الجزيرة:
2025-05-02@11:34:19 GMT

هل تدعم إريتريا مجموعات سودانية مسلحة؟

تاريخ النشر: 11th, February 2024 GMT

هل تدعم إريتريا مجموعات سودانية مسلحة؟

مثلت المشاغل الأمنية بندا رئيسيا في أجندة أسمرا تجاه شرق السودان المجاور لحدودها الغربية والشمالية، حيث يمثل الإقليم بولاياته الثلاث، ولا سيما كسلا والبحر الأحمر، عمقا إستراتيجيا لإريتريا، بسبب الحدود الطويلة الممتدة والتداخل الإثني بين العديد من القبائل على طرفيها.

ولذا فقد كان من الطبيعي أن يصبح "أمن واستقرار الولايات الشرقية وإستراتيجية عدم السماح للحرب بأن تمتد إليها" أحد محاور المحادثات التي أجراها الرئيس الإريتري أسياس أفورقي مع مالك عقار نائب رئيس مجلس السيادة السوداني في 17 يناير/كانون الثاني 2024، وفقا لما أورده الأخير على حسابه في منصة إكس.

وفي هذا السياق، يعد إنشاء أسمرا معسكرات تدريب لمقاتلين سودانيين على أراضيها امتدادا لاهتمامها الفائق بشرق السودان خلال العقود الثلاثة الماضية، حيث عملت -وفق دراسة نشرت على موقع مركز الجزيرة للدراسات- على بناء شبكة علاقات وثيقة مع قوى مجتمعية وسياسية وقبلية ضمنت لها حضورا ونفوذا دائمين في الإقليم.

كما نشطت الأجهزة الأمنية الإريترية في المنطقة لمراقبة فصائل المعارضة والتجمعات الإريترية الموجودة في الإقليم، مما دفع البروفيسور جون يونغ أحد أهم الخبراء بالشأن السوداني إلى القول إن أسمرا "تمتلك معرفة واستخبارات ممتازة عن المنطقة".

ورغم الصمت الرسمي الإريتري عن تأكيد أو نفي استضافتها مقاتلين سودانيين، فإن هناك أحاديث متداولة عن افتتاح إريتريا معسكرات داخل أراضيها لتدريب مجموعات سودانية مسلحة، مع تصاعد استعار الحرب السودانية واقتراب ألسنتها من شرق البلاد، إثر سقوط ولاية الجزيرة بيد قوات الدعم السريع أواخر ديسمبر/كانون الأول 2023.

جهود استباقية إريترية

بالنظر إلى ما سبق، يمثل استقبال أسمرا قوى سودانية مسلحة جهدا إريتريا لبناء نقاط دفاع متقدمة استباقا لأي فوضى أمنية يخلفها امتداد الصراع إلى شرق السودان، مما قد يترك فراغا يتيح لأطراف معادية إيجاد ودعم معارضة مسلحة إريترية تتحرك عبر الحدود الطويلة بين البلدين، والتي يتكون جزء كبير منها من مساحات سهلية منبسطة يسهل فيها التنقل.

ويزيد من هذه الهواجس احتواء شرق السودان على إحدى أكبر الجاليات الإريترية بالخارج، حيث يبلغ عدد المسجلين في معسكرات المفوضية السامية الأممية لشؤون اللاجئين بالإقليم ما يزيد على 136 ألف طالب لجوء وفق تقريرها الصادر في مارس/آذار 2023، فضلا عن كل من المقيمين خارجها والحاصلين على الجنسية السودانية، وكثير من هؤلاء من قبائل حدودية محسوبة تاريخيا على معارضة أسمرا.

وبجانب هذا تشير العديد من التقارير الدولية إلى أن موجات اللاجئين الإريتريين في السنوات الأخيرة كانت تتكون أساسا من مجندين هاربين تلقوا تدريبات عسكرية في إطار الخدمة الوطنية بإريتريا، واضطرتهم الانتهاكات الممارسة ضمنها إلى الفرار نحو السودان.

وهذه الحيثيات تجعل من هؤلاء المجندين السابقين بيئة خصبة لأي عمل عسكري معارض ضد أسمرا إن تشكل الكيان القادر على الاحتواء والتجنيد، وهو ما قد لا يبدو مستبعدا بالنظر إلى سيناريو مشابه لمحاولة تأسيس جبهة عسكرية معارضة لأسمرا في الخرطوم بقيادة وزير الدفاع الإريتري السابق مسفن حقوص تم الكشف عنها في يوليو/تموز 2021.

دعم الجيش السوداني

مثل الحياد صفة للخطاب الرسمي الإريتري حيال طرفي الحرب منذ اندلاعها منتصف أبريل/نيسان 2023، غير أن العديد من المؤشرات برزت مؤخرا توضح تقاربا متناميا لأسمرا مع الجيش السوداني، ففضلا عن تصريح عقار بوقوف الرئيس الإريتري مع "شعب وحكومة السودان" فقد امتدح الفريق أول ركن ياسر العطا موقف أسمرا من الأزمة في بلاده.

وفي هذا السياق تعد استضافة مجموعات مسلحة سودانية دعما إريتريا للمجهود الحربي للجيش السوداني، الذي أعلنت هذه المجموعات انحيازها إلى صفه، حيث تم افتتاح معسكرات التدريب عقب السقوط المفاجئ لولاية الجزيرة في قبضة قوات الدعم السريع أواخر ديسمبر/كانون الأول 2023.

وقد دفع انهيار القوات المتمركزة في الولاية العديد من المحللين العسكريين إلى الاعتقاد بوجود صعوبات تواجهها القوات المسلحة السودانية التي شرعت بعدها في تسليح المدنيين ضمن ما سمي "المقاومة الشعبية المسلحة".

الحيلولة دون الحصار

شكل استيلاء قوات الدعم السريع على ولاية الجزيرة نقلة لجغرافية المعارك من الخرطوم وغرب البلاد إلى وسط وشرق السودان، وفقا لتقدير موقف نشره مركز الجزيرة للدراسات في يناير/كانون الثاني 2024.

وضمن هذا التحول تعبر الخطوة الإريترية الأخيرة عن تخوفات أسمرا من احتمالية وصول قوات الجنرال حميدتي إلى الحدود الإثيوبية عبر ولاية القضارف، مما يعني فتح خط إمداد عبر إثيوبيا أو غيرها وهو ما سيقوي موقفها الميداني ويخلصها من عقبة طول خطوط إمدادها من غرب البلاد ويكفل لها السيطرة على شرق السودان.

وفي حين أن تمدد تلك القوات في ولاية كسلا والوصول إلى حدود إريتريا سيضع الأخيرة في حصار ثلاثي بين كل من إثيوبيا في الجنوب الغربي، والدعم السريع حليف أديس أبابا من الغرب، فإن حدودها الجنوبية مع جيبوتي تشهد توترا مستمرا نتيجة نزاع حدودي بين الطرفين قادهما إلى حرب محدودة عام 2008.

وبالنظر إلى التوتر الشديد الذي تمر به العلاقات الإثيوبية الإريترية فإن سيطرة قوات الدعم السريع على ولاية كسلا ستضيق من خيارات أسمرا، حيث كان السودان الرئة التي تتنفس عبرها في حال الصراع مع إثيوبيا، كما أنها تنذر بإمكانية منح القوات الإثيوبية فرصة المرور عبر السودان إلى غربي إريتريا.

وسبق لأسمرا اتهام السودان بفتح حدوده من هذه الجهة للقوات الإثيوبية إبان الحرب بين الطرفين (1998-2000) مما أثر بشكل كبير على القوات الإريترية في تلك المنطقة كما أورد محجوب الباشا في كتابه "الإخوة الأعداء: الحرب الإريترية الإثيوبية".

مقعد على طاولة التفاوض

يرى أستاذ السياسة بجامعة ليدز البريطانية ليونيل كليف -في ورقته المعنونة بـ"الأبعاد الإقليمية للصراع في القرن الأفريقي"- أن حروب الوكالة نمط تقليدي في سياسات دول المنطقة المذكورة، تستهدف عبرها الحصول على مكاسب سياسية من خلال احتضان الحركات المسلحة المعارضة.

وفي هذا السياق فإن دعم إريتريا لأطراف مسلحة سودانية يوفر لها الأداة الأكثر فعالية للمشاركة في صياغة الحلول والتسويات النهائية عند الوصول إلى مرحلة التفاوض، حيث تستطيع عبر حلفائها ضمان مصالحها المستقبلية في السودان ولا سيما إقليمه الشرقي.

ولأسمرا تجربة مشابهة عبر استضافتها مطلع الألفية الثانية فصائل جبهة الشرق السودانية التي أطلقت تمردا مسلحا ضد نظام الإنقاذ، انتهى إلى توقيع اتفاق سلام الشرق مع الخرطوم عام 2006 والذي ربحت أسمرا بموجبه حظر السودان نشاط فصائل المعارضة الإريترية على أراضيه، مما ساهم في إيجاد بيئة أمنية آمنة على حدودها الغربية منذ ذلك الحين.

حلفاء قدامى

ورغم الشح النسبي للمعلومات حول طبيعة وعدد القوى السودانية الناشطة في إريتريا، فإن العديد من المصادر تشير إلى أنها تتضمن مؤتمر البجا العام بقيادة موسى محمد أحمد أحد قادة جبهة الشرق الموقعين على اتفاقية سلام الشرق في أسمرا عام 2006، التي أصبح بموجبها مساعدا للرئيس السوداني عمر البشير حتى خلعه عام 2019.

وبجانب هذا الحزب تبرز أيضا القوات التابعة لعمر محمد طاهر عمر القائد العسكري التاريخي لمؤتمر البجا، والذي رفض التوقيع على اتفاقية سلام الشرق واحتفظ بمقاتليه داخل الأراضي الإريترية حتى الآن.

وبينما يغلب على هاتين المجموعتين الانتماء الإثني إلى قبائل البجا الناطقة بالبداويت، فإن أطرافا أخرى أنشأت معسكرات تدريب لها داخل إريتريا ينتسب معظم مقاتليها إلى قبائل البجا الناطقة بالتغرايت كالبني عامر والحباب، وهي الجبهة الشعبية المتحدة للتحرير والعدالة التي يترأسها الأمين داود، وقوات تحرير شرق السودان الناشئة حديثا تحت قيادة إبراهيم دنيا.

كما تندرج ضمن هذه المجموعات حركة تحرير السودان بقيادة مني أركو مناوي التي تتمركز قواعدها في منطقة دارفور غربي السودان، على خلاف بقية الحركات التي تنتمي جغرافيا إلى الإقليم الشرقي.

وبينما يعرف العديد من الشخصيات المذكورة باعتبارهم من حلفاء أسمرا القدامى في السودان، فإن ثمة متغيرا جديدا يكشفه تشكل حركة مسلحة من قبائل حدودية معارضة تاريخيا للنظام الإريتري تنتظم في هذه المعسكرات، مما يؤشر إلى منسوب القلق الذي يعتري الطرفين من حدوث اضطرابات أمنية شرق السودان.

وهو ما عبر عنه قائد قوات تحرير شرق السودان في تسجيل مصور، موضحا أن تشكيل حركته يستهدف الدفاع عن السكان شرق السودان في حال تمدد الحرب إليه، للحيلولة دون تكرار الانتهاكات التي وقعت للمدنيين في مدينة ود مدني بعد انسحاب الجيش منها واجتياحها من قبل قوات الدعم السريع.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: قوات الدعم السریع شرق السودان العدید من

إقرأ أيضاً:

محافظ ريف دمشق السيد عامر الشيخ خلال مؤتمر صحفي: مجموعات خارجة عن القانون تسللت إلى الأراضي الزراعية في منطقة أشرفية صحنايا، واستهدفت كل تحرك مدني أو أمني، ما أسفر عن سقوط شهداء وجرحى من المدنيين ومن عناصر قوات الأمن العام.

2025-04-30malekسابق منظمة ‏Global Justice‏ ‏تكرم في دمشق سفير الولايات المتحدة الأمريكية ‏لشؤون جرائم الحرب ستيفن راب ‏ انظر ايضاً منظمة ‏Global Justice‏ ‏تكرم في دمشق سفير الولايات المتحدة الأمريكية ‏لشؤون جرائم الحرب ستيفن راب ‏

دمشق-سانا‏ عُقد اليوم مؤتمر جائزة ‏Global Justice‏ السنوية لتكريم سفير الولايات ‏المتحدة الأمريكية لشؤون جرائم …

آخر الأخبار 2025-04-30محافظ ريف دمشق السيد عامر الشيخ خلال مؤتمر صحفي: مجموعات خارجة عن القانون تسللت إلى الأراضي الزراعية في منطقة أشرفية صحنايا، واستهدفت كل تحرك مدني أو أمني، ما أسفر عن سقوط شهداء وجرحى من المدنيين ومن عناصر قوات الأمن العام. 2025-04-30منظمة ‏Global Justice‏ ‏تكرم في دمشق سفير الولايات المتحدة الأمريكية ‏لشؤون جرائم الحرب ستيفن راب ‏ 2025-04-30الوزيرة قبوات تناقش خلال اتصال هاتفي مع وزيرة الخارجية السويدية ‏تداعيات العقوبات المفروضة على الشعب السوري ‏ 2025-04-30جمعية “سور” في حلب تُنظم محاضرتين علميتين حول العمارة التقليدية في منارة حلب القديمة 2025-04-30وزير التربية والتعليم‏ يؤكد أهمية تعزيز بيئة مدرسية آمنة تدعم السلم الأهلي 2025-04-30وزير الأوقاف يبحث مع وفد مجلس الكنائس العالمي سبل تعزيز السلم الأهلي ‏والحوار الديني 2025-04-30وفد وزارة الاتصالات إلى الدوحة يزور بريد قطر ويطلع على تجربته ‏الناجحة ‏ 2025-04-30وزير العدل يلتقي وفداً من المفوضية السامية لشؤون اللاجئين 2025-04-30تركيب منظومة طاقة شمسية في فرع الهجرة والجوازات بحماة 2025-04-30حماية المستهلك في حمص تجري اختباراً لاختيار مراقبين تموينيين

صور من سورية منوعات تطبيق موبايل يوصل صوت الصم للحصول على خدمات الإسعاف 2025-04-27 صفائح لعضلة القلب من الخلايا الجذعية… خطوة نحو العلاج الأول من نوعه في العالم 2025-04-17فرص عمل وزارة التجارة الداخلية تنظم مسابقة لاختيار مشرفي مخابز في اللاذقية 2025-02-12 جامعة حلب تعلن عن حاجتها لمحاضرين من حملة الإجازات الجامعية بأنواعها كافة 2025-01-23
مواقع صديقة أسعار العملات رسائل سانا هيئة التحرير اتصل بنا للإعلان على موقعنا
Powered by sana | Designed by team to develop the softwarethemetf © Copyright 2025, All Rights Reserved

مقالات مشابهة

  • السودان يشتعل.. «الدعم السريع» تسيطر على النهود وتعتقل نشطاء
  • وزير العدل يؤكد مواصلة ملاحقة كل الدول التي اجرمت في حق الشعب السوداني
  • برصاص مجهولين.. مقتل مسئول سوري كبير بريف دمشق
  • مدير عام قوات السجون يتفقد سجون ولاية نهر النيل ويتعهد بمعالجة كافة التحديات التي تواجه سجون الولاية
  • محافظ ريف دمشق السيد عامر الشيخ خلال مؤتمر صحفي: مجموعات خارجة عن القانون تسللت إلى الأراضي الزراعية في منطقة أشرفية صحنايا، واستهدفت كل تحرك مدني أو أمني، ما أسفر عن سقوط شهداء وجرحى من المدنيين ومن عناصر قوات الأمن العام.
  • بالصورة.. ممثلة سودانية حسناء تدعم “البرهان” وثير غضب “القحاتة”: (المجد للبندقية تاني لا لساتك لا تتريس لا كلام فاضي)
  • "كلاشنكوف وقنابل".. كيف تم تهريب أسلحة من الإمارات إلى السودان؟
  • سوريا: قوات الأمن تدخل إلى أشرفية صحنايا لملاحقة مجموعات خارجة عن القانون
  • قوات الأمن العام تنتشر في أحياء أشرفية صحنايا بعد تنفيذ عمليات تمشيط لعدة مواقع كانت تستخدمها مجموعات خارجة عن القانون لاستهداف المدنيين وعناصر الأمن العام
  • السودان يطالب الصين بتوضيح حول كيفية حصول قوات الدعم السريع على مسيرات صينية