صراعات المثقف السوداني والرحلةٌ الشاقةٌ نحو هويةٍ فكرية مُتَوَهِّجة
تاريخ النشر: 11th, February 2024 GMT
زهير عثمان حمد
في رحلةٍ مُضنيةٍ عبر التاريخ، واجهَ المثقفُ السودانيُّ صراعاتٍ مُتَشابكةً، تظهر تعقيداتِ الواقعِ السودانيِّ وتنوعَهُ. فمن صراعِ الهويةِ والانتماءِ، إلى صراعِ القيمِ والرؤى، إلى صراعِ التأثيرِ والتغييرِ، يواجهُ المثقفُ السودانيُّ تحدياتٍ جمةً تُؤثِّرُ على دورهِ وموقعهِ في المجتمعِ.
يُعاني المثقفُ من صراعٍ داخليٍّ حولَ انتمائهِ للثقافةِ العربيةِ-الإسلاميةِ، وانتمائهِ للثقافاتِ الأفريقيةِ المحليةِ.
يُواجهُ المثقفُ صراعًا خارجيًا معَ الأنظمةِ السياسيةِ التي تسعى إلى تقييدِ حريةِ الفكرِ والتعبيرِ. يُعاني من صراعِ الطبقيةِ، حيثُ يُحَارِبُ من أجلِ حقوقِ الطبقاتِ الفقيرةِ والمُهمَّشةِ. يُعاني من صراعِ العرقِ، حيثُ يُنَاضِلُ من أجلِ المساواةِ بينَ جميعِ الأعراقِ في السودانِ.
يُواجهُ المثقفُ صراعًا بينَ الأصالةِ والمعاصرةِ، حيثُ يسعى إلى التوفيقِ بينَ أصالةِ تراثهِ وثقافتهِ و متطلباتِ العصرِ الحديثِ. يُعاني من صراعِ القيمِ والرؤى، بينَ الدينِ والعلمانيةِ، وبينَ القيمِ التقليديةِ والقيمِ الحديثةِ.
يُواجهُ المثقفُ صراعًا معَ السلطةِ، حيثُ يُحافظُ على استقلاليتهِ وحياديتهِ في ظلِّ الضغوطِ السياسيةِ. يُعاني من صراعِ معَ المجتمعِ، حيثُ يُقنعُ المجتمعَ بأفكارِهِ ورؤاهِ للتغييرِ. يُعاني من صراعِ معَ نفسهِ، حيثُ يُوازنُ بينَ إبداعِهِ الشخصيِّ ومسؤوليتهِ الاجتماعيةِ.
يُهمَّشُ المثقفُ بسببِ قلةِ المواردِ الماليةِ، وقمعِ الأنظمةِ السياسيةِ، وعدمِ وعيِ المجتمعِ بأهميةِ دورِ المثقفِ. يضعفُ تأثيرُ المثقفِ بسببِ انقسامِ المثقفين على أنفسهم، وغيابِ رؤيةٍ واضحةٍ للتغييرِ، وعدمِ قدرةِ المثقفِ على التواصلِ معَ جميعِ فئاتِ المجتمعِ.
لتجاوزِ هذهِ الصراعاتِ، يجبُ على المثقفِ التوحّدُ حولَ القواسمِ المشتركةِ، والتواصلُ معَ جميعِ فئاتِ المجتمعِ، واستخدامُ وسائلِ التواصلِ الحديثةِ لنشرِ الأفكارِ والثقافةِ، والتحلّي بالصبرِ والمثابرةِ.
يجبُ على المجتمعِ دعمُ المثقفِ مادياً ومعنوياً، وتوفيرُ حريّةِ التعبيرِ والتفكيرِ للمثقفِ، والوعيُ بأهميةِ دورِ المثقفِ في المجتمعِ.
مستقبلُ المثقفِ السودانيِّ مرتبطٌ بقدرتهِ على تجاوزِ هذهِ الصراعاتِ، وتحقيقِ دورٍ فاعلٍ في بناءِ مجتمعٍ حرٍّ وديمقراطيٍّ يُساهمُ في إثراءِ الحضارةِ الإنسانيةِ.
صراعاتُ المثقفِ السودانيِّ هيَ صراعاتُ الإنسانِ السودانيِّ بأكملهِ، هيَ صراعاتُ البحثِ عن الحريةِ والكرامةِ والعدالةِ. هيَ صراعاتُ بناءِ مستقبلٍ أفضلَ للأجيالِ القادمةِ، مستقبلٍ يُزهرُ فيهِ الإبداعُ وتُشرقُ فيهِ شمسُ المعرفةِ.
أقول أنا بذات نفسي لا زالت في رحلةِ البحثِ عن الهويةٍ الفكرية المُتوهِّجةٍ، كمثلي من المثقفُين السودانيُّين نواجه صراعاتٍ مُتعددةٍ، تُؤثِّرُ على دورهِ وموقعهِ في المجتمعِ.
يُعاني المثقفُ من صراعٍ داخليٍّ حولَ انتمائهِ، بينَ ثقافتِهِ العربيةِ-الإسلاميةِ وثقافتِهِ الأفريقيةِ المحليةِ. يُعاني من صراعِ اللغةِ، بينَ العربيةِ الفصحى والعاميةِ السودانيةِ واللغاتِ المحليةِ. يُعاني من صراعِ الدينِ، بينَ الإسلامِ السائدِ والدياناتِ والمعتقداتِ الأفريقيةِ المحليةِ.
يُواجهُ المثقفُ صراعًا خارجيًا معَ الأنظمةِ السياسيةِ التي تسعى إلى تقييدِ حريةِ الفكرِ والتعبيرِ. يُعاني من صراعِ الطبقيةِ، حيثُ يُحَارِبُ من أجلِ حقوقِ الطبقاتِ الفقيرةِ والمُهمَّشةِ. يُعاني من صراعِ العرقِ، حيثُ يُنَاضِلُ من أجلِ المساواةِ بينَ جميعِ الأعراقِ في السودانِ.
يُواجهُ المثقفُ صراعًا بينَ الأصالةِ والمعاصرةِ، حيثُ يسعى إلى التوفيقِ بينَ أصالةِ تراثهِ وثقافتهِ وبينَ متطلباتِ العصرِ الحديثِ. يُعاني من صراعِ القيمِ والرؤى، بينَ الدينِ والعلمانيةِ، وبينَ القيمِ التقليديةِ والقيمِ الحديثةِ.
يُواجهُ المثقفُ صراعًا معَ السلطةِ، حيثُ يُحافظُ على استقلاليتهِ وحيادتيه في ظلِّ الضغوطِ السياسيةِ. يُعاني من صراعِ معَ المجتمعِ، حيثُ يُقنعُ المجتمعَ بأفكارِهِ ورؤاهِ للتغييرِ. يُعاني من صراعِ معَ نفسهِ، حيثُ يُوازنُ بينَ إبداعِهِ الشخصيِّ ومسؤوليتهِ الاجتماعيةِ.
لتجاوزِ هذهِ الصراعاتِ، يجبُ على المثقفِ التوحّدُ حولَ القواسمِ المشتركةِ، والتواصلُ معَ جميعِ فئاتِ المجتمعِ، واستخدامُ وسائلِ التواصلِ الحديثةِ لنشرِ الأفكارِ والثقافةِ، والتحلّي بالصبرِ والمثابرةِ.
يجبُ على المجتمعِ دعمُ المثقفِ ماديًا ومعنويًا، وتوفيرُ حريّةِ التعبيرِ والتفكيرِ للمثقفِ، والوعيُ بأهميةِ دورِ المثقفِ في المجتمعِ.
مستقبلُ المثقفِ السودانيِّ مرتبطٌ بقدرتهِ على تجاوزِ هذهِ الصراعاتِ، وتحقيقِ دورٍ فاعلٍ في بناءِ مجتمعٍ حرٍّ وديمقراطيٍّ يُساهمُ في إثراءِ الحضارةِ الإنسانيةِ.
صراعاتُ المثقفِ السودانيِّ هيَ صراعاتُ الإنسانِ السودانيِّ بأكملهِ، هيَ صراعاتُ البحثِ عن الحريةِ والكرامةِ والعدالةِ. هيَ صراعاتُ بناءِ مستقبلٍ أفضلَ للأجيالِ القادمةِ، مستقبلٍ يُزهرُ فيهِ الإبداعُ وتُشرقُ فيهِ شمسُ المعرفةِ.
في رحلةِ البحثِ عن هويةٍ مُتوهِّجةٍ، يُواجهُ المثقفُ السودانيُّ صعوباتٍ جمةً، لكنّهُ يملكُ إرادةً قويةً وعزيمةً لا تُقهرُ. فهوَ مُؤمنٌ بأنَّهُ قادرٌ على تجاوزِ هذهِ الصعوباتِ، وتحقيقِ حلمِهِ في بناءِ مجتمعٍ حرٍّ ومُزدهرٍ.
أن رحلةُ البحثِ عن هويةٍ مُتوهِّجةٍ هيَ رحلةٌ مستمرةٌ، لا تنتهي .
zuhair.osman@aol.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: فی المجتمع صراع ا ی واجه من أجل
إقرأ أيضاً:
خطيب الأزهر: أعداؤنا يريدون شبابنا بلا هوية حتى ينالوا من أوطاننا
ألقى خطبة الجمعة اليوم بالجامع الأزهر الدكتور محمود الهواري، الأمين المساعد للدعوة والإعلام الديني لمجمع البحوث الإسلامية ودار موضوعها حول "التمسك بالوحي".
وقال الهواري، إننا نعيش في زمن من التناقضات والصراعات التي تتعرض لها قيمنا الإسلامية السمحة بسبب حرب مستعرة يقف خلفها أعداء هذا الدين الحنيف، من أجل إصابة الجسد المسلم في أخطر جزء وأهمه وهم الشباب الذين يمثلون عماد حضارتنا ونهضتنا الإسلامية، وهو ما يستوجب منا التأمل في المعاني التي جاء بها الوحي الكريم، لنوقظ قلوب الأمة من الغفلة التي تحاول أن تجرها للتراجع عن دورها ومكانتها العظيمة، لأن التمسك بالوحي والتبصر بما يحمله من معان هو دليل على الثبات على الحق في زمن علا فيه صوت الباطل وتبجح في وجه مجتمعاتنا.
وأوضح الأمين المساعد للدعوة والإعلام الديني، أن هناك فهما قاصرا في التعامل مع الوحي الشريف، فهناك من يظن أن التمسك بالوحي هو أن يمسك بالمصحف المنزه في يده أو في جيبه، وهو أمر طيب لكن المقصود بالآية الشريفة {فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}، أن يتمسك الإنسان المسلم بالمعاني والتشريعات التي نقلها إلينا الوحي الكريم لتكون لنا دستورا يقينا الوقوع في العثرات، كما أن التمسك بالوحي تتسع له كل جنبات الحياة الإنساني في بيعها وشرائها، وفي كل أمر في كبيرها وصغيرها، فلم يترك الوحي شيئا من حياة الناس مع بعضهم البعض إلا ووضع له ضابطا يضبطه بما يناسب كل زمان ومكان، ولم يدع الوحي صغيرة ولا كبيرة بين الإنسان ونفسه التي بين جنبيه إلا وضبطها على وجهها الأكمل، وهو دليل على أن هذ الدين دين شامل لكل شيء.
وبين خطيب الجامع الأزهر أن الإنسان المتعلق بالوحي حقيقة من خلال تطبيق معاني الوحي في كل شيء في حياته، وظاهرًا من خلال حرصه على قراءة القرآن الكريم والخشوع فيه وأن يجعل لنفسه وردا منه، هو ذلك الإنسان المفلح في الدنيا والآخرة لأنه أخذ بأسباب النجاح والفلاح، وأننا في هذه الأيام في حاجة ماسة إلى أن نوقظ هذا الإنسان بداخلنا لأننا نعيش في مرحلة غزو فكري وأخلاقي وقيمي في كل نواحي الحياة، ولا ننجو من أخطاء هذا الغزو إلا من خلال تمسكنا بالقيم والمعاني النبيلة التي جاء بها الوحي الكريم، وإلا فسوف تقع مجتمعاتنا فريسة لسماسرة المجون والانحراف الذين يسعون لمكاسبهم الشخصية على حساب أشلا ء المجتمعات.
وأكد الهواري أنه لا يمكن لمجتمع واع أن تضعف أخلاقه أو أن تضيع قيمه، لأنه مجتمع لديه مناعة تحصنه ضد الانحطاط، وهو ما كان سببًا في الحضارة التي بناها المسلمون الأوائل بفضل تمسكهم بتعاليم الشرع وتوجيهاته، فكانت أمة نافعة لنفسها مفيدة لغيرها، وما تكالبت عليها الأمم إلا بسبب ما أحدثته من تقدم ورقي، وما ضعفت واستسلمت إلا نتيجة لتقصير أبنائها في التمسك بالمعاني والقيم التي جاء بها الوحي الكريم، فإذا كنا نريد الرقي والحضارة فعلينا بمنهج القرآن وتعاليمه، وإلا سنظل ننزلق إلى مؤخرة الأمم.
وفي ختام الخطبة حذر الهواري الشباب من أن يقعوا فريسة لمخططات قراصنة المجتمعات، التي يقف خلفها أعداء أمتنا من أجل أن يفقدونا هويتنا، لنكون أمة بلا هدف، لذلك يسعون إلى بث الأفكار الغريبة والمنحطة في مجتمعاتنا وأن يصير شبابنا مقلدًا لأفكار منحرفة، ليجهزوا على قيمنا، يريدون شبابنا أن يتخلى عن عفته وعن حيائه ليتمكنوا من ديننا، يريدون شبابنا أن يكون خائنا حتى يسهل عليهم النيل من أوطاننا، يريدون شبابنا متشككا في عظمة أمته من أجل أن يسهل عليهم غزونا، يريدون شبابنا جاهلا بثقافته متنكرا لتراثه لنصبح أمة بلا هوية، ولن نسمح لهم بسرقة مستقبلنا ولكن علينا جميعا أن نتمسك بالوحي القرآني.