إعداد :يمامة بدوان

تحظى دولة الإمارات العربية المتحدة بسجل حافل في مجال الاستدامة، من خلال مبادرات ومشاريع وطنية طموحة، تعكس القيم الراسخة للحفاظ على البيئة والتقاليد المجتمعية، كما تتخذ الدولة من العمل الجماعي نهجاً نحو تحقيق مستقبل مستدام، في إطار دعم مبادرات تحقيق الحياد المناخي وتعزيز جهود الحفاظ على الحياة، البرية والبحرية.

وتأكيداً لهذا النهج، جاء إعلان صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، تمديد مبادرة «عام الاستدامة» لتشمل عام 2024، بهدف البناء على ما تحقق من نجاح خلال العام الماضي 2023، تزامناً مع يوم البيئة الوطني في دولة الإمارات.

كرست دولة الإمارات عام 2023 للاستدامة، حيث أعلنت «عام الاستدامة»، تحت شعار «اليوم للغد»، الذي تضمن مبادرات وفعاليات وأنشطة متنوّعة، سلطت الضوء على تراث الدولة الغني في الممارسات المستدامة، منذ عهد المؤسس المغفور له، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، إضافة إلى نشر الوعي حول قضايا الاستدامة البيئية، وتشجيع المشاركة المجتمعية في تحقيق استدامة التنمية ودعم الاستراتيجيات الوطنية في هذا المجال.

منصة عالمية

وحققت دولة الإمارات نجاحاً منقطع النظير في استضافة الدولة لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ COP28، والذي عقد في مدينة إكسبو بدبي، في الفترة من 30 نوفمبر/ تشرين الثاني، وحتى 12 ديسمبر/ كانون الأول 2023، الذي مثل منصة عالمية أساسية، وفرصة ثمينة، لتحقيق سلة أهداف مجتمعة، أهمها تسهيل التحول العالمي إلى الاقتصاد الأخضر بأسرع وقت ممكن، وتحقيق الاستدامة والتنوع الاقتصادي وزيادة النمو، كما ترتكز الرؤية الإماراتية في العمل المناخي والسعي لتحقيق الحياد الكربوني على أن أهمية الوعي بضرورة التصدي العاجل والمسؤول لظاهرة التغيّر المناخي، إنما تتصل بالسعي إلى تحويل آثار هذه الظاهرة السلبية إلى فرص تنموية خلاّقة تعزز الاستدامة والتنوع الاقتصادي وجودة الحياة.

وباتفاق تاريخي بين 198 طرفاً، شهدته دولة الإمارات في ختام COP28، يمهد الطريق لمرحلة جديدة من العمل المناخي، تضمن خطة عمل مناخية طموحة للحفاظ على إمكانية تفادي تجاوز الارتفاع في درجة حرارة الأرض مستوى 1.5 درجة مئوية، كما دعا الاتفاق إلى تحقيق انتقال منظم ومسؤول وعادل ومنطقي إلى منظومة طاقة خالية من كل مصادر الوقود التقليدي الذي لا يتم تخفيف انبعاثاته، بهدف تحقيق الحياد المناخي، كما يشجع جميع الأطراف على تقديم مساهمات محددة وطنياً، تشمل كل القطاعات الاقتصادية، ويستهدف زيادة القدرة الإنتاجية لمصادر الطاقة المتجددة 3 مرات، ومضاعفة معدل تحسين كفاءة الطاقة سنوياً بحلول عام 2030، ويبني زخماً لتأسيس هيكل جديد للتمويل المناخي.

الحياد المناخي

وكخطوة رائدة في مسيرة الإمارات في مجال العمل المناخي، ومحرك رئيسي للتقدم الاقتصادي والاجتماعي المستدام في الدولة، أطلقت دولة الإمارات المبادرة الاستراتيجية لتحقيق الحياد المناخي بحلول 2050، محركاً وطنياً يهدف إلى خفض الانبعاثات وتحقيق الحياد المناخي بحلول 2050، ما يجعل الإمارات أول دولة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، تعلن عن هدفها لتحقيق الحياد المناخي، حيث تتواءم المبادرة مع أهداف «اتفاق باريس للمناخ»، لتحفيز الدول على إعداد واعتماد استراتيجيات طويلة المدى، لخفض انبعاث غازات الدفيئة والحد من ارتفاع درجات حرارة الأرض دون الدرجة ونصف الدرجة مئوية، مقارنة بمستويات ما قبل الثورة الصناعية.

وتتماشى مبادرة الإمارات للحياد المناخي 2050 مع المبادئ العشرة للخمسين الجديدة، حيث ستوفر فرصاً جديدة للتنمية المستدامة والتقدم الاقتصادي، كما تسهم في ترسيخ مكانة الدولة وجهة مثالية للعيش والعمل وإنشاء المجتمعات المزدهرة، كما تتواءم المبادرة مع أهداف «اتفاق باريس للمناخ»، لتحفيز الدول على إعداد واعتماد استراتيجيات طويلة المدى لخفض انبعاث غازات الدفيئة، والحد من ارتفاع درجات حرارة الأرض، دون الدرجة ونصف الدرجة مئوية إلى درجتين، مقارنة بمستويات ما قبل الثورة الصناعية.

الطاقة النظيفة

ويمثل نشر واستخدام حلول الطاقة النظيفة، أحد الركائز الرئيسية في نموذج الإمارات في العمل من أجل المناخ وخفض انبعاثات غازات الدفيئة، حيث تستهدف دولة الإمارات ضمن استراتيجية الطاقة حتى عام 2050 مزيجاً من مصادر الطاقة، المتجددة والنووية والنظيفة، لضمان تحقيق التوازن بين الاحتياجات الاقتصادية، والأهداف البيئية، باستثمارات تبلغ 600 مليار درهم حتى 2050، لضمان تلبية الطلب على الطاقة، كما تهدف الاستراتيجية إلى رفع كفاءة الاستهلاك الفردي والمؤسسي بنسبة 40%، ورفع مساهمة الطاقة النظيفة في إجمالي مزيج الطاقة المنتجة في الدولة إلى 50%، منها 44% طاقة متجددة و6% طاقة نووية، وتحقيق توفير يعادل 700 مليار درهم حتى عام 2050، إضافة إلى خفض الانبعاثات الكربونية من عملية إنتاج الكهرباء بنسبة 70% خلال العقود الثلاثة المقبلة، فيما تحرص حكومة الإمارات، بمختلف جهاتها، على تنفيذ المبادرات الهادفة إلى الحد من الانبعاثات، بما يتماشى مع أفضل الممارسات العالمية عبر تبني التكنولوجيا المبتكرة، وتطوير الحلول المستدامة التي تدعم التحول الأخضر.

جودة الهواء

ونظراً لأهمية تحقيق الاستدامة البيئية، من حيث جودة الهواء، والمحافظة على الموارد المائية، وزيادة الاعتماد على الطاقة النظيفة وتطبيق التنمية الخضراء، تم تضمين الأجندة الوطنية لجودة الهواء 2031، التي تتطلع دولة الإمارات من خلالها إلى تعزيز جودة الهواء، كأولوية وطنية في السياسة العامة للبيئة، للمساهمة في بيئة آمنة وصحية لتحسين جودة الحياة، حيث تبنت دولة الإمارات في السنوات الماضية، حزمة من السياسات والخطط الاستراتيجية، التي من شأنها الحد من تلوث الهواء، من أهمها: استراتيجية الإمارات للتنمية الخضراء، والخطة الوطنية للتغير المناخي، والاستراتيجية الوطنية للطاقة، والاستراتيجية الوطنية للتثقيف والتوعية البيئية، والإدارة المتكاملة للنفايات، وغيرها.

ويمثل تعزيز جودة الهواء 4 مجالات رئيسية، تشمل الهواء الخارجي الذي يرتبط بملوثات الهواء «الكلاسيكية»، منها ثاني أوكسيد النيتروجين، وثاني أوكسيد الكبريت، والأوزون الأرضي، إضافة إلى مجموعة متنوعة من الملوثات العضوية وغير العضوية، التي قد تنشأ من الأنشطة البشرية أو الظواهر الطبيعية، كذلك الهواء الداخلي، الناجم عن مجموعة واسعة جداً من المصادر، بما في ذلك الرطوبة والمواد الكيميائية المستخدمة في البناء والتشييد والمبيدات، أيضاً الروائح المحيطة، والتي تؤدي إلى انخفاض جودة الحياة لدى أفراد المجتمع، إلى جانب الضوضاء المحيطة، التي إلى الاضطراب والتأثير في جودة حياة الأفراد.

تقنين الاستهلاك

وحرصاً من دولة الإمارات على تعزيز الاستدامة البيئية، جرى تقنين استهلاك منتجات الاستخدام الواحد، حيث حظرت استيراد، أو إنتاج، أو تداول أكياس التسوق البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد، اعتباراً من يناير/ كانون الثاني 2024، تنفيذاً للقرار رقم (380) لسنة 2022 في شأن تنظيم استخدام المنتجات ذات الاستخدام الواحد في أسواق الدولة، بهدف الحد من التلوث الناتج عن استخدام هذه الأكياس، وتشجيع الاعتماد على بدائل لمنتجات مستدامة وصديقة للبيئة، ليشكل القرار أحد الإجراءات الرامية لحماية البيئة من التلوث الناتج عن استهلاك مثل تلك المنتجات.

محميات طبيعية

في ظل تمتع الدولة بمجموعة واسعة من الأنظمة الإيكولوجية والمواطن الطبيعية والكائنات البرية والمائية، بذلت الإمارات جهوداً حثيثة في إطار زيادة رقعة المحميات الطبيعية، بإجمالي بلغ 50 محمية تنتشر في مختلف انحاء الدولة، ضمن المحافظة على البيئة المستدامة، بهدف تقليل انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون وغازات الدفيئة الأخرى، من أجل ترسيخ أسس المجتمعات المستدامة.

كما عززت الدولة طموحها لتوسيع غطاء غابات القرم، من خلال زيادة هدف زراعة أشجار القرم من 30 مليونا -التي أُعلن عنها سابقاً ضمن التقرير الثاني للمساهمات المحددة وطنياً وفقاً لاتفاق باريس للمناخ- إلى 100 مليون شجرة بحلول 2030، حيث تلعب غابات القرم دوراً مهماً في حماية سواحل دولة الإمارات من ارتفاع مستويات سطح البحر، والعواصف الشديدة، وتوفير الموائل الطبيعية للتنوع البيولوجي.

المصدر: صحيفة الخليج

كلمات دلالية: فيديوهات الإمارات القمة العالمية للحكومات تحقیق الحیاد المناخی الطاقة النظیفة دولة الإمارات الإمارات فی جودة الهواء

إقرأ أيضاً:

وزارة التجارة الخارجية تؤكد صرامة الإطار التنظيمي لقطاع الذهب في الدولة

أصدرت وزارة التجارة الخارجية بيانا بشأن اللوائح والسياسات المنظمة لقطاع الذهب في دولة الإمارات في ضوء التقارير الأخيرة حول واردات الذهب من السودان، وفي ما يلي نص البيان:
«تعد دولة الإمارات ثاني أكبر مركز لتجارة الذهب في العالم، وبالتالي تستورد الذهب من الدول المصدرة له في كل قارات العالم، وقد وضعت على مدى السنوات الخمس الماضية إطاراً تنظيمياً فعالاً لتعزيز أمن وسلامة وشفافية كل المعاملات في مجال الذهب، ويشمل ذلك إجراءات إلزامية لمكافحة غسل الأموال ومعرفة العميل، وعمليات تدقيق سنوية، وتطبيقاً شاملاً في جميع نقاط الدخول تتوافق مع إجراءاتنا التنظيمية تماماً، بل وتتجاوزها أحياناً، بالإضافة إلى إرشادات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية للعناية الواجبة لسلاسل التوريد المسؤولة للمعادن من المناطق المتأثرة بالصراعات والمناطق عالية الخطورة، كما أنها تتوافق مع معايير مراكز تجارة الذهب الرائدة عالمياً.
ووضعت الجهات المعنية معايير تنظيمية تلزم مصافي الذهب وتجار المعادن الثمينة - بشكل صارم - بإجراء عناية واجبة معززة في الموقع وخارجه قبل ضم أي مورّد يعمل في المناطق المتأثرة بالصراعات والمناطق عالية الخطورة أو يستورد منها.
وساهم هذا النهج القائم على تحديد المخاطر، إلى جانب الرقابة التنظيمية الصارمة، ودعمه ببرنامج تدريبي شامل، للحدّ بفعالية من خطر دخول الذهب المتأثر بالنزاعات إلى سلسلة التوريد الشرعية، وعزز نزاهة سوق المعادن الثمينة في دولة الإمارات.|
ولقد مكنتنا هذه الإجراءات مجتمعة من كسب ثقة المصدّرين من جميع أنحاء العالم، الذين يدركون استقرار قطاع الذهب لدينا ونطاقه الواسع، وهنا يجب الإشارة إلى أنه في عام 2024 بلغ إجمالي قيمة الذهب الذي مرّ عبر دولة الإمارات 186 مليار دولار أميركي، منها 1.97 مليار دولار فقط من السودان، أي ما نسبته 1.06%، والذي لا يتعدى الـ 0.4% من الناتج المحلي الإجمالي.
وفي إطار ثقة مجتمع الذهب الدولي بسوق دولة الإمارات وبفعالية الإطار التنظيمي المطبّق والالتزام القوي بالحفاظ على نزاهة تجارة الذهب، ستواصل الجهات المعنية بهذا القطاع العمل بالشراكة مع الهيئات العالمية لضمان استيفاء ممارساتنا في الإنفاذ والإبلاغ لأعلى المعايير الدولية».

أخبار ذات صلة رئيس الدولة يزور فعاليات اليوم الثالث لمعرض دبي للطيران 2025 ويلتقي وزير الدفاع الإيطالي خالد بن محمد بن زايد يزور المعرض الفني الطلابي «وطني إبداعي» في متحف اللوفر أبوظبي المصدر: وام

مقالات مشابهة

  • الإمارات تقود مسيرة تمكين العقول الرقمية وصناعة كفاءات الذكاء الاصطناعي
  • «ملتقى أبوظبي - سنغافورة المشترك» يسلّط الضوء على توسيع التعاون بين القطاعات الاستراتيجية
  • ملتقى أبوظبي – سنغافورة المشترك يسلط الضوء على توسيع التعاون بين القطاعات الإستراتيجية
  • تصريحات كوهين عن “الدولة الفلسطينية في الأردن” تفجر غضب عمّان
  • الإمارات الثالثة عالميا في المساعدات الخارجية لعام 2025
  • «الاقتصاد» تُنظم ورشة عمل لتعزيز دور القضاء في التعامل مع قضايا المنافسة
  • ريم الهاشمي تشارك في القمة الدولية الرابعة للأمن الغذائي في أوكرانيا
  • الدكتور محمد خريس الرائد والمطور في جراحة السمنة بالمنظار .. مسيرة حافلة بالعطاء
  • «الخارجية» تتسلم نسخة من أوراق اعتماد سفير زامبيا لدى الدولة
  • وزارة التجارة الخارجية تؤكد صرامة الإطار التنظيمي لقطاع الذهب في الدولة