غزة تحت وطأة الحصار والانتهاكات| «فايننشال تايمز»: أزمة الأدوية تعصف بسكان القطاع
تاريخ النشر: 11th, February 2024 GMT
- أكثر من مليوني فلسطيني فى غزة يواجهون نقصًا حادًا فى الدواء والمياه والغذاء والكهرباء
- حرب إسرائيل على غزة أسفرت عن استشهاد 27 ألفًا وترك 75% لمنازلهم
- يتعين على المجتمع الدولي التحرك الفوري لوقف الحصار وتوفير المساعدات الإنسانية الضرورية
تحت وطأة الحصار الإسرائيلي المستمر وتصاعد الاعتداءات والانتهاكات، يعاني سكان قطاع غزة من تدهور متزايد في الوضع الإنساني، ويشهد القطاع انتهاكات متكررة وغارات مكثفة، مما يؤدي إلى فقدان الأرواح البريئة وتدمير البنية التحتية المدنية.
ويعيش أكثر من مليوني فلسطيني في هذا القطاع، يواجهون نقصًا حادًا في المياه والغذاء والكهرباء، مما يجعل الوضع الإنساني في غزة يزداد تفاقما يوما بعد يوم.
بالإضافة إلى النقص الحاد في الموارد الأساسية، يعيش السكان تحت وطأة الخوف المستمر وعدم الاستقرار، مما يؤثر على صحتهم. وتتجلى حدة الأزمة في تكرار المجازر والجرائم التي تستهدف الأبرياء، مما يترك أثرا مدمرا على الحياة اليومية للمدنيين العزل.
في هذا السياق الصعب، يتعين على المجتمع الدولي التحرك الفوري للمساعدة في وقف الحصار وتوفير المساعدات الإنسانية الضرورية لسكان غزة، بالإضافة إلى العمل على إحلال السلام والاستقرار في المنطقة لضمان حياة كريمة للجميع.
وقالت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، في تقرير لها، إن مرضى السرطان والسكري وأمراض القلب في قطاع غزة، يواجهون نقصا مزمنا في العلاج، مشيرة إلى أن السكان هناك يبحثون عبثا عن الأدوية، في ظل استمرار العدوان والحصار الإسرائيلي لنحو 4 أشهر.
وحذرت وكالات الإغاثة من أن النظام الصحي في غزة قد انهار تقريبا منذ بداية العدوان في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، مضيفة أن فقط 14 مستشفى من أصل 36 لا يزال مفتوحا، والعاملون فيها "مرهقون ولا يقدمون سوى خدمة جزئية".
وقال مسئولون بالأمم المتحدة إن نحو 100 شاحنة تحمل إمدادات إنسانية تدخل قطاع غزة يوميا، مقارنة بـ 500 شاحنة كانت تدخل قبل الحرب، ما أدى إلى ندرة الإمدادات الطبية، من التخدير إلى الأدوية الأساسية اليومية.
وقالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر في غزة: "مثل الأنواع الأخرى من الإمدادات الإنسانية، لا تدخل الأدوية إلى غزة بكميات كافية لتلبية الاحتياجات". "المستشفيات في حاجة دائمة إلى الإمدادات، مثل الأدوية المستخدمة أثناء العمليات الجراحية وأدوية الحروق. وهناك أيضا نقص في علاجات السرطان والمضادات الحيوية.
وأضافت اللجنة الدولية للصليب الأحمر: "لسوء الحظ، يجد الأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة صعوبة في تأمين الدواء". وأضافت أن أطباء اللجنة الدولية العاملين في بعثات في القطاع سمعوا من زملائهم الفلسطينيين أنهم اضطروا إلى إجراء عمليات بتر دون تخدير.
وفي سياق تفاقم الأزمة الصحية والإنسانية بسبب النزوح، أكدت منظمة الصحة العالمية أن معدلات الأمراض المعدية ترتفع في القطاع، وتشمل الإسهال والتهابات الجهاز التنفسي العلوي والعديد من حالات التهاب السحايا والطفح الجلدي والجرب والقمل وجدري الماء، إضافة إلى تفشي الالتهاب الكبد الوبائي (أ) واليرقان بسبب الظروف غير الصحية.
وأسفر العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة عن استشهاد أكثر من 27 ألف شخص، بالإضافة إلى أن الحرب أجبرت أكثر من 75% من السكان، البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، على الفرار من منازلهم. وفقا لوزارة الصحة الفلسطينية.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: غزة أزمة الدواء فلسطين قوات الاحتلال الإسرائيلي حصار غزة قطاع غزة أکثر من
إقرأ أيضاً:
هل يدفع العالم ثمنَ غطرسة أمريكا والكيان الإسرائيلي؟ بابُ المندب خطُّ نار عالمي
بقلم ـ عبدالملك محمد عيسى*
تتصاعدُ حدةُ الصراع في المنطقة مع كُـلّ يوم جديد، حَيثُ تتشابك المِلفات السياسية والعسكرية والاقتصادية في معركة إقليمية مفتوحة بين محور المقاومة من جهة وأمريكا والكيان الإسرائيلي وحلفائهما الإقليميين من جهة أُخرى.
وبينما تلوّح واشنطن بالمزيد من التصعيد سواء ضد غزة أَو ضد اليمن، على خلفية استهداف السفن في البحر الأحمر، تبدو المنطقة والعالم بأسره على شفا أزمة اقتصادية غير مسبوقة عنوانها الأبرز: (باب المندب خط نار عالمي).
ففي ظل استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة وتهديد ترامب المباشر لحركة حماس بإجبارها على إطلاق الأسرى الصهاينة لديها بالقوة، جاءت الضربة اليمنية الحاسمة بإسقاط طائرة أمريكية من طراز MQ-9 في أجواء الحديدة بأسلحة محلية الصنع لتؤكّـدَ أن اليدَ اليمنية باتت على الزناد في البحر والجو معاً، ولم يكن هذا التطور منفصلاً عن السياق العام، بل جاء في ضوء زيارة وزير الدفاع السعوديّ خالد بن سلمان إلى واشنطن، حَيثُ بحث مع نظيره الأمريكي بيت هيغسيث سبل تعزيز التعاون الدفاعي والتطورات الإقليمية، هذا التنسيقَ العسكري السعوديّ الأمريكي في ظل استهداف اليمن وتصنيفه “إرهابياً”، يعكس بوضوح أن واشنطن تفكّر في مغامرة عسكرية ضد صنعاء بمباركة الرياض.
الرسالة اليمنية واضحة إما وقف العدوان الإسرائيلي الأمريكي على غزة ورفع اليد الأمريكية عن اليمن أَو دخول العالم في أزمة اقتصادية كبرى تبدأ من باب المندب، هذا المضيق الاستراتيجي الذي يمر عبره نحو 12 % من حجم التجارة العالمية وتحمل مياهُه إمدَاداتِ الطاقة والبضائع نحو أُورُوبا وآسيا وأمريكا؛ فإغلاق باب المندب -ولو مؤقتاً- يعني ارتفاعًا صاروخيًّا في أسعار النفط والغاز وقفزة جنونية في تكاليف الشحن البحري؛ ما سيؤدي إلى موجة تضخُّم عالمية غير مسبوقة، وخَاصَّة أن الاقتصاد العالمي أصلاً هشٌّ بعد سلسلة من الأزمات، منها العقوبات الأمريكية على روسيا والصين وأُورُوبا وكندا والمكسيك والحرب في أوكرانيا، وتداعياتها على الطاقة والغذاء واضطراب سلاسل التوريد منذ أزمة كورونا.
أزمة باب المندب إذَا انفجرت ستضع الاقتصاد العالمي أمام سيناريو ركود تضخمي كارثي، حَيثُ ترتفع الأسعار بينما تتراجع معدلات النمو والإنتاج، وهذا يعني زيادة كلفة الطاقة على الصناعات في أُورُوبا وآسيا وارتفاع أسعار الغذاء والنقل والشحن عالميًّا وانخفاض القدرة الشرائية لدى المستهلكين واضطراب أسواق المال وتهاوي العملات.
ما لا تدركُه واشنطن أن سلاح العقوبات الذي تستخدمه ضد الصين وروسيا واليمن وإيران وغيرها يرتد عليها اليوم بشكل أقسى؛ إذ لم يعد العالم أحادي القطبية خاضعاً بالكامل للإملاءات الأمريكية، بل أصبحنا أمام تعددية قطبية اقتصادية تلعب فيها المقاومةُ دوراً جديدًا، لا يقتصرُ على الرد العسكري بل يمتد إلى الردع الاقتصادي عبر التحكم بمفاصل التجارة العالمية.
أي تصعيد أمريكي إضافي ضد غزة أَو اليمن، سيؤدي إلى خلط الأوراق في الاقتصاد العالمي وإجبار الأسواق على دفع ثمن غطرسة واشنطن وحمايتها المطلقة لجرائم الكيان الإسرائيلي، وَإذَا كانت الإدارة الأمريكية تعتقد أن اليمن دولة معزولة ضعيفةٌ فَــإنَّ باب المندب وحدَه كفيلٌ بإثبات العكس، وبأن اليد التي أسقطت MQ-9 قادرة على إغلاق المضيق وتحويله إلى ساحة لهب عالمي، وقد تم تجريبه طوال عام كامل.
بين صراع السياسة وصراع الاقتصاد سيدرك العالم أن الهيمنة الأمريكية باتت تهديداً مباشراً لاستقرار التجارة والاقتصاد الدوليين، وأن مشروع المقاومة الذي يدافع عن سيادة الشعوب وكرامتها أصبح صمامَ الأمان الحقيقي لاستقرار المنطقة والعالم لا العكس.
* أُستاذ عِلم الاجتماع السياسي المشارك جامعة صنعاء