ما دور جنوب إفريقيا في ملف الصحراء؟
تاريخ النشر: 11th, February 2024 GMT
بقلم: نزار بولحية
ما هي أكثر دولة بعد الجزائر يفرش فيها السجاد الأحمر لزعيم البوليساريو وتستقبله استقبال القادة والرؤساء؟ إنها قطعا جنوب افريقيا، التي لا تعترف فقط بالجبهة، بل تدعمها ماليا وسياسيا وربما حتى عسكريا. لكن ما الذي يجعل دولة تقع في أقصى التخوم الافريقية تصوب نظرها بعيدا جدا نحو شمال القارة السمراء، وتقدم الدعم لكيان صوري، أنشئ هناك في فترة الحرب الباردة، وبات عدد الداعمين والمؤيدين له في تراجع مستمر؟ هل يكمن السر في التزام بريتوريا الصارم بالمبادئ وتمسكها بالإرث النضالي لزعيمها التاريخي نيلسون مانديلا، بشكل يدفعها للحرص الدائم على الوقوف بقوة مع حق الشعوب في تقرير مصيرها، مثلما قد يقول البعض؟ أم أن وراء تلك الاندفاعة نحو تلك المنطقة بالذات أهدافا ومآرب أخرى؟
من الواضح أن جنوب افريقيا، وعلى عكس ما قد يتصوره البعض لا تحمل لواء الدفاع، عما تراها قضايا إنسانية عادلة من منطلق عاطفي، أو وجداني بحت، وبقطع النظر عن ارتباطاتها ومصالحها وخططها وعلاقاتها وتوجهاتها الخارجية.
على عكس كثير من الدول التي ما زالت تفضل البقاء في المنطقة الرمادية، فإن بريتوريا تقف بشكل واضح لا غبار عليه مع البوليساريو، التي أعلنت من جانب واحد ولا تعترف بها الأمم المتحدة. كما أن علاقتها الوثيقة بالجزائر باتت تنعكس باطراد على كثير من المواقف والقرارات، التي تؤكد على وجود تنسيق عال ومستمر بين الجانبين. وهذا ما يجعل من فرضية إقدام جنوب افريقيا على دعوة ديمستورا، من دون التشاور أو التخطيط المسبق مع الجزائر غير ممكنة بالمرة. لكن إن كان الجزائريون يريدون، ربما من وراء ذلك إعادة الكرة، ولو ظرفيا أو حتى شكليا إلى الملعب الافريقي، في وقت يفضل فيه المغاربة أن يتم حسم النزاع على المستوى الأممي، فإن السبب الذي قد يكون دفع الممثل الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة المكلف بالملف، لأن يتصل بالمسؤولين في جنوب افريقيا ربما لا يرتبط فقط بموقفهم من ذلك النزاع، بل بالأساس بعلاقاتهم بالجزائر. وبمعنى آخر فقد يكون الغرض من تلك الزيارة هو حث الجنوب أفارقة على أن يستخدموا كل نفوذهم وعلاقاتهم من أجل دفع الجزائريين للقبول بعرض، أو مقترح ما قد تقدمه الأمم المتحدة رسميا في الفترة المقبلة لحل المشكل الصحراوي. ولعل وزيرة العلاقات الدولية والتعاون في جنوب افريقيا لمحت من بعيد إلى ذلك، حين أشارت في المؤتمر الصحافي الذي أعقب لقاءها بديمستورا أن «النقاش كان مفيدا وتميز بدراسة بعض المقاربات المتعلقة بالصحراء الغربية» ثم أضافت حين ألح عليها بعض الصحافيين لتقدم لهم مزيدا من المعلومات بأن «هذه أسئلة سرية» وأنها تحتاج إلى وقت لتقديم الرد على المقترحات. لكن ألم يكن ممكنا أن يتم ذلك بشكل غير علني بدلا من إظهاره للإعلام؟ من الواضح أن الحرص على إعلان الزيارة، مع توقع رد فعل غاضب عليها من المغرب، قد يصل ربما حد المطالبة بسحب الثقة من ديمستورا والدعوة لتغييره، ربما يمثل نوعا من الرهان أو التحدي الشخصي بالنسبة للدبلوماسي السويدي المخضرم، فهل أراد النزول بثقله ووضع مستقبله المهني في الميزان، والخروج من الباب الكبير، أو من خلال ملامح مشروع لحل للمشكل المزمن، أو من الباب الصغير بتحمل مرارة الانسحاب مرة أخرى من مهمته، بعد استقالته في السابق في مهمته في سوريا؟ من المؤكد أنه قد تلقى ضوءا أخضر لا من الأمين العام للأمم المتحدة فحسب، بل ربما حتى من القوى الكبرى التي يعنيها الملف الصحراوي وترغب ـ وربما لغايات مختلفة ـ في إعطاء دور ما في هذه الفترة لجنوب افريقيا في ملف تعرف جيدا أنه قد يجعلها تحقق بعضا من طموحاتها القديمة بالزعامة الافريقية. لكن هل سيكون المرور بقوة ممكنا دون موافقة الرباط؟ وهل يقدر الجنوب افارقة على إقناع الجزائريين بحل آخر غير تقرير المصير واستقلال الصحراء؟ ربما لن يكون ذلك سهلا. لكن علينا أن ننتظر لنرى كيف سيكون ردهم على ما عرض عليهم.
كاتب وصحافي من تونس
المصدر: أخبارنا
كلمات دلالية: العام للأمم المتحدة جنوب افریقیا
إقرأ أيضاً:
معهد أمريكي: ما الذي يمكن أن يخلفه سقوط الأسد من تأثير مباشر على اليمن؟ (ترجمة خاصة)
سلط معهد أمريكي الضوء على الانقسام في ردود الفعل باليمن جراء سقوط نظام بشار الأسد في دمشق على يد قوات المعارضة السورية في الثامن من ديسمبر الجاري.
وقال "المعهد الأمريكي للسلام" في تحليل للخبيرة في شؤون الخليج واليمن أبريل لونجلي ألي ترجمه للعربية "الموقع بوست" إن الحكومة اليمنية، رحبت بسقوط نظام الأسد، وهنأت الشعب السوري على عودته إلى الحضن العربي ورفضه "الوصاية الأجنبية الإيرانية". وأعلن رئيس المجلس الرئاسي القيادي رشاد العليمي أن الوقت قد حان لإيران "لرفع يدها عن اليمن".
وأضاف "من ناحية أخرى، دعمت جماعة أنصار الله (المعروفة شعبيا باسم الحوثيين) نظام الأسد منذ فترة طويلة، ومن المتوقع أن يكون لها وجهة نظر مختلفة. ففي خطاب عاطفي في الثاني عشر من ديسمبر/كانون الأول، حاول زعيمهم عبد الملك الحوثي إعادة تركيز الاهتمام على غزة ، مؤكدا دفاع الحوثيين الثابت عن فلسطين، في حين وصف التطورات في سوريا وأماكن أخرى بأنها مؤامرة أمريكية إسرائيلية لإضعاف المنطقة.
وتابع "لكن من غير الواضح ما إذا كان سقوط نظام الأسد سيخلف أي تأثير مباشر على اليمن. وعلى مستوى الصورة الكبيرة، فإن الضربة التي تلقتها إيران تخلق تصوراً بأن الحوثيين معرضون للخطر".
وأوضح "نتيجة لهذا، يستغل أنصار الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً الفرصة للقول بأن الوقت قد حان الآن لضرب الحديد وهو ساخن ضد ما يبدو بشكل متزايد وكأنه العقدة الشاذة في محور المقاومة قبل أن يصبح أكثر تهديداً".
وقال ومع ذلك، فمن غير الواضح ما إذا كانت دعواتهم ستُقابل بالعمل. فالحكومة منقسمة وستحتاج إلى دعم عسكري لاستئناف القتال الذي توقف إلى حد كبير منذ الهدنة التي توسطت فيها الأمم المتحدة في عام 2022".
وأردف التحليل "لا تريد المملكة العربية السعودية ولا الإمارات العربية المتحدة العودة إلى الحرب، والموقف السياسي للإدارة الأمريكية الجديدة غير مؤكد. وهناك أيضًا فرصة لأن تحول إسرائيل انتباهها نحو اليمن، خاصة في ظل استمرار هجمات الحوثيين على الأراضي الإسرائيلية".
وترى الخبيرة ألي أن تصور الحوثيين لنقاط ضعفهم غير واضح أيضاً. فحتى الآن، كانوا يضاعفون هجماتهم على إسرائيل ــ التي أكسبتهم شعبية في الداخل ولكنها ألحقت أضراراً محدودة بتل أبيب ــ والسفن في البحر الأحمر، في حين صعدوا من خطابهم ضد الولايات المتحدة.
وقالت "ربما يرى البعض في الجماعة أن التطورات الإقليمية تشكل فرصة وحتى التزاماً بمحاولة تأكيد دور قيادي في محور المقاومة والأهم من ذلك قضية معارضة إسرائيل والنفوذ الغربي في المنطقة، ولو أن هذه الطموحات سوف تتشكل وفقاً لاستعداد إيران لمواصلة المساعدة".
وزادت "ربما يرى آخرون سبباً لمحاولة جني المكاسب التي تحققت في أقرب وقت ممكن وإعادة تركيز الاهتمام على اتفاق السلام في اليمن".