نتنياهو يرفض ضمانات أمنية عربية مقابل دولة فلسطينية.. فما هي؟
تاريخ النشر: 11th, February 2024 GMT
في ظل الحرب الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، توافق دول عربية على تقديم "ضمانات أمنية رائعة" وغير مسبوقة لإسرائيل مقابل قيام دولة فلسطينية، لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يرفض خطة السلام التي تتوسط فيها الولايات المتحدة، بحسب مجلة "ذي إيكونوميست" البريطانية (The Economist).
وقالت المجلة، في تقرير ترجمه "الخليج الجديد"، إن "انتصار إسرائيل في حرب الأيام الستة عام 1967 قوبل باللاءات الثلاث في القمة العربية بالخرطوم: لا سلام مع إسرائيل، لا اعتراف بها، لا مفاوضات. ويقول المسؤولون الأمريكيون إن الحرب في غزة يبدو أن لها تأثيرا معاكسا".
وأوضحت أن "السعودية، أهم دولة عربية، تقول نعم للسلام والمفاوضات والاعتراف بالدولة اليهودية، إذا وافقت إسرائيل على "مسار واضح وموثوق" لإنشاء دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، التي تم احتلالها عام 1967".
وأضافت أنه "ربما يكون هناك خياران آخران معروضان: نعم للضمانات الأمنية العربية لإسرائيل، بما يتجاوز العلاقات الدبلوماسية؛ ونعم لمساعدة الدول العربية في إصلاح السلطة الفلسطينية حتى تصبح مؤهلة لإدارة غزة".
و"هذه هي الرسالة التي حملها وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إلى إسرائيل هذا الأسبوع، بعد عبوره شبه الجزيرة العربية، في جولته الإقليمية الخامسة منذ هجوم حركة حماس (على قواعد عسكرية ومستوطنات إسرائيلية) في 7 أكتوبر الماضي"، وفقا للمجلة.
واستدركت: "ولكن إذا حكمنا من خلال رد الفعل المتسم بالازدراء من جانب نتنياهو، فإن إسرائيل أصبحت الآن هي التي ترفض".
اقرأ أيضاً
التطبيع وفلسطين.. 3 رسائل سعودية للداخل وأمريكا وإسرائيل
الخطوة الأولى
و"يسعى بلينكن إلى تحويل الرعب في غزة إلى فرصة للسلام (...) لكن الطريق إلى اتفاق إقليمي ليس مضمونا على الإطلاق"، بحسب المجلة.
وأرجعت ذلك إلى أن "صفقة تبادل الأسرى، وهي الخطوة الأولى الأساسية في الخطة الأمريكية، تقع على عاتق الرجل الذي عقدت إسرائيل العزم على قتله: وهو يحيى السنوار، زعيم حماس في غزة".
وتابعت: "مع ذلك، جلب بلينكن أخبارا تبعث على الأمل. وفي 6 فبراير الجاري، أخبره أمير قطر أن حماس ردت على صفقة الأسرى التي صاغتها إسرائيل وأمريكا ومصر وقطر. واعتبرت قطر الإجابة "إيجابية". لكن نتنياهو رفض المقترح ووصفه بأنه "وهمي".
المجلة شددت على أن "هذا يسلط الضوء على نتنياهو، الذي أعلن عن نيته الاستمرار في القتال من أجل تحقيق "النصر المطلق" ومعارضته لإقامة دولة فلسطينية. ويريد القادة العرب من واشنطن أن تمارس المزيد من الضغوط عليه".
وانتقد بلينكن إسرائيل بسبب عدد القتلى "المرتفع للغاية" في غزة، وهو أكثر من 27 ألف فلسطيني، وطالب بمزيد من المساعدات الإنسانية لسكان القطاع. وفي الأول من فبراير، فرضت واشنطن عقوبات على أربعة مستوطنين يهود متهمين بارتكاب أعمال عنف ضد الفلسطينيين، مما أثار غضب نتنياهو.
كما "يبدو بلينكن قلقا من تقدم القوات الإسرائيلية نحو مدينة رفح في الطرف الجنوبي من غزة، حيث يتركز الفلسطينيون ويكمن الخطر في دفعهم عبر الحدود إلى سيناء المصرية، وفي محاولة لطمأنة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أعرب بلينكن عن "رفض أمريكا لأي تهجير قسري للفلسطينيين من غزة"، كما أضافت المجلة.
اقرأ أيضاً
بلينكن: بن سلمان أكد اهتمام المملكة بتطبيع العلاقات مع إسرائيل
ضمانات أمنية
وقالت المجلة إن "أمريكا تريد أن توافق إسرائيل على "موعد زمني لا رجعة فيه لقيام دولة فلسطينية" كجزء من اتفاق بين أمريكا وإسرائيل والسلطة الفلسطينية والسعودية. وستوقع أمريكا معاهدة دفاع مع المملكة وتزودها بتكنولوجيا نووية مدنية، وستوافق السلطة الفلسطينية على الإصلاح".
وتابعت: "ولتحسين الصفقة، قال بلينكن إن الدول العربية ستقدم لإسرائيل "ضمانات أمنية" غير محددة. وتشير مصادر مطلعة إلى أن الخيارات قد تشمل المزيد من تبادل المعلومات المخابراتية، وإقامة منطقة دفاع جوي مشتركة، وإجراء تدريبات عسكرية مشتركة".
وقال بلينكن إن الدول العربية مستعدة "للقيام بأشياء مع إسرائيل ومن أجلها لم تكن مستعدة للقيام بها في الماضي".
"كما تبدو الدول العربية مستعدة لمساعدة السلطة الفلسطينية في الإصلاح"، بحسب المجلة التي لفتت في هذا السياق إلى اجتماع وزراء خارجية السعودية والإمارات وقطر ومصر والأردن مع مسؤولين من السلطة الفلسطينية في الرياض يوم 8 فبراير الجاري.
وأضافت أن القادة العرب "يبدو أنهم يدركون أنه يتعين عليهم أن يتحملوا مسؤولية أكبر فيما يتعلق بتسوية القضية الفلسطينية، وإلا فإنهم يجازفون باستغلال إيران للقضية الفلسطينية لصالحها".
وتساءلت المجلة: "هل يستطيع نتنياهو أن يقول نعم للسعوديين؟ وإذا رفض فهل مَن سيحل محله سيكون أكثر استعدادا؟"، معتبرة أنه "لا بلينكن ولا أي شخص آخر متأكد من ذلك".
اقرأ أيضاً
تقدير أمريكي: منطق التطبيع لايزال قائما بالخليج.. لكن "ثمنه" الإسرائيلي ارتفع
المصدر | ذي إيكونوميست- ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: الدول العربية دولة فلسطينية ضمانات أمنية إسرائيل نتنياهو السلطة الفلسطینیة الدول العربیة دولة فلسطینیة ضمانات أمنیة فی غزة
إقرأ أيضاً:
خيارات نتنياهو لمواصلة الحروب العدوانية
إدارة جو بايدن الرّاحلة قريباً في «حيص بيص» من أمرها، فبعد تبنّي سياسة تقديم كلّ الدعم اللازم، شاركت دولة الاحتلال أهداف حربها وتحمّلت ما حمّلته للولايات المتحدة من أعباء، وخسائر وفشل وعزلة، تحاول أن تستثمر ما تبقّى لها من وقتٍ للفوز بادّعاء أنّها صاحبة الفضل في إتمام صفقة تبادل الأسرى، ووقف الحرب.
لا بدّ أنّها رفعت في وجه بنيامين نتنياهو بطاقة خطيرة لم تخطر على بال الأخير، الذي كان يفضّل الاستمرار في الحرب العدوانية على قطاع إلى ما بعد دخول دونالد ترامب البيت الأبيض.
وتزداد أزمة نتنياهو مع اتفاق بايدن وترامب، على ضرورة إتمام الصفقة، ووقف الحرب، والتي وضع لها ترامب سقفاً زمنياً لا يتجاوز العشرين من كانون الثاني القادم.
تذكّرنا الورقة التي رفعها بايدن في وجه نتنياهو بما فعله الرئيس الديمقراطي السابق باراك أوباما حين امتنع مندوب أميركا في مجلس الأمن عن التصويت على قرار عدم شرعية وضرورة وقف الاستيطان، ما سمح بتمرير القرار في سابقة غير معهودة.
بايدن يرفع ورقة تمرير الاعتراف بالدولة الفلسطينية في مجلس الأمن ربّما بالطريقة ذاتها، إذ ثبت أنّ نتنياهو المسؤول عن تعطيل التوصّل إلى صفقة التبادل.
أيّام قليلة صعبة تواجه نتنياهو، الذي قد يقع في مصيدة بايدن وربّما إنّ تجاوزها، فقد لا يتمكن من تجاوز مصيره ترامب.
كلّ المصادر بما في ذلك الإسرائيلية تتحدّث عن أن حركة «حماس» أبدت مرونة كبيرة، وأنّها باتت مستعدّة بشهادة الوسطاء، بل وتتحدّث عن احتمال توقيع الصفقة قبل نهاية العام الجاري.
أميركا أكثر من يعلم أنّ نتنياهو هو الذي يشكّل العقبة أمام التقدّم نحو إتمام الصفقة وأنه يخترع المزيد من التفاصيل والشروط لتأخير ذلك، ويستغل كل دقيقة لإنجاز «خطة الجنرالات» في شمال القطاع، وتدفيع الفلسطينيين أكبر ثمن ممكن قبل التوقّف الاضطراري.
على أنّ التصريحات التي يدلي بها وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، تنطوي على اعترافات متناقضة، فهو يكرّر رفض بلاده احتلال الدولة العبرية لقطاع غزة، وكان بإمكان إدارته أن تمنع ذلك، وأن ترغمها على وقف الإبادة الجماعية والتجويع التي ألحقت بها وأميركا مخاطر وخسائر ذات أبعاد إستراتيجية.
حين يقول بلينكن إنّ احتلال القطاع سيؤدّي إلى استمرار «حماس» في القتال، فإنّه يعترف بفشل دولة الاحتلال في سحق المقاومة وإنهاء حكم «حماس»، كما جاء في تصريح سابق أعلن خلاله أنّ دولة الاحتلال تمكّنت من إنهاء «حماس» مقاومةً وحكماً.
هو اعتراف بالفشل، ومحاولة بيع نتنياهو وهم تحقيق الانتصار، وأنّ الاستمرار في الحرب واحتلال القطاع لأجلٍ غير مسمّى لا يخدمان مصلحة دولة الاحتلال.
من الواضح أنّ نتنياهو يحاول، قبل أن يقفل ملفّ القطاع، أن يفتح المجال أمام إمكانية متابعة حربه العدوانية في مناطق أخرى، والذرائع إن لم تكن متوفّرة، فهو قادر على اختلاقها.
في الطريق إلى فتح جبهة إيران، صعّدت دولة الاحتلال اعتداءاتها على اليمن، حيث قامت عشرات الطائرات الحربية الإسرائيلية بإلقاء أكثر من 60 قنبلة على منشآت مدنية وعسكرية يمنية.
وبالتزامن، قامت الطائرات الحربية الأميركية باستهداف منشآت يمنية تكمل ما قامت به الطائرات الحربية الإسرائيلية، وتتحدّث المصادر الأميركية عن مواصلة العمل، وتجنيد أطراف أخرى للمشاركة.
دولة الاحتلال الرسمية تتحدّث عن تنسيق مع أميركا لمواصلة استهداف منشآت حيوية عسكرية وأمنية في اليمن، ما يصل إلى حدّ فتح جبهة حرب جديدة على نحوٍ لا يشبه ما جرى خلال الأشهر السابقة من الحرب.
خلق هذا العدوان، الذي يتجّه نحو التصعيد، حالةً من ردّ الفعل القوي والعنيد لدى اليمنيين، الذين أكدّوا ثباتهم على موقف إسناد الشعب الفلسطيني ومقاومته، وبالتزامن مع وصول الطائرات المعتدية إلى اليمن أطلق «الحوثيون» صاروخاً على يافا، لم تتمكّن كلّ أنواع الدفاعات الجوّية الإسرائيلية من اعتراضه، بالإضافة إلى عديد المسيّرات التي وصلت إلى أهدافها.
ما تعرّض له اليمن من عدوان إسرائيلي ينطوي على أكثر من رسالة، فهو يحمل معنى «البروفة»، لما قد تتعرّض له إيران، ومحاولة رفع معنويات الإسرائيليين، الذين تدّعي حكومتهم الفاشية أن يدّ جيشها قادرة على الوصول إلى أبعد الأماكن دفاعاً عنهم.
وبالإضافة فإنّ الأمل يحدو نتنياهو بأن يواصل توجيه ضربات موجعة لليمن، لاستكمال فصل الجبهات بعد أن نجح في لبنان وسورية.
إن كان هذا الهدف واقعياً، فإنّ جبهة اليمن ستشهد تصعيداً كبيراً خلال الأيام المقبلة، وأكثر مع اقتراب التوصّل إلى صفقة التبادل، حتى لا تكون هناك فجوة بين وقف الحرب العدوانية على غزّة والحاجة لاستمرارها في المنطقة.
وهذا، أيضاً، يعني أنّ ثمّة ما بعد اليمن، فعلى الطريق إلى إيران باعتبارها الهدف الأسمى لنتنياهو، قد يدفع نحو تأجيج الصراع مع المقاومة في العراق.
إدارتا أميركا، الراحلة والقادمة، إن كانتا تركّزان على وقف الحرب العدوانية على القطاع، فإنّهما لا تريان ضرراً من التصعيد، مع اليمن أو العراق، وحتى مع إيران.
ترامب يحتاج إلى ذلك، فكلّما كانت النيران في المنطقة أكثر اشتعالاً، فإنّ إنجازه بوقف وإطفاء تلك النيران سيكون أكثر أهمية وأكثر استثماراً، لوقف الحروب كما يريد ترامب أثمان ينبغي أن يدفعها أحد، والمرشّح في هذه الحالة هم العرب، الذين قد تتعرّض مصالحهم لأضرار بليغة، في حال تصعيد الحرب ضدها من قبل دولة الاحتلال وأميركا.
المنطقة إذاً مرشّحة لتطوّرات خطيرة خلال الشهر المتبّقي على دخول ترامب البيت الأبيض.
الأيام الفلسطينية