برابوو سوبيانتو.. عسكري يقاتل دون كلل لحكم إندونيسيا

فريق متقاعد من الجيش ورجل أعمال ووزير الدفاع (2019-2024). ونظرا لقربه من السلطة طوال حياته العسكرية، دخل السياسة منذ عام 2004 لتحقيق حلمه أن يصبح رئيسا للبلاد.

شارك برابوو سوبيانتو دجوجوهاديكوسومو في تأسيس حزب غيريندرا عام 2008، ويرأسه منذ 2014. فشل في محاولتين للوصول للرئاسة في انتخابات عامي 2014 و2019، وخاض محاولته الثالثة في انتخابات الرئاسة 2024 ضمن تحالف يضم 8 أحزاب.

المولد والنشأة

ولد برابوو في جاكرتا في 17 أكتوبر/تشرين الأول 1951، وهو الثالث من بين 4 أشقاء (ولدين وابنتين) ولدوا لعائلة متنفذة وذات مكانة سياسية عريقة.

كان والده سويميترو جوجوهاديكوسومو خبيرا اقتصاديا وسياسيا بارزا، شغل عدة مناصب وزارية في عهد الرئيسين أحمد سوكارنو ومحمد سوهارتو. فقد شغل منصب وزير التجارة والصناعة للفترة (1950-1951)، ووزير المالية للفترتين (1952-1953) و(1955-1956)، ووزير التجارة للفترة (1968-1973)، ووزير الأبحاث للفترة (1973-1978).

وكانت والدته، دورا ماري سيريجار، ربة منزل درست التمريض الجراحي في هولندا، فيما كان جده، مارجونو جوجوهاديكوسومو، مؤسس بنك نيغارا إندونيسيا، وأول رئيس للمجلس الاستشاري الأعلى، الذي تم حله عام 2003.

وسمي "برابوو سوبيانتو" على اسم عمه الذي قتل في معركة ضد اليابانيين في تانغيرانغ خلال الثورة الوطنية الإندونيسية.

برابوو سوبيانتو دعا في حملته الانتخابية إلى التوازن في علاقات إندونيسيا الخارجية (الفرنسية) الدراسة والتكوين العلمي

قضى برابوو معظم طفولته في الخارج، بسبب مواقف والده المعارضة لحكم سوكارنو، أول رئيس لإندونيسيا بعد استقلالها، ولذلك يتقن برابوو اللغات الفرنسية والألمانية والإنجليزية والهولندية.

فقد درس برابوو المرحلة الابتدائية في هونغ كونغ، والمرحلة الإعدادية في معهد فيكتوريا بكوالالمبور عاصمة ماليزيا في (1962-1963) ومدرسة زيورخ الدولية في زيوريخ بسويسرا في (1963-1964). وتخرج من المرحلة الثانوية في المدرسة الأميركية بلندن في إنجلترا عام 1969.

بعد تخرجه من الثانوية التحق بأكاديمية ماغيلانغ العسكرية (أكميل) عام 1969، وتخرج فيها عام 1974، ويردد المقربون منه أن أكثر الشخصيات التي تأثر بها برابوو ويعتبرها قدوته هي الزعيم التركي كمال أتاتورك.

تزوج عام 1983 من ستي هدياتي هاريادي، الابنة الثانية لسوهارتو، المعروفة باسم "تيتيك" سوهارتو، لكنهما انفصلا بعد وقت قصير من الإطاحة بنظام والدها. أنجب منها ابنه الوحيد راجوو هيديبراسيتيو جوجوهاديكوسومو الملقب بـ"ديديت"، وهو مصمم أزياء مقيم في باريس.

تاريخ عسكري حافل

بعد تخرجه من الأكاديمية العسكرية عام 1974 خدم في الجيش لمدة 28 عاما، شارك في بعثة عسكرية إلى تيمور الشرقية في عام 1976 لقمع الحركة الانفصالية هناك.

وأصبح برابوو قائدا لكتيبة المشاة المحمولة جوا التابعة لقيادة الاحتياط الإستراتيجي للجيش (كوستراد) في عام 1987 بعد إكمال دورة ضباط القوات الخاصة في قاعدة "فورت بينينغ" بالولايات المتحدة.

وعاد إلى القوات الخاصة للجيش في عام 1993 لقيادة وحدة تدير العمليات السرية، وأصبح في نهاية المطاف القائد العام للقوات الخاصة (كوباسوس) في عام 1996.

وفي مارس/آذار 1998 عين برابوو قائدا لكوستراد، وهو المنصب الذي كان يشغله الرئيس السابق سوهارتو قبل توليه الرئاسة عام 1965.

وبعد تنحي سوهارتو عن منصبه رئيسا للبلاد في مايو/أيار 1998 وبداية فترة النظام الجديد القائم على التعددية الحزبية والديمقراطية، تولى برابوو قيادة كلية القيادة والأركان في باندونغ، وبعدها بفترة وجيزة تم تسريحه من الجيش بعد اتهامه بالتورط في اختطاف طلاب نشطاء في عام 1998 وانتهاكات لحقوق الإنسان في بابوا وتيمور الشرقية.

المرشح الرئاسي برابوو سوبيانتو ويمينه نائبه غيبرين (الجزيرة)

وجاء تسريحه من الخدمة العسكرية أيضا بعد أن أمر قواته بمحاصرة القصر الرئاسي في عهد يوسف حبيبي، الذي خلف سوهارتو في حكم البلاد، مما دفع مجلس شرف الضباط لمحاكمته أمام محكمة عسكرية، وفصله من الجيش في 14 يوليو/تموز 1998 بعد إدانته بـ7 تهم.

توجه إثر إقالته للإقامة في منفى اختياري في الأردن، ومنه إلى بلدان أوروبية، ثم عاد إلى إندونيسيا عام 2001، وسار على خطى شقيقه الأصغر رجل الأعمال هاشم جوجوهاديكوسومو، الذي يعد أحد أغنى رجال الأعمال في إندونيسيا، وله أصول في جميع أنحاء العالم من إندونيسيا إلى أوروبا وأميركا الشمالية.

أنشأ برابوو عدة شركات تعمل في مجال الطاقة وزيت النخيل والفحم والغاز والتعدين والزراعة وصناعات صيد الأسماك.

وفرضت عليه الولايات المتحدة وعلى مجموعة من قيادة القوات الخاصة حظر السفر إلى أراضيها، بسبب اتهامات بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان ضد شعب تيمور الشرقية، واستمر هذا الحظر حتى عام 2022، عندما تم رفعه فعليا حتى يتمكن برابوو من زيارة الولايات المتحدة بصفته وزيرا للدفاع في إندونيسيا.

معارك الوصول للسلطة

اقتحم برابوو عالم السياسة والحياة الحزبية في 2004 بانضمامه إلى حزب غولكار (حزب الرئيس السابق سوهارتو)، ومنذ ذلك الحين يقاتل العسكري السابق للانتصار في معركة الرئاسة، فقد خاض سلسلة من المحاولات للوصول إلى الحكم عبر الانتخابات الرئاسية أهمها:

فشل في الانتخابات الداخلية لحزب غولكار لاختيار مرشح الحزب للانتخابات الرئاسة عام 2004. وحصل على أقل عدد من الأصوات بـ39 صوتا فقط من أصوات مؤتمر الحزب. شارك في تأسيس حزب "غيريندرا" عام 2008، وأصبح رئيسا له عام 2014. خاض انتخابات 2009 لمنصب نائب الرئيس مع رئيسة حزب النضال الوطني "ميغاواتي سوكارنوبوتري"، ابنة أحمد سوكارنو، أول رئيس لإندونيسيا، لكنهما خسرا الانتخابات. في انتخابات عام 2014 خسر برابوو أمام جوكو ويدودو (جوكووي)، ورفع دعوى قضائية أمام المحكمة الدستورية زاعما حدوث تزوير "على نطاق واسع ومنهجي" في الانتخابات، لكن الدعوى رُفضت. ترشح مرة أخرى للرئاسة في انتخابات عام 2019، ونزل أنصاره إلى شوارع المدينة للاحتجاج على نتيجة الانتخابات التي تحولت إلى أعمال عنف. ورفع مرة أخرى دعوى قضائية أمام المحكمة بزعم حدوث تزوير، لكن دعواه رُفضت مرة أخرى. وفي أعقاب الانتخابات المتنازع عليها بشدة، عرض جوكووي على برابوو منصب وزير الدفاع، وقبل الأخير العرض، وانضم حزبه للائتلاف الحكومي. خاض برابوو محاولته الثالثة للوصول للرئاسة مرشحا لمنصب نائب الرئيس إلى جانب غيبران راكابومينغ راكا (الابن الأكبر للرئيس جوكووي الذي تنتهي ولايته الثانية في أكتوبر/تشرين الأول 2024). ورفعا شعار حملتهما الانتخابية "معا نتقدم نحو إندونيسيا الذهبية 2045". ومن أبرز ما أعلنه في حملته الانتخابية دعوته إلى إعادة التوازن لعلاقات إندونيسيا الخارجية، من خلال تعزيز علاقاتها مع الصين والهند بدلا من الغرب.

المصدر: الجزيرة