامها -أحدهما ضد الآخر- على نحو مباشر أو غير مباشر، وتعهد كل طرف بعدم صدور فعل من أفعال الحرب، أو الأفعال العدوانية، أو أفعال العنف، أو التهديد بها من داخل إقليمه، أو بواسطة قوات خاضعة لسيطرته أو مرابطة على أراضيه، ضد السكان أو المواطنين أو الممتلكات الخاصة بالطرف الآخر، والامتناع عن التنظيم أو التحريض أو المساعدة أو الاشتراك في فعل من أفعال الحرب، أو الأفعال العدوانية، أو النشاط الهدام أو أفعال العنف لمواجهة ضد الطرف الآخر في أي مكان. وليس خافيا الآن مدى الاختراق الإسرائيلي العمدي لهذا البند وغيره.
إعلان مصر أن ممر فيلادلفيا خط أحمر وإن جاء متأخرا زمانا ومكانا (كان ينبغي أن يكون الخط الأحمر هو خان يونس منذ بداية العدوان)، إلا أنه أصبح يمثل التزاما عسكريا في رقبة النظام أمام المصريين الذين أغضبتهم الانتهاكات الإسرائيلية السابقة للحدود المصرية منذ بدء العدوان على قطاع غزة، والذين يرزحون تحت وطأة أوضاع اقتصادية بالغة الصعوبة؛ لكنها لا تصرف اهتمامهم عن أمن وسيادة وطنهم، ولا عن مناصرة أشقائهم في قطاع غزة.
twitter.com/kotbelaraby
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الإسرائيلية رفح غزة مصر مصر إسرائيل غزة رفح تهديدات مقالات مقالات مقالات اقتصاد سياسة رياضة سياسة صحافة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة منذ بدایة العدوان قوات الاحتلال المصریة من عسکریا فی حتى الآن قطاع غزة فی شمال مصر أن إلا أن
إقرأ أيضاً:
من دير ياسين إلى غزة.. آلة القتل الإسرائيلية مستمرة بحق الفلسطينيين
مع تكرار مشاهد الدمار والموت في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، تعالت أصوات الناشطين والسياسيين للتأكيد أن آلة القتل الإسرائيلية لم تتغير منذ عقود، بل استمرت في نهجها القائم على استهداف الأبرياء من الأطفال والنساء، وقصف المنازل ومراكز الإيواء.
ومع تواصل الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة بوتيرة متصاعدة، واستهدافها للأطفال والنساء بشكل رئيسي، أثارت هذه الهجمات موجة غضب واسعة بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي، حيث شبّه الناشطون ما يحدث في القطاع بمجزرة دير ياسين عام 1948، حين ارتكبت العصابات الصهيونية إحدى أبشع الجرائم ضد الفلسطينيين.
وتعد مجزرة دير ياسين إحدى المجازر التي نفذتها عصابات الأرغون وشتيرن الإسرائيلية بدعم من البالماخ والهاغاناه في فجر التاسع من أبريل/نيسان 1948، لتهجير سكان القرية، وبث الرعب في القرى والمدن الأخرى. وكان معظم ضحايا المجزرة من المدنيين، ومنهم أطفال ونساء وعجزة، وخلفت -حسب المصادر الفلسطينيةـ نحو 254 شهيدا.
وتحكي المصادر التاريخية أن عناصر الأرغون وشتيرن كانت تفجر البيوت، وتقتل أي شيء يتحرك، وأوقفوا العشرات من الأطفال والنساء والشيوخ والشباب إلى الجدران وأطلقوا عليهم النيران.
إعلانوتعليقا على استمرار آلة القتل الإسرائيلية رأى السياسي والأكاديمي الفلسطيني فايز أبو شمالة أن ما يحدث في قطاع غزة من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي هو إرهاب متكرر ومتواصل منذ مذبحة دير ياسين عام 1948 وحتى عام 2024، في إشارة إلى استمرارية القوات الإسرائيلية ممارسة الإرهاب نفسه، وأن آلة القتل الإسرائيلية لم تتغير مع الزمن.
الإرهاب الإسرائيلي يتواصل من دير ياسين 1948 وحتى قطاع غزة 2024
مشهد الذبح والفراق الحزين يتكرر في فلسطين، وبصور مختلفه pic.twitter.com/8qzTNBezO3
— د. فايز أبو شمالة (@FayezShamm18239) December 17, 2024
من جهتها، أشارت الناشطة بلقيس عبر منصة "إكس" إلى أن الفاجعة والمآسي في غزة لم تبدأ في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، بل هي مشهد فلسطيني مستمر منذ مذبحة دير ياسين عام 1948، مضيفة أن الاحتلال لا يفرق بين كبير وصغير، إذ يستهدف الجميع بلا تمييز، مستدلة على ذلك بآخر جريمة ارتكبها، وهي قتل الرجل المعروف باسم "روح الروح"، الشاهد على مذبحة حفيدته، ثم قتله لإخفاء الحقيقة.
الفاجعة والمآسي لم تبدأ في 7 أكتوبر 2023
مشهد فلسطيني واحد، ما بين دير ياسين 1948 وغزة 2023، الاحتلال يقتل #روح_الروح pic.twitter.com/XqS7lmZHa8
— بْـلـْقِـيـِسْ★ (@Balqee1s) December 16, 2024
بينما قال الناشط خالد صافي إن الأطفال في غزة، عندما ينامون، لا يستيقظون، فهم ينامون على صدى القذائف وتحت سقف هشٍ من الخوف، وغالبا ما يكون نومهم الأخير. أحلامهم لا تكتمل، وأصوات ضحكاتهم تنطفئ تحت الأنقاض، وكأن النوم أصبح لديهم جسرا بين الحياة والموت.
وكتب الناشط تامر عبر منصة "إكس" "في الوقت الذي يخلد فيه أطفال العالم إلى النوم سالمين، ثم إلى المدرسة الكبيرة، أو للاحتفال بالأعياد، أو التعبير والمرح مع عائلاتهم، في غزة، يضطر الأهالي إلى وضع أطفالهم في ثلاجات الموت، بعد أن قتلتهم إسرائيل في حربها ضد الإنسانية والتطهير العرقي لقطاع غزة بالكامل".
في الوقت الذي يخلد فيه أطفال العالم إلى النوم استعدادًا للذهاب إلى المدرسة صباحًا، أو للاحتفال بالأعياد، أو للعب والمرح مع عائلاتهم
في غزة، يحمل الأهالي أطفالهم إلى ثلاجات الموت، بعد أن قتلتهم إسرائيل في حربها ضد الإنسانية والتطهير العرقي بحق قطاع غزة pic.twitter.com/rM9aoY6oaf
— Tamer | تامر (@tamerqdh) December 20, 2024
إعلانبدوره، يتساءل الإعلامي والكاتب السياسي فايز أبو شمالة "أي نوع من الحكام هؤلاء الذين سمحوا للقتلة بأن يستبيحوا كل شيء في غزة؟ والأغرب أن شعوبنا جميعا تتحرق شوقا لتحرير غزة والقدس والأقصى وفلسطين. كيف وصلنا إلى هذا المستوى من البلادة؟".
كما علق أحدهم قائلا "444 يوما والبشرية تتفرج على المحرقة الصهيونية بحق أبناء الشعب الفلسطيني في غزة. قتل، تدمير، تهجير، إحراق. فأين العالم؟ أين أحرار العالم؟ لا تنسوا غزة، ففي كل ثانية يُقتل مئات الأطفال والنساء والشيوخ".
pic.twitter.com/ElWMl3OBp8
— أحمدصالحAhmd Saleh (@iahmedsalih) December 22, 2024
وأشار بعضهم إلى أنه ليس جديدا على الاحتلال استهداف الأطفال والنساء الفلسطينيين، ففكر الاحتلال الذي يرتكب جرائم حرب وإبادة ضد الإنسانية تجاه الشعب الفلسطيني مستمر منذ النكبة في عام 1948.
وأضاف ناشطون أن الاحتلال الإسرائيلي يتعمد قصف المنازل ومراكز الإيواء بالصواريخ والقنابل بهدف قتل أكبر عدد ممكن من الأطفال والنساء.
في السياق ذاته، ذكرت وزارة الصحة بغزة أن الاحتلال الإسرائيلي كثف من استهدافه للمنظومة الصحية في شمال قطاع غزة، وذلك بحصاره واستهدافه المباشر للمستشفى الإندونيسي ومستشفى كمال عدوان ومستشفى العودة خلال الساعات الماضية وإصراره بإخراجها عن الخدمة.
وأشارت الوزارة إلى أن القصف الإسرائيلي شمل جميع أقسام مستشفى كمال عدوان ومحيطه على مدار الساعة والشظايا تتناثر داخل ساحاته محدثة أصواتا مرعبة وأضرارا جسيمة.
وتشن إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، بدعم أميركي، حرب إبادة جماعية على غزة أسفرت عن أكثر من 153 ألف شهيد وجريح فلسطيني، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.