فيلم النحال.. سينما الوهم تُسقط الرئيس الأميركي
تاريخ النشر: 11th, February 2024 GMT
رغم الاحترافية العالية في تصميم وتنفيذ المعارك في فيلم "النحال" فإن الثقة التي يتمتع بها الممثل البريطاني جيسون ستاثام -والتي تظهر على وجهه- هي الدافع الأهم لدى المشاهد ليصدق أن رجلا واحدا استطاع أن يهزم مئات المسلحين من قوات النخبة الأميركية، وأن يحرق عددا كبيرا من المباني ويسقط رئيس الولايات المتحدة الأميركية بنفسه.
واللافت في الفيلم -الذي أخرجه ديفيد آير- هو ذلك التشبيه الجديد من نوعه لدولة بحجم الولايات المتحدة الأميركية بخلية النحل، والتي يتم فيها بشكل سري تماما اختيار شخص واحد يتوجب عليه تطهير الخلية من أي تهديد داخلي تتعرض له الدولة حتى لو كان هذا التهديد هو رئيس الدولة نفسه.
ورغم العدد الهائل من القتلى على يد شخص واحد ومشاهد الحركة التي تفترض دائما أن خصوم هذا الشخص مجرد دمى لتلقي الضربات فإن الفيلم ينطلق من مساحة إنسانية رقيقة للغاية، حيث يعبر آدم كلاي (جيسون ستاثام) عن امتنانه لسيدة عجوز بعد موافقتها على منحه جزءا من حديقة بيتها ليستخدمه في رعاية خلايا النحل الخاصة به.
يذهب "النحال" الغامض إلى عمله، فيما تعود السيدة إلى بيتها وتتعرض من خلال جهاز الحاسوب إلى عملية احتيال إلكتروني ويتم السطو على أموالها، فضلا عن أموال المؤسسة الخيرية التي تديرها، وهو ما يدفعها إلى الانتحار.
يبدأ "النحال" رحلة للانتقام من المحتالين، في الوقت الذي تحاول ابنتها العميلة في المباحث الفدرالية فيرونا باكر (إيمي رافير لامبمان) الوصول إلى الجناة، ولكن ظهور ضحايا واحتراق وتدمير عدد من المباني يدفعها إلى مطاردة كلاي الذي يسعى للانتقام لموت والدتها.
تكشف الأحداث أن كلاي ليس مجرد مربي نحل، بل عضو في منظمة سرية تعتبر الولايات المتحدة خلية نحل، وتلزم أعضاءها بحماية تلك الخلية من الفساد بكل أنواعه، خاصة ذلك الذي تقع تبعاته على الضعفاء والوحيدين.
كان كلاي قد اعتزل بالفعل، لكنه عاد إلى العمل ليواجه محتالا من نوع مختلف، فهو مجموعة من شركات المعلومات الكبرى التي يملكها ابن رئيسة الولايات المتحدة الأميركية ويدعى ديريك دانفورث (جوش هوتشرسن)، ويتولى تأمين الشركات الرئيس السابق لجهاز المخابرات الأميركية (جيريمي آيرونز).
إيقاع الخليةكشف الفيلم في بدايته عن هدوء وجمال في الحي الذي قرر آدم كلاي الاستقرار فيه، وهو نوع من المناطق السكنية التي يقطنها المتقاعدون وكبار السن، ويتميز بنسبة أمان عالية وهدوء ووجود الحدائق الملحقة بالبيوت.
يقدم ديفيد آير في كشفه للحي بالكاميرا عمقا مخيفا للمتأمل في المشهد، فثمة رعب قادم لم تتنبأ به الموسيقى، لكنه العمق الظاهر خلف البطل بامتداده وسط حي فارغ تماما إلا من الشجر والأضواء الضعيفة، وينبئ بما هو قادم.
وقد استخدم صانع العمل مونتاجا متوازيا لعمليتي استخلاص النحل من الخلايا التي يقوم بها كلاي مع عملية الاحتيال التي تقوم بها العصابة على السيدة العجوز، ورغم الإيقاع والتقطيع بين الخطين الدراميين فإن ذلك الربط في البناء السردي بينهما عبر المونتاج بدا غير موفق.
نحن أمام عملية احتيال تتسم بالخسة والحقارة، وهناك رجل ينتج العسل بهدف إهدائه إلى جيرانه من المتقاعدين وكبار السن والضعفاء، ويأتي الربط بينهما بقطع متواز مثير للجدل، فلا يكفي أن يكون حدوثهما داخل خلية واحدة أو تناقضهما التام مبررا للقطع المتوازي في أحسن الأحوال، فذلك التوازي يشير إلى غرام المخرج بالإيقاع السريع والمتداخل لفيلم أكشن بدأ ناعما، فخشي صاحبه من فهمه خطأ من قبل المشاهد على أنه فيلم اجتماعي.
لا مكان للمنطقاستطاع كلاي القضاء على عشرات المقاتلين من الحرس الرئاسي والمرتزقة ورجال عصابة المسلحين في أوضاع قتال فردية رغم وجودهم معا، كان يشبك مع الواحد منهم، فيما يشاهد الآخرون حتى ينتهي من زميلهم، ثم يأتي دور التالي ليقضي عليه، وهكذا ليتخذ الفيلم شكل لعبة فيديو بدلا من شكل فيلم سينمائي يحتاج إلى بعض المنطق في أحداثه، ليصل الأمر أحيانا إلى درجة السخافة.
تبدو تلك البطولات المستحيلة وهمية تماما، لكنها ضرورية في السينما التجارية التي تمنح المشاهد أملا ووهما كاذبا وقدرة غير حقيقية على تحقيق المستحيلات فيما يجلس في مقعده أمام الشاشة.
تجاوز ديفيد آير في الفيلم ذلك الخط الفاصل بين الوهم والكذب المتفق عليه بين المشاهد وصانع العمل، إذ قدم وهما خالصا لم تدعمه سوى تلك الثقة التي كست وجه ستاثام، وهو ما ينطبق أيضا على موقف ابنة الضحية الأولى في العمل فيرونا باركر التي تعمل في المباحث الفدرالية، والتي يظل موقفها حادا وواضحا ضد كلاي طوال العمل، فهي تعمل في خدمة القانون، وتفضل البحث عن الجناة ومحاكمتهم، فيما يطاردهم "النحال" ويقتلهم، وفي نهاية العمل تتركه ليهرب، مما يعني تنازلا عن قيمة الالتزام بالقانون.
العدالة أم القانون؟ينضم جيسون ستاثام بشخصية آدم كلاي إلى طابور طويل من الشخصيات السينمائية والأدبية في الثقافتين الغربية والعربية، والتي تقرر العمل من أجل العدالة وتتجاوز القانون في سبيل ذلك.
ولعل سؤال العدالة أم القانون هو الأقدم في الأدب والسينما، خاصة في الأعمال البوليسية التي قدمت نماذج لأبطال يهدفون إلى تحقيق العدالة، لكن القانون يعوق تحقيقهم لها فيتجاوزونه ويضحّون بوجودهم الاجتماعي لإقرار العدالة.
وقد بالغ صناع فيلم "النحال" في "تعقيد" الدراما، إذ قدموا شخصية الرئيس السابق لجهاز المخابرات المركزية الأميركية باعتباره مسؤولا عن المؤسسة التي تحتال على الضعفاء، وقد تعرض لانتقام كلاي، كما اختلف كلاي مع المنظمة السرية التي يفترض أنه ينتمي إليها وقتل خليفته فيها.
خرج البطل النحال في الفيلم على القوانين المعلنة والسرية التي تقف في طريق تحقيقه العدالة، وبدلا من محاكمة السيدة التي احتلت منصب الرئاسة الأميركية وابنها المجرم وتابعيه قتلهم جميعا باستثناء السيدة التي اعترفت بالحقيقة وقررت دفع الثمن.
خرج ديفيد آير على كل الأعراف السينمائية والسياسية، في مبالغة تشير إلى طرح لا يبرئ أحدا ولا يستثني أحدا من الإدانة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الولایات المتحدة جیسون ستاثام
إقرأ أيضاً:
الرئيس الأمريكي يؤكد أهمية الاستثمارات التي تولد عوائد مالية
انطلقت النسخة الثالثة لقمة الأولوية ” FII PRIORITY “، في ميامي بأجندة تتضمن كلمة رئيسية لفخامة الرئيس دونالد ترمب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، أكد خلالها أهمية الاستثمار لتشكيل المشهد الاقتصادي العالمي.
ونوه الرئيس الأمريكي في كلمته بأهمية الحاجة إلى الاستثمارات الإستراتيجية التي تولد عوائد مالية وتأثيرًا اجتماعيًا طويل الأجل.
وقال فخامته: ” إنه لشرف عظيم أن أصبح أول رئيس أمريكي يلقي كلمة في مناسبة مؤسسة مبادرة مستقبل الاستثمار، وأتيت اليوم برسالة بسيطة لقادة الأعمال من جميع أنحاء البلاد وجميع أنحاء العالم، إذا كنت تريد بناء المستقبل، وتجاوز الحدود، وإطلاق العنان للاختراقات، وتحويل الصناعات وتحقيق ثروة.”
وأكدت القمة، التي استضافتها مؤسسة مبادرة مستقبل الاستثمار، دورها بصفتها قوة رائدة في جمع القادة والمستثمرين والمبتكرين العالميين لدفع النمو المستدام والشامل.
حضر الخطاب نخبة من قادة الاستثمار والتمويل والتقنية العالميين، بما في ذلك صاحبة السمو الملكي الأميرة ريما بنت بندر بن سلطان بن عبدالعزيز، سفيرة خادم الحرمين الشريفين لدى الولايات المتحدة الأمريكية، ومعالي وزير الاستثمار المهندس خالد بن عبد العزيز الفالح، ومعالي محافظ صندوق الاستثمارات العامة رئيس مجلس إدارة مؤسسة مبادرة مستقبل الاستثمار الأستاذ ياسر بن عثمان الرميان، ومعالي وزير المالية الأستاذ محمد بن عبدالله الجدعان ، والرئيس التنفيذي لشركة تسلا؛ ومؤسس شركة سبيس إكس؛ ومؤسس شركة xAI؛ إيلون ماسك، والرئيس التنفيذي لشركة أوراكل؛ سافرا كاتز، والرئيس التنفيذي لشركة Bridgewater Associates؛ نير بار ديا، ومؤسس شركة 26North؛ الشريك الإداري لشركة واشنطن كوماندرز؛ جوش هاريس، ورئيس مجلس الإدارة الرئيس التنفيذي لمجموعة ستاروود كابيتال؛ باري ستيرنليخت، والرئيس التنفيذي السابق ورئيس مجلس إدارة شركة جوجل؛ الدكتور إريك شميدت، ومؤسس ورئيس مجلس إدارة مجموعة ساليناس؛ ريكاردو ساليناس بليجو، ومؤسس ورئيس تنفيذي ومدير معلومات في شركة فالور إكويتي بارتنرز؛ أنطونيو جراسياس، ومؤسس ورئيس مجلس إدارة شركة فيستا إكويتي بارتنرز والرئيس التنفيذي لها؛ روبرت ف. سميث، ورئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم؛ جياني إنفانتينو، والمؤسس والرئيس التنفيذي لمجموعة كلور؛ نائب رئيس مجموعة شين؛ مارسيلو كلور ، والمدير الإداري لشركة إنسايتس بارتنرز؛ ديفين باريك، والرئيس التنفيذي المشارك لشركة إن إي إيه توني فلورنس.
وقدم رئيس الولايات المتحدة الأمريكية شكره، لصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء – حفظه الله -، على استضافة المحادثات في الرياض لإنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا، كما شكر معالي محافظ صندوق الاستثمارات العامة رئيس مؤسسة مبادرة مستقبل الاستثمار الأستاذ ياسر الرميان، على حسن تنظيم قمة الأولوية.
وأدار رئيس اللجنة التنفيذية للمؤسسة ريتشارد أتياس، جلسة حوارية مع فخامة الرئيس دونالد ترمب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، تناولت النجاح في مجال الأعمال وإنجازاته في الحياة وإرثه ونصائحه الاستثمارية للأجيال القادمة، مؤكدًا فخامته أن والده كان مصدر إلهام كبير له، متناولاً القيم الأساسية التي يجب أن يجسدها القادة العظماء.
وتضمنت قمة الأولوية مناقشات شائقة حول موضوعات عالمية، ومنها توسيع أسواق الكربون، والاستدامة البحرية والمحيطات الأكثر هدوءًا، والصحة البشرية والقدرة على تحمل التكاليف، والقادة في الاستدامة والقوى العامل.
وأطلقت مؤسسة مبادرة مستقبل الاستثمار على هامش النسخة الثالثة لقمة الأولوية تقرير مستقبل العمل العالمي: السلسلة الثانية، الذي يدرس الفرص والتحديات التي تواجه أسواق العمل في عصر التحول التكنولوجي.