الأحد, 11 فبراير 2024 12:15 م

المركز الخبري الوطني/خاص

تشهد العلاقة الامريكية الاسرائيلية توتراً غير مسبوق، منذ مغادرة الرئيس الاميركي الأسبق باراك أوباما، ومجيء الرئيسين : دونالد ترامب، وجو بايدن. إذا يعد العقد الحالي في عهد الرئيسين الأخيرين، عهد انتعاش الدبلوماسية بين واشنطن وتل أبيب. لكن المواقف حيال نهاية الحرب على غزة، جعلت من العلاقة بينهما تدخل في خانة الشدِ والعنادِ والتوتر.

علماً أن الولايات المتحدة الاميركية كانت داعمةً وشريكةً حقيقيةً في رفد كل ما تحتاجه إسرائيل في معركتها القائمة ضد حركة حماس ومدينة غزة الفلسطينية.

ومن أبرز المواقف التي تؤشر إلى عمق التوتر الحالي، هو تجاهل رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو، للمطالب الاميركية التي حملها إليه وزير الخارجية الاميركي انتوني بلينكن، والتي تطالب بوقف زحف القوات الاسرائيلية صوب رفح جنوب قطاع غزة، وضرورة إيجاد حل للقضية الفلسطينية – الاسرائيلية، سبقها وقفٌ لإطلاق النار.

ويمر الرئيس الامريكي جو بايدن، بحالة من التعقيد السياسي أثرت بشكلٍ ملحوظ على حملتهِ الانتخابية. وليس أمام بايدن سوى تسعة أشهر للخلاص من التعقيدات التي يواجهها على الصعيدين المحلي والدولي.

وتنشغل إدارة الرئيس المسن، على جبهات مختلفة: من المفاوضات في الكونجرس إلى التوصل إلى اتفاق بشأن الهجرة وتأمين الحدود مع المكسيك، حيث يتم مستقبل المساعدة العسكرية لأوكرانيا؛ وصولاً إلى التوترات الشديدة في الشرق الأوسط، الناجمة عن الحرب في قطاع غزة والهجمات المستمرة التي تشنها جماعة الحوثي اليمنية ضد السفن العسكرية والتجارية في البحر الأحمر.

ويضاف إلى ذلك خطر التصعيد الإقليمي للصراع الدائر بين إسرائيل وحركة حماس الإسلامية الفلسطينية، والذي تفاقم بسبب الاشتباكات المتكررة على الحدود الشمالية بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله اللبناني.

توتر في الداخل الاسرائيلي

وكذلك يواجه رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو، تعقيدات في الداخل الاسرائيلي الذي مازال لم يفق من صدمة عملية “طوفان الأقصى” التي نفذها عناصر حماس الفلسطينية في تشرين الأول الماضي، والتي تعد نكسةً أمنيةً في التاريخ الامني لإسرائيل، وحكومة نتنياهو تحديداً.

وبعد أربعة أشهر من الحرب، بات نتنياهو أمام معادلة صعبة ومعقدة. أبرزها: ضغوط داخلية لم تتوقف من اليمين المتطرف، شريكه في الحكومة، وضغوط خارجية تشتد عليه يوماً بعد آخر لقبول تفاهمات دولية قد توقف الحرب ولو مؤقتاً. وما بين الخارج والداخل يبدو مصير نتنياهو معلقاً ما بين الخيارين، في ظل أهداف وضعها في بداية تشرين الأول، بات تحقيقها صعباً للغاية، وأهمها القضاء على حماس والإفراج عن الرهان.

ووصل حجم الضغط على نتنياهو بالتهديد بإسقاط حكومته في حال وافقت على أي صفقة مع حماس، وهو ابتزاز وضع نتنياهو في موقف محرج، قد يدفعه إلى الاستمرار في الحرب مهما زاد الثمن من أجل البقاء في الحُكم وتحقيق مصالحه السياسية.

وبينما تمر الحرب بشهرها الرابع، لا تزال سلسلة الخلافات مستمرة بين رئيس الوزراء الإسرائيلي، وقادة الجيش، وبالأخص وزير الدفاع يوآف غالانت، لتظهر آخر فصولها في منع لقاء للأخير مع رئيسي الموساد والشاباك.

ويعتقد مراقبون ومتخصصون في الشؤون الإسرائيلية، أن الخلافات بين نتنياهو وقادة الجيش ليست وليدة الحرب، لكن هجمات 7 تشرين الأول، عمقتها بعد تحميل رئيس الحكومة للمؤسسات الأمنية مسؤولية ما جرى، فضلًا عن تدخله في منع الكثير من الاجتماعات المشتركة بين قادة الأجهزة الأمنية، وتنفيذ بعض السياسات التي أثارت غضبهم.

تحذير أميركي لنتنياهو

من جهةٍ أخرى، صعدت الإدارة الامريكية من نقدها تجاه السلطة الاسرائيلية التي لطالما حظيت بدعم أميركي نوعي. وفي آخر تصريح له، أعلن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، أنه حذر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وحكومته من أفعال تؤجج التوترات.

وقال بلينكن للصحافيين: “في محادثاتي اليوم مع رئيس الوزراء وكبار المسؤولين، أثرت أيضاً مخاوفنا العميقة بشأن التصرفات والتصريحات، بما في ذلك من المسؤولين الحكوميين، التي تؤجج التوترات التي تقوض الدعم الدولي وتفرض قيوداً أكبر على أمن إسرائيل”.

ودعا بلينكن إسرائيل، إلى إعطاء الأولوية للمدنيين في مدينة رفح، من دون أن يبلغ حد المطالبة بعدم تنفيذ عملية عسكرية في المدينة التي تضيق بمئات آلاف النازحين الفلسطينيين بجنوب قطاع غزة. وقال بلينكن للصحافيين إن أي “عملية عسكرية تقوم بها إسرائيل يجب أن تأخذ المدنيين في الاعتبار، أولاً وقبل كل شيء”.

واعتبر بلينكن أنه لا يزال هناك “مكان لاتفاق” بين إسرائيل وحركة “حماس”. وقال: “هناك أمور من الواضح أنها غير مقبولة في رد (حماس). نعتقد أن ذلك يفسح مكاناً للتوصل إلى اتفاق، ونحن نعمل على ذلك من دون كلل حتى التوصل إليه”.

قال نتنياهو، في وقت سابق اليوم، إن النصر الكامل في غزة أصبح في المتناول، ورفض أحدث عرض من “حماس” لوقف إطلاق النار لضمان عودة الرهائن الذين ما زالوا محتجزين في قطاع غزة؛ وفق وكالة “رويترز” للأنباء.

محاولة لعبور الانتخابات

من جهتهِ يحاول الرئيس الاميركي جو بايدن، إنهاء وتيرة الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة في أقرب وقتٍ ممكن. وذلك من أجل التفرّغ العملي للانتخابات الاميركية القادمة، ومحاولة منه لكسب أصوات الجالية العربية والإسلامية الكبيرة في الولايات المتحدة الاميركية.

وأغاضت مواقف بايدن الداعمة لشن إسرائيل الحرب على قطاع غزة، الجالية العربية والإسلامية في أميركا، مما جعله يتراجع في الآونة الأخيرة، من أجل دحر خصمه الجمهوري دونالد ترامب الذي أخذ يطعن بسياسات منافسه القاطن في البيت الأبيض.

وكشف تقرير نشرته صحيفة “بوليتيكو”، أن الدعم النشط لإسرائيل سيكلف الرئيس الأمريكي جو بايدن أصوات الأمريكيين العرب والناخبين المسلمين في الانتخابات الرئاسية المقبلة عام 2024.

ونقلت الصحيفة عن قادة الجاليات الإسلامية والعربية أن “الكثيرين في هذه الجاليات في الولايات المتحدة يعتقدون أن الرئيس ومساعديه كانوا متهورين في خطابهم، خاصة في وقت مبكر، وهم يكثفون تحذيراتهم بشكل متزايد، ويقولون لفريق بايدن إن الإحباط بين الأمريكيين العرب والمسلمين يمكن أن يضر بسباقه الرئاسي العام المقبل”.

وقال المسؤول السابق في وزارة الخارجية ورئيس منظمة حقوق الإنسان الإسلامية وائل الزيات، للصحيفة إن ممثلي منظمته اتصلوا بفريق بايدن مباشرة للتعبير عن مخاوفهم بشأن الارتباط بين تصرفات الرئيس بشأن قضية تصعيد الصراع الفلسطيني الإسرائيلي والانتخابات المقبلة.

وأشارت الصحيفة إلى أن الغالبية العظمى من العرب والمسلمين صوتوا لصالح بايدن في انتخابات عام 2020، وعلى الرغم من أنهم يشكلون نسبة صغيرة نسبياً من الناخبين، إلا أن دعمهم قد يكون أساسياً في بعض الولايات مثل ميشيغان وبنسلفانيا.

وفي الوقت نفسه، أكد التقرير أن ممثلي المجتمعات الإسلامية لا يريدون التصويت للرئيس السابق دونالد ترامب، الذي يحمل وجهات نظر معادية للإسلام، فهم ببساطة قد لا يشاركون في الانتخابات أو سيصوتون لمرشحين آخرين.

المصدر: المركز الخبري الوطني

إقرأ أيضاً:

فاينانشيال تايمز: واشنطن تستشعر "فرصة كبيرة" في صفقة المحتجزين بين إسرائيل وحماس

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

ذكرت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية، في عددها الصادر اليوم الجمعة، أن الولايات المتحدة تستشعر حاليًا وترى بأن هناك "فرصة كبيرة" لوضع اللمسات الأخيرة على اتفاق محتمل بين إسرائيل وحركة حماس لوقف الحرب المستمرة منذ تسعة أشهر في قطاع غزة المنكوب وتأمين إطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين.

ونقلت الصحيفة، في سياق مقال رأي كتبته رئيسة تحريرها رولا خلف، عن مسئول رفيع المستوى في الإدارة الأمريكية، قوله: إن ثمة انفراجة محتملة قد تحدث قريبًا، وذلك بعد اتصال هاتفي أجراه أمس الخميس الرئيس الأمريكي جو بايدن لمدة 30 دقيقة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

وقال المسئول - الذي لم تذكر الصحيفة اسمه -: "لقد حققنا انفراجه بشأن مأزق حرج"، لكنه حذر من أن الصفقة "لن يتم التوصل إليها في غضون أيام رغم أن هناك فرصة كبيرة جدًا نحو إتمامها".

من جهتها، أوضحت "فاينانشيال تايمز" أن موجة التفاؤل المفاجئة جاءت بعد أن قدمت حماس ردًا على اقتراح أخير قدمه الوسطاء بشأن إنهاء الأزمة في القطاع رغم أنه كانت هناك فترات سابقة من التفاؤل تبددت بسبب الخلافات بين إسرائيل وحماس حول الشروط الأساسية.

وأضافت الصحيفة أن الوسطاء في الأزمة وعلى رأسهم مصر والولايات المتحدة وقطر يسعون منذ أشهر إلى التفاوض على اتفاق بين الأطراف المتحاربة من شأنه أن يؤدي إلى اتفاق من ثلاث مراحل، يبدأ بوقف مبدئي للأعمال العدائية في غزة لمدة ستة أسابيع وإطلاق سراح النساء، بما في ذلك النساء الإسرائيليات وجنود وشيوخ وجرحى محتجزون في القطاع المحاصر. وسيعقب ذلك ما يأمل الوسطاء في أن يكون وقفًا ممتدًا لإطلاق النار، أي إنهاء الحرب فعليًا، وسيتم خلالها إطلاق سراح المحتجزين المتبقين.

وبموجب أي مقترح محتمل، ستطلق إسرائيل سراح السجناء الفلسطينيين مقابل المحتجزين وتسمح بدخول المزيد من المساعدات إلى القطاع ولسكان غزة النازحين بالعودة إلى منازلهم في جميع أنحاء القطاع، بما في ذلك الشمال. وتعتقد الولايات المتحدة والوسطاء الآخرون أن صفقة المحتجزين هي الطريقة الأكثر واقعية لإنهاء الحرب وتهدئة التوترات الإقليمية، خاصة الاشتباكات شبه اليومية عبر الحدود بين إسرائيل وحزب الله، الحركة المسلحة اللبنانية المدعومة من إيران.

وأشارت الصحيفة إلى أن آخر مرة اعتقد فيها الوسطاء أنهم كانوا على وشك التوصل إلى اتفاق في شهر مايو الماضي شهدت عراقيل عديدة أدت إلى توقفها بسبب خلافات حول التفاصيل؛ حيث أصرت حماس على أن أي اتفاق يجب أن يتضمن ضمانات بأن الترتيب سينتهي بوقف دائم لإطلاق النار وسحب إسرائيل لقواتها من غزة.

فمن جانبه، رفض نتنياهو مرارًا وتكرارًا فكرة أن صفقة الرهائن وحدها ستنهي الحرب وواصل هجومه على مدينة رفح بجنوب القطاع، حيث تضم أكثر من مليون نازح، على الرغم من معارضة الولايات المتحدة وحلفاء إسرائيل الغربيين الآخرين. ويواجه نتنياهو أيضًا ضغوطًا من حلفائه اليمينيين المتطرفين، الذين يلعبون دورًا حاسمًا في بقاء ائتلافه الحاكم، لعدم إنهاء الهجوم في غزة أو تقديم تنازلات لحماس.

مع ذلك، قال مسئولون عسكريون إسرائيليون علنًا إن الاتفاق مع حماس هو أفضل وسيلة لضمان العودة الآمنة للمحتجزين المتبقين، الذين يعتقد أن عددهم حوالي 120، وبعضهم مات. وشككوا أيضًا في تعهد نتنياهو بالقضاء على حماس، قائلين إنه من المستحيل تدمير الجماعة، مشيرين إلى أيديولوجيتها المتشددة وجذورها في المجتمع الفلسطيني. لكن مسئولًا إسرائيليًا كرر، في تصريح خاص للصحيفة، أن الصراع لن ينتهي إلا بعد تحقيق أهداف الحرب الإسرائيلية والتي تشمل تحرير المحتجزين وتدمير حماس.

وتابع المسئول الأمريكي - تعليقًا على الأمر - أن هذه المرحلة من المحادثات "تبدو مشابهة" لـ "اللعبة النهائية" للعملية التي أدت إلى وقف الأعمال العدائية لمدة أسبوع في نوفمبر الماضي.

مقالات مشابهة

  • فاينانشيال تايمز: واشنطن تستشعر "فرصة كبيرة" في صفقة المحتجزين بين إسرائيل وحماس
  • البيت الأبيض من المرجح أن يلتقي بايدن نتنياهو عندما يزور واشنطن
  • تهديد بن غفير يضع اتفاق غزة على المحك.. ماذا قال لنتنياهو؟
  • جولة مفاوضات جديدة بين إسرائيل وحماس.. ما التوقعات بشأنها؟
  • بايدن يرحب بقرار نتنياهو السماح للمفاوضين بالتواصل مع وسطاء مصر وقطر وأمريكا لوقف إطلاق النار
  • باحث سياسي: نتنياهو يريد المحتجزين دون إبرام صفقة تبادل
  • لماذا أعلنت واشنطن لاءاتها بشأن ترتيبات ما بعد حرب غزة وما مدى واقعيتها؟
  • مسؤول أمني إسرائيلي: حماس تصر على وجود بند يمنع تل أبيب من القتال بعد تنفيذ المرحلة الأولى من الصفقة
  • 12 مسؤولاً أمريكياً استقالوا بسبب غزة يتهمون واشنطن بالتواطؤ في قتل الفلسطينيين
  • من يجبر نتنياهو على وقف الحرب؟