لبنان ٢٤:
2025-03-10@16:03:01 GMT

عبد اللهيان في بيروت.. القصة طويلة؟

تاريخ النشر: 11th, February 2024 GMT

عبد اللهيان في بيروت.. القصة طويلة؟

كتب ميشال نصر في "الديار":   ازدحم المشهدان السياسي والامني نهاية الاسبوع بالتطورات الدراماتيكية، لا سيما مع توسع رقعة الاستهدافات الاسرائيلية التي بلغت العمق اللبناني وتحديدا اقليم الخروب، في تطور هو الاول من نوعه لجهة المكان، اما في السياسة فملأ الساحة وزير خارجية ايران حسين امير عبد اللهيان بمواقف تتصل بالوضعين اللبناني والفلسطيني، مشيرا الى ان التطورات الفلسطينية تبدو متجهة نحو حل سياسي، فيما اكد استمرار دعم ايران للبنان والمقاومة.

واضح ان الرد على زيارة عبد اللهيان لم يتاخر كثيرا، اذ جاء في كسر خطر لقواعد الاشتباك، حيث عمدت المسيرات الاسرائيلية الى توجيه ضربة الى مسؤول في حماس في العمق اللبناني، وهو ما حاول البعض فصله عن المسار الدبلوماسي والتأكيد على ان العملية تأتي في اطار استمرار محاولات استدراج الحزب، في وقت تدل فيه سلسلة من المؤشرات على أن خيار الحرب ما زال يتقدَّم على مسار الهدنة أو وقف النار أو الصفقة او التسوية. شكلا توقف المتابعون عند امرين اساسيين، ان الزيارة تاتي بعد "عجقة" الموفدين الغربيين الذين حطوا في بيروت ناقلين الرسائل، حيث تحاول طهران خلق توازن دبلوماسي، ومن جهة ثانية، انها لم تأت بالتزامن مع زيارة الوسيط الاميركي، على ما درجت العادة مع اندلاع حرب طوفان الاقصى، اذ ان الاخير غادر تل ابيب الى لندن دون المرور ببيروت، بايعاز من ادارته في موقف احتجاجي على تصريحات الحكومة اللبنانية حول التسويات المطروحة، وهو ما كان له دوره ايضا في شطب لبنان من جدول مواعيد الوزير بلينكن، رغم ان هوكشتاين اتصل "بنظيره" اللبناني وابلغه نتائج محادثاته غير الموفقة في "اسرائيل". اما في المضمون فقد توقف المتابعون امام مجموعة من النقاط ابرزها: - تاكيده ان بلاده لا تريد الحرب، رغم الهجمة الاميركية التي تطالها، في العراق تحديدا مع استهدافها المباشر لكتائب حزب الله المسؤول عن التنسيق بين المقاومة العراقية والحرس الثوري، وهذه المرة الثانية بعد مقتل المهندس، وما يحمله ذلك من دلالات، كما في اليمن، وبواسطة "اسرائيل" في سوريا ولبنان، وهو موقف ايراني متقدم، رغم المحاولات لجر الجمهورية الاسلامية الى مواجهة محدودة. - محاولة ايحائه بان طهران قادرة على ضبط اطراف المحور في حال عمدت واشنطن الى الضغط على "اسرائيل" لوقف حربها على غزة. وفي هذا الاطار تؤكد المعلومات ان الاخير لم يحمل معه اي مبادرة او اقتراح، بدليل انه لم يلتق الامين العام لحزب الله سوى مرة واحدة خلافا للمرة السابقة حيث التقاه ثلاث مرات في اقل من 48 ساعة، وسط اصرار على ان حزب الله غير معني باعطاء اي ضمانات "لاسرائيل". - اشارته الى ان امن لبنان من امن ايران، وهي ليست المرة الاولى التي يعلن فيه ذلك. فهل يعني ذلك ان اي استهداف للبنان سيجعل طهران تتدخل مباشرة في الصراع؟ الاكيد ان طهران لن تسمح بضرب درة تاج المحور، في ظل السعي لتحييد حزب الله عن اي ضربات اميركية، مع ما يعنيه ذلك من اهمية لدور لبنان في المحور. -اعلانه الدعم الكامل لحارة حريك "الحكيمة"، في موقف يزيل الالتباسات التي تحدثت عن خلافات مع طهران حول آلية خوض المواجهة وحدودها، حيث لحزب الله القرار في حدود معركته، وفقا للمعطيات الميدانية التي يراها مناسبة. اوساط دبلوماسية كشفت ان زيارة عبد اللهيان، الذي يصفه الغرب بوزير خارجية الحرس الثوري، الى بيروت هي استطلاعية، اولا، اذ ترغب طهران في الاطلاع على فحوى الرسائل الغربية ومداها وجديتها ومناقشة تداعياتها، وثانيا، الوقوف على مدى استعدادات حارة حريك لمواجهة اليوم الثاني لوقف العمليات العسكرية وكيفية مواجهة الوضع السياسي الذي قد يستجد، اما ثالثا فهو الارادة بخلق توازن على الساحة اللبنانية مع الغرب.  

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: عبد اللهیان

إقرأ أيضاً:

هنا والآن .. في بيروت: القلق!

في بيروت، أصدقُ أنني عائد يتذكر. ولستُ ضيفًا على أحد. غير أن ذاكرة المدينة التي أحملها خَلدي وأحلم بها من الكتب والأفلام لا تعفيني هنا من صفة الغريب، خاصة حين يستفرد بي ليل بيروت البارد في أواخر فبراير، ليلها الذي لا يشبه ليل مسقط قط، إلا بانكشافه على واجهة بحر ناعس. وعلى الغريب في بيروت أن يتدبر أمره، أن يمشي لاعبَ سيركٍ بين الأضداد، فأي انعطافة غير محسوبة يمكن أن تكون تهمةً في هذا التوقيت التاريخي من عمر المدينة.

التوتر سمةٌ يومية تشم في هواء بيروت المزكوم بعوادم المحركات ورائحة السجائر المطفأة تحت أحذية المشاة على الرصيف. يمكنني أن أصرف انتباهي عن المشهد المألوف لمدمني النيكوتين القدامى، لكن عطش التدخين الذي يجتاح الشباب والصبايا في مقتبل العشرينيات مشهد يستدعي الملاحظة. صورة أخرى للقلق، قد تعكس التمرد واليأس ربما، لكنها في الوقت ذاته تشي برغبة جامحة في تهدئة جريان الدورة الدموية وسط ساعة الوقت العالقة في زحام المستديرة المتفرعة إلى جهات أربع مسدودة بالحركة العشوائية للسيارات والدراجات النارية.

أما الشتيمة فهي دارجة ومألوفة، وتثير أقل ما يمكن من حساسية الذوق العام المعتاد على تحطيم كل قواعد اللباقة التقليدية في الكلام. من الشتيمة تُصنع النُكات البذيئة التي يتبادلها الرجال والنساء على مائدة واحدة دون تحفظ، ودون أي اعتبار يُذكر للفارق النسبي في الحياء بين الذكر والأنثى. وبالشتيمة يحسم روَّاد المقهى جدالاتهم السياسية العقيمة ويفضّون السيرة. المهم في الأمر أن الشتيمة لدى اللبنانيين رياضة مفضَّلة لتحرير المكبوت من القلق والضغينة. وهي أسلوب لغوي خلَّاق لترويض غريزة العنف بدلًا من اللجوء إلى الأيدي أو سحب الأسلحة في الحالات القصوى.

«قلق في بيروت» كان عنوانًا للفيلم التسجيلي الذي أنجزه المخرج اللبناني الشاب زكريا جابر خلال حصار كورونا. أستحضر أجواءه هنا من أحاديث صدفةٍ متفرقة مع الشباب البيروتيين. تسرد كاميرا زكريا جابر، مطعمةً بالسخرية السوداء، هاجس الهجرة اللحوح لدى جيل التسعينيات من اللبنانيين واللبنانيات المحبطين من انسداد الأفق الذي أعقب فشل ثورات الربيع العربي، ولاسيما الثورة السورية في الجوار، إضافةً لما تفاقم من أزمات داخلية أعلنت انهيار الدولة، بدءًا من أزمة النفايات عام 2015، التي أسست لحراك مدني تحت شعار «طلعت ريحتكن»، وفاقمتها أزمة انقطاع الكهرباء، وصولاً إلى احتجاجات تشرين عام 2019، التي أعلنت في رأيي أهم شعار سياسي طوره اللبنانيون على مدى السنوات الأخيرة: «كلن يعني كلن»! سيعلن هذا الشعار مرحلة اليأس النهائي في صرخة مُطلقة باسم جميع اللبنانيين، حتى الحزبيين منهم، ممن لم ينخرطوا في الحراك بصورة مباشرة. لكنه ليس يأسًا من السياسيين فقط، زعماء الطوائف وتجَّار الحرب السابقين، فالمسألة هذه المرة لا تتعلق بالأسماء والتشكيلات الوزارية المطروحة أو بالفراغ الرئاسي فحسب، بل هو يأس الجيل الجديد من السياسة برمتها كحلٍ مسعفٍ لمجتمع يتحلل في العنف والفساد.

عبارة «بدي فلّ» زفرة شائعة بين شباب التسعينيات في بيروت. يومًا ما، قبل ثلاثين سنة، اُعتبر جيل التسعينيات جيلًا ناجيًا من دوامة العنف التي شهدها لبنان منذ عام 1975 على الأقل، حتى الإعلان الشهير عن اتفاق الطائف في الثلاثين من سبتمبر عام 1989، الاتفاق الذي وضع حدًا لانقسام بيروت على نفسها إلى شرقية وغربية طيلة خسمة عشرَ عامًا، تلك الحقبة التي تُعرف اليوم باسم الحرب الأهلية اللبنانية، رغم أن توصيفها التاريخي على هذا النحو العام يخفي حقيقة أساسية؛ وهي الاجتياح الإسرائيلي عام 1982 الذي بلغ حد احتلال العاصمة اللبنانية، فكان منعطفًا خطيرًا أعطى للعنف زخمًا جديدًا، كما سعَّر أكثر من حدة الاستقطاب الطائفي.

رغم التفاؤل الكبير بجيل التسعينيات، الناجي من الحرب الأهلية كما يوصف، والذي تفتح وعيه على مرحلة انحسار الوصاية السورية عن لبنان وشروع الدولة في إعادة إعمار الخراب وما تلاها من عودة بيروت إلى مدينة لاقتصاد الخدمات والسياحة والنشاط المصرفي، إلا أن فترة التفاؤل لم تدم طويلا، إذ سرعان ما اكتشف هذا الجيل نفسه وريثًا مشوهًا للماضي، قادمًا من نسيج اجتماعي متمزق، وذلك قبل أن ينخرط في السياسة من بوابة الانقسام السياسي الجديد عقب الاغتيال المدوي للرئيس رفيق الحريري، ما بين تياريّ الثامن من مارس، يقابله تيار الرابع عشر من مارس. وسوريا مجددًا، بين مواليها ومعارضيها، ستكون مرةً أخرى، حتى بعد خروج جيشها من لبنان، هي مفرق الانقسام الجديد بين اللبنانيين، الذي سيكون ضحيته الأولى والمباشرة الكاتب والصحفي اللبناني سمير قصير، أبرز وجوه الرابع عشر من مارس، وأحد عشاق بيروت الأقدمين: «نسألُ القاتل: أما كان في وسعك أن تكتب مقالةً في جريدة تثبت فيها أن سمير قصير على خطأ، ولا يستحق الحياة في لبنان، ولا في بلد آخر؟» هكذا كتب محمود درويش في رثائه.

في رحلتي اللبنانية الصغيرة، كان سمير قصير مرشدي الثقافي وسط شوارع بيروت وأحيائها. كتابه «تاريخ بيروت» كان مرافقي قبل إقلاع الطائرة من مسقط حتى النظرة الأخيرة من نافذة الطائرة، نظرة معلقة على بيروت التي تختفي خلف السحاب وتصبح أبعد فأبعد من صورتها في القصيدة إلى لقاء آخر يا بيروت!

سالم الرحبي شاعر وكاتب عُماني

مقالات مشابهة

  • متى: كنا ننتظر من قاسم الاعتذار من الشعب اللبناني
  • حسن الرداد لـ«حبر سري»: إيمي سمير غانم أخفت حملها لفترة طويلة خوفًا من الحسد
  • بالفيديو.. الدكتور أحمد عمر هاشم يكشف عن عدد المرات التي شُق فيها صدر النبي
  • هل ابتلاع بقايا الطعام التي بين الأسنان يفسد الصيام؟.. الإفتاء تجيب
  • حزب الله اللبناني ينفي تدخله في الأحداث بسوريا
  • هنا والآن .. في بيروت: القلق!
  • دراسة: فصيلة بشرية لا تحتاج إلى النوم لساعات طويلة
  • دراسة: فصيلة بشرية لا تحتاج إالى النوم لساعات طويلة
  • هذا ما يشهدهُ وسط بيروت
  • قائد أنصار الله يعلن موقفًا حازمًا تجاه التصعيد الإسرائيلي في فلسطين ويعطى مهلة اربعه أيام لبدء تنفيذ هذا الأمر