رضا الجمهور وسعادته.. من «حساسية الموضوع» إلى فخر الحكومات
تاريخ النشر: 10th, February 2024 GMT
إعداد : بنيمين زرزور
فرضت سعادة المواطنين ورضاهم نفسها على رأس جدول أعمال الحكومات المعاصرة، وصار الحديث عن توفيرها مثار فخر ومباهاة في المنتديات الرسمية، بعد أن كانت موضوعاً حساساً للغاية، بحيث لا يمكن طرحه إلا في الغرف الهادئة للبيروقراطيات الحكومية.
وقد ابتكرت الكثير من حكومات العالم المتحضّر، طرائق وأساليب لزيادة مستويات سعادة مواطنيها ورفاهيتهم.
وتتسابق الحكومات اليوم لوضع سعادة مواطنيها ورفاهيتهم، على رأس خططها السياسية، حيث صارت المجتمعات أكثر هوساً بالسعادة، في تعريفها وتحقيقها والحفاظ عليها.
وما يؤكد هذا التوجه أن عملية البحث عن مفهوم السعادة وطرائق الحصول عليها على محرك بحث «غوغل» تعطيك 75 مليون نتيجة، بينما تشارك 160 دولة في المؤتمر السنوي الذي تنظمه الأمم المتحدة عن رضا المواطن وسعادته.
ويجمع خبراء علم الاجتماع على أن السعادة الشخصية تتأتّى من تطابق أربعة عناصر: إشباع الاحتياجات الأساسية، ولحظات البهجة اليومية، والعلاقات الاجتماعية، والشعور بالهدف الأسمى والمعنى الأعمق للحياة؛ فهل الحكومات قادرة على تحقيق هذه العناصر الأربعة لمواطنيها؟
هناك حكومات باشرت عملياً وأحرزت نتائج لا بأس بها، لكن الكثير من الحكومات لا تأبه للفكرة أصلاً، ما قد يجعل المهمة معقدة على الصعيد العالمي.
الحد المطلوب
والحقيقة أن مساعي الحكومات لتحقيق الحد المطلوب من رضا مواطنيها تواجه صعوبات في التوازن بين أهداف السعادة الوطنية التي حددتها الحكومات من جهة، وتوقعات مواطنيها في الحياة الواقعية اليومية من جهة ثانية. لكن تلك الصعوبات ليست عصية على الحل ويمكن تذليلها بالتركيز على أداء الهيئات الحكومية التي لها اتصال مباشر مع المواطنين.
وهناك قواعد حددها علماء النفس الاجتماعي وخبراء علم الاجتماع يمكن أن تكون الأكثر فاعلية في تحقيق أهداف الحكومة في زيادة معدلات رضا المواطنين.
من هذه القواعد ربط السعادة ببيئة العمل الرئيسي للفرد. وتتماشى استراتيجية السعادة الجيدة مع الاستراتيجيات التنظيمية ومؤشرات الأداء، وتدعمها بأدوات القياس والحوافز، كما أنها مصممة لتلبية احتياجات المواطنين. وتتمثل الفكرة في التركيز في المقام الأول على النتائج الأكثر أهمية بالنسبة للناس، وفي الوقت نفسه قياس مدى جودة تنظيم الهيئة أو الدائرة الحكومية لتقديم خدماتها، مثل دوائر النقل والمرافق الخدمية والحدائق العامة والترفيه.
التفاعل مع العملاء
والقاعدة الثانية تتمحور حول فهم متطلبات رضا المواطنين وسعادتهم؛ فمن المسلّم به أن الهيئة الحكومية تتمتع عموماً بالكفاءة في التفاعل مع العملاء والموظفين والشركاء، وفي معظم الحالات، يناط بها تقديم الفائدة للمجتمع. لكن رفع مستويات السعادة لدى المواطنين الأفراد يتطلب اتباع نهج أعمق، يفهم بشكل أفضل الاحتياجات والتوقعات الخاصة للمواطنين ويوفر التجارب المتميزة عبر جميع نقاط وقنوات الاتصال والقنوات. وهنا لا بدّ من اعتماد الرقمنة والابتكار القائم على التكنولوجيا كعاملين فعالين تعميق وتوسيع تجارب السعادة الشخصية.
ولكي تكون الجهود مثمرة، تقضي القاعدة الثالثة بإجراء التغيرات سواء كانت سهلة أو صعبة، بشكل فوري ومستمر. وتبذل الكثير من الهيئات والدوائر الحكومية جهوداً مهمة في تحديد شكل وطبيعة التغييرات المطلوبة، لبناء تجارب سعادة حقيقية وذات مغزى. وقد تبدو التغييرات «تجميلية» من حيث الظاهر (مثل نشر مجسمات الوجوه المبتسمة). لكن في الحياة الواقعية، يتطلب ترسيخ السعادة في العمل الرئيسي إجراء تقييم صادق، وإعادة تصميم دقيق لسياسات الدائرة الحكومية وعملياتها وأنظمة تكنولوجيا المعلومات التي تعتمدها، ناهيك بالثقافة التنظيمية.
ممارسات التوظيف
وأخيراً عند اتخاذ قرار التغيير، ينبغي البدء بالأهم في تصميم تجارب تتمحور حول السعادة ورضا المواطنين، كأن يكون البدء من موظفي خدمة العملاء الذين يتعاملون مع المواطن مباشرةً، مع التركيز على تطوير خبراتهم وإيجابية مواقفهم الوظيفية وممارسات التوظيف. ولا شك في أن موقف موظف خدمة العملاء الذي يركز على السعادة جنباً إلى جنب مع الاستجابة لجميع شكاوى العملاء، سوف يحقق أفضل النتائج المرجوة في أقصر فترة زمنية.
يؤكد الباحثون في تطوير تجارب سعادة المواطنين أن تعدد القدوات لا يقل أهمية عن تكرار التجارب، ذلك لأن تجارب السعادة مبنية على الاستعداد لتحمل المخاطر، وتجربة مبادرات جديدة، وتجربة البرامج والحلول. من المهم رصد قياسات التجارب الناجحة وغير الناجحة لتجنب الوقوع في فخ تكرار نفس المبادرات، وبالتالي تدني معدلات التطوير في الممارسات العملية. لا شك في أن إنشاء ثقافة قوية للتقييم والرصد يسمح بالحصول على المعرفة المؤسسية وإجراء تعديلات سريعة.
تأمل هذه التجربة، مواطن يتصل بإحدى مؤسسات الدولة بحثاً عن معلومات عن كيفية التقدم بطلب للحصول على عقد زواج. موظفو المؤسسة أو الدائرة متحمّسون للردّ، لكن في زحمة العمل اليومية يسود الارتباك، نتيجة عدم الرد بسرعة رغم أن المطلوب ليس مهمة صعبة. ومع ذلك أدى الآن إلى تعذر الرد، واحتمال الانتظار لمدة طويلة. ثم يتبين للموظفين أن الإجابة من اختصاص دائرة أخرى.
المصدر: صحيفة الخليج
كلمات دلالية: فيديوهات القمة العالمية للحكومات الإمارات
إقرأ أيضاً:
معرض الكتاب 2025.. عرض تجارب الكاتبات بندوة «الإنتاج الإبداعي من رحم ورش الكتابة»
انطلقت ندوة «الإنتاج الإبداعي من رحم ورش الكتابة: المعتكف الكتابي نموذجًا» بقاعة المؤسسات في اليوم التاسع من فعاليات الدورة الـ56 لمعرض القاهرة الدولي للكتاب، الذي يقام بمركز المعارض بالتجمع الخامس، ويستمر حتى 5 فبراير الجاري.
حضرت الندوة هدي أنور، مسئولة ورش «المعتكف الكتابي نموذجًا»، والتي قالت إن الهدف من إطلاق هذه الورشة هو تعليم تقنيات الكتابة عبر التجارب الحياتية المختلفة التي نمر بها، وأضافت أن «المعتكف الكتابي» هو برنامج متكامل، وليس مجرد ورشة تعليمية، حيث يعزز التفكير العقلي ويساعد المشاركين في الوصول إلى نتائج حقيقية في طريقة تفكيرهم.
معرض الكتاب 2025وأكدت أنور أن الكتابة عملية تحتاج إلى تحضير وتجهيز كبير، لذا يتم وضع خطوات وأساليب قوية لدفع الكتاب والكاتبات لمواصلة أفكارهم ومشوارهم الأدبي، مشيرة إلى أن هذا هو النجاح الحقيقي للبرنامج.
وقدمت الندوة العديد من التجارب التي خرجت من ورشة «المعتكف الكتابي نموذجًا»، حيث عرضت العديد من الكاتبات تجربتهن مع الورشة.
وقالت صاحبة كتاب «رمضانك سمارات» إن رحلتها مع الكتابة بدأت منذ عام 2017، مشيرة إلى أنها شعرت بالمعجزة عند صدور الكتاب، فهو بمثابة "ابني الرابع" وتتمنى أن يكون له أشقاء.
معرض الكتاب 2025من جانبها، أوضحت صاحبة كتاب «صراصير في حياتي» أنها تحب القراءة والكتابة منذ طفولتها، مؤكدة أن الورشة ساعدتها في إخراج العديد من الأفكار، حيث قدمت لها دعمًا مستمرًا سواء على مستوى اختيار الغلاف أو المراجعة، مشيرة إلى أن «المعتكف الكتابي» ليس مجرد ورشة بل برنامج شامل.
معرض الكتاب 2025وفي السياق ذاته، قالت صاحبة كتاب «لعنة العريف» إن رحلتها مع الكتابة بدأت من خلال كتابة السيناريو، وفي وقت كتابة روايتها شعرت بعائق كبير لأن الرواية تختلف تمامًا عن كتابة السيناريو، وخاصة في مجال كتابة الرعب، موضحة أن الورشة أصبحت بمثابة «بيتها الثاني».
كما أوضحت صاحبة كتابي «أميرتي تصلي» و«فارس المساجد» أنها تعلمت الكثير من تجربتها في «المعتكف الكتابي»، مشيرة إلى أن الكتابة للأطفال تختلف عن الكتابة للكبار، حيث أن الكتابة للبنات تحتاج إلى مخاطبة مشاعرهن، بينما الكتابة للأولاد تتطلب تقديمهم كبطولة خارقة.
واختتمت الندوة بتوزيع شهادات تقدير لجميع الكاتبات المشاركات في «المعتكف الكتابي نموذجًا» تقديرًا لإبداعهن وجهودهن.
اقرأ أيضاًمعرض الكتاب 2025.. «اتحاد كتاب مصر» ينظم أصبوحة شعرية متميزة
من الفراعنة إلى نجيب محفوظ.. «ميلانا فوكوفيتش» تروي حكاية عشقها لمصر بمعرض الكتاب
منذ الساعات الأولى.. إقبال جماهيري كثيف في اليوم الثامن لمعرض الكتاب 2025