الجزيرة:
2024-11-26@06:09:54 GMT

زيارة بوتين المنتظرة لتركيا وإشكالية الموعد

تاريخ النشر: 11th, February 2024 GMT

زيارة بوتين المنتظرة لتركيا وإشكالية الموعد

كانت تركيا تتوقع أن يُجري الرئيس الروسي فلاديمير بوتين زيارته المنتظرة إليها في 12 فبراير/ شباط، لكنّ مسؤولين أتراكًا أبلغوا وكالة "تاس" الروسية مؤخرًا أن الزيارة أُجّلت إلى موعد آخر.

وبسبب أن المواعيد السابقة الأخرى، التي حدّدتها أنقرة للزيارة، كان مصيرها مشابهًا لمصير موعد 12 فبراير/ شباط، فإن التأجيل المتكرر أصبح معتادًا في المشهد المحيط بالزيارة، لكنّه يُثير نقاشًا حول إشكالية الموعد بقدر موازٍ للزيارة نفسها.

في أبريل/ نيسان الماضي، توقع الرئيس رجب طيب أردوغان أن يقوم بوتين بزيارة تركيا للمشاركة في حفل افتتاح محطة "أكويو" النووية في نهاية الشهر نفسه، لكنّ الأخير شارك في الحفل عبر الفيديو.

مع بداية فبراير/ شباط الجاري، ذكرت وسائل إعلام روسية أن البنوك التركية بدأت في إغلاق حسابات للشركات الروسية بعد فرض الولايات المتحدة عقوبات إضافية على البنوك الأجنبية التي تزعم واشنطن أنها تُشارك في معاملات التوريد الصناعي العسكري الروسي

وفي أغسطس/ آب الماضي، توقع أردوغان مرة أخرى أن تُجرى الزيارة في الشهر نفسه، لكنها لم تُجر أيضًا. ولم يسبق في تاريخ العلاقات التركية – الروسية، منذ أن بدأت تتنامى بشكل وثيق خلال السنوات الأخيرة، أن يستغرق الغموض بشأن تحديد موعد زيارات الرئيسين لبعضهما بعضًا هذا الوقت الطويل.

بادئ ذي بدء، هناك إشكاليتان غير مفهومتين بشأن موعد الزيارة؛ الأولى: أن تركيا كانت المبادرة دائمًا إلى تحديد المواعيد من دون أن يكون هناك تأكيد روسي لها. والثانية: أن روسيا لم تنفِ في كل مرة نية بوتين القيام بالزيارة، وكانت تتحدث باستمرار عن القضايا التي سيتم تناولها دون تحديد الموعد. وهاتان الإشكاليتان يصعب تفسيرهما بوضوح في علاقات بين بلدين تشهد منذ سنوات زخمًا قويًا.

في حين أن عدم حصول الزيارة في أبريل/ نيسان الماضي يُمكن إرجاعه وقتها إلى تريث بوتين لنتائج الانتخابات الرئاسية التركية التي جرت في مايو/ أيار الماضي؛ لمعرفة ما إذا كان أردوغان سيبقى في السلطة، إلا أن عدم إجرائها أيضًا في الموعد الثاني بعد الانتخابات، وهو أغسطس/ آب الماضي، وأيضًا في الموعد الأخير في 12 فبراير/ شباط، يُثير تساؤلات حول ما إذا كانت هناك خلافات بين البلدين تحول دون الاتفاق على موعد للزيارة.

وما عزز مشروعية هذه التساؤلات أنه في الموعد الأخير المُلغى للزيارة، لم يقتصر تحديده من جانب أنقرة فحسب، بل أشار إليه بوتين أيضًا عندما تحدث في مؤتمره الصحفي السنوي بمناسبة نهاية العام الماضي بأنه سيزور تركيا بداية العام الجديد. وفُهم من حديثه وقتها على أن الزيارة ستتم في الشهر الأول من العام الجديد، أو الشهر الثاني على أبعد تقدير.

مع أن أنقرة وموسكو لم تُظهرا صراحة وجود أي خلافات محتملة تحول حتى الآن دون الاتفاق على موعد للزيارة، إلا أن سرد بعض التطورات البارزة على صعيد العلاقات التركية – الروسية منذ أول موعد حدده أردوغان للزيارة، قد يُساعد في تفسير الغموض بشأن موعدها.

قبل شهر تقريبًا من الموعد الثاني المُلغى في أغسطس/ آب الماضي، أثار سماح تركيا لخمسة من قادة أزوف الأوكرانية بالعودة إلى بلدهم بصحبة الرئيس الأوكرانيّ فولوديمير زيلينسكي، الذي زار تركيا في يوليو/ تموز الماضي، احتجاجَ موسكو التي اتهمت أنقرة بعدم الالتزام بالاتفاق الذي سمح بمغادرة قادة أزوف الأراضي الأوكرانية إلى تركيا والبقاء فيها إلى حين انتهاء الحرب.

مع بداية فبراير/ شباط الجاري، ذكرت وسائل إعلام روسية أن البنوك التركية بدأت في إغلاق حسابات للشركات الروسية بعد فرض الولايات المتحدة عقوبات إضافية على البنوك الأجنبية التي تزعم واشنطن أنها تُشارك في معاملات التوريد الصناعي العسكري الروسي. ومع أن تركيا لم تؤكد صراحة هذه التقارير إلا أن متحدثًا باسم الكرملين قال؛ إن موسكو تبحث مع أنقرة، معالجةَ هذه القضية.

وفي شهر يناير/ كانون الثاني الماضي، وقعت تركيا مذكرة مع رومانيا وبلغاريا للتعاون في مجال مكافحة الألغام البحرية في منطقة البحر الأسود، وهي خطوة وإن لم تُعلق موسكو عليها، إلا أنها تندرج في إطار مساعي تركيا للتعاون بشكل أوثق مع الدول المُطلة على حوض البحر الأسود، والتي تنظر إلى السياسات الروسية في البحر الأسود على أنها تُهدد التوازن الجيوسياسي في هذه المنطقة. وفي يناير/ كانون الثاني أيضًا، صادقت تركيا على عضوية السويد في حلف شمال الأطلسي الناتو.

إنّ استمرار العلاقات التركية – الروسية في حقبة ما بعد الحرب الروسية على أوكرانيا، وتنامي التجارة بين البلدين منذ تلك الفترة، لم يُخفيا بطبيعة الحال حقيقة أن هذا الاستقرار يواجه تحديات إضافية؛ بسبب العلاقة الوثيقة لأنقرة مع أوكرانيا وإبداء دعمها لانضمام كييف إلى الناتو، والتعاون التركي المتزايد مع دول حوض البحر الأسود الأخرى، وشروع تركيا في تحسين علاقاتها مع الغرب.

لا يزال من غير الواضح ما إذا كان الموعد الجديد المحتمل لإتمام الزيارة وهو نهاية أبريل/ نيسان المقبل أو بداية مايو/ أيار المقبل، سيضع نهاية لهذا الغموض المحيط بالزيارة، لكن المؤكد أن الظروف لإجراء الزيارة لم تنضج بشكل كامل بعد، وأن هذه الظروف لا تتعلق باختيار الموعد المناسب، بقدر ما أنها تتعلق بتوفير بيئة مناسبة في العلاقات التركية – الروسية تُساعد في إتمامها.

لقد أضحى الاتفاق على موعد الزيارة مهمًا بنفس قدر أهمية الزيارة نفسها وربما يفوقها. وما يُمكن استخلاصه من الاندفاعة التركية المستمرة في تحديد مواعيد متكررة للزيارة، ومن التأكيد الروسي المستمر على أن الزيارة ستُجرى هو أن البلدين يهدفان إلى أن تُشكل الزيارة المنتظرة نقطة تحول جديدة في مسار العلاقات التركية – الروسية.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: العلاقات الترکیة البحر الأسود أنها ت إلا أن

إقرأ أيضاً:

قراءة في أبعاد ودلالات الزيارة السلطانية

لا يمكن قراءة الزيارة السامية لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- أمس إلى مدرسة السلطان فيصل بن تركي للبنين بولاية العامرات بمحافظة مسقط في معزل عن مشروع بناء الدولة الذي ينتهجه جلالته، أعزه الله، والذي يأتي التعليم في أولى أولوياته باعتباره المحرك الأساسي والمعوّل عليه لأي انتقال حقيقي من طور بنائي إلى طور آخر؛ خاصة وأن عصرنا هذا هو عصر الثورة التكنولوجية التي يحركها الذكاء الاصطناعي الذي ما زال العالم يحاول تصور مقدار تقدمه رغم أنه في عتباته الأولى.

وما زلنا نتذكر خطاب جلالة السلطان في شهر فبراير من عام 2020 والذي يمكن اعتباره «العقيدة السياسية» للمشروع التحديثي لصاحب الجلالة والذي تحدث فيه جلالته عن التعليم بشكل واضح جدا حيث قال: «إن الاهتمام بقطاع التعليم بمختلف أنواعه ومستوياته وتوفير البيئة الداعمة والمحفزة للبحث العلمي والابتكار سوف يكون في سلم أولوياتنا الوطنية، وسنمده بكافة أسباب التمكين باعتباره الأساس الذي من خلاله سيتمكن أبناؤنا من الإسهام في بناء متطلبات المرحلة المقبلة». تحدث جلالته في ذلك الخطاب عن «البيئة الداعمة والمحفزة للبحث العلمي والابتكار»، و«أسباب التمكين»، وربط جلالته بين كل ذلك وبين «متطلبات المرحلة المقبلة» التي لا تستقيم دون تعليم ودون تمكين ودون وبيئة محفزة.

ومن الواضح أن مدرسة السلطان فيصل بن تركي التي زارها جلالة السلطان أمس هي أحد النماذج التعليمية التي يتطلع لها سلطان البلاد والتي تتيح للطلاب في هذه المرحلة المبكرة من مسارهم التعليم من وضع أقدامه على العتبات الأولى من البيئة الداعمة للابتكار والبحث، حيث تضم المدرسة أحدث التقنيات والمختبرات التي يحتاجها التعليم الحديث.

وأكد جلالة السلطان المعظم خلال حديثه في المدرسة على أهمية الانتقال بالتعليم من التعليم التقليدي إلى التعليم الحديث، على أن التعليم التقليدي الذي تحدث عنه جلالة القائد ليس التعليم التقليدي الذي كنا نتحدث عنه قبل عقدين من الزمن، حيث تحول التعليم الذي كان حديثا في مطلع الألفية الجديدة إلى تعليم تقليدي في هذا الوقت وما نعتقده قمة في الحداثة اليوم سيكون بعد أقل من عقد واحد تعليما تقليديا وهذا أمر مفهوم في ظل التسارع التكنولوجي والمعرفي الذي يعيشه العالم.

إن وعي حضرة صاحب الجلالة السلطان المعظم التقدمي بأهمية تطوير التعليم ليتواكب مع معطيات العصر وتقنياته مهمة جدا خاصة وأنها تأتي ضمن رؤية استراتيجية أعم وأشمل لتطوير عُمان إلى مصاف الدول المتقدمة في مختلف المؤشرات.

لكن رؤية جلالة القائد، أيضا لا تقف بالتعليم عند حدود التقنيات الحديثة والثورة التكنولوجية، على أهميتها، ولكنه، أعزه الله، يربط بين هذا التقدم وبين التمسك بالقيم والأخلاق الرفيعة المستمدة من الدين الإسلامي والتي تعلي من مكانة الأخلاق وبناء الهوية الوطنية.

ومعنى التعليم، في فلسفة جلالة السلطان وفكره، هو الذين يمزج بين المعارف الحديثة وبين البحث والابتكار ولكن دون الانسلاخ من القيم والمبادئ ومن الهوية الوطنية وهذه الرؤية تتجاوز التعليم بوصفه بناء معرفيا إلى التعليم بوصفه بناء أخلاقيا وحضاريا وهذا هو الأبقى والأدوم للبشرية.

إن المرحلة القادمة من شأنها في ظل هذا التوجه وهذا الفكر السلطاني أن تشهد تطورا كبيرا في مسارات التعليم واهتماما لا رجعة فيه بتأهيل الكوادر التربوية لتستطيع تحقيق هذه الرؤية وهذه الفلسفة العميقة.. على أن الأمر يحتاج إلى جهد مجتمعي كبير وإلى تضافر الجهود من أجل أن تكون مخرجات التعليم قادرة على أن تحمل أمانة عُمان، أمانتها التاريخية التي لا تكتفي إلا أن تكون مساهمة في الحضارة الإنسانية وقادرة على التأثير فيها.

مقالات مشابهة

  • طرح البوستر الرسمي لـ "موعد مع الماضي" والعرض قريبًا
  • دلالات الزيارة السامية
  • قراءة في أبعاد ودلالات الزيارة السلطانية
  • بعد عملية تسلل.. مقتل 15 عنصراً موالياً لتركيا في شمال سوريا
  • بعد عملية تسلل.. مقتل 15 عنصرا مواليا لتركيا في سوريا
  • استمرار سيناريو التأجيل.. الموعد الأخير لـ عزاء الراحل محمد رحيم
  • عاجل - موعد صرف دعم سكني نوفمبر 2024.. التفاصيل الرسمية ونفي الشائعات
  • تعرف على المواجهات المنتظرة في ربع نهائي الأمم الأوروبية
  • إشادات كبيرة من جمهور مهرجان القاهرة السينمائي بمسلسل "موعد مع الماضي" وبداية العرض 6 ديسمبر
  • نواب أميركيون يطالبون بإحاطة سرية عن انتقال حماس المحتمل لتركيا