هل ستفضي تحركات المبعوثين الأمريكي والأممي إلى إعلان سلامٍ باليمن، أم أن لا شيء سيتغير؟.. تقرير
تاريخ النشر: 11th, February 2024 GMT
يساور اليمنيين ومثلهم في الخليج وعلى المستوى الدولي القلق من إمكانية أن يتوسع الحوثيون في حرب إقليمية على "إسرائيل"، ما يمثل ضربة قوية للرهان على التوصل إلى اتفاق يساعد اليمن على الخروج من الحرب المستمرة منذ 9 سنوات.
وتشير كثافة الحراك الأممي والأمريكي إلى بلوغ جهود السلام في اليمن مرحلة متقدمة تصفها مصادر يمنية متعدّدة بالمنعطف الحاسم نحو توقيع اتفاق وشيك يرسي تهدئة دائمة تفتح الباب لعملية سلام جادة.
وفي ديسمبر الماضي، بدت معالم انفراجة في ملف السلام اليمني إثر جولات تفاوض مكثفة احتضنتها العاصمتان السعودية والعُمانية، لكن ومع تصاعد التوترات في البحر الأحمر والإقليم، تأتي التساؤلات حول ما إن كانت تحركات المبعوثين الأمريكي والأممي ستفضيان إلى إعلان سلامٍ باليمن، أم أن لا شيء سيتغير؟
تحركات مكثفة بالرياض
تشهد عواصم خليجية وطهران تحركات مكثفة من أجل السلام في اليمن، وبدت الزيارات التي يقوم بها المبعوثان، الأمريكي والأممي، ذات أهمية كبيرة مع تصاعد التوترات بين الحوثيين من جهة، وأمريكا وبريطانيا من جهة أخرى، في البحر الأحمر.
وشهدت العاصمة السعودية الرياض، مطلع فبراير الجاري، لقاءات مكثفة، حيث التقى المبعوث الأممي الخاص لليمن، هانس غروندبرغ، عدداً من كبار المسؤولين والدبلوماسيين، من بينهم السفير السعودي لدى اليمن، محمد آل جابر، وسفراء الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن.
وقال بيان لمكتب المبعوث (7 فبراير 2024): "إن الاجتماعات تناولت الحاجة إلى خفض التصعيد على المستوى الإقليمي، واستمرار ضبط النفس داخل اليمن، وبحثت سبل دعم التقدم نحو وقف إطلاق نار يشمل عموم اليمن، واتخاذ تدابير لتحسين الظروف المعيشية، واستئناف عملية سياسية برعاية الأمم المتحدة".
وفي اليوم ذاته، كان رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن، رشاد العليمي، يجتمع بالرياض مع المبعوث الأمريكي إلى بلاده، تيم ليندركينغ، ومعه السفير الأمريكي، ستيفن فاغن، فيما التقيا أيضاً برئيس الحكومة اليمنية الجديد لبحث الملف المتعلق بالسلام.
وذكرت وكالة الأنباء الحكومية أن اللقاءات تطرقت "إلى العلاقات الثنائية بين البلدين الصديقين، وسبل تعزيزها في كافة المجالات، والدعم الأمريكي المطلوب لتعزيز موقف الاقتصاد اليمني، بما في ذلك تخفيف المعاناة الإنسانية التي صنعها الحوثيون".
كما التقيا وزير الدفاع السعودي، خالد بن سلمان، حيث قال في تغريدة على منصة "إكس" إنه استعرض مع ليندركينغ المستجدات في اليمن ودعم المملكة لجهود الأمم المتحدة للتوصل إلى خارطة طريق تدعم مسار السلام، ووقوف بلاده مع اليمن وحرصها على تشجيع الحوار والتوصل لحل سياسي يحقق نهضة وتنمية مستدامة.
وفي أبوظبي، التقى ليندركينغ مع أنور قرقاش، المستشار الدبلوماسي لرئيس الإمارات، (8 فبراير)، وبحث معه مستجدات الأزمة اليمنية والجهود الرامية إلى إيجاد حل مستدام ينهي المعاناة الإنسانية التي يعيشها الشعب اليمني.
في طهران
كانت العاصمة الإيرانية طهران التي تدعم مليشيا الحوثي، أولى العواصم التي زارها المبعوث الأممي إلى اليمن، حيث التقى وزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان (3 فبراير)، وكبير مستشاريه في الشؤون السياسية، علي أصغر خاجي.
وحينها شدد غروندبرغ على ضرورة الحفاظ على التقدم الذي تحقق نحو وقف إطلاق النار على مستوى البلاد، واتخاذ التدابير اللازمة لتحسين الظروف المعيشية لليمنيين.
كما أكد ضرورة استئناف عملية سياسية في اليمن برعاية الأمم المتحدة، مشيراً إلى أنه استعرض مع المسؤولين الإيرانيين "سبل الحفاظ على بيئة مواتية لاستمرار الحوار البناء في اليمن، بما في ذلك من خلال الدعم الإقليمي والدولي المستمر لعملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة".
وقال: "يشجعني الدعم الإقليمي المستمر لجهود السلام التي تبذلها الأمم المتحدة في اليمن، بينما هناك الكثير مما يزال على المحك لـ30 مليون يمني".
فيما اعتبر عبد اللهيان الهجمات العسكرية الأمريكية والبريطانية على اليمن، وإدراج الحوثيين مرة أخرى على قائمة "الإرهاب" الأمريكية، هي السبب التي "جعلت الظروف أكثر تعقيداً، وعرقلت الحل السياسي" في اليمن.
تعقد المهمة
وحول تحركات المبعوثين الأممي والأمريكي، يعتقد الكاتب والصحفي اليمني عبد الله المنيفي، أنه بـ"إمكان الأمم المتحدة عبر مبعوثها، والولايات المتحدة عبر مبعوثها إلى اليمن، إحياء عملية السلام، أو الدفع بها، بعد الجهود السعودية العمانية خلال نحو عام".
لكن على الرغم من ذلك، ونظراً إلى تأثير الأحداث الإقليمية المرتبطة بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، يرى "أن الأمور ربما تعقدت أكثر مما مضى، حيث تم منح مليشيا الحوثي دوراً أكبر من حجمها، سواء بقصد أو بدون قصد"، معتبراً أن ما تقوم به "يأتي ضمن تنسيق الأدوار بين المليشيات المرتبطة بإيران في المنطقة".
ونقل موقع"الخليج أونلاين" عن الصحفي المنيفي قولة بأن "السردية الغربية للقضية اليمنية طول تسع سنوات مضت خدمت الحوثي من جميع النواحي، بل وهيأت له الفرصة لتقوية موقفه، فإن المتغيرات الأخيرة ربما مكنت من تعديل هذه السردية، ليس من باب النظر إلى مصلحة اليمنيين، بل من خلال التفسير الأناني للمصلحة الغربية".
ويعتقد أنه "من المتوقع أن هذا التعديل يدفع للضغط على مليشيا الحوثي للسير نحو السلام، وذلك عن طريق إيران التي وصلها المبعوث الأممي".
وفي المقابل يرى أن السعودية "بدت بوضوح كوسيط في القضية اليمنية، والتزمت مسار الدفع بمسار الحل السياسي"، مشيراً إلى أن الرياض "تدرك أهمية الحل السياسي، على الأقل لمنع المزيد من التدهور في المجالين الإنساني والاقتصادي، وهذا ما دفع الشرعية اليمنية، منذ تأسيس المجلس الرئاسي، لتقديم تنازلات كبيرة جداً".
وفيما يتعلق بالتوتر في المنطقة، يرى أن ذلك "يعقد مهمة المبعوثين، خصوصاً أن مليشيا الحوثي لا تتوقف عن تقديم المزيد من الاشتراطات، والتي إن زادت عما هي إلى الآن فإنها تعني أن السلام المزمع مجرد تسليم للمليشيا، بينما لا يهم الأمم المتحدة ولا الولايات المتحدة الأمر الحاسم لدى اليمنيين المتمثل في استعادة الدولة ونزع السلاح الثقيل".
وفي حال وصل تهديد المليشيا إلى مستوى مقلق لدى القوى الدولية، فيرجح المنيفي أن يتم الضغط على إيران، "من أجل أن تخضع مليشيا الحوثي لإحلال السلام في اليمن".
خارطة الطريق
وفي خضم حالة الاحتقان التي تمر بها المنطقة منذ الـ7 من أكتوبر الماضي، من جراء العدوان الإسرائيلي على غزة، وتوسع التصعيد إلى البحر الأحمر، جاء إعلان أممي، أواخر ديسمبر الماضي، عن توصل الأطراف اليمنية إلى جملة من التدابير تسبق خريطة طريق مرتقبة لحل الأزمة في البلاد.
وحتى اللحظة لم يتم الاتفاق على مكان وزمان التوقيع على خريطة الطريق بين الأطراف اليمنية، وسط مخاوف من غياب الآلية الضامنة لتنفيذ جملة الإجراءات التي كشف عنها غروندبرغ في بيانه (23 ديسمبر).
وتتلخص أبرز عناصر الخريطة المرتقبة في "الالتزام بوقف إطلاق النار، وصرف الرواتب، واستئناف تصدير النفط، وفتح الطرقات، وتخفيف القيود على مطار صنعاء وميناء الحديدة".
الانفراجة في ملف السلام اليمني جاءت إثر جولات تفاوض مكثفة احتضنتها العاصمتان السعودية والعُمانية، حيث كان للرياض ومسقط دور بارز في التوصل لتلك التفاهمات، والتي إن نجحت فستنهي أكبر أزمة يمر بها اليمن منذ مطلع العام 2015.
المصدر: مأرب برس
كلمات دلالية: الأمم المتحدة ملیشیا الحوثی فی الیمن
إقرأ أيضاً:
سلام مزيف
في عالم اليوم، نجد أنفسنا محاطين بشعارات السلام ومن يدعون أنهم يتبنونه، ولكن ما يثير القلق هو وجود جماعات تضع قناع إسلام مزيف يتعارض مع تعاليم الإسلام الحقيقي، هذا التداخل أدى إلى ظهور جماعات الإسلام السياسي التي استخدمت الدين كأداة لتحقيق أهداف سياسية بعيدة عن جوهر التعاليم النقية، كما أن هذه الجماعات لا تتردد في استغلال النصوص الدينية وتحريفها لتبرير أفعالها، مما يتجلى بوضوح في أعمال العنف والتمييز الذي يرتكبه أتباعها باسم الإسلام.
الإسلام يحذر من خطر المنافقينعندما نتأمل في سورة المنافقون، نكتشف تحذيراً قوياً من هذه الفئة من البشر الذين يتظاهرون بالإيمان بينما يتآمرون ضد الأمة، لقد جاءت هذه السورة كملاحظة مهمة للمجتمع حول خطر هؤلاء المنافقين الذين يعيشون بيننا، ويضعون السم في العسل، يُظهرون وجوهاً جذابة لكنهم يخفون خلفها نيات خبيثة، يسعى القرآن الكريم إلى تسليط الضوء على صفاتهم المظلمة، محذراً من استغلالهم للدين لنشر الفوضى والفتن وقد قال فيهم تعالى: "إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم".
خطورة جماعات الإسلام السياسي وسياستها المتلونة
إن جماعات الإسلام السياسي تتنقل من بلد إلى آخر، مغيرة استراتيجياتها بما يتماشى مع الظروف المحيطة، في بعض الأحيان، تجدهم يتظاهرون بالسلام فقط ليغيروا من نغمتهم، ويهاجموا الآخرين في أوقات أخرى؛ إنهم يتلونون مثل الحرباء، مختبئين وراء شعارات زائفة تهدف إلى خدمة مصالحهم الشخصية، وتضليل الرأي العام وتخدير عقولهم عن إدراك حقيقتهم، والأخطر من ذلك هو قدرتهم على التواصل مع المجتمعات والاندماج ضمن السياقات المحلية، بينما يخططون للانقضاض على الاستقرار المجتمعي، إن قدرتهم على جذب الناس من خلال شعارات السلم، رغم نياتهم الحقيقية، تشكل تحدياً كبيراً يتطلب وعياً وتأملاً عميقاً.
سلام جماعات الإسلام السياسي غطاء للوصول إلى الهيمنة
إن السلام الذي تقدمه جماعة الاسلام السياسي ليس أكثر من زيف متنكر في ثوب جذاب، يخفي وراءه نيات خبيثة، فهم كالذئاب التي ترتدي ثياب الحمل، يتربصون باللحظة المناسبة لينقضوا على خصومهم، إن التجربة مع هذه الجماعات تكشف أن سلامهم هو في الواقع مجرد خدعة ولدغة، تهدف إلى إخضاع المجتمعات وتحقيق السيطرة عليها، لذا، يجب أن نكون يقظين، ونتأكد من أن مجتمعاتنا تقوم على أسس متينة من الحوار والتفاهم الحقيقي، وليس على وهم السلام الذي قد يكون غطاءً لنيات متآمرة تطمح إلى الهيمنة، وسبحان الذي صدق قوله فيهم: "وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم كأنّهم خشب مسنّدة يحسبون كل صيحة عليهم هم العدوّ فاحذرهم قاتلهم الله أنّى يؤفكون".