خالد البلولة
*كتب أحمد شوقي قصيدته ثمن الحرية عام 1926 م :عندما قصف الفرنسيون دمشق وخلّفوا فيها دمارًا واسعًا،)وأورد فيها بيتا مشت به الركبان وصار شعارا يردد كلما ذكر الوطن :-
ولــلأوطـان فـــي دم كــل حــر
يـــد سـلـفـت وديــن مـسـتحق
*كتب الكاتب العماني حامد بن سلطان البوسعيدي ممجدا البيت المذكور عاليه يقول :-
شعرت بأن هناك معاني كثيرة في هذا البيت أعمق ،من أن يقتصر فهمها فقط على الذود عن حياض الوطن والتضحية بالنفس لتطهيره من معتدٍ غاشمٍ خارجي، وإنما تمتد كذلك لوجوب الدفاع عن الوطن من الداخل في كل زمان ومكان، فللوطن حق على أبنائه في التضحية من أجله بالغالي والنفيس وألّا يتخلوا عنه في أوقات المحن وأن يقفوا إلى جانبه في الشدائد بكل ما لديهم من إمكانيات مادية أو معنوية وعدم البخل عليه بالجهد أو المال والعلم والخبرة للحفاظ على مكتسباته واستدامة منجزاته)انتهي.
*الملاحظ أن بعض الساسة الذين كان يتحدثون عن الوطنية والزود عن حياض الوطن رسبوا في هذا الامتحان بمجرد قيام الحرب في ابريل ٢٠٢٣م،غادروه مع أموالهم الي بلاد اخرى.
تذكرت بعض أعضاء الحرية والتغيير عندما سكبوا الدمع السخين في واحدة من المناسبات السياسية تعبيرا عن حبهم العميق للسودان الحبيب ونفس هذا الدمع الصباب تحجرّ فى مآقيهم عندما إرتوت الخرطوم ومدني والجنينة نيالا بدماء المواطنين العزل برصاص جنود وقناصي مليشيا الدمع السريع سكتوا وصمتوا صمت القبور إيمانًا منهم بان (الطلقة ما بتكتل بكتل سكات الزول).
خرجت الطلقة من سلاح الجنجويد وأسكتت وأرهبت وقتلت الاف من السودانيين وشردتهم وسلبتهم اموالهم وممتلكات وبها أُغتصبت عروض بناتهم وسكت (ساسة الغفلة)عن إدانة هذا السلوك الوحشي. انما غادروا البلاد وظلوا يجوبون عواصم الدنيا لترسيخ ديمقراطية الدم ..
*ذكرني رأي البوسعيدي وجهة نظر لأحد الاداريين الافذاذ الاستاذ عمر محمد اسماعيل (رحمة الله تغشاه )وعمل محافظا في عهد مايو ١٩٨١-١٩٨٥م ومعتمد اللاجئين عقب سقوط مايو ومحافظ جنوب دارفور في سنوات الإنقاذ الاولى رحمة الله تغشاه سالته :-(تعاونت مع مايو والانقاذ وانت عرف عنك ايام الجامعة كنت في الجبهة الديمقراطية المعادية للاستعمار وتعد من الواجهات اليسارية)فقال افرق جيدا بين الوطن والحكومة :(هذا الوطن قدم لنا الكثير تعلمنا في مدارسه وجامعاته واكلنا من خيراته ،فاذا جاءتنا فرصة لنرد الدين اليه فلن نتردد وعملنا مع هذه الحكومات تكليفا وليس تشريفا وردا لدين في اعناقنا،ومتى شعرت إنني لا استطيع القيام بواجبي لا اتردد في تقديم استقالتي)تقدم باستقالته من منصب محافظ جنوب دارفور عندما تجاوزه أحد الساسة وأبطل قرارا قد أصدره دون علمه او استفساره مؤكدا القول الماثور (بيان بالعمل والسواي حداث).
*الشاهد أن هناك من يحب خدمة بلاده متجردا من كل انتماء، أو هوى أو غرض أو مصلحة شخصية،أو كسب رخيص،يعمل من أجل وطنه وشعبه وهناك من يتعاون مع كل شيطان رجيم من أجل مصلحته والعبث بمصالح بلاده وشتان ما بين الثري والثريا.
*شاهدت باحثا سودانيا في أحد المؤتمرات العلمية في دولة عربية ،اثناء تقديم ورقته وضع أمامه علم الدولة التي يعمل بها فطلب علم السودان،ليوضع امامه في المنصة،سالته انت تمثل جامعة غير سودانية فقال:-( صحيح أعمل في جامعة ولكن جئت أمثل بلادي من حر مالي،الجامعة التي أعمل بها لم تدفع له ريالا واحدا نظير مشاركتي في هذا المؤتمر، فبلادي أولي ان يرفع علمها في هذه الاحتفالية العلمية.)فالوطنية ليست شعارات إنما عمل وبذل وتضحية وإحترام بلادك اينما حللت..
*في واحدة من قري الجزيرة التي تهدمت مدرستها بفعل السيول باع أحد مواطني القرية سيارته التي يعتاش منها من أجل اعادة بناء المدرسة حتي يعود الطلاب الي مقاعد الدرس ساله الناس من إين تعيش ابناءك؟!فقال :-بكرة يتعلموا ويرجعوها ..
هذا الرجل عرف قيمة العلم وأهميته لابناء بلاده وربما حاله يغني عن السؤال بين أهله وعشيرته، ويجسد له بيت الشاعر قتادة إبن ادريس :-
بلادي وإن هانت عليّ عزيزة
ولو أنني أَعرَى بها وأجوعُ
وحرف البيت أعلاه وأشتهر بالبيت أدناه وسارت به ألسن الناس الي يومنا هذا :-
بلادي وإن جارت عليّ عزيزةٌ
وأهلي وإن ضَنّوا عليّ كرامُ
*استغرب للذين عن يبحثون عن موطأ لاقدام في اوطانهم ويريدون حيازة المناصب والمكاسب بدون ان يضحوا من أجله في اللحظة التي احتدم فيها الوغى غادر الذين ينادون الناس بالخروج في المواكب ويهتفون (الطلقة ما بتكتل،بكتل سكات الزول)إنطلقت الطلقة ولم ينتظروها حتى يعرفوا كيف تقتل؟ وسكتوا عن إدانة جرائم الرجل الذي كان بالامس عدوا لدودا وصار بترتيب(مريب)وبين عشية وضحاها صديقا حبيبا ومساندا ونصيراللديمقراطية وباحثا عنها ..
*يقول الكاتب أيمن العتوم(الوطن ليس جغرافيا إنه قيمة الحب والكرامة والفداء والإباء والعدل،الوطن إيمان المخلص وتضحية العاشق،الوطن ثبات على المبدأ في ضجّة البائعين وتشبث بالحرية في سوق النخاسين،الوطن أنت وأنا وأولئك الذين يجمعهم الضمير النقي والغاية الشريفة ).
أخيرا :-
من الجميل أن يفني الإنسان حياته لأجل وطنه، لكن الأجمل أن نعيش له ولأجله ولإصلاحه.وللاسف هناك من لم يمت لأجل وطنه ولم يعمل لأجله.
khalidoof2010@yahoo.com
//////////////////////
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
“حدوتة نفسية”.. عندما تحتاج الأمهات إلى من يسمعهن
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
في عالم مليء بالضغوط والتوقعات المثالية، تجد الكثير من الأمهات أنفسهن في صراع نفسي بين تربية أطفالهن والسعي لتحقيق الذات، هنا تظهر الحاجة إلى الدعم النفسي، ليس فقط للأطفال، ولكن للأمهات أنفسهن، حيث تؤثر حالتهن النفسية بشكل مباشر على مستقبل أطفالهن، “نيفين عصام”، امرأة مصرية عملت في مجال التسويق منذ عام 2007، لطالما كانت تسعى للتميز في حياتها المهنية، لكن عندما علمت بحملها، وجدت نفسها في مواجهة مشاعر متضاربة من القلق والتوتر.
كان الحمل وما تبعه من تغييرات جسدية ونفسية اختبارًا صعبًا، زاد من إحساسها بالضغط، خاصة مع رغبتها في الحفاظ على توازن بين دورها كأم ومسيرتها المهنية، وبعد محاولات مضنية للجمع بين العمل ورعاية طفلتها، وجدت نيفين نفسها غارقة في مشاعر الذنب والتقصير، مما دفعها لاتخاذ القرار الصعب بالاستقالة من عملها والتفرغ لتربية ابنتها. لكن هذه الاستقالة لم تكن نهاية رحلتها، بل بداية جديدة لاكتشاف، وبعد فترة من التفرغ لرعاية طفلتها، أدركت نيفين أن الأمومة ليست مجرد رعاية جسدية، بل هي رحلة نفسية تحتاج إلى الوعي والفهم العميق.
بدأت بدراسة نفسية الطفل، التربية الإيجابية، وتعديل السلوك، ليس فقط لتربية ابنتها بطريقة سليمة، ولكن أيضًا لمساعدة الأمهات الأخريات على تجاوز تحديات الأمومة دون أن يشعرن بالذنب أو العجز، ولكن خلال رحلتها في دعم الأمهات، أدركت نيفين أمرًا مهمًا أن الأمهات يركزن دائمًا على صحة أطفالهن النفسية، بينما يهملن أنفسهن تمامًا، ومن هنا ولدت فكرتها في تأسيس منصة رقمية لتكون مساحة آمنة لكل أم تبحث عن الدعم، والفهم، والقدرة على التعبير عن مشاعرها دون خوف أو حكم من المجتمع.
تربية الأطفال ليست مجرد تلبية احتياجاتهم الجسدية، بل تتطلب استقرارًا نفسيًا للأم، لأنها الأساس الذي يستمد منه الطفل الأمان والثقة بالنفس، وعندما تعاني الأم من التوتر والضغط، ينعكس ذلك على الطفل في صور مختلفة، مثل “اضطرابات سلوكية، مشاكل في التعبير عن المشاعر، ولشعور بعدم الأمان”، وعلى الجانب الآخر، عندما تتلقى الأم دعماً نفسياً كافياً، تصبح أكثر قدرة على التعامل مع تحديات التربية بهدوء وحكمة، مما ينعكس إيجابيًا على الطفل، ويمنحه بيئة مستقرة تساعده على النمو السليم.
في الماضي، كانت التربية تعتمد على القواعد الصارمة أو العادات المتوارثة، دون مراعاة الجانب النفسي للأطفال. لكن مع تطور العلوم السلوكية، أصبح من الضروري أن تتعلم الأمهات أساليب التربية الحديثة، مثل “التربية الإيجابية، فهم مراحل تطور الطفل، التواصل العاطفي"، وتسعى نيفين من خلال منصتها كسر الحاجز النفسي الذي تعاني منه الكثير من الأمهات، ومساعدتهن على إدراك أن الاهتمام بصحتهن النفسية ليس رفاهية، بل ضرورة لبناء جيل أكثر توازنًا وسعادة.
تقدم المنصة محتوى متنوعًا يشمل نصائح في التربية، جلسات دعم نفسي، ومساحات للنقاش بين الأمهات لمشاركة تجاربهن والتعلم من بعضهن البعض. فلكل أم قصة نفسية، وتقديرها لذاتها هو الخطوة الأولى نحو تربية طفل سعيد ومستقر نفسيًا.
IMG_6414 IMG_6412 IMG_6415 IMG_6420