وكالة الطاقة: كيف تستغل أميركا هجمات الحوثيين بالبحر الأحمر لمحاصرة الصين؟
تاريخ النشر: 11th, February 2024 GMT
على الرغم من تزايد هجمات الحوثيين مؤخرًا في البحر الأحمر ضد السفن المتجهة من -وإلى- إسرائيل، فإن تأثير هذه الضربات يعدّ محدودًا مقارنة بالأثر الذي يخلّفه التدخل العسكري البحري الأميركي والبريطاني في المنطقة.
ويرى مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، أن تأثير الحوثيين من البداية كان محدودًا، ولكن ما عظَّم الأمر وجعله كبيرًا هو التدخل الأميركي البريطاني ردًا على هذه الجماعة.
جاء ذلك خلال حلقة من برنامج "أنسيات الطاقة"، قدّمها الدكتور أنس الحجي في منصة "إكس" (تويتر سابقًا)، بعنوان "آثار هجمات الحوثيين بالسفن وردة الفعل الأميركية في أسواق النفط والطاقة".
ولفت الحجي إلى أن التدخل الأميركي البريطاني لا يمكن بأي ّشكل من الأشكال أن يكون بسبب هجمات الحوثيين، والسبب أن هناك قوّات كافية في المنطقة لضرب جماعة الحوثي في اليمن، ومنعها من استهداف السفن في البحر الأحمر.
تطورات في البحر الأحمر
قال مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة الدكتور أنس الحجي، إن العامين الماضيين شهدا تطورات كبيرة في البحر الأحمر، جعلته أهم منطقة في العالم.
وأرجع ذلك إلى أن العقوبات المفروضة من الدول مجموعة الـ7 وأوروبا، حولت النفط الروسي من أوروبا إلى آسيا، وهذا النفط بدأ يأتي عبر قناة السويس جنوبًا، من خلال البحر الأحمر، ثم مضيق باب المندب، وبعدها خليج عدن، ثم المحيط الهندي، ثم إلى آسيا.
وأضاف: "هذه الكميات زادت بشكل كبير خلال العامين الماضيين عدّة أضعاف، فزاد عدد شحنات النفط المارة في المنطقة، والآن أوروبا تواجه عجزًا في النفط، فعوّضت دول الخليج ذلك بتحويل شحنات من آسيا إلى أوروبا".
وأوضح الدكتور أنس الحجي أن هذه الخطوة أدت إلى زيادة عدد ناقلات النفط الذاهبة إلى أوروبا، ومن ثم زاد النشاط بشكل كبير في البحر الأحمر، وهذا بالنسبة للنفط، ولكن -أيضًا- هناك نقص في الغاز، بسبب تحويل الروس الغاز إلى الصين وغيرها، فحولت قطر وبعض الدول الأخرى شحناتها إلى أوروبا.
ومن ثم، بحسب الحجي، زادت شحنات الغاز المسال في البحر الأحمر، وفي الوقت نفسه زاد إنتاج النفط الأميركي بشكل كبير، وزادت صادرات الولايات المتحدة بشكل كبير منها إلى آسيا، وهذه الشحنات تذهب عبر البحر الأحمر.
بالإضافة إلى ذلك، زاد إنتاج الغاز المسال الأميركي، وبعض هذه الشحنات يذهب عبر البحر الأحمر، بالتزامن مع نمو إنتاج السيارات الكهربائية في الصين بشكل كبير، وبدأت الصين تصدّر السيارات الكهربائية، ما أدى إلى زيادة متطلبات الصين من المعادن من أفريقيا تحديدًا، وبعض دول أميركا اللاتينية التي تحتاج إليها للبطاريات، وهذه تأتي عبر البحر الأحمر.
وبالتزامن مع الانتعاش الذي حصل بعد إنهاء الاغلاقات بسبب كورونا، زادت صادرات الصين من الألواح الشمسية، خاصة إلى أوروبا، كما زادت شحنات قطع الغيار ومعدّات طاقة الرياح، وهذا كله مرَّ من خلال البحر الأحمر.
ولهذا السبب، بحسب الحجي، أصبح البحر الأحمر أهم منطقة في العالم، بينما زاد الحديث خلال العامين الماضيين عن احتمالات احتلال الصين لتايوان، أو إعادة ضم تايوان للصين، وهو ما يواجهه اهتمام أميركي تاريخيًا، وكان التفكير السياسي أن مضيق ملقا هو المستهدف، ومن ثم إذا سيطرت الولايات المتحدة مع حلفاء أوروبيين على المضيق، يستطيعون خنق الصين.
ولكن في الوقت نفسه، وجودهم في مضيق ملقا يعني وجودهم في مرمى النيران الصينية، ثم اكتشفوا أن السيطرة على البحر الأحمر تعني خنق الصين، ومن ثم أصبح يمثّل أهمية كبيرة للأميركيين والبريطانيين، والسيطرة عليهم مهمة، بعضّ النظر عمّا يحدث في المنطقة.
لذلك، تحركت البوارج بعد أحداث غزة، رغم التساؤلات حول سبب تدخّل أميركا ببوارج ضخمة عليها 70 أو 80 طائرة من أحدث الطائرات في العالم، في منطقة محدودة جدًا، ردًا على هجمات الحوثيين، وهم مقاتلون بأسلحة بدائية "من المنظور الأميركي"، ليتضح أن السيطرة على البحر الأحمر من قناة السويس، ومن جنوب خليج عدن، أمر مهم لهذه القوى العظمى.
خطأ في الحسابات الأميركية
قال خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، إنّ تحرُّك البوارج الأميركية والبريطانية، بزعم الردّ على هجمات الحوثيين في البحر الأحمر، كان يحتوي على نوع من الخطأ في الحسابات، لما نتج عنه من ارتفاع كبير في تكاليف الشحن وتكاليف التأمين وزمن وصول الشحنات، إذ من الواضح أنّ هذا لم يكن في حسبانهم.
وفسّر ذلك بأن الولايات المتحدة منذ أكثر من عامين تحاول خفض معدلات التضخم، وكل ما يحصل الآن تضخمي، بينما الانتخابات الرئاسية الأميركية على الأبواب، وهي انتخابات مهمة للرئيس جو بايدن، فهو لا يمكنه خوضها في حين كون معدلات التضخم عالية، وأسعار البنزين مرتفعة، وجيوشه في كل مكان تخوض معارك.
وأضاف الدكتور أنس الحجي: "إذا خاض الرئيس جو بايدن الانتخابات الرئاسية الأميركية، وكان منافسه فيها هو الرئيس السابق دونالد ترمب، فإن الأخير سيستغل هذه الفرصة، ويركّز على فكرة ضرورة عودة الجيوش، وعودة القوات".
وبالنسبة إلى التأمين وتكاليف الشحن، نرى أن تكاليف حاوية "40 قدمًا" قادمة من الشرق الأقصى -والمقصود هنا الصين واليابان- إلى البحر المتوسط، بلغت خلال شهر يناير/كانون الثاني الماضي نحو 6050 دولارًا، ما يعني أن الأمور بلغت ذروتها، ويبدو أن الارتفاع توقّف.
ولكن، وفق الحجي، المشكلة في أنها كانت قبل الأحداث تتراوح بين 1700 و1800 دولار، لذلك قد تكون تكاليف الشحن بلغت ذروتها، ولكنها عالية جدًا بكل المقاييس، وهي ناتجة بالطبع عمّا يحدث في البحر الأحمر، إذ يتحول كثير من الشحنات أو السفن أو ناقلات النفط والغاز وغيرها حول أفريقيا.
وأشار إلى أن مقدار قيمة التجارة التي تحولت منذ بداية الأحداث وهجمات الحوثيين وتدخّل أميركا وبريطانيا، من البحر الأحمر إلى رأس الرجاء الصالح، بلغ أكثر من تريليون دولار، هذه التجارة المحولة حول أفريقيا، وهي كلها تكاليف إضافية، فمن الواضح تمامًا أن التأثير تضخمي في هذه الحالة.
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: امريكا الصين البحر الأحمر مليشيا الحوثي اسرائيل فی البحر الأحمر هجمات الحوثیین إلى أوروبا فی المنطقة بشکل کبیر ومن ثم
إقرأ أيضاً:
سوريا تلجأ لوسطاء لاستيراد النفط
قالت مصادر تجارية مطلعة إن سوريا تتجه إلى وسطاء محليين لاستيراد النفط بعد أن فشلت أولى المناقصات التي طرحتها حكومة تصريف الأعمال في جذب اهتمام كبار تجار النفط، وذلك بسبب استمرار العقوبات الدولية والمخاطر المالية.
وأظهرت وثائق رسمية أن الحكومة طرحت مناقصات لاستيراد 4.2 مليون برميل من النفط الخام، بالإضافة إلى 100 ألف طن من زيت الوقود والديزل "في أقرب وقت ممكن".
وذكرت المصادر أن المناقصات، التي أُغلقت يوم الاثنين الماضي، لم تتم ترسيتها بعد، وأن الحكومة تتفاوض حاليا مع شركات محلية لتلبية احتياجاتها النفطية.
أزمة تأمين النفط ومخاطر العقوباتوقد تؤدي صعوبة العثور على موردين كبار إلى تفاقم أزمة الطاقة التي تواجهها السلطات الجديدة في سوريا، لا سيما بعد أن أوقفت إيران، على ما يبدو، عمليات التسليم المنتظمة للنفط التي كانت ترسلها سابقًا إلى البلاد.
ولم يتسنَّ لوكالة رويترز التي أوردت الخبر التأكد من أسماء الشركات المحلية التي قد تتولى تأمين هذه الإمدادات، أو هوية الشركات القادرة على توفير الكميات الكبيرة المطلوبة في المناقصة.
إنتاج النفط في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة لا يتجاوز 10 آلاف برميل يوميا (الجزيرة) تعليق الشرع والموقف الأوروبيوفي تصريح له أمس الخميس، قال الرئيس السوري أحمد الشرع إنه سيعمل على تشكيل حكومة انتقالية شاملة تمثل مختلف فئات المجتمع، وتركز على بناء المؤسسات وإدارة البلاد حتى إجراء انتخابات حرة ونزيهة.
إعلانوفي ظل هذه التحولات، لم تشارك كبرى شركات تجارة النفط في المناقصات، وهو ما عزته مصادر مطلعة إلى العقوبات والمخاطر المالية المحيطة بالتعامل مع سوريا.
وقال أحد تجار النفط "لم يتضح بعد ما إذا كان الاتحاد الأوروبي سيرفع العقوبات، إضافة إلى المشكلات المصرفية الأوسع التي تزيد الأمر تعقيدًا."
وكان الاتحاد الأوروبي قد أعلن الاثنين الماضي عن موافقته على خارطة طريق لتخفيف العقوبات على سوريا بهدف تسريع عملية التعافي الاقتصادي، لكنه شدد على أن نهجه سيكون تدريجيا ويمكن العدول عنه إذا لم يتم اتخاذ الخطوات الصحيحة.
شروط الدفع تعرقل المشاركة في المناقصاتوأشارت المصادر إلى أن شروط الدفع التي وضعتها الحكومة السورية كانت من العوامل التي أحجمت البائعين المحتملين عن المشاركة.
ومن بين هذه الشروط:
البيع بائتمان مفتوح مع تأجيل السداد. تقديم سند أداء بقيمة تتراوح بين 200 ألف إلى 500 ألف دولار لبنك سوري كضمان لتسليم النفط، وهو شرط قال تجار إنه غير معتاد في مثل هذه الصفقات. تدهور قطاع الطاقة وتحديات تأمين الإمداداتوعانت البنية التحتية لقطاع الطاقة السوري من دمار واسع جراء الحرب المستمرة منذ 13 عامًا، مما يضع الحكومة الجديدة أمام تحديات كبيرة لاستعادة أمن الطاقة وتأمين الإمدادات اللازمة لتشغيل البلاد.
البنية التحتية لقطاع الطاقة السوري عانت من دمار واسع جراء الحرب المستمرة منذ 13 عامًا (الجزيرة)وفي تصريحات إعلامية سابقة كشف وزير النفط السوري غياث دياب أن إنتاج النفط في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة لا يتجاوز 10 آلاف برميل يوميا، مقارنة بنحو 383 ألف برميل يوميا قبل فرض العقوبات الدولية عام 2011.
وأضاف وزير النفط أن بعض احتياجات الوقود يتم تلبيتها عبر الإنتاج المحلي من مصفاتين في سوريا، لكنه لم يحدد قدرات الإنتاج الفعلية لهاتين المنشأتين.
مناقصات الغازوإلى جانب النفط، طرحت سوريا مناقصة أخرى لاستيراد 20 ألف طن من غاز البترول المسال، والتي أغلقت في 20 يناير/ كانون الثاني 2024.
إعلانإلا أنه لم تتأكد نتيجة هذه المناقصة، وسط غموض يحيط بقدرة الحكومة السورية على تأمين موردين دوليين بسبب العقوبات واستمرار حالة عدم اليقين الاقتصادي.