وقف الحرب في السودان عبر المقاومة السلمية القوية والمحاكمة العلنية لمجرمي الحرب ومنع عودة الحرب عبر تقليص حجم الجيش الموحد وابعاده من الجغرافيا المدنية

د. عبد المنعم مختار

استاذ جامعي متخصص في السياسات الصحية القائمة على الأدلة العلمية

لا مناص من العمل اليومي الفعال والمستدام لإيقاف الحرب والمهم أيضاً لمنع عودة الحرب في السودان.

والمنوط به انجاز هذا العمل هو القوى المدنية قواعد وقيادة. المطلوب، في تقديري القابل حتما للنقد والتطوير، المطلوب عاجلا وليس اجلا من القوى المدنية المقاومة للحرب الإجابة المفصلة على سؤالين مركزيين: (١) كيف يمكن ايقاف الحرب؟ و(٢) كيف يمكن منع عودة الحرب بعد ايقافها؟ الإجابة المختصرة على السؤال الاول هو المقاومة السلمية القوية والمحاكمة العلنية لمجرمي الحرب والاجابة الموجزة على السؤال الثاني هي التقليص الكبير لحجم الجيش الموحد وإبعاده من الجغرافيا المدنية إلى المناطق الحدودية الخالية من السكان.

المقاومة السلمية القوية للحرب

لإيقاف الحرب الحالية المطلوب التخطيط والتنفيذ والمتابعة والتقييم لحملات مقاومة مدنية سلمية قوية وشاملة ومتزامنة ومتكاملة يتم العمل عليها يوميا وعلى اغلب المستويات داخليا وخارجيا، من مستوى الحي إلى المستوى القومي ومن دول الإقليم إلى المؤسسات الأممية.

أدناه مقترحات محددة لتقوية المقاومة السلمية المدنية للحرب:
1. المرصد السوداني لتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان من قتل واعتقال وتعذيب واغتصاب ونهب مسلح وغيرها وتحديد زمان ومكان حدودها وتفاصيلها التي لا تعرض الضحايا لمخاطر من الجناة أثناء الحرب
2. المرصد السوداني لرصد ونشر مجرمي الحرب بالأسماء والصفات
3. المرصد السوداني لمنع وتعويق ونهب المساعدات الإنسانية الغذائية والطبية والخدمات الأخرى مثل النقل والمواصلات والاتصالات والانترنت وغيرها
4. إقامة محاكم مدنية غيابية علنية لغالبية مجرمي الحرب تشمل عشرات الآلاف من ضباط الجيش والدعم السريع والحركات المسلحة المشاركة في الحرب
5. حظر إدخال الأسلحة والذخائر وكل المعدات العسكرية والمعدات المدنية ذات الاستخدام العسكري ومراقبة وتقوية تنفيذ الحظر على جميع الحدود الدولية للسودان غربا وشرقا وشمالا وجنوبا
6. حظر التمويل الداخلي والخارجي للجيش والدعم السريع والحركات المسلحة المشاركة في الحرب ومراقبة وفضح واغلاق كل مصادر وقنوات التمويل المحلي والإقليمي والدولي
7. إلزام الرأسمالية الوطنية وأصحاب المال والأعمال السودانيين بتمويل أنشطة المقاومة المدنية السلمية القوية للحرب وإيجاد صيغ متفاوض عليها لذلك
8. محاربة القنوات والمنصات الإعلامية الداعمة للحرب وانشاء قنوات ومنصات إعلامية للمقاومة المدنية السلمية القوية للحرب
9. مقاومة العلاقات الخارجية لأطراف الحرب في دول الجوار والاقليم والمستوى الأممي واستخدام جميع وسائل الضغط الدبلوماسي على أطراف الحرب ونزع الشرعية الدبلوماسية عنهم
10. محاربة القوى المدنية المؤيدة والداعمة للحرب وأطرافها برصد وفضح جميع أنشطتها العلنية والسرية بالأسماء والصفات

تقليص حجم الجيش الموحد وأبعاده من الجغرافيا المدنية

لمنع الحرب القادمة المطلوب التوافق بين أكبر قدر ممكن من القوى المدنية على الخطط والبرامج اللازمة لمنع عودة الحرب وذلك قبل وقفها. هناك ضرورة لصناعة اكبر إجماع شعبي مدني على كيفية بناء الجيش الموحد وذلك لمنع الصراع حول ذلك بعد وقف الحرب.

ادناه مقترحات حول الجيش الموحد والمكون من اجزاء من الجيش والدعم السريع والحركات المسلحة:

1. تقليص حجم الجيش الموحد للجيش والدعم السريع والحركات المسلحة بحيث يكون حجمه اقل من٨٠٪ عن حجم الجيش الحالي ولا يفوق حجم الجيش الموحد عن ال ٥٠ الف مقاتل مع إمكانية تفعيل قوات احتياط في حالة الحروب الخارجية
2. ابعاد كل قوات الجيش للمناطق الحدودية الخالية من السكان وجعل كل المدن والقرى خالية من جميع القوات النظامية ما عدا قوات الشرطة والأمن الداخلي
3. وضع خطط مفصلة بجداول زمنية ومصادر تمويل ودعم سياسي دولي لوقف اطلاق النار وفصل الأطراف المتحاربة وابعادها من المدن .
4. وضع خطط مفصلة بجداول زمنية ومصادر تمويل ودعم سياسي دولي لتقليص حجم الجيش وإبعاده من كل المناطق المدنية إلى المناطق الحدودية غير المأهولة بالسكان
5. وضع القوانين والخطط والاليات الفعالة لصناعة واستدامة سيطرة مدنية كاملة على الجيش الموحد
6. إعادة صياغة قانون الجيش ونظمه ولوائحه وآليات انفاذها بحيث تقوي السيطرة والرقابة والمحاسبة المدنية على الجيش الموحد
7. إعادة تدريب كل الضباط والجنود على الالتزام بحكم الدستور والقانون وحقوق الإنسان والحكم المدني الديموقراطي
8. تخفيض ميزانية الجيش الموحد بنسبة لا تقل عن ٥٠٪ والرقابة البرلمانية وخارج البرلمانية الفعالة على الميزانية وإبعاد الجيش من كافة القطاعات الاقتصادية المدنية الطابع مع الرقابة المدنية المحكمة والفعالة والمستدامة للصناعات العسكرية
9. تضمين تقليص حجم الجيش الموحد وإبعاده جغرافيا من كافة المناطق المدنية والسيطرة المدنية الشاملة عليه في الدستور وكل القوانين ذات الصلة
10. مراجعة مجتمعية شاملة لتاريخ الجيش والدعم السريع والحركات المسلحة كافة وقيام نظام مستمر للعدالة الانتقالية يقوم على هذه المراجعة

في مقال قادم سأتعرض لواقعية المقترحات أعلاه وآليات تنفيذها تفصيلا. ومجملا فإن وقف الحرب عبر ما اسميته المقاومة السلمية القوية يمكن أن يتم عبر الأحزاب السياسية ولجان المقاومة/ لجان الطوارئ ومنظمات المجتمع المدني التقليدية والحديثة الأخرى وتجمعات السودانيين خارج السودان والتحالفات الجامعة للمدنيين وعلى رأسها تنسيقية القوى المدنية الديمقراطية (تقدم). أما منع عودة الحرب عبر ما اسميته بتقليص حجم الجيش وإبعاد الجيش من الجغرافيا فيمكن أن يتم عبر الدعم السياسي والتمويل الدولي.

moniem.mukhtar@googlemail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: القوى المدنیة من الجغرافیا عودة الحرب وقف الحرب الحرب فی

إقرأ أيضاً:

الأمم المتحدة: الحرب تشرد 136 ألفاً من جنوب شرق السودان

القاهرة- وكالات

ذكرت الأمم المتحدة أن أكثر من 136 ألف شخص فروا من ولاية سنار، جنوبي شرق السودان، منذ أن بدأت قوات الدعم السريع سلسلة من الهجمات على بلدات، فيما أعلن الجانبان المتقاتلان تحقيق انتصارات في مواقع مختلفة.

وينضم هؤلاء إلى نحو 10 ملايين سوداني فروا من ديارهم منذ اندلاع الحرب بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني في 15 أبريل 2023، والتي رافقتها اتهامات بارتكاب أعمال "تطهير عرقي" وتحذيرات من مجاعة، لا سيما في المناطق التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع بأنحاء البلاد.

وبدأت قوات الدعم السريع في 24 يونيو حملة عسكرية للاستيلاء على مدينة سنار، وهي مركز تجاري، لكنها سرعان ما تحولت إلى مدينتين أصغر، هما سنجة والدندر، مما أدى إلى نزوح جماعي من المدن الثلاث، خاصة إلى ولايتي القضارف والنيل الأزرق المجاورتين.

وأظهرت صور نُشرت على وسائل التواصل الاجتماعي أشخاصاً من جميع الأعمار يخوضون عبر النيل الأزرق.

ويقول ناشطون في الولايتين إن هناك القليل من أماكن الإيواء أو المساعدات الغذائية للوافدين.

القضارف.. أمطار بدون خيام

وفي القضارف، واجه القادمون هطول أمطار غزيرة بينما تقطعت بهم السبل في السوق الرئيسية بالعاصمة من دون خيام أو أغطية، بعد أن أخلت الحكومة المدارس التي كانت مراكز إيواء للنازحين، حسب ما ذكرت إحدى لجان المقاومة المحلية السودانية.

وقالت المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة، في بيان، إنه منذ 24 يونيو، نزح ما إجماليه 136 ألفاً و130 شخصاً من سنار.

وتؤوي الولاية بالفعل أكثر من 285 ألف شخص نزحوا من الخرطوم والجزيرة، مما يعني أن كثيرين ممن غادروا في الأسبوعين الماضيين كانوا ينزحون على الأرجح للمرة الثانية أو الثالثة.

وأضافت المنظمة أيضاً أن قرى ولاية القضارف، وهي واحدة من بضعة أهداف محتملة لحملة قوات الدعم السريع، شهدت كذلك خروجاً جماعياً.

الفاشر وجبل مرة

وفي غرب البلاد، قال ناشطون محليون إن 12 شخصاً على الأقل لاقوا حتفهم بنيران مدفعية على سوق للماشية، الأربعاء، في مدينة الفاشر التي تشهد منذ شهور قتالاً بين الجانبين.

وتسبب القتال في نزوح عشرات الآلاف باتجاه الغرب إلى طويلة وجبل مرة، وهما من المناطق التي تُسيطر عليها إحدى أكبر الجماعات المتمردة في السودان بقيادة عبد الواحد النور الذي عرض، الخميس، أن تتولى قواته تأمين الفاشر إذا انسحب منها الجانبان.

وقال عبد الواحد النور، في بيان، إن الفاشر، التي ذُكرت مع مخيم زمزم المجاور لها ضمن 14 موقعاً أشار مراقبون إلى أنها تقترب من المجاعة، يمكن أن تستأنف حينها دورها كمركز لتوصيل المساعدات الإنسانية.

ولم يُعلق الجيش على العرض عندما طلبت منه "رويترز" التعقيب، في حين قال مصدر في قوات الدعم السريع إنها قبلتها من حيث المبدأ وتأمل أن يقبلها الجيش والقوات المتحالفة معه وأن يخرجوا من المدينة.

تحرير الدندر

على الصعيد الميداني، أعلن حاكم إقليم دارفور السوداني منّي أركي مناوي، الخميس، نجاح الجيش السوداني في تحرير مدينة الدندر بولاية سنار في شرق البلاد من قوات الدعم السريع.

وقال مناوي، عبر فيسبوك، إن الجيش حرر المدينة بالتعاون مع القوة المشتركة، وإنه بسط تأمينها على المؤسسات والمناطق السكنية، "بعد أن تعرضت للاستباحة الكاملة من مليشيات الدعم السريع وتم قتل وتشريد مواطنيها ونهب البنوك ومحاولة تدمير البنى التحتية ومعالم الحياة البرية".

وأضاف في المنشور الذي أرفقه بمقطع فيديو لقوات عسكرية: "سنؤكد للجميع استعدادنا لمقاومة مشروع تدمير استقرار المواطنين ومضاعفة معاناتهم وسنقف على كل الجبهات لأداء واجباتنا الوطنية من أجل حماية البلاد".

الجيش يدافع عن سنجة

ونقلت وكالة أنباء العالم العربي (AWP) عن متحدث باسم حكومة ولاية سنار أن قوات الجيش نجحت في التصدي لمحاولات قوات الدعم السريع للسيطرة على مدينة سنجة عاصمة الولاية، وإن أكد استيلاء الدعم السريع على نحو 30% من سنجة بينها أحياء الشمال والشرق وجزء من الحي الجنوبي.

وقال محمد البشر، في المقابلة التي جرت عبر الهاتف، إن "مجمل الأوضاع في ولاية سنار الآن بخير وتحت السيطرة، وشهدت مدينة سنجة دخول مليشيا الدعم السريع في بعض الأحياء وتصدت لها القوات المسلحة في معركة كبيرة استبسلت فيها القوات المسلحة.. ولا تزال المعارك تدور في مدينة سنجة".

وكانت قوات الدعم السريع، التي تقاتل الجيش في أنحاء متفرقة من السودان، أعلنت سيطرتها على سنجة عاصمة ولاية سنار، بما في ذلك مقر رئاسة الحكومة وقيادة الجيش بالولاية بعد أن توغلت إلى منطقة جبل موية الاستراتيجية.

وأشار البشر إلى ما وصفها بأنها "خسائر فادحة" للمدينة وأهلها جراء الاشتباكات، واتهم قوات الدعم السريع بارتكاب أعمال نهب والاستيلاء على سيارات المواطنين وممتلكاتهم والأسواق والفنادق، ودخول المستشفى الكبير في سنجة.

واتهم الدعم السريع بممارسة ما وصفه بـ"نوع من التصفية في صفوف المواطنين وقيادات الشرطة".

غرب كردفان

في المقابل، قالت قوات الدعم السريع، في بيان، إنها حققت انتصاراً جديداً، الخميس، "بتحرير اللواء 92 (الميرم) التابع للفرقة 22 مشاة بولاية غرب كردفان".

وأضافت أنها "بسطت سيطرتها الكاملة على المنطقة" وتمكنت من "تحرير المدينة الاستراتيجية (الميرم) والاستيلاء على عتاد عسكري وأسلحة متنوعة وذخائر.  

مقالات مشابهة

  • بابكر فيصل لسودانايل: اجتماع القاهرة هو خطوة في سبيل توحيد القوى المدنية للضغط لوقف الحرب تشكر عليها مصر
  • بالبرهان السودان في كف عفريت
  • المبعوث الأممي للسودان: نعول على جهود القوى المدنية لإنهاء الأزمة الحالية
  • رشان اوشي: المأزق السوداني متعدد الأوجه
  • السودان: اجتماع بالقاهرة لبحث سبل مكافحة الهجرة غير الشرعية
  • أبي أحمد: لم نستغل حرب السودان
  • الأمم المتحدة: الحرب تشرد 136 ألفاً من جنوب شرق السودان
  • الأثر النفسي للحرب في السودان على الأطفال
  • الإعلام ومآلات حسم الحرب في السودان
  • الكلام ده اكبر من البرهان واكبر من حميدتي … لكن الله اكبر