عبد الله مبارك آل خليفة: نفخر بنجاح المجموعة في ترسيخ هويتها كعلامة مصرفية عالمية
دعم رحلة التحول نحو اقتصاد مستدام ومنخفض الكربون 
نتطلع للمضي قدماً في التوسع والاستفادة من الفرص الواعدة في الأسواق الرئيسية
التزامنا وعملنا المتواصل أثمر إرثاً دائماً من المسؤولية الاجتماعية والتنمية المستدامة 

تحتفل مجموعة QNB، أكبر مؤسسة مالية في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا، هذا العام بمرور 60 عاماً على تأسيسها في عام 1964 كأول وأعرق مؤسسة مالية ومصرفية في دولة قطر.

 
وتأتي هذه الذكرى تتويجاً لمسيرة متواصلة من النجاح تحولت خلالها المجموعة من بنك محلي إلى واحدة من أكبر المؤسسات المالية في المنطقة وأكثرها ربحية يعمل فيها أكثر من 29.000 موظف وتقدم خدماتها لأكثر من 20 مليون عميل في أهم عواصم المال والأعمال حول العالم.

السيد عبد الله مبارك آل خليفة، الرئيس التنفيذي لمجموعة QNB يؤكد أن الاحتفال بمرور ستين عاماً على تأسيس مجموعة QNB هو فرصة للتأمل في حصاد ستة عقود من الزمن لعب خلالها البنك دوراً رئيسياً في دعم مسيرة النمو والنهضة الشاملة لدولة قطر في ظل القيادة الرشيدة وتعزيزاً لمكانة قطر على الساحة الدولية. 
ويضيف آل خليفة: على مدى هذا التاريخ الحافل، نفخر بنجاح المجموعة في ترسيخ هويتها كعلامة مصرفية عالمية ومؤسسة مالية رائدة في قطر والمنطقة. 
ويقول: لقد أثمر التزامنا وعملنا المتواصل إرثاً دائماً من المسؤولية الاجتماعية والتنمية المستدامة وإحداث تغيير إيجابي في المجتمعات التي نعمل فيها، تنفيذاً لاستراتيجيتنا الطموحة التي تستهدف دعم رحلة التحول نحو اقتصاد مستدام ومنخفض الكربون بما يدعم تحقيق أهدافنا للاستدامة ويتوافق مع رؤية قطر الوطنية 2030.
يضيف آل خليفة: وباستشراف المستقبل، تتطلع مجموعة QNB لبدء فصل جديد من النجاح، مع المضي قدما في التوسع والاستفادة من الفرص الواعدة في الأسواق الرئيسية، دعماً لرؤيتنا بأن نصبح أحد البنوك الرائدة في الشرق الأوسط وإفريقيا وجنوب شرق آسيا.

بدايات قوية من الستينات 
منذ تأسيسه، شهد QNB، المعروف سابقاً باسم بنك قطر الوطني حتى إعادة تسميته باسم QNB في عام 2004، تحوّلاً كبيراً على مدى العقود الماضية.
ويعود تاريخ إنشاء البنك إلى بداية ستينيات القرن الماضي، عندما بادر كبار المسؤولين بوزارة المالية في ذلك الوقت، على رأسهم سمو الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني، بوضع حجر الأساس لأول بنك وطني في الدولة.
وقد تم تأسيس المجموعة بموجب المرسوم رقم (7) لسنة 1964 باعتبارها شركة مساهمة قطرية لتصبح أول بنك تجاري مملوك للقطاع الخاص تتوزع ملكيته اليوم بين جهاز قطر للاستثمار والقطاع الخاص وهو مدرج في بورصة قطر. 
وبدأ QNB أعماله رسمياً في عام 1965م حيث شهد توسيع شبكة فروعه في كافة مناطق الدولة مع تنامي المراكز الاقتصادية والسكانية.
وفي بداياته المتواضعة، كان يتم معالجة البيانات المالية يدوياً قبل أن يقوم البنك بإدخال التكنولوجيا الحديثة في شبكة فروعه حيث بدأ في عام 1989 بتطبيق نظام KAPITI للأعمال المصرفية عبر الإنترنت الذي استطاع البنك من خلاله ربط شبكة فروعه بالحاسب الرئيسي وهو ما شكل آنذاك ثورة تقنية في مجال الأعمال المصرفية.
ولم يتوقف البنك عند ذلك الحدّ، بل قام بتطبيق أول نظام آلي للتداول حيث أدخل أنظمة الكمبيوتر في فرعه بلندن عام 1984م قبل ادخال أول أجهزة صراف آلي في قطر. وفي عام 1989، طرح البنك لأول مرة بطاقات الفيزا الائتمانية لعملائه وبحلول عام أصدر أكثر من 50% من بطاقات «بريميير» و «كلاسيك» في قطر.
ومع تطور التكنولوجيا خلال التسعينيات ومواكبة البنك لتلك التقنيات الجديدة وتطبيق أفضل الحلول المصرفية في العالم، أدخل QNB أحدث تقنيات التداول كما أصبح يمتلك واحدة من أحدث غرف التداول في منطقة الخليج. وفي عام 1994م، أسس البنك أول فرع لتمويل المركبات واستمر في دعم أغلبية المشاريع الحكومية في مختلف الدوائر والوزارات.
واليوم، يُعد QNB أكبر مؤسسة مالية في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا وأحد البنوك الأعلى تصنيفا في العالم طبقا لوكالات التصنيف الائتماني الثلاث الكبرى «ستاندرد آند بورز» (A)، «فيتش» (A) و»موديز» (A+). 

شريك أساسي في النهضة الوطنية 
انطلاقاً من دوره كأحد أبرز المؤسسات المالية الداعمة للدولة، يواصل QNB جهوده في دعم التنمية الاقتصادية من خلال المساهمة في كافة المشاريع والمبادرات الوطنية لدفع عجلة التنمية على المدى الطويل. 
وتنفيذاً لتلك الأهداف، تحرص المجموعة على موائمة أهدافها الاستراتيجية مع رؤية قطر الوطنية كما أخذت على عاتقها مسؤولية دعم الجهود الرامية لبناء اقتصاد الابتكار والمعرفة تنفيذاً لاستراتيجية التنمية الوطنية وتماشياً مع استراتيجيتها الخاصة بالاستدامة.
ويعود ذلك الدور إلى عام 1966، حيث لعب QNB دوراً هاماً في تمويل بناء مطار الدوحة الدولي. وهو يستمر اليوم بأداء ذلك الدور الريادي في تمويل مشاريع البنى التحتية الضخمة منها مطار حمد الدولي.
كما تولى البنك أيضاً تمويل عدد من المنشآت الصناعية والمشاريع التوسعية منها مشروع حقل غاز الشمال ومشاريع الغاز في راس لفان لاستخراج الغاز الطبيعي المسال، بما يدعم مكانة قطر كأكبر مصدر للغاز عالميا. 
كما قام بتمويل مشاريع بناء عدد من الأبراج الأيقونية منها برج شارد في لندن وتطوير الأبراج التي يقع فيها مقرّ مركز قطر للمال، إلى جانب مؤسسات تعليمية عالمية مثل مدينة قطر التعليمية، فضلاً عن كبرى المنشآت الصحية والمشاريع السكنية والتجارية.
وخطت مجموعة QNB خطوة هامة في الجهود التي بذلتها الدولة نحو نجاح استضافة دورة الألعاب الآسيوية عام 2006، واستضافتها الناجحة لبطولة العالم لألعاب القوى لعام 2019، بالإضافة إلى الدور البارز الذي لعبته المجموعة من خلال مشاركتها كداعم رسمي لكأس العالم FIFA قطر 2022™ في الشرق الأوسط وإفريقيا والبنك القطري الرسمي للبطولة.

توسع عالمي في الأسواق الرئيسية
تعود رحلة البنك التوسعية إلى العام 1976 حيث قام بافتتاح أول فرع دولي له في لندن قبل افتتاح فرع باريس بعد عامين. وفي عام 2005، باشرت المجموعة تنفيذ خطة توسع دولية طموحة.
ففي عام 2013، استكملت المجموعة بنجاح عملية الاستحواذ على حصة مسيطرة بنسبة 95.00% في QNB الأهلي، ثاني أكبر بنك في جمهورية مصر العربية كما عززت توسعها الإقليمي من خلال الاستحواذ على حصص في عدد من المؤسسات المالية من بينها 20% في Ecobank Transnational Incorporated (Ecobank)، أحد أكبر وأهم البنوك في قارة إفريقيا، و 38.6% من بنك الإسكان للتجارة والتمويل الأردني، و 40% من البنك التجاري الدولي ومقره دولة الإمارات العربية المتحدة، و 99.99% من QNB تونس، و 54% من مصرف المنصور العراقي، و20% من شركة الجزيرة للتمويل بالدوحة. كما تمتلك مجموعة QNB 51% من الحصص في QNB سوريا، و92% من الحصص في QNB إندونيسيا.
ونظراً لما تمثله السوق السعودية من أهمية خاصة للمجموعة، افتتح QNB فرعه الثاني في مدينة جدة بعد فرع الرياض الذي افتتحه في عام 2017.
وتعزيزاً لرؤيتها بأن تصبح بنكاً رائداً في الشرق الأوسط وإفريقيا وجنوب شرق آسيا وتعزيز تواجدها في الأسواق ذات التنافسية العالية، أطلقت المجموعة في عام 2013 أعمالها في الصين وهي ثاني أكبر اقتصاد في العالم وواحدة من أسرع الاقتصادات الكبرى في العالم.
ويقدم مكتب QNB التمثيلي في الصين خدمات استشارية في مجال الاستثمار والتجارة للمؤسسات من منطقة الشرق الأوسط الراغبة في القيام بأعمال تجارية في الصين أو الاستثمار هناك. كما يقوم المكتب بالتنسيق مع الشركات الصينية التي تتطلع إلى توسيع عمليات في أسواق منطقة الشرق الأوسط. وتباشر المجموعة أعمالها في فيتنام منذ 2015 كما بدأت في مزاولة أعمالها في الهند في عام 2017.

نتائج مالية قياسية وتصنيفات قوية
بفضل مركزه المالي ونتائجه المالية القوية، يواصل QNB تبوأ مراكز متقدمة في تصنيفات أفضل المؤسسات المالية حول العالم.
وعبر السنوات، استمر QNB بفضل إدارته الحكيمة واستراتيجيته المتوازنة وأدائه المالي القوي وجودة أصوله في تعزيز مكانته كأكبر مؤسسة مالية في المنطقة تستأثر بحصة سوقية واسعة وقاعدة متنامية من العملاء محلياً وإقليمياً، كما ينفرد بأوسع شبكة فروع خارجية ومكاتب تمثيل وشركات تابعة. وتأتي التصنيفات المتتالية من أكبر المؤسسات العالمية لتؤكد قوة المركز المالي للمجموعة والخدمات والمنتجات التي تقدمها في الأسواق واستثماراتها الداخلية والخارجية.

أقوى بنك في العالم
وحل البنك في صدارة قائمة مجلة «أسواق بلومبرغ» (Bloomberg Markets) لأقوى البنوك في العالم لعام 2012 حيث كان الوحيد من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في القائمة.

استقطاب الكوادر الوطنية في مختلف الوظائف والمراكز وتطوير القيادات

أدرجت قائمة «غلوبال فاينانس» QNB ضمن أكثر 50 بنكاً أماناً في الأسواق الناشئة لعام 2023 في تأكيد جديد على نجاح استراتيجية أعماله المستدامة.
الأول في منطقة الشرق الأوسط ضمن أفضل 1000 بنك عالمي
في عام 2021، احتل QNB صدارة قائمة أفضل 1000 بنك في العالم لمجلة «ذي بانكر» في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا فيما حل في المركز الـ 79 عالميا في القائمة.
وفي عام 2020، سجلت مجموعة QNB إنجازاً تاريخياً بحصولها على لقب أول مؤسسة مالية يتجاوز إجمالي موجوداتها حاجز التريليون ريال قطري في تاريخ منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا حيث ارتفعت الموجودات بنسبة 9 % لتتجاوز مبلغ تريليون ريال قطري أي ما يعادل 282 مليار دولار أمريكي. 

الأول ضمن أقوى 30 مصرفاً في الشرق الأوسط
تربعت مجموعة QNB على عرش قائمة فوربس لأقوى 30 بنكًا في الشرق الأوسط لعام 2022 للعام الثاني على التوالي، متصدرة قطاع البنوك في منطقة الشرق الأوسط، بإجمالي أصول يبلغ 300.3 مليار دولار.
وحافظت مجموعة QNB لسنوات متتالية على لقب العلامة التجارية المصرفية الأعلى قيمة في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا وفقا للتقرير السنوي لوكالة «براند فاينانس» التابعة لمجلة «ذي بانكر» العالمية لأفضل 500 علامة تجارية مصرفية في العالم، معززة بذلك ريادتها الإقليمية وتطلعها الى مكانة أقوى بين المصارف العالمية.
ويأتي حصول QNB على هذا اللقب اعترافا بمركزه المالي القوي وجودة أصوله العالية ومكانته المتميزة في القطاع المصرفي، إلى جانب حضوره القوي في معظم الأسواق الإقليمية وأهم مراكز المال العالمية.
وتمتاز علامة QNB بأنها أيقونة وطنية تعكس إرث البنك العريق في الوقت الذي ترتبط فيه بمفهوم الريادة الذي بقي ملازما لمسيرتها وهو ما بوأها لتصبح علامة تجارية عالمية.

أيقونة تعكس إنجازات المجموعة
في إطار مشاركتها كشريك مصرفي استراتيجي لمعرض إكسبو 2023 الدوحة قطر™، أطلقت المجموعة «أيقونة QNB» التي تتميز بتصميمها الفني المعاصر واستخدامها لتقنيات صديقة للبيئة.
وتختزل الأيقونة رحلة المجموعة منذ تأسيسها عام 1964 كبنك وطني حتى توسعها كعلامة مصرفية عالمية وتفرع شبكة أعمالها في قارات آسيا وإفريقيا وأوروبا ومنطقة الشرق الأوسط. وهي تمتد على ارتفاع 4 أمتار وقطرها 3.5 متر وتتألف من 4 أعمدة ذهبية تعلوها قطعة ذهبية دائرية تعمل بالطاقة الشمسية تعكس أهم المعلومات حول أهم انجازات مجموعة QNB باللغات الخمس لفروعها حول العالم وهي العربية والإنجليزية والفرنسية والصينية والتركية.

رحلة التحول الرقمي
وضع QNB خارطة طريق للتحول الرقمي من خلال الاستثمار في البنية التحتية لتطوير قنواته الرقمية وتوظيف الذكاء الاصطناعي في مختلف عملياته التشغيلية.
وقد نجح QNB في قيادة التحول الرقمي في قطر والمنطقة حيث كان له السبق منذ عام 2012 في إطلاق خدمات الدفع بخاصية «دون لمس» وهو يعمل منذ ذلك الوقت على تطوير مجموعة فريدة من الخدمات المتميزة وحلول الدفع المالية المبتكرة.
وفي هذا الإطار، قام البنك بطرح منتجات مصرفية متطورة لمواكبة احتياجات العملاء بشكل أفضل مع مزايا مضاعفة من الأمان والخصوصية، وهي تشمل بطاقات الدفع بدون لمس والأجهزة القابلة للارتداء والأساور الذكية المزودة بشريحة تعمل بتقنية NFC وغيرها.
ولقد مثل إطلاق خدمات QNB المصرفية عبر الإنترنت والجوال محطة هامة في رحلة البنك للتحول الرقمي كمنصة تدعم ريادته في السوق القطرية تعززت فيما بعد بإطلاق خدمات رقمية مبتكرة من أبرزها خدمة واتساب (WhatsApp).
ويستمر البنك في تطوير التجربة الرقمية للعملاء من خلال قنواته المصرفية عبر الإنترنت والتحسين المستمر لخدماته ومنتجاته حيث يعتبر QNB أول بنك في قطر يقوم بتحسين تجربة التحويلات المالية المباشرة إلى الفلبين باستخدام منصة Ripple وQNB فاينانس بنك في تركيا.
وفي مجال الخدمات المصرفية الرقمية للشركات، طور البنك بوابته الرقمية للتجارة التي تقدم خدمات مبتكرة تواكب متطلبات هذه الشريحة. 
وتقديراً لريادتها في مجال الخدمات المصرفية الرقمية، نالت المجموعة عدداً من الجوائز الدولية المرموقة كان آخرها جائزة «أفضل بنك للحلول الرقمية في قطر» لعام 2023 من يوروموني وجائزة «أفضل بنك في قطر» ضمن جوائز يوروموني للتميز لعام 2023.

ريادة في مجال الاستدامة ودعم ممارسات الأعمال المسؤولة
لطالما كان لممارسات الأعمال المستدامة والمسؤولة تأثير مباشر وهادف في المجتمعات التي تعمل فيها المجموعة كما أنها تساهم في دعم جهودها في بناء مجتمعات أكثر شمولاً وتمكيناً.
ومساهمة منه في تعزيز التنمية المستدامة للاقتصاد الوطني ودعم خطــة العمــل الوطنيــة القطريــة للتغييــر المناخــي، قام QNB بوضع إطاره الخاص بالاستدامة الذي يتكون من ثلاث ركائز تشمل التمويل المستدام، والعمليات المستدامة، والالتزامات غير المصرفية. 
ولتحقيق تلك الأهداف، قام QNB بتطوير معايير عالمية مشتركة يتم تنفيذها على مستوى المجموعة، بالإضافة إلى دمج المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة في جوهر منتجاته وخدماته وجوانب أعماله. 
ويمثل إطار QNB الدائم للاستدامة خطوة هامة نحو تعزيز استراتيجية المجموعة للحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات كما طور البنك إطار التمويل المستدام. 

حلول التمويل الأخضر لدعم المشاريع 
وبينما يواصل البنك رحلة الاستدامة، فإنه يعمل على تعزيز ريادته كمزود للخدمات المالية المبتكرة والمسؤولة التي تشمل حلول التمويل الأخضر لدعم المشاريع الصديقة للبيئة والقروض العقارية الخضراء وقروض السيارات الخضراء وغيرها والتي تمنح للعملاء مزايا حصرية. 
وفي عام 2020، أصبح QNB أول مؤسسة مالية في قطر تصدر سندات خضراء بقيمة 600 مليون دولار في بورصة لندن، وهي أول سندات خضراء يتم اصدارها من قطر وأكبر إصدار لسندات خضراء من مؤسسة مالية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا على الإطلاق.
وقد تم إدراج هذه السندات في بورصة لندن ضمن فئة سوق السندات المستدامة. وسيتم توظيف العائدات من إصدار هذه السندات الخضراء في تمويل و/‏‏‏أو إعادة تمويل المشاريع الخضراء المؤهلة.
وتلتزم مجموعة QNB بالمساهمة في دعم الفعاليات الوطنية المعنية بالبيئة والاستدامة حيث قدمت مؤخراً شراكتها المصرفية الاستراتيجية لإكسبو 2023 الدوحة قطر، أول معرض دولي للبستنة من تصنيف A1 يُنظم في قطر والشرق الأوسط وشمال إفريقيا تحت شعار «صحراء خضراء، بيئة أفضل»، تعزيزا لممارسات الاستدامة ومواجهة التحديات العالمية ذات الصلة.
كما تحرص المجموعة على تقديم رعايتها السنوية لأسبوع قطر للاستدامة الذي ينظمه سنوياً مجلس قطر للمباني الخضراء، عضو مؤسسة قطر، وذلك في إطار التزامها تجاه البيئة والمساهمة في مواجهة التحديات البيئية وزيادة الوعي لدى موظفيها وعملائها حول أهمية الاستدامة.
وفي عام 2019، انظم البنك إلى قائمة الموقعين على مبادرة الاتفاق العالمي لتنفيذ مبادئ الاستدامة العالمية ومبادئ الأمم المتحدة للاستثمار المسؤول كما يقوم بإصدار تقارير سنوية بنتائج التقدم المحرز لتعزيز أفضل الممارسات في مجالات حقوق الإنسان العمل والبيئة. كما تولي مجموعة QNB أهمية خاصة بمبادئ التنوع والشمول وهو ما ينعكس في تركيبة موظفيها التي تشمل عدداً من الجنسيات المتنوعة التي تعمل في 31 دولة كما تشمل نسبة مشاركة مرتفعة من النساء وحضور قوي في المناصب القيادية العليا لإدارة المجموعة.
وتساهم سياسات البنك الهادفة لضمان التنوع ودعم المبادرات والفعاليات الرياضية والثقافية والاجتماعية المصممة للموظفين في تطوير بيئة عمل مثالية تضمن رفاه جميع موظفي المجموعة. 
تخفيف صدمة جائحة «كوفيد – 19»
لعبت مجموعة QNB دوراً حاسماً في تخفيف الصدمة الاقتصادية والمالية التي أحدثتها جائحة «كوفيد – 19» باستخدام تدابير تستهدف دعم المقترضين مثل تأجيل مدفوعات القروض، وإعادة هيكلة الديون وإقراض القطاعات الرئيسية، بما ساهم في تعزيز مناعة الجهاز المصرفي في قطر.
وبادر البنك بتأجيل أقساط القروض وتمديد سداد الاعتمادات المالية مجاناً بالنسبة للشركات الصغرى والمتوسطة ودون فوائد لمدة 3 شهور خلال الأزمة.
ولعل QNB من ضمن البنوك القليلة حول العالم التي نجحت في تطوير استراتيجية فعالة لإدارة الأزمات والتقلبات طويلة الأجل تماشياً مع سياسة مصرف قطر المركزي والاستراتيجية الوطنية للتنمية التي تستهدف تنويع الاقتصاد وتحويل قطر إلى مركز إقليمي للمعرفة وللنشاطات الصناعية والخدمات عالية القيمة بما يعزز نمو القطاعات غير الهيدروكربونية. 
وقد حظيت تلك الجهود باعتراف دولي حيث نالت المجموعة عدداً كبيراً من الجوائز من أبرزها «أفضل بنك في قطر» لعام 2020 من مجلة يورومني، و«أقوى بنك في العالم العربي 2021»، و«أفضل شركة رائدة في التجارة في قطر» لعام 2020 من مجلة.GTR 
ويأتي الفوز بتلك الجوائز تقديراً لنموذج أعمال المجموعة المتميز ونجاح استراتيجيتها الاستباقية في التصدي لتحديات جائحة كوفيد -19 وجهودها المتواصلة في تطوير حلول وخدمات مصرفية رقمية مبتكرة وآمنة عبر الإنترنت والجوال. 

استقطاب الكوادر الوطنية
رسخ البنك مكانته كوجهة عمل مفضلة نجحت في جذب الكفاءات المتفوقة في قطر وعبر شبكته الدولية حيث أن العمل في QNB هو خطوة نحو تأسيس مسيرة مهنية ناجحة تضمن الارتقاء إلى أعلى درجات السلم الوظيفي. ويعتمد البنك أفضل طرق التوظيف في انتقاء المرشحين كما يحرص على تعزيز ثقافة التميز في الأداء الوظيفي والاستثمار في التدريب والتطوير المستمر لموظفيه عبر مجموعة من البرامج والدورات التعليمية التي يقدمها مركز التطوير والتدريب التابع للبنك ومنصة «إثراء» الرقمية للتدريب. 
وتشمل فرص التعليم برامج لتنمية المهارات الفنية وإدارة الأعمال، ودورات في مجال الائتمان وتقييم المخاطر، إلى جانب المؤتمرات والأنشطة الخارجية. ويعد البرنامج الوطني «كوادر مالية» الذي أطلقته أكاديمية قطر للمال والأعمال بالشراكة مع مصرف قطر المركزي فرصة سنوية لتخريج عدد من موظفي البنك القطريين حديثي التخرج بعد استكمال البرنامج التدريبي والحصول على شهادات معتمدة دوليا تؤهلهم لتولي مناصب قيادية في قطاع الخدمات المالية. 
كما يستفيد الموظفون القطريون من برامج تدريبية متخصصة تتناسب مع احتياجاتهم الوظيفية الدقيقة ، وتحرص المجموعة سنوياً على تنظيم اليوم المفتوح لاستقطاب الكوادر الوطنية تأكيداً على دورها في تعزيز قدرات أبناء الوطن بما يساهم في بناء اقتصاد مستدام قائم على المعرفة.
ويعد QNB شريكاً في جهود استقطاب الكفاءات القطرية الواعدة في مختلف الوظائف والمراكز تماشياً مع الاستراتيجية الوطنية لتطوير القوى العاملة القطرية وتنفيذ خطة التقطير. كما يوفر لموظفيه مجموعة من برامج المنح الدراسية المتاحة في أرقى الجامعات داخل الدولة، إلى جانب برنامج المنح التعليمية الذي يقدمه للطلاب القطريين وبرنامج سفراء QNB الذي يهدف إلى ابتعاث الموظفين القطريين في أحد فروعه الدولية في الخارج لاكتساب الخبرة الدولية.


حضور عالمي لعلامة QNB في كأس العالم FIFA 2022™
على مدار البطولة، سجلت العلامة التجارية لـ QNB، الحائزة على لقب العلامة التجارية المصرفية الأعلى قيمة في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا، حضوراً بارزاً ضمن أكبر العلامات التجارية العالمية خلال هذا الحدث الرياضي العالمي الضخم، مرسخة بذلك مركزها كعلامة مصرفية عالمية. وتمتلك العلامة التجارية للبنك العديد من القواسم المشتركة مع البطولة حيث إنها تحمل الكثير من الشغف والإصرار من أجل تقديم أفضل تجربة مصرفية للعملاء، بما يعزز مكانتها كأيقونة.
وعلى مدى فترة البطولة، نظم QNB سلسلة من الأنشطة والفعاليات الترفيهية والرياضية في الملاعب الثمانية التي استضافت مباريات كأس العالم استهدفت مشجعي كرة القدم من أنحاء العالم في أجواء حماسية رائعة. 

المصدر: العرب القطرية

كلمات دلالية: قطر مجموعة QNB المؤسسات المالية غلوبال فاينانس الأسواق الناشئة أسواق بلومبرغ فی منطقة الشرق الأوسط وإفریقیا العلامة التجاریة المؤسسات المالیة فی الشرق الأوسط مؤسسة مالیة فی عبر الإنترنت المجموعة فی فی الأسواق أعمالها فی حول العالم مجموعة من فی العالم مجموعة QNB آل خلیفة إلى جانب فی مختلف فی تعزیز فی تطویر وفی عام فی مجال من خلال فی عام عدد من عام 2020 فی قطر فی دعم بنک فی

إقرأ أيضاً:

هكذا سيفاجئهم الشرق الأوسط دائماً

شهد سبتمبر/ أيلول، 2021، حدثين هامين على صعيد السياسة العربية، إذ أقدم الرئيس التونسي قيس سعيّد على إلغاء الدستور وحل البرلمان، مسدلًا الستار على أنضج تجربة ديمقراطية عربية أسهم الإسلام السياسي/ الإسلاموية الجديدة (Neo-Islamismـ) في تأسيسها.

غير بعيد عن تونس، في العام نفسه، حصد حزب العدالة والتنمية المغربي – إسلام سياسي- هزيمة تاريخية مع إعلان نتيجة الانتخابات، إذ هبطت حصّته البرلمانية من 125 مقعدًا تحصّل عليها في انتخابات 2016 إلى 13 مقعدًا وحسب.

أعاد الحدثان إلى الواجهة ذلك النقاش القديم حول زوال الإسلام السياسي من المنطقة العربية، النبوءة التي تجترها منصات النقاش منذ خمسينيات القرن الماضي، كما يلاحظ محمد الدعداوي، أستاذ العلوم السياسية في جامعة أوكلاهوما.

تتمتع التيارات الإسلامية بمتانة بنيوية تجعلها مقاومة للفناء، قادرة على إعادة إنتاج نفسها حتى قبل أن تنضج الظروف. كتب الكثير عن التيارات الإسلامية، وغالبًا ما كانت الكتابة تخدم دوافع الانتقام، أو لصالح أنظمة الحكم، لا البحث العلمي. في نهاية المطاف بقيت التيارات الإسلامية، من الجهادية إلى السياسية، خارج حقل الدراسة الأكاديمية، وتركت المسألة المركّبة للمكايدة الإعلامية والدعائية المؤدلجة.

إعلان

في الشرق الأوسط الغامض والمعقد لا يستقرّ شيء على حاله، لا السلام ولا السياسة ولا النبوءات. كما لو أن ديناميكا الاجتماع والسياسة فيه تدفع الأمور لتمضي في شكل دائرة لا على هيئة شلّال.

ولعلّ أصدق لوحة كتبت عن انتصار الثورة السورية، هي تلك الجملة القائلة: "سقط الأبد". لا مكان للأبدية في الشرق الأوسط، حتى إن أشهر جملة يرددها الساسة الغربيون حول المنطقة هي "حق إسرائيل في الوجود". الطبيعة الهيولية للشرق الأوسط تجعل كل شيء غير مستقر، بما فيها المدينة العبرية المحمية بكل آلات الموت والنجاة.

ما من شيء مستقرّ في الشرق الأوسط. فكل محاولة لإعادة هندسته ليبدو جديدًا ومقبولًا تصطدم بحقيقة أنه لا بد من إصلاح ماضيه أولًا. تقع مسألة الصراع العربي – الإسرائيلي في أعلى كشف الحساب، ثم تليها مسألة الوحدة العربية، ومن خلفهما شبكة من القضايا الاجتماعية والسياسية بالغة التعقيد، وكل ذلك من الماضي المفتوح.

المشاريع الأيديولوجية التي ظهرت في الشرق الأوسط خلال القرن الماضي كانت كلها، من أقصى اليمين إلى اليسار، عابرة للحدود، وحدوية، ترفض مشروع الدولة القُطرية التي جاءت على حساب "وحدة الأمة". ماضي الشرق الأوسط ثقيل ومركّب، وهي حقيقة تجعل من "الاستقرار" حدثًا غير مستقر.

يترابط الشرق الأوسط على نحو مثير، ويحدث أن يثير بردٌ في القاهرة حمّى في صنعاء. الأمة الواسعة ذات اللغة الواحدة، والدين الواحد، والتاريخ المشترك، تعرضت لتقسيم انتحاري قبل قرن من الزمن.

ترك ذلك التشظي جرحًا كبيرًا في نرجسية المجتمع العربي المعتد بتاريخه الحضاري وبنظامه الأخلاقي. ما إن لاحت بوادر انهيار الإمبراطورية العثمانية حتى نهضت القوى الاستعمارية الكبرى آنذاك لتتدبر سؤالًا خطرًا: كيف سيبدو شكل السلم والسياسة في العالم إن نجح العرب، ذوو اللغة الواحدة، في تشكيل دولة مركزية تمتد من لبنان على طول البحر المتوسط حتى المغرب المشرف على المحيط الأطلسي؟

إعلان

المراهق المضطرب نفسيًا مارك سايكس، وكان في الثلاثينيات من عمره، وقف أمام القادة البريطانيين، ورسم خطًا من كركوك إلى عكا، قائلًا إنها بلاد شبه فارغة فلنقسمها على هذا النحو.

لم يستقر شيء منذ ذلك الحين، فالحقيقة الشرق أوسطية التي نشأت كنتيجة للحرب العالمية الأولى لا تزال حقيقة فارغة وغير مستقرة.

بعد الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول، 2001، تبنى الأميركان الفكرة القائلة إن الدكتاتورية هي المولد الرئيس لظواهر العنف والإرهاب الطالعة من الشرق الأوسط. وكتبت توماس فريدمان مقالة شهيرة جادل فيها قائلًا إنه ما من معتقل هندي واحد داخل غوانتانامو، حيث 35 ألف معتقل، برغم أن الهند تحوي أكبر تجمع للمسلمين في العالم.

في تقديره، وكانت تلك الفكرة قد صارت إلى تيار عام، أن الديمقراطية الهندية أتاحت منصّات مفتوحة للتعبير السياسي والثقافي، فاستغنى الناس عن التنظيمات السرية والأنشطة العنيفة.

فتح الربيع العربي، 2011، فرصة لشرق أوسط قابل للاستقرار وبقي العالم الغربي متوجّسًا. لم يعلق أوباما على الحدث التونسي إلا قبل رحيل بن علي بيوم واحد. استقبلت إسرائيل الربيع العربي على نحو مختلف، إذ نقلت واشنطن بوست (فبراير/ شباط 2102) عن مسؤول إسرائيلي قوله "بعض الناس في الغرب يقارن ما يحدث في مصر بما جرى في أوروبا سنة 1989. أما نحن فنراه مشهدًا شبيهًا بطهران 1979".

ثمة دلائل كثيرة تشير إلى أن الرؤية الإسرائيلية للديمقراطية في الشرق الأوسط، وجدت مكانها داخل الرؤية الغربية، وهي رؤية ستتجلى في مقالة مهمة لتوماس فريدمان (نيويورك تايمز، 27 نوفمبر/ شباط، 2011) حول إسرائيل والربيع العربي، تذهب المقالة إلى اعتبار إسرائيل "أكبر الخاسرين" من تلك الصحوة العربية.

إسرائيليًا اتخذت الاستخبارات العسكرية اسمًا غامضًا للربيع العربي "Taltala"، وهي كلمة عبرية تعني "الهزة"، وأشير إليه على مستويات أخرى مختلفة بـ "الطاعون المصري"، في سياق توراتي غريب بعض الشيء. حين يتعلق الأمر بالشرق الأوسط، فإن الخيال الإسرائيلي، السياسي والأمني، يصبح مخيالًا غربيًّا.

إعلان

هل الديمقراطية حلٌّ لمعضلة الشرق الأوسط أم هي الدكتاتورية؟ يقدم الكاتب الإسرائيلي لازار بيرمان، في مقال له على تايمز أوف إسرائيل (أبريل/ نيسان،2021) إجابة صادمة: "تقوم إستراتيجية الأمن القومي الإسرائيلي على التفاهمات الضمنية والاتفاقات المكتوبة مع المستبدين العرب، وليس مع الجماهير التي لا تقبل بالوجود الإسرائيلي بشكل كامل".

الاستبداد معضلة تخلق الإرهابيين المهددين للغرب، والديمقراطية تصدّر الإسلاميين والقوميين المعادين لإسرائيل. أخذت الخفّة "الإستراتيجية" هذا الشكل المأساوي في مقاربة الشرق الأوسط، بل وردت التناقضات على لسان المفكر نفسه – فريدمان- في مناسبتين مختلفتين.

في مقالة له على هآرتس، ديسمبر/ كانون الأول 2020، يقرر الكاتب الإسرائيلي آشيل فيفر: "بعد عشر سنوات من الربيع العربي لم يعد أحد يرى في الديمقراطية علاجًا شافيًا للشرق الأوسط". أين نذهب بهذا الشرق الأوسط، وكيف نعالجه؟

في عمله المهم "مائة وهمٍ حول الشرق الأوسط"، صدر سنة 2005، عالج الكاتب الأيرلندي فريدي هاليدي أشهر الخرافات، المفاهيم الناجزة، المتعلقة بالشرق الأوسط، سواء تلك الاستيهامات التي تعيش في خيال المنطقة، أو ما يتخيله الآخر الغربي عن حقيقة الشرق الأوسط وطبيعة سكّانه.

مائة عقيدة حول الشرق الأوسط لا تفيد شيئًا، لا في فهم ماضيه ولا من أجل التنبؤ بمستقبله. تشكل الخرافات، أو المفاهيم، التي ناقشها فريدي النواة الأساسية للخيال الغربي حول الشرق الأوسط. وإن كان الكولونيالي القديم يعتقد أن خير مقاربة للشرق الأوسط، هي تلك القائلة "اطعم العرب وجوّع الفرس"، فإن الرؤى الغربية الحديثة، بما فيها "برنامج الأمم المتحدة للتنمية البشرية، 2002" لا تزال مقيمة في الحقل الاستيهامي نفسه، حيث القيم التقليدية – أي الثقافة – هي المعضلة، كما يلمح التقرير الأممي المشار إليه.

إعلان

تجاهل التقرير الأممي السياق التاريخي والدولي الذي تشكلت في ظله مجتمعات الشرق الأوسط خلال قرنين من الزمن، كما يجادل هاليدي. التبعية للغرب، خلق الدولة السلطوية، والاقتصادات الريعية، كل ذلك قولب مجتمعات الشرق الأوسط داخل كيانات تابعة وغير مستقرة.

من قبيل السخرية يرى هاليدي أن الدولة الوحيدة بين كل دول الشرق الأوسط التي اتخذت لها اسمًا دينيًا هي إسرائيل، وهي التي يشار إليها بحسبانها الكيان الديمقراطي الحداثي الأوحد. رفضت إسرائيل، الحداثية، تصنيف نفسها كجمهورية أو ملكية، محتفظة بحالتها المائعة في شكل "مدينة عبرية"، الميوعة التي يتطلبها ظهور "المسيح اليهودي" في آخر الزمان، بحسب هاليدي. يبدو كل شيء في الشرق الأوسط مائعًا، هيوليًا، مركبًا غير مستقر.

لنلقِ نظرة على صورة الشرق الأوسط قبل أسبوع واحد من السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023. جلس جيك سوليفان- مستشار بايدن لشؤون الأمن القومي- على خشبة مسرح في واشنطن يقابله غولدبيرغ، رئيس تحرير مجلة ذي أتلانتيك، وتحدثا عن الشرق الأوسط. قال سوليفان إن "منطقة الشرق الأوسط باتت اليوم أكثر هدوءًا مما كانت عليه منذ عقدين من الزمن".

ولكي يبدو واقعيًا قال سوليفان إنه "لا تزال هناك تحديات، كمثل التوترات بين الإسرائيليين والفلسطينيين". لكن، يستدرك سوليفان "مقدار الوقت الذي يتعين علي أن أقضيه في الأزمات والصراعات في الشرق الأوسط اليوم، مقارنة بأيّ من أسلافي، قد انخفض بشكل كبير". التوترات البسيطة، كما تخيلها العقل الإستراتيجي الأميركي، زعزعت الكوكب بأسره فجأة. ضربت فراشة بجناحيها في اللامكان، في بقعة هي أبعد ما تكون عن التأثير حول ما يجري في العالم.

يفترض المفهوم الفيزيائي "أثر الفراشة" أن حركة طفيفة للغاية بمقدورها أن تحدث تغييرًا هائلًا في النتائج. وإن كان ذلك ممكنًا في سياق من الاستثناء الطبيعي في العالم، ففي الشرق الأوسط يبدو أثر الفراشة قانونًا مركزيًا. ما إن تستريح القوى الكبيرة، المحلية والدولية، لترتيبٍ ما جارٍ في المنطقة حتى ينهار البناء بالكامل؛ بسبب حدث صغير في مكان غير متوقع.

إعلان

لم يكن الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول، 2001، استثناء، فالتاريخ يخبرنا أن الانتفاضة الأولى حدثت بسبب حادث سير في العام 1987. تضرب فراشة صغيرة بجناحيها، أحيانًا على شكل مزحة عابرة، فتصعد الأمواج وتضرب أبعد الأماكن.

قبل ذلك برزت طالبان من المجهول لتبسط نفوذها على كل البلاد خلال وقت قصير. ومع نهاية السنة الأخيرة من عقد السبعينيات، 1979، حدثت الثورة الإسلامية من خارج حزام التوقّعات، من اللحظة التي اعتقد فيها شاه إيران أن حكمه صار أبديًّا.

كما انطلق الربيع العربي بعد أن أشعل شاب في تونس النارَ في جسده. وعندما اعتقد الأسد أن بقاء نظامه مصلحة حاسمة بالنسبة لعدد كبير من اللاعبين الأقوياء، وأن "سوريا المفيدة" هي سوريا المخلصة والخاضعة في آن، خرجت ثورة على عجل لم تمهله سوى بضعة أيام. لا يمكن لأحد أن يتنبأ بحركة الرياح في الشرق الأوسط، حتى بالنسبة لأولئك الذين جعلوا منه حقل تجارب وادعوا فهمًا عميقًا بأحواله.

لأن السياسة لم تستقر بعد، والمدينة العربية لا تزال واحة صغيرة محاطة بالبداوة والريف، لأن كل شيء لا يزال جنينيًا، السياسة والثقافة والبحث العلمي، ولأن الظواهر المعقدة كالديمقراطية والإسلاموية والتنوّع الديني والمذهبي لم تجد طريقها إلى الدراسة الأكاديمية الحرّة، بل يجري دفنها كما لو أنه لا وجود لها، فإن الشرق الأوسط سيحافظ على سمته الجوهرية، وهي أنه مركّب غير مستقر، لا يمكن التنبؤ بمآلاته. ومن أبرز ملامح عدم استقراره، هو وقوعه تحت ظاهرة "أثر الفراشة".

لا يمكن الاستخفاف بتعقيدات الشرق الأوسط ولا تسطيحها. فعل ترامب ذلك من خلال مشروع "صفقة القرن". ترامب، الذي لم يكن يعلم أن أوكرانيا مجاورة لروسيا، كما اعترف مساعدوه، عهد بعقدة الشرق الأوسط، المسألة الفلسطينية، إلى مقاول مراهق.

أعد المراهق الشاب، جاريد كوشنر، مشروع الصفقة في حوالي 180 صفحة، تجاهل مفهوم الدولة المستقلة، القدس، اللاجئين، وسلسلة من التعقيدات الديمغرافية. بدلًا عن ذلك قدم عرضًا استثماريًا في مناطق السلطة الفلسطينية مقداره 50 مليار دولار. من نافلة القول الحديث عن مآل ذلك المشروع.

إعلان

يُراد من سكّان هذا الشرق غير المستقر الاعتراف بدولة تصرّ على القول إنها بيولوجيًا وثقافيًا كيانٌ أوروبي، وترفض تعيين حدودها الجغرافية. كل الترتيبات الغربية حيال الشرق الإسلامي، منذ وعد بلفور وحتى السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، كانت فقيرة إلى الخيال والمعرفة في آن واحد.

الاعتقاد بأن وضع الشرق الأوسط في خانة "الاستثناء الأكبر" – ما يعني تعطيل الأعراف والقوانين الدولية حين يتعلق الأمر بوقائعه السياسية كالمعضلة الإسرائيلية – أسهم في جعل الاستثناء قاعدة.

ولا أدري ما إذا كانت الفكرة قد خطرت في ذهن بن لادن، وهو يمنح تنظيمه اسم "القاعدة". ففي رسالته إلى أميركا، نوفمبر/ تشرين الثاني 2002، تحدث بن لادن عن الأسباب التي دفعته لإعلان الحرب على أميركا، في صلب تلك الأسباب استثناء إسرائيل من نظام العدالة الدولية.

في العام الماضي، 2023، اضطرت صحيفة ذا غارديان إلى حذف رسالة بن لادن من موقعها بعد أن تُدولت على نحو واسع في السوشيال ميديا. فالعقل الغربي لا يقبل القول إن هنالك أسبابًا خارجية لعدم الاستقرار في الشرق الأوسط، وأن "القيم التقليدية" لا تصلح تفسيرًا لكل شيء.

لا يزال الشرق الأوسط في الخيال الغربي – السياسي والثقافي- هو تلك الأرض الموبوءة من داخلها، جينيًّا وثقافيًّا. وهي مكان سيقطع سكّانه رأسك إن لم يعجبهم شكل وجهك، كما قالت أغنية التتر في النسخة الأولى من فيلم علاء الدين – ديزني 1993- قبل الاضطرار لتغييرها.

لم يذهب التقرير الأممي، 2002، بعيدًا عن تلك الأغنية. فإشارته إلى "القيم التقليدية" المعرقلة للحداثة هي إشارة تصف، على نحو غير مباشر، شعوبًا على هامش الحضارة، برابرة أو همجيين، من الممكن أن يقطعوا رأس الرجل حين لا تعجبهم ملامح وجهه.

أما صفقة القرن، الترامبية، فلا يوجد في صفحاتها المائة والثمانين ما يشير إلى أن واضعيها قد أخذوا الشرق الأوسط، بشرًا وتاريخًا وثقافةً، على محمل الجِد.

إعلان

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • البنك المركزي المصري يدعم تجهيز أول مركز متخصص لزراعة الكبد على مستوى الشرق الأوسط وإفريقيا بجامعة المنصورة
  • فوز "ميتسوبيشي" بـ3 ألقاب ضمن جوائز "سيارة العام في العالم العربي"
  • البنك الوطني العماني يطلق خدمة تسجيل وتتبع الشكاوى عبر تطبيق الخدمات المصرفية
  • هكذا سيفاجئهم الشرق الأوسط دائماً
  • “غلوب سوكر”: فينيسيوس ورونالدو الأفضل في العالم والشرق الأوسط
  • جوائز الأفضل من جلوب سوكر 2024.. 4 منها ذهبت إلى رونالدو وفينيسيوس
  • حفل جوائز جلوب سكور.. كريستيانو رونالدو يتوج بجائزة أفضل لاعب في الشرق الأوسط 2024
  • رونالدو يتوج بجائزة أفضل لاعب في الشرق الأوسط
  • الموت يغيب ابن خلدون الشرق عن عمر ناهز 85 عاماً
  • المغرب يحقق قفزة في إنتاج الكهرباء المحلية ويعزز الريادة في الطاقة الريحية