موقع النيلين:
2024-11-05@18:55:58 GMT

الحرب تتوسع والفجوة تتسع

تاريخ النشر: 11th, February 2024 GMT


توسعت الحرب واتسعت الأزمة وأصبح الإقليم على صفيح ساخن، خرجت الحرب عن حدود غزة، وتجاوزت مساحة الأرض الفلسطينية المحتلة، ولم يعد طرفاها الجيش الإسرائيلي وجماعة حماس، إنما انضمت أطراف أخرى مجاورة وغير مجاورة. الكل يتوعد ويهدد. البعض يقول إن هدفه وقف إطلاق النار في غزة، والبعض يستهدف تأديب «الخارجين» عن إرادته ومحوهم من الوجود، وكأن 130 يوماً من القتل والإبادة والتخريب لا تكفي لتحقيق الهدف وتأكيد «حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها».

توسُّع الحرب يؤكد أن الدبلوماسية في زمن الحروب مهمتها فقط منح بعض المسكنات للرأي العام العالمي أملاً في تخدير إرادته وتخفيف حدة الأذى النفسي الذي يلحق به من مشاهد القتل المجاني للأطفال والتهجير القسري للأسر والتجويع الجماعي لمن تخطئ الطريق إليهم الصواريخ القادمة من كل اتجاه وقاذفات المدفعية الذاهبة إليهم في المنازل والمخابئ، والحصار اللاإنساني لكل كائن حي فوق الأرض المغضوب عليها بسبب تمرد بعض أبنائها على حصار امتد لسنوات والحرمان المتعمد من كل وسائل العيش ومقومات الحياة. دبلوماسية التخدير تريد أن تفقد الإنسان إنسانيته ويصبح كائناً لا تحركه مشاهد انتهاك إنسانية الآخرين، وأن تصبح المشاهد المرعبة القادمة من غزة والمتجولة حول العالم في الفضاء الإلكتروني، مشاهد وهمية في فضاء، يكون وهمياً عندما يريدون ويكون حقيقياً عندما يحمل مضموناً يتوافق مع رؤاهم ويروج لمصالحهم!.

كل الدبلوماسيين حول العالم طالبوا بعدم السماح بتوسع الحرب واتساع دائرة العنف، وتجاوز هذا المطلب حدود الدبلوماسية وكان مادةً للتصريح لدى الكثير من وزراء الدفاع وقادة الحروب ومُنظّري الإعلام العالمي، وأصبح هو المطلب الذي يتسيّد المؤتمرات والاجتماعات واللقاءات ومساحات الإعلام التقليدي والحديث، ولكن الواقع مختلف، جماعات مسلحة وميليشيات تسعى للانتقام من إسرائيل وأمريكا في البحر الأحمر وفي قواعد عسكرية أمريكية بالمنطقة، وفي المقابل يأتي الرد مضاعفاً من أمريكا وحلفائها، والنتيجة الحرب تتوسع والفجوة تتسع، ودوائر الفعل ورد الفعل تتواصل حتى تظل النار مشتعلة، لا بل يمكن أن يزيدها اشتعالاً ويمددها إلى مناطق جديدة.

المتابع للتصريحات الأمريكية منذ السابع من أكتوبر الماضي يجدها تركز على جزئيتين، أولهما هو «حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها» وهو المبدأ الذي دافعت عنه واشنطن رئاسياً ودبلوماسياً وعسكرياً واقتصادياً، دعم بالمال والسلاح، و«فيتو» جاهز في مجلس الأمن للتصدي لأي مطالب دولية لوقف الحرب، ودبلوماسية تشكّك في كل من يحاول دفع إسرائيل لوقف الحرب حتى ولو كان ذلك عَبر القانون الدولي وعبر محكمة العدل الدولية؛ أما الجزئية الثانية فهي العمل على عدم توسع نطاق الحرب وامتدادها إلى دول أخرى في المنطقة، وهو الأمر الذي بذلت لأجله الولايات المتحدة الكثير من الجهد الدبلوماسي عبر السعي لعدم دخول أية أطراف خارجية على خط الصراع، والجهد العسكري بالتهديد والوعيد لكل من يفكر في هذا الأمر، والإعلان الصريح أنها هي التي ستتصدى لكل من يطلق قذيفة تستهدف مصالح إسرائيل أو مصالح واشنطن.

من حق الولايات المتحدة الدفاع عن مصالحها في المنطقة، ولكن من واجبها أيضاً أن تراعي مصالح دول المنطقة التي تأثرت سلباً جراء هذه الحرب، ومن واجبها أن تدرك أن السبيل الأوحد لحل هذه الأزمة الممتدة للشهر الخامس هو وقف الحرب على قطاع غزة والسماح بإدخال المساعدات الإنسانية من دون قيود.

أنتوني بلينكن وزير الخارجية الأمريكي زار المنطقة خمس مرات منذ السابع من أكتوبر، ناهيك عن زيارات الرئيس جو بايدن ووزير الدفاع لويد أوستن قبل مرضه ومستشار الأمن القومي جيك سوليفان، والعنوان الرئيسي لمعظم الزيارات في البداية هو منع توسّع الحرب ودعم إسرائيل، ومؤخراً أصبح العنوان السعي لهُدن إنسانية تضمن الإفراج عن المختطفين وإدخال المساعدات، وقد نجحت أمريكا في تحقيق هدف دعم إسرائيل بامتياز، حتى ولو كان ذلك على غير رغبة قطاع لا يستهان به من الأمريكيين، ولكنها أيضاً فشلت بامتياز في عدم توسيع الحرب، بل وأصبحت طرفاً أصيلاً فيها، وأصبحت قواعدها ومصالحها في المنطقة هدفاً لميليشيات مسلحة في أكثر من دولة، كما فشلت بامتياز في فرض الحد من استهداف إسرائيل للمدنيين الذي طالبتها به مراراً، كما فشلت بامتياز في فرض أي هدن على إسرائيل، بل وأصبحت واشنطن هدفاً لليمين الإسرائيلي المتطرف الذي تجاوز وزراءه على الرئيس الأمريكي شخصياً، وسيزداد الهجوم على واشنطن وقد لا تفيق لحقيقة أن إسرائيل، الابن المدلل الذي اعتاد أن يأخذ بلا مقابل، واعتاد عدم الاستماع إلى «والديه»، لا بد أن ينقلب عليهما يوماً ويسقيهما من الكأس المر، إلا بعد فوات الأوان.

دائرة العنف في المنطقة تتسع يوماً بعد يوم، والضربات الأمريكية على أهداف في أكثر من دولة لن توقف استهداف مصالحها، وأمريكا تعي ذلك، وتدرك قبل غيرها أن القضاء على العنف لن يتحقق سوى بوقف الحرب، ولكن يبدو أن الابن المدلل خرج عن السيطرة ولا يريد وقفاً للحرب إلا بعد إحراق المنطقة وإشعال العالم.

محمود حسونة – جريدة الخليج

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: فی المنطقة

إقرأ أيضاً:

واشنطن توجه رسالة للخامنئي

بغداد اليوم- متابعة

أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية، اليوم الإثنين، (4 تشرين الثاني 2024)، عن رسالتها للمرشد الأعلى في ايران علي الخامنئي بشأن رد بلاده المتوقع على إسرائيل.

وقالت الخارجية الأمريكية، أن على خامنئي "عدم التصعيد وأننا سندعم إسرائيل في دفاعها عن نفسها".

وكانت إيران قد توعدت أمس الأحد ما سمتها "جبهة الشر" برد قاس على الهجوم الإسرائيلي الأخير عليها، في حين دعا وزير إسرائيلي إلى ضربة استباقية تشمل استهداف المنشآت النووية الإيرانية.

وقال قائد الحرس الثوري الإيراني حسين سلامي إن المقاومة في المنطقة لديها اليد العليا، وإن طهران والمقاومة ستجهزان أنفسهما بكل ما هو ضروري لمواجهة العدو.

وأضاف" سنلحق الهزيمة بالعدو وسيتم إثبات هذا الأمر في الساحات وسننفذ كل ما نقوله".

وحذر سلامي إسرائيل والولايات المتحدة من أن المقاومة الإسلامية في المنطقة ستوجه ردا قاسيا لما سماها جبهة الشر".

من جهته، قال المرشد الإيراني علي خامنئي أول أمس السبت في منشور بالعبرية على منصة "إكس" إن "أمريكا والكيان الصهيوني سيتلقيان ردا قاصما على ما يفعلانه ضد إيران وجبهة المقاومة".

وفي 26 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، قصفت عشرات الطائرات الإسرائيلية أهدافا ومواقع في إيران في ما قالت إسرائيل إنه رد على هجوم صاروخي إيراني استهدفها في الأول من الشهر نفسه.


مقالات مشابهة

  • محلل فلسطيني: الانتخابات الأمريكية لن تغير واقع المنطقة.. وأي إدارة ستدعم إسرائيل
  • مسؤولون أميركيون يحذرون.. حرب لبنان قد تفجّر المنطقة!
  • بين هاريس وترامب.. من الرئيس الذي يتمناه نتنياهو؟
  • انتخابات أمريكا.. الشرطة تعزز وجودها في واشنطن تأهبا لأعمال العنف
  • واشنطن توجه رسالة للخامنئي
  • مراسل «القاهرة الإخبارية»: شمال غزة يتعرض لكل أشكال العنف الإسرائيلي
  • حينما تسعى إسرائيل وأمريكا وبعض حكومات المنطقة لتعويض خسائرها في الحرب بالسياسة
  • الحزب الشيوعي السوداني يصدر بيانًا بشأن أحداث لندن  
  • هل يوشك الصراع على الاشتعال؟ إيران تهدد بشن هجمات على إسرائيل وأمريكا قبيل الانتخابات الرئاسية
  • حقبة جديدة من الحرب .. إسرائيل تستعد لتشغيل الشعاع الحديدي