يتصدر الذكاء الاصطناعي وما يفتحه من آفاق مستقبلية جديدة، أبرز محاور أجندة القمة العالمية للحكومات 2024 التي تنعقد في دبي خلال الفترة من 12 إلى 14 فبراير/شباط الجاري، وذلك لما يشكله هذا المجال من تأثير عميق بدأ يظهر على مختلف القطاعات المحورية، وما سيجلبه من تحولات هيكلية وتطورات كبرى في حياة المجتمعات، بحسب وكالة الأنباء الألمانية.

ووفق وكالة أنباء الإمارات (وام) تستضيف القمة العالمية للحكومات ضمن فعالياتها، أكثر من 100 شخصية وقيادة من الشركات العاملة في مجال الذكاء الاصطناعي. وتستضيف  القمة في جلساتها النقاشية الرئيسية عددا كبيرا من أصحاب الشركات والخبراء وأصحاب العقول واللاعبين الرئيسيين المؤثرين في تطورهذا القطاع، وتضعهم جميعا على طاولة واحدة مع القادة والمسؤولين الحكوميين، للخروج بنتائج استثنائية تدعم تمكين الحكومات في مواكبة التطورات الحاصلة في هذا القطاع، وإبقائها على جاهزية كاملة لمواجهة تحدياته واقتناص فرصه الكبيرة.

ويبحث المجتمعون إيجاد أطر كفيلة بالتغلب على مختلف تحديات هذا القطاع من خلال الحوار والشراكة بين مختلف الأطراف المؤثرة والمستفيدة من مجالات الذكاء الاصطناعي.

القمة العالمية للحكومات تستضيف أكثر من 100 شخصية وقيادة من الشركات العاملة في الذكاء الاصطناعي (الجزيرة)

وتضم قائمة ضيوف القمة والمشاركين في فعالياتها نخبة من الخبراء والرؤساء التنفيذيين والمؤسسين لكبرى الشركات العاملة في حقل الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتقدمة والتطبيقات الذكية، إضافة إلى كبار قادة توظيف التكنولوجيا في الأعمال من الشركات والمؤسسات العالمية التي كان لها السبق في دمج أدوات الذكاء الاصطناعي ضمن قطاعاتها المختلفة.

وتشارك هذه النخبة المتميزة من ضيوف القمة في أجندة حافلة بالفعاليات بشأن مختلف مجالات وتطبيقات وسياسات الذكاء الاصطناعي، حيث تعقد القمة العالمية للحكومات منتدى الذكاء الاصطناعي المسؤول الذي سيعمل كحلقة وصل لتعزيز التعاون الدولي والشراكات المتعددة القطاعات لدفع عجلة التطورالمسؤول في تطبيق تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي لتحقيق الخير الشامل للمجتمعات.

ويبحث المنتدى تشكيل إجماع عالمي بشأن تطوير واعتماد مبادئ الذكاء الاصطناعي المسؤولة من خلال إطلاقه الحوارات العالمية التي تجمع المسؤولين من القطاعين الحكومي والخاص، كما يركز على تعزيز قدرات الذكاء الاصطناعي في الدول من خلال تطوير قطاعات التعليم والبنية التحتية وصياغة السياسات المستقبلية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: القمة العالمیة للحکومات الذکاء الاصطناعی

إقرأ أيضاً:

انقلاب صامت.. بين دستوبيا الشركات العالمية ومقاومة الجنوب

في قلب واشنطن، أمام المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار في شارع "كيه ستريت" الشهير بجماعات الضغط وشبكات النفوذ، خاضت السلفادور معركة قانونية شرسة بين عامي 2009 و2016 ضد شركة التعدين الكندية "باسيفيك ريم". لم تكن القضية مجرد نزاع على ترخيص منجم، بل عكست صراعًا أوسع على سيادة الدول في مواجهة نفوذ الشركات العابرة للقارات.

من هذه القضية، ينطلق كتاب "انقلاب صامت: كيف أطاحت الشركات بالديمقراطية"، للصحافيَين البريطانيين كلير بروفوست ومات كينارد، الذي صدر بترجمة أيمن حداد عن "منتدى العلاقات الدولية". ويغوص عبر 20 فصلًا في صراعات مشابهة، مرتكزا على بحث ميداني في 25 دولة وعلى أرشيف مكثف كان الوصول إليه معبّدا بالصعوبات.

في عملهما الاستقصائي هذا، يتتبع المؤلفان قصة تشكل نظام قانوني دولي يمنح الشركات العالمية حق مقاضاة الدول أمام هيئات دولية بعيدًا عن محاكمها الوطنية، ويفرض عليها تغيير قوانينها لصالح المستثمر الأجنبي.

قاد المحتجون حراكًا تحت شعار "لا للتعدين، نعم للحياة"، واجهوا خلاله العنف والترهيب، حتى دفع بعضهم حياته ثمنًا (الفرنسية) قصة مقاومة سلفادورية

بدأ النزاع بين "باسيفيك ريم" (أوشيانا غولد حاليًا) والحكومة السلفادورية عندما أقامت الأولى دعوى تطالب بتعويض قيمته 250 مليون دولار. ادعت الشركة الكندية أن السلفادور انتهكت قوانين الاستثمار إذ رفضت منح ترخيص لتعدين الذهب في منجم "إل دورادو" وحرمتها من الفوائد الاقتصادية المتوقعة. في حين أكدت الحكومة أن الشركة لم تستوفِ الشروط المطلوبة، وأن الموافقة كانت ستشكل خطرًا بيئيا جسيمًا، لا سيما على موارد المياه.

رغم انتصار السلفادور قانونيا، كشفت القضية عن التوتر المستمر بين اتفاقيات "التنمية" الاقتصادية والسيادة الوطنية. تحوّل "إل دورادو" إلى رمز للصراع ضد المصالح الأجنبية، حيث اعتبر السلفادوريون الشركات العابرة شكلاً جديدا من الاستعمار.

قاد المحتجون حراكًا تحت شعار "لا للتعدين، نعم للحياة"، واجهوا خلاله العنف والترهيب، حتى دفع بعضهم حياته ثمنًا. ومع ذلك، استمرت المقاومة، وأثمرت في 2017 حظر التعدين، لتصبح السلفادور أول دولة في العالم تتخذ هذا القرار.

إعلان

لا شك في أن هذه قصة مثالية للبدء في كتاب يغرق قارئه تاليًا في دستوبيا رأسمالية، فرغم أن قضية السلفادور تصوّر ترهيب الشركات للحكومات لا سيّما في دول الجنوب، وصعوبة وصول الباحثين والصحافيين إلى وثائق بشأن نفوذ هذه الشركات، فإنها تقول أيضًا إن المقاومة ممكنة وإن إخفاقها ليس حتميًا.

المصرفي الألماني هيرمان جوزيف آبس (غيتي) لحظة تأسيس نظام التحكيم الاستثماري

يعود كتاب "انقلاب صامت" إلى تأسيس نظام التحكيم الاستثماري التابع للبنك الدولي، مستعيدًا لحظة قلق الدول الاستعمارية على مصالحها بعد تهاوي كولونيالياتها تباعًا. أصبح فندق فيرمونت في سان فرانسيسكو، في أكتوبر/تشرين الأول 1957، نقطة تجمع لبعض من أقوى رجال المال والأعمال في العالم.

كان من بين أولئك الرجال المصرفي الألماني هيرمان جوزيف آبس، الذي وُصف بأنه نجم الحدث، بعد أن دعا إلى "ماجناكارتا رأسمالية" تحمي المستثمرين الأجانب في وقت كانت فيه حركات إنهاء الاستعمار والقومية الاقتصادية تكتسب زخمًا. يمثل آبس صورة المصرفي المثالي المستفيد من سياسات أي نظام يعمل تحته من النازية خلال الحرب إلى نشاطة لإعادة الإعمار والتعويضات بعد الحرب.

كانت أنباء التأميم تصل تباعًا من مستعمرات سابقة بعد استقلالها، كوامي نكروما في غانا، إلى عبد الناصر يؤمم قناة السويس، وغواتيمالا التي وضعت يدها على الحقول والمزارع التي كانت تحت سيطرة شركة "شيكيتا".

وسط هذه التحولات، استخدم آبس المؤتمر منصة لإنشاء إطار يحمي المستثمرين الأجانب من تأميم أصولهم. وتبلورت إستراتيجية النخب الاقتصادية الغربية في الحفاظ على السيطرة على تدفقات رأس المال العالمية حتى مع انهيار الهياكل الاستعمارية القديمة، مما جعل اقتراح آبس محوريًا في مؤتمر سان فرانسيسكو، وكان طموحه ممثلا في إنشاء نظام قانوني دولي يسمح للمستثمرين بمقاضاة الحكومات مباشرة، وهو ما تجسد لاحقًا في اتفاقية "آبس-شوكروس" التي شكلت أساسًا للبنية القانونية لمنازعات المستثمرين والدول اليوم.

إعلان تجارة المساعدات للدول النامية

في مشهد سريالي آخر، داخل قاعة مهندسة بفخامة هذه المرة، يقف مؤلفا الكتاب بين رجال أعمال مجتمعين ببدلاتهم الباهظة، يبحثون عن الفرص المتاحة في مجال "بزنس" المساعدات للدول النامية والمنكوبة، التي تعد أسواقًا لفرص استثمارية ضخمة تقدّر قيمة الأعمال المرتبطة بها بين 70 و100 مليار دولار، وهو رقم يوازي حجم صناعة الأمن السيبراني أو صناعة النشر الصحفي عالميًا.

على المنصة هناك من يخطب عن التنمية والشعوب، في وقت يعكس فيه الحدث واقعًا مختلفا: هذه شبكة من الشركات الخاصة تبحث عن نصيبها من عقود المساعدات الممولة من الحكومات والمنظمات الدولية.

مئات الشركات تعرض منتجاتها من الخيام إلى الخدمات الأمنية، في بيئة ترويجية لا تختلف عن معارض السيارات أو التكنولوجيا، ولا يبدو أن هناك اهتمامًا حقيقيا بقضايا الفقر أو التنمية. هذه هي أجواء معرض "إيدإي إكس" (AidEx) الذي عقد في بروكسل عام 2014.

يستعرض الكتاب الواقع المعقد للمساعدات الدولية، التي تُقدَّم للجمهور على أنها تحويلات نقدية مباشرة من الدول الغنية إلى الفقيرة، لكنها في الواقع تخضع لعمليات وسيطة معقدة تستفيد منها الحكومات والشركات الكبرى، وتصل نسبة صغيرة فقط مباشرة إلى المجتمعات المحتاجة. أما الجزء الأكبر، فيمر عبر شبكات من المتعاقدين والمنظمات الدولية، مع استخدامه في أغراض أخرى.

يضرب المؤلفان بفضيحة "سد بيرغاو" التي كانت مارغريت تاتشر عرابتها. فحين تبنى مهاتير سياسة "التوجه شرقًا" مفضلًا التعامل مع دول شرق آسيا، سعت تاتشر إلى كسب ود ماليزيا. وأشادت خلال زيارتها الرسمية لكوالالمبور عام 1985 بسياسات مهاتير محمد الاقتصادية، قائلة: أنا معجبة بشعارك "ماليزيا شركة مساهمة"، وسأقنعك بجودة شركاتنا.

آنذاك توصلت حكومة تاتشر إلى توقيع عقد مع حكومة مهاتير كان ظاهره مساعدات بريطانية لتمويل سد كهرومائي، وحقيقته عقد كلف ماليزيا شراء الأسلحة والطائرات العسكرية من شركة بريطانية، أدّت هذه الفضيحة إلى تحقيقات قانونية وصحافية وإصلاحات كبيرة في السياسات البريطانية.

يأتي البيض اليوم متظلمين بشأن من يحدد متى يكون العدل ظلمًا (الفرنسية) تظلّم البيض

في فصل آخر بعنوان "التأمين السري"، يكشف المؤلفان عن قضية رفعها مستثمرون إيطاليون ضد جنوب أفريقيا عام 2006 اعتراضًا على قوانين التمكين الاقتصادي للسود، التي أجبرت الشركات الأجنبية على تخصيص 26% من ملكيتها للمواطنين السود. رأى المستثمرون في ذلك "مصادرة غير عادلة" وطالبوا بتعويض 350 مليون دولار.

إعلان

كانت جنوب أفريقيا تحاول تصحيح إرث الفصل العنصري. بعد سنوات من المرافعات، قرر المستثمرون سحب دعواهم، لكن ليس قبل أن يعقدوا صفقة سرية غير مسبوقة مع الحكومة: تخفيض نسبة الملكية المنقولة إلى 5% فقط بدلاً من 26%.

آثرت حكومة جنوب أفريقيا "البراغماتية" لإنقاذ المنظومة الاقتصادية، وربما نجحت في تفادي هزيمة قانونية، لكنها خسرت معركة أكبر بكثير، معركة العدالة الاقتصادية والمساواة التي كانت جوهر نضالها بعد الفصل العنصري.

تتردد أصداء هذه الهزيمة المعنوية اليوم في خلفية جدلٍ سياسي على لسان إيلون ماسك الذي يصف تمكين السود بالتمييز العكسي، وترامب الذي يروّج لفكرة اضطهاد البيض. سرديات تتجاهل أن التغيير لم يكن عقوبة، بل محاولة لتصحيح تاريخ طويل من غياب العدالة. ثم يأتي البيض اليوم متظلمين بشأن من يحدد متى يكون العدل ظلمًا.

وسط هذه الصورة القاتمة لعالم تديره أذرع الشركات العابرة للقارات، يسلط كتاب "انقلاب صامت" الضوء على حركات المقاومة والاحتجاج في أنحاء العالم التي أتت أكلها؛ هنا عمّال يعيدون تشغيل فنادق وشركات في الأرجنتين، وهناك رؤية إيفو موراليس في بوليفيا لمحاربة الهيمنة الاقتصادية الغربية على الموارد الطبيعية.

ويدعو الكتاب إلى أن تستعيد الصحافة دورها في محاسبة السلطة ومراقبة الشركات والوصول إلى الوثائق والمعلومات، مثلما فعل المؤلفان الصحافيان هنا، فهذا الكتاب تجربة استثنائية في التحقيق الاستقصائي.

مقالات مشابهة

  • قمة صوت مصر تناقش آفاق التنمية وتعزيز مكانة مصر عالميًا
  • الروبوت الذي يتعلم كالبشر.. سابقة في مجال الذكاء الاصطناعي
  • الذكاء الاصطناعي في الإمارات.. محرك التحوّل نحو مستقبل ذكي
  • الإمارات تقدم لأمريكا 1.4 تريليون دولار كاستثمارات في الذكاء الاصطناعي خلال لقاء طحنون بترامب
  • قطاع الأعمال العام: نعمل على تجهيز عدد من الشركات للطرح في البورصة
  • هل تغيّر أدوات الذكاء الاصطناعي وجه السياحة والفنادق؟
  • بختام زيارته لواشنطن.. طحنون بن زايد يبحث العلاقات الاقتصادية واستثمارات الذكاء الاصطناعي
  • زيادة عدد الشركات الأجنبية في إيطاليا خلال 10 سنوات
  • انقلاب صامت.. بين دستوبيا الشركات العالمية ومقاومة الجنوب
  • السل.. المرض العائد بقوة الفترة الأخيرة.. 8.2 مليون حالة إصابة في 2023.. "الصحة العالمية" تضع عدة توصيات للحكومات للوقاية منه