بايدن يخاطب الناخب الأمريكي من غزة!
تاريخ النشر: 11th, February 2024 GMT
بايدن يخاطب الناخب الأمريكي عن طريق غزة!
تصريحات بايدن ليست سوى أنها خدعة مكشوفة ذات أبعاد انتخابية ومصلحية ومفصولة تماما عن الواقع الذي تعيشه غزة والضفة الغربية.
كل ما تقوله واشنطن وما يقوله الغرب حول غزة مجرد فقاعات، فهم بشكل أو بآخر شركاء في حرب الإبادة في غزة وأيضا في الضفة الغربية.
إدارة بايدن ليست ضد قتل الفلسطينيين وتدمير حياتهم بل هي ضد الرد الذي تجاوز حده، فهي مع تقليل أعداد القتلى المدنيين في غزة وليست ضد قتلهم من الأساس.
فجأة تذكرت إدارة بايدن الدولة الفلسطينية بنفس الطريقة التي يتحدث فيها العالم عن هذه الدولة منذ عام 1967، مجرد وعود مرحلية لا تلبث أن تذروها الرياح.
* * *
كل ما قاله الرئيس الأمريكي جو بايدن حول الحرب على غزة كان مغازلة للناخب الأمريكي وللاستهلاك المحلي الأمريكي.
وفي أغلبه فقاقيع هواء وهراء وكلام معلق في الهواء، فالكل بات يعرف أن قرار وقف الحرب الوحشية والهمجية على غزة هو بيد البيت الأبيض ولا أحد غيره. وأن نتنياهو سيوقف الحرب لو لمس تهديدات جدية من واشنطن بوقف شحنات الأسلحة وبعدم استخدام الفيتو على سبيل المثال.
تصريحات لا توصف سوى أنها خدعة مكشوفة ذات أبعاد انتخابية ومصلحية ومفصولة تماما عن الواقع الذي تعيشه غزة والضفة الغربية.
أما قوله بأن الرد الإسرائيلي في القطاع وتجاوزه الحد، وأنه يعمل من أجل التوصل إلى وقف مستدام للقتال، فهي ليست ذات قيمة أو صلة بالواقع فالإدارة الأمريكية حتى هذه اللحظة لا تدعم وقفا لإطلاق النار، ولا تعترف بالمجازر بحق المدنيين في القطاع.
وأحبطت قرارات لوقف العدوان في مجلس الأمن، والأخطر أنها تواصل تزويد الكيان الصهيوني بمختلف أنواع الأسلحة الفتاكة، وتستمر بغطائها السياسي للاحتلال لمواصلة حرب الإبادة التي لا تعترف واشنطن بأنها حرب إبادة أصلا.
وكان واضحا أن التصريحات ليست أكثر من محاولة تسويق الموضوع الإنساني لتجميل صورته أمام الناخب والجمهور الأمريكي، فهو على الصعيد الشخصي لم يقم بأي ضغوطات فعلية على الاحتلال لإدخال كافة المساعدات الإغاثة إلى القطاع، والتي جرى منع غالبيتها من الدخول إلى القطاع، خاصة مناطق الشمال وغزة التي تئن من الحصار والجوع والعطش والأمراض.
والكل يعرف أن وضع بايدن الانتخابي مزر وفي الحضيض بعد تراجع شعبيته حسب استطلاعات الرأي، فالجمهور الأمريكي خاصة الجاليات العربية والفلسطينية والشباب بدأ يفقد الثقة به وأصبح على قناعة بأنه متورطة في حرب الإبادة في قطاع غزة، وبأنه لا يستمع لنداءات الناخب الأمريكي وللأصوات الشابة بضرورة وقف هذه الحرب ووقف دعمها.
الإدارة الأمريكية ليست ضد قتل الفلسطينيين وتدمير حياتهم وإنما هي ضد الرد الذي تجاوز حده، فهي مع تقليل أعداد القتلى المدنيين في غزة وليست ضد قتلهم من الأساس.
وفجأة تذكرت هذه الإدارة أن تتحدث عن الدولة الفلسطينية بنفس الطريقة التي يتحدث فيها العالم عن هذه الدولة منذ عام 1967، مجرد وعود مرحلية لا تلبث أن تذروها الرياح. كل ما تقوله واشنطن وما يقوله الغرب حول غزة مجرد فقاعات، فهم بشكل أو بآخر شركاء في حرب الإبادة في غزة وأيضا في الضفة الغربية.
*علي سعادة كاتب صحفي من الأردن
المصدر | السبيلالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: غزة بايدن أمريكا إدارة بايدن قتل الفلسطينيين الدولة الفلسطينية حرب الإبادة حرب الإبادة لیست ضد فی غزة
إقرأ أيضاً:
عقوبات أم مساومات؟.. من بايدن الى ترامب: كيف تستخدم واشنطن العراق لخدمة مصالحها؟
بغداد اليوم - خاص
في دهاليز السياسة الأمريكية، حيث تُدار الحروب بقرارات رئاسية، ويُرسم مصير الدول بمصالح الشركات الكبرى، يبرز العراق كأحد أبرز الساحات التي تُستخدم لتصفية الحسابات السياسية والاقتصادية.
منذ سنوات، تحولت بغداد إلى نقطة ارتكاز في الاستراتيجيات الأمريكية، ليس كحليف حقيقي، بل كورقة تُستغل كلما دعت الحاجة. واليوم، تحت إدارة دونالد ترامب، يتعرض العراق لموجة جديدة من الضغوط تهدف إلى تحقيق مكاسب سياسية واقتصادية للولايات المتحدة، بينما تُقدَّم على أنها حملة لضبط النفوذ الإيراني.
لكن خلف هذه الإجراءات، تتوارى أزمات داخلية أمريكية خانقة، ومحاولات مستميتة للتغطية على فشل الإدارات السابقة، وعلى رأسها إدارة جو بايدن، التي تركت إرثًا من الإخفاقات في الشرق الأوسط، إلى جانب أزمة اقتصادية تهدد بانهيار غير مسبوق للاقتصاد الأمريكي.
الضغوط الأمريكية.. لعبة سياسية أكثر من مواجهة حقيقية
كل ما يفعله ترامب في الشرق الأوسط، والضغوط التي يمارسها على العراق، لا تعكس بالضرورة استراتيجية أمنية واضحة أو سياسة خارجية ثابتة، بل هي مجرد أدوات يستخدمها لخدمة مصالحه السياسية والاقتصادية.
الأمر الأول: محاولة التغطية على إخفاقات إدارة بايدن، حيث توجد أدلة على أن بايدن، خلال فترة حكمه، تواطؤ مع جهات شرق أوسطية وسمح بتمدد النفوذ الإيراني في العراق، مما جعل الجمهوريين يستخدمون هذا الملف لإظهار ضعف الديمقراطيين في إدارة السياسة الخارجية.
الأمر الآخر: الأزمة الاقتصادية العنيفة التي تضرب الولايات المتحدة، والتي باتت تُشكل تهديدًا حقيقيًا للاستقرار المالي الأمريكي، حيث تظهر أرقام التسريح الجماعي للموظفين في الشركات الكبرى والمؤسسات الصناعية كدليل على حجم الأزمة. ترامب، الذي يواجه ضغوطًا داخلية متزايدة، يسعى إلى تحويل الأنظار عن الداخل الأمريكي، عبر افتعال أزمات خارجية تشغل الرأي العام، ويأتي العراق في مقدمة هذه الملفات.
مصرف الرافدين في عين العاصفة: اتهامات بلا أدلة
ضمن سلسلة الضغوط، يأتي ملف مصرف الرافدين كواحد من أبرز الأهداف الأمريكية، حيث تتهم واشنطن العراق وإيران بالتورط في تمويل أنشطة مشبوهة ودعم الحرس الثوري، وهي اتهامات لم تستند إلى أدلة قانونية واضحة، بل جاءت في سياق حملة تضييق اقتصادي على بغداد.
الحكومة الأمريكية تدرك جيدًا أن هذه التعاملات تتم ضمن الأطر القانونية والتجارية الدولية، لكنها تسعى إلى خلق حالة من الهلع المالي والاقتصادي داخل العراق، لإجبار بغداد على الخضوع لخيارات أمريكية محددة.
لكن المفارقة هنا، أن الإدارة الأمريكية نفسها لا تملك القدرة على إغلاق هذا الملف، ولا حتى تقديم بدائل اقتصادية للعراق، مما يجعل الضغوط أشبه بأداة ابتزاز سياسي، أكثر منها إجراءً اقتصادياً ذا أثر حقيقي.
الاقتصاد العراقي بين واشنطن والحاجة لدول الجوار
العراق، الذي يعتمد بشكل كبير على الغاز والكهرباء المستوردين من إيران، لم يجد أي خطط بديلة قدمتها الولايات المتحدة، بل تُرك يعتمد على منظومة اقتصادية هشة، جعلته مضطرًا إلى تعزيز علاقاته الاقتصادية مع دول الجوار، رغم الضغوط الخارجية.
الولايات المتحدة، التي كانت تمتلك فرصة تاريخية لإعادة بناء الاقتصاد العراقي على أسس متينة بعد 2003، تركت البلاد متخلفة اقتصاديًا، باستثناء الاعتماد على النفط كمصدر وحيد للدخل.
هذا الفشل الأمريكي في تقديم حلول حقيقية، يجعل أي ضغوط لمنع العراق من التعامل مع إيران أو أي دولة أخرى، أقرب إلى محاولة خنق بغداد اقتصاديًا، دون تقديم بدائل ملموسة.
الملف العراقي: ساحة لخدمة مصالح ترامب الاقتصادية
تحت غطاء مواجهة النفوذ الإيراني، تسعى واشنطن إلى تمرير صفقات اقتصادية لصالح شركات أمريكية مرتبطة بدوائر النفوذ داخل إدارة ترامب. فالضغوط التي تُمارس على الحكومة العراقية لا تهدف فقط إلى عزل إيران اقتصاديًا، بل إلى إجبار العراق على تقديم امتيازات لشركات أمريكية محددة، في قطاعات الطاقة والاستثمار والمقاولات.
الرئيس الأمريكي، الذي يواجه انتقادات متزايدة بسبب سياساته الداخلية، يحاول إعادة فرض الهيمنة الاقتصادية الأمريكية على العراق، عبر صفقات تخدم دوائر النفوذ الاقتصادي داخل البيت الأبيض.
ازدواجية المعايير: واشنطن ليست جادة في مواجهة إيران
لو كانت الولايات المتحدة جادة حقًا في محاصرة إيران، لكانت المواجهة مباشرة، بدلاً من استخدام العراق كأداة ضغط. فالواقع يشير إلى أن واشنطن، رغم كل تصريحاتها، لا تزال تدير علاقتها مع طهران وفق حسابات دقيقة، وتستغل العراق فقط كوسيط لتطبيق استراتيجياتها.
الأمر لا يتعلق فقط بفرض عقوبات أو إغلاق ملفات مالية، بل هو جزء من سياسة أمريكية طويلة الأمد، تُبقي العراق في حالة من الفوضى الاقتصادية والسياسية، حتى يظل بحاجة دائمة إلى التدخل الأمريكي.
إلى أين يتجه العراق وسط هذه الضغوط؟
المشهد الحالي يعكس حقيقة واضحة: واشنطن تستخدم العراق كورقة ضغط لخدمة أجنداتها الداخلية والخارجية، دون أن تقدم حلولًا واقعية لمشكلاته الاقتصادية والسياسية. ومع استمرار هذه الضغوط، تجد بغداد نفسها أمام خيارين:
إما الخضوع لهذه السياسات، والاستمرار في حالة الارتهان الاقتصادي والسياسي، أو تبني سياسة أكثر استقلالية، عبر تنويع شراكاتها الاقتصادية وتقليل الاعتماد على واشنطن، لصياغة معادلة أكثر توازنًا في علاقاتها الدولية.
لكن هذه الخطوة ليست سهلة، إذ تتطلب إجماعًا داخليًا، وإرادة سياسية قادرة على مقاومة الابتزاز الأمريكي، والبحث عن حلول عملية تُخرج العراق من هذه الحلقة المفرغة.
المصدر: قسم التحليل والمتابعة في وكالة بغداد اليوم