#المرحلة_الأخطر من #حرب_الإبادة – #ماهر_أبوطير
التخطيط الإسرائيلي كان واضحا منذ اليوم الأول لحرب الإبادة في قطاع غزة، وتل أبيب استغلت ضربة السابع من أكتوبر لتحقيق أهداف إستراتيجية تتجاوز الثأر والانتقام.
التسلسل بدأ بإخراج أغلب سكان قطاع شمال غزة، ودفعهم نحو الوسط، أي دير البلح وخان يونس والجنوب أي عبسان ورفح، والمرحلة الثانية كانت استمرار تهجير السكان داخليا من الشمال مجددا، والوسط، نحو الجنوب تحديداً في رفح، بحيث يتواجد اليوم أكثر من ثلثي أهل القطاع في رفح، بعدد يقترب من مليون ونصف شخص يعيشون في منطقة صغيرة جدا، وكثير منهم يعيش في الخيام، أو في الطرقات وعلى الأرصفة، وبمتوسط يصل 27 ألف شخص في الكيلومتر المربع، وهي أعلى كثافة سكانية في العالم، وسط ظروف مأساوية جدا.
نحن الآن على مشارف المرحلة الثالثة، وهي الأخطر في الحرب، بعد تدمير مناطق شمال قطاع غزة، والتدمير في الوسط ، والتدمير في شرق القطاع، والتصريحات الإسرائيلية تعلن بشكل محدد أن عملية كبرى سوف تنفذ في مناطق رفح، قرب الحدود مع مصر، وتتجمل إسرائيل القبيحة وتقول إن التعليمات صدرت لتنفيذ خطة إخلاء للسكان في مناطق رفح تمهيدا لتنفيذ هذه العملية، وهذا الإخلاء مستحيل أساسا، كون إسرائيل ذاتها تمنع عودة الناس إلى شمال القطاع، إضافة إلى أن كل البيوت والبنى التحتية في الوسط والشمال باتت مدمرة.
هذا يعني أمرين، أولهما أننا أمام مذبحة بشرية غير مسبوقة في تاريخ الشعب الفلسطيني، وثانيهما أن تصنيع الظروف الطاردة نحو مصر وصل إلى أعلى مستوياته، خاصة، حين تبدأ عمليات القصف أو الاجتياح بالدبابات، بما يجعلنا نعرف مسبقا أن الفلسطينيين في رفح أمام مذبحة يتم الإعلان عنها مسبقا، وستؤدي إلى استشهاد عشرات الآلاف، وجرح عشرات الآلاف، وهدم البيوت، فلا يتبقى أمامهم سوى النزوح مجددا إلى العراء في أي منطقة فارغة، أو إلى البيوت المهدمة وما تبقى منها في مناطق قريبة، أو الاضطرار ككتل بشرية الاندفاع نحو الحدود المصرية برغم العوائق المقامة في وجوههم، وهي عوائق قد لا تصمد نهاية المطاف أمام هذه الكتل البشرية، التي سوف تتدافع في حركة واحدة بحثا عن النجاة والحياة لهم ولأطفالهم.
بعض التحليلات تقول إن إسرائيل لن تنفذ هذه العملية لكنها تتحدث عنها لتهديد فصائل المقاومة في سياق الضغط لتسليم الأسرى الإسرائيليين، أو للوصول إلى حل يجبر قادة المقاومة على قبول سيناريو النفي، والخروج من قطاع غزة، وهذا كلام يقال من باب التحليل فقط، ولا أدلة عليه أصلا، هذا فوق أن تباكي الرئيس الأميركي قيل أيام على الوضع الإنساني في قطاع غزة يأتي من باب التنصل المسبق مما قد نراه من دموية غير مسبوقة في رفح وحولها.
إسرائيل بدأت بشكل متدرج بتنفيذ عمليات قصف في أطراف رفح، وهذا يعني أن التوسع في عمليات القصف أمر متوقع في كل الأحوال، وهي لا تضع في حسابها أن نزوح الناس في رفح قد لا يجري نحو مصر، بل نحو مناطق شرق القطاع، أي فلسطين 1948 برغم المهددات الأمنية والعسكرية على حياتهم إذا اقتربوا من مناطق فلسطينية، تحتلها إسرائيل منذ 1948.
إذا نفذت إسرائيل مخططها الإستراتيجي في قطاع غزة، وتمكنت من تهجير كتل بشرية فعلينا لحظتها أن نفتح عيوننا أكثر على مايجري في الضفة الغربية والقدس، في ظل استمرار هذه الجرائم البشعة بدعم غربي مفتوح ودون سقوف وتعامٍ عربي وإسلامي نراه في كل مكان.
نحن على مشارف المرحلة الأخطر والأسوأ من الحرب.
الغد
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: حرب الإبادة قطاع غزة فی رفح
إقرأ أيضاً:
صحف عالمية: فشل إستراتيجية إسرائيل بغزة وإنكار دنيء للمجاعة
تناولت صحف عالمية مؤثرة المأساة الإنسانية المتفاقمة في قطاع غزة، مسلطة الضوء على أزمة حليب الأطفال وانعدام المساعدات، وسط اعترافات إسرائيلية بفشل الإستراتيجية العسكرية المتبعة.
وفي تقرير يعترف بفشل الإستراتيجية الإسرائيلية، رأت صحيفة "جيروزاليم بوست" أن تغيير إسرائيل تكتيكاتها في غزة وفتح ما سمته ممرات لتوزيع المساعدات جاءا نتيجة إدراكها بأن تحقيق أهداف الحرب في القطاع غير ممكن دون الحفاظ على قدر من الشرعية الدولية.
وأشارت الصحيفة إلى أنه في ضوء انتشار صور الأطفال الجوعى كان على إسرائيل أن تغير سرديتها قبل أن تخسر آخر ما تبقى لها من هذه الشرعية.
وجزمت بأن الإعلان الإسرائيلي الأخير كان اعترافاً واضحاً بأن الإستراتيجية السابقة قد فشلت.
وفي تناقض صارخ مع هذا الاعتراف، وفي انتقاد لاذع للموقف الإسرائيلي الرسمي والشعبي، رأى الكاتب جدعون ليفي في صحيفة "هآرتس" أن إسرائيل تشهد موجة إنكار دنيئة للمجاعة في غزة تفشت بين الجمهور الإسرائيلي، وتشاركه فيه جميع وسائل الإعلام تقريباً.
وقال ليفي إن هذا الإنكار لا يقل قبحاً عن إنكار الهولوكوست، مضيفاً أن الإنكار رافق إسرائيل منذ نكبة عام 1948 واستمر طوال عقود من الاحتلال والفصل العنصري.
وأشار ليفي -في توصيف للواقع الإسرائيلي- إلى أنه لا توجد دولة في العالم تمارس هذا القدر من الإنكار الذاتي، مؤكداً أن ما حدث الأسابيع الأخيرة حطم جميع أرقام الانحطاط الأخلاقي.
وفي نفس السياق، رأت الكاتبة آنا بارسكي -في صحيفة "معاريف"- أن حركة حماس نجحت في تصوير إسرائيل قوةً قمعية عبر تسليط الضوء على الأزمة الإنسانية في غزة، بينما تُهمل قضية الأسرى الإسرائيليين.
وأضافت بارسكي أن إسرائيل تفتقر إلى إستراتيجية واضحة للتعامل مع الصراع، مما يعزز عزلتها الدولية، وحذرت الكاتبة من أن فقدان إسرائيل إستراتيجية واضحة قد يفرض عليها حلولاً غير مؤاتية مثل الاعتراف بدولة فلسطينية.
إعلان
مناشدة أصحاب الضمائر
وفي انتقال من الانقسام الإسرائيلي إلى الرؤية الدولية، ومن منظور إنساني دولي، قال مؤسس منظمة "مطبخ العالم المركزي" خوسيه أندريس -في مقال بصحيفة "نيويورك تايمز"- إن ضمائر العالم اهتزت قبل 40 عاماً لصور موت الأطفال جوعاً بين أحضان أمهاتهم في إثيوبيا.
وفي مقارنة بين الماضي والحاضر، أكد أندريس أنه بعد عقود من ذلك، على أصحاب الضمائر أن يتدخلوا لوقف المجاعة بغزة، مشدداً على أنها ليست نتاج كارثة طبيعية أو جفاف أو فشل بالمحاصيل، بل أزمة من صنع الإنسان وكارثة يتسبب بها رجال الحرب.
وحمّل أندريس إسرائيل، باعتبارها القوة المحتلة، مسؤولية ضمان الحد الأدنى من بقاء المدنيين في غزة على قيد الحياة، وفق ما تنص عليه القوانين الدولية.
وفي السياق القانوني الدولي المرتبط بالمأساة الإنسانية، تساءلت صحيفة "غارديان" البريطانية عن مبرر تأجيل محكمة العدل الدولية إصدار حكمها بشأن الإبادة الجماعية في غزة، ونقلت عن خبراء توقعهم ألا يصدر قرار بهذا الشأن قبل عام 2028.
ونقلت الصحيفة تحذير خبير حقوقي في دبلن من التركيز على مصطلح الإبادة، قائلاً إن ذلك يعني ضمنياً أن ما دون فعل الإبادة يمكن التساهل معه، وهذا خطير بحد ذاته.
ودعا الخبير الحقوقي إلى عدم انتظار حكم الإبادة من المحكمة حتى يتحرك العالم لوقف ما يحدث في غزة، مؤكداً أن الأوضاع الإنسانية الكارثية لا تحتمل المزيد من التأخير.